24-سبتمبر-2024
قتل ودمار بين غزة ولبنان

(Getty) كيف يتقاطع عدوان الاحتلال على لبنان مع حرب غزة؟

كان يوم أمس، أحد أكثر الأيّام دمويّة خلال عدوان الاحتلال الإسرائيليّ على لبنان، وأسفر حتّى الآن عن استشهاد 585 شخصًا من بينهم 50 طفلًا و94 سيّدة، في حوالي 1600 غارة نفّذها الاحتلال خلال يوم واحد، عبر إسقاط 2000 قنبلة من الطائرات.

نقل الاحتلال أسلوبه في تدمير قطاع غزة، إلى لبنان، ونفذ غارات وقصف واسع، شمل ضرب الطواقم الطبية والأحزمة النارية والتهجير الواسع

ويواصل رئيس أركان جيش الاحتلال هرتسي هليفي، "التهديد بمواصلة التصعيد على عموم لبنان"، قائلًا: "لا يجوز منح حزب اللّه مهلة. علينا أن نستمرّ في العمليّات بكلّ قوّتنا. سنسرع العمليّات الهجوميّة اليوم. الوضع يتطلّب تحرّكًا حثيثًا متواصلًا على كافّة الساحات"، وفق تعبيره.

وفي يوم الإثنين الدمويّ، نقل جيش الاحتلال تكتيكات حربه من قطاع غزّة إلى لبنان، إذ قصف مركّبات الإسعاف، ونفّذ عمليّات تهجير واسعة، بالإضافة إلى غارات كثيفة على النقاط نفسها، على نسق ما يعرف في غزّة بـ"الأحزمة الناريّة".

وقبل نقل تكتيكات الدمار من قطاع غزّة إلى لبنان، فإنّ جزءًا منها ظهر في لبنان سابقًا، مثل "عقيدة الضاحية"، الّتي نفّذها جيش الاحتلال على ضاحية بيروت الجنوبيّة في حرب 2006، وطبّقها بشكل كبير في الحروب التالية على غزّة، التي شهدت ذروتها في الحرب الحالية.

  • اختلاق الذرائع.. بين مستشفى الشفاء ومنازل لبنان

في بداية الهجوم الواسع على لبنان يوم أمس، استخدم جيش الاحتلال مقطع فيديو، يظهر كرسم منتج بالفيديو، يزعم عن إعداد حزب اللّه صاروخ كروز داخل منزل في جنوب لبنان، باعتبار هذه المقطع مقدّمة للقصف الإسرائيليّ الواسع على المنازل اللبنانيّة.

المقطع المصوّر الإسرائيليّ عن المنازل في جنوب لبنان، ذكر الكثير بالمقطع الّذي نشره جيش الاحتلال، في بداية عدوانه على قطاع غزّة، حول مستشفى الشفاء في مدينة غزّة، والمزاعم عن استخدامه كمقرّ قيادة وسيطرة للفصائل الفلسطينيّة وحركة حماس، وكان الفيديو حينها منتجًا عبر رسوم جرافيك، واستخدم كمقدّمة للعدوان الإسرائيليّ على مجمع الشفاء، الّذي نفّذه الاحتلال على دفعتين، وانتهى في تدمير المجمّع بشكل كامل.

حينها، عمد الاحتلال على دفع روايته لتصدر الصحف العالمية، وحول الخطاب الإسرائيلي المجمع الطبي إلى "قاعدة عسكرية"، وهي مزاعم ثبت زيفها، لكن بعد تدمير الاحتلال للمستشفى الأكبر في القطاع.

وفي نفس الوقت، كرر الاحتلال مزاعمه عن "الدروع البشرية"، التي كانت دعاية رائجة في قطاع غزة، إلى لبنان، باعتبار أن حزب الله يستخدم المدنيين كـ"دروع بشرية" له، وهو أسلوب كان مقدمة لعدد الضحايا الكبير في الحرب على غزة.

وواصل نتنياهو هذه المزاعم، اليوم الثلاثاء، خلال زيارة قاعدة الاستخبارات 8200، قائلًا: "سنواصل ضرب حزب الله وأي شخص لديه صاروخ في غرفة معيشته أو مرآبه فلن يكون له منزل"، وفق تعبيره.

  • الطواقم الطبّيّة في دائرة الاستهداف

تحدّث وزير الصحّة اللبنانيّ، عن سقوط 4 شهداء على الأقلّ من الطواقم الطبّيّة في عدوان الاحتلال على جنوب لبنان. بالإضافة إلى قصف عدّة مركّبات إسعاف في جنوب لبنان. كما نفّذ الاحتلال غارات في محيط المستشفى الإيطاليّ في مدينة صور جنوب لبنان.

وكان الاحتلال على مدار الحرب الإسرائيليّة في غزّة، ينفّذ غارات في محيط المستشفيات بداية من الإندونيسيّ والعودة والشفاء وصولًا إلى خانيونس وأبو يوسف النجّار، قبل ارتكاب مجزرة كبيرة في المستشفى المعمدانيّ، وتدمير مستشفيات الشفاء والإندونيسيّ وناصر.

كما سقط 885 من الطواقم الطبّيّة في قطاع غزّة من بينهم الشهداء، بالإضافة إلى تدمير واسع لمركبات الإسعاف، واعتقال العشرات من الطواقم الطبية.

 أكد رئيس مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين اليوم الثلاثاء أن اثنين من موظفي المنظمة الدولية كانوا من بين  558 شخصًا استشهدوا في لبنان، يوم الإثنين.

وقالت الوكالة لشبكة "سي إن إن"، إن دينا درويش استشهدت مع ابنها الأصغر عندما أصاب صاروخ إسرائيلي المبنى الذي كانوا يعيشون فيه يوم الإثنين. وكانت تعمل لدى الأمم المتحدة لمدة 12 عامًا في البقاع. وأضافت أن زوج درويش وأحد أبنائها تم إنقاذهما ويتلقون العلاج في المستشفى من "إصابات خطيرة".

وكان علي بسمة، الموظف الآخر الذي استشهد في الغارات، يعمل لدى الأمم المتحدة لمدة سبع سنوات في صور، وهي بلدة ساحلية تقع جنوب بيروت. ودُفنت بسمة صباح الثلاثاء.

وقالت المفوضية في بيانها "إنها غاضبة للغاية من مقتل زملائنا، ونحن نقدم أعمق تعازينا لأسرهم وأحبائهم".

في تغريدة له على "إكس"، انتقد المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي الغارات الجوية الإسرائيلية التي قال إنها "تودي بلا هوادة بحياة مئات المدنيين". وأضاف "نيابة عن جميعنا في المفوضية، نعرب عن خالص تعازينا لأسرهم وأصدقائهم وزملائهم".

يشار إلى أن حرب غزة، كانت الأكثر دموية على المؤسسات الأممية، إذ سقط فيها أكبر من طواقم المؤسسات الأممية خلال الحروب طوال 11 شهرًا.

  • تهجير ونزوح

كان العنوان الأساسيّ في بداية الحرب الإسرائيليّة على لبنان، تهجير أهالي شمال قطاع غزّة، إذ طلب منهم النزوح بشكل جماعيّ إلى مناطق جنوب وادي غزّة، قبل أن يطلب منهم النزوح نحو ما زعمه أنّه "المنطقة الإنسانيّة" في رفح والمواصي، الّتي صارت هدفًا للاحتلال، كما أنّ رفح تحوّلت إلى نقطة استهداف مستمرّة.

ويوم أمس في لبنان، كان المشهد الأبرز نزوح العائلات الواسع من جنوب لبنان ومنطقة البقاع إلى شمال نهر الليطاني، إذ تحوّلت المدارس إلى مراكز إيواء بما يشبه ما حصل في قطاع غزّة، كما أنّ الأونروا في لبنان، الّتي كانت تتولّى مهمّة أساسيّة في إدارة مراكز الإيواء في غزة، عملت على فتح عدّة مراكز في جنوب وشمال لبنان.

وأطلقت منظّمة كير الدوليّة في المملكة المتّحدة، وهي منظّمة غير حكوميّة تعمل في لبنان منذ ما يقرب من 20 عامًا، استجابة إنسانيّة للأزمة الّتي تشهدها لبنان، حيث قال المدير الإقليميّ المحلّيّ حازم فهمي: "من المذهل أن نشهد مرّة أخرى في هذه المنطقة تجاهلًا تامًّا للقانون الدوليّ".

وقال مدير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانيّة في لبنان مايكل آدامز إنّ مشاهد الذعر في البلاد دفعت الناس إلى السعي للابتعاد عن المناطق الّتي تستهدفها الغارات الجوّيّة الإسرائيليّة، مضيفًا: "الوضع متوتّر للغاية هنا في لبنان. فكلّ الطرق المؤدّية إلى بيروت من الجنوب ووادي البقاع أصبحت الآن مليئة بالناس الّذين يحاولون الفرار من القصف، تاركين وراءهم كلّ شيء. والمدنيّون هم من يدفعون الثمن الأغلى، والنساء والفتيات هنّ الأكثر تضرّرًا. إنّ شعب لبنان يحتاج إلى المساعدة للتعامل مع هذه الأزمة الجديدة، وبسرعة. والوكالات الإنسانيّة مثل كير وشركائنا لا تستطيع الوصول إلى الناس الّذين يتعرّضون للقصف. ولا بدّ من حماية العاملين في المجال الإنسانيّ أيضًا".

وفي صباح يوم الإثنين، ظهر المتحدّث العسكريّ الإسرائيليّ دانييل هاجاري، في مشهد مشابه للّذي فعله في غزّة، وطلب من الناس إخلاء البلدات في جنوب لبنان والبقاع "قبل إسقاط قنابل تزن 2000 رطل على منازلهم ومدارسهم وأحيائهم". خلال الحرب الحاليّة على غزّة، أفادت التقارير أنّ ما يصل إلى 84% من سكّان غزّة هجروا وبعضهم عدّة مرّات.

وقال رئيس بلدية صيدا حازم خضر بديع إن 10 آلاف نازح من جنوب لبنان قضوا ليلتهم في المدينة، منهم 6 آلاف في المدن، وأضاف أن عدد المدارس التي فتحت أبوابها كملاجئ ارتفع من أربع إلى "نحو 16".

ونقلت الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية عن بديع، قوله إن المنظمات الدولية بحاجة إلى "مد يد العون بشكل عاجل وتوفير المستلزمات الضرورية للنازحين، خاصة وأن عددًا من المدارس بحاجة إلى الصيانة وتوفير مياه الشرب والكهرباء وغيرها من الضروريات".

  • أحزمة نارية

كانت الأيام الأولى من الحرب على غزة، تشهد تنفيذ قوات الاحتلال لسلسلة من الغارات العنيفة المتواصلة على المنطقة ذاتها، بقنابل ضخمة، وفي خط واحد، بهدف تحقيق دمار واسع.

وفي يوم أمس، شهدت عدة مناطق في جنوب لبنان، غارات متواصلة على خط واحد يمتد على أمتار، أدى إلى دمار كبير في المنازل، وسقوط عشرات الشهداء في ذات المنطقة.

  • مجازر كبيرة

على وقع قصف غير مسبوق، استيقظ أهالي جنوب لبنان، استهدف بلدات وقرى ومناطق جبليّة، تمدّد خلال ساعات النهار، ووصل إلى صور وصيدًا، وشرقا نحو البقاع.

وعلى مدار يوم واحد من القصف العنيف غير المسبوق، سقط 558 شهيدًا في مجازر كبيرة، دمّرت عشرات المنازل.

في يوم يشبه أحد الأيّام الأولى من الحرب الإسرائيليّة على غزّة، الّذي كان معدّل الشهداء اليوميّ فيه لا يقلّ عن 300 شهيد.