18-أكتوبر-2024
جباليا

(Getty) الاحتلال يواصل تدمير مخيم جباليا

قال الجيش الإسرائيلي، يوم الجمعة، إنه أرسل وحدة عسكرية أخرى لدعم جنود جيش الاحتلال في جباليا، بالتزامن مع ضغط متزايد على منطقة جباليا، ضمن "خطة الجنرالات"، التي تؤكد تحليلات عدة تطبيقها من قبل جيش الاحتلال في شمال القطاع.

وقال سكان مخيم جباليا شمال قطاع غزة إن الدبابات الإسرائيلية وصلت إلى قلب المخيم، مستخدمة نيرانًا كثيفة من الجو والبر، بعد توغلها في الضواحي والأحياء السكنية.

ناشد مسؤولون صحيون، إرسال الوقود والإمدادات الطبية والأغذية على الفور إلى ثلاثة مستشفيات في شمال غزة تعاني من أعداد كبيرة من المرضى والجرحى

وأضافوا أن جيش الاحتلال يدمر عشرات المنازل بشكل يومي، جوًا وبرًا وعبر زرع البراميل الملغمة في المباني ثم تفجيرها عن بعد.

ودمر الاحتلال الإسرائيلي، مربعًا سكنيًا في حي تل الزعتر، شمال قطاع غزة، ما أدى إلى سقوط شهداء وجرحى. وأفاد مراسل التلفزيون العربي، بوقوع شهداء وجرحى جراء هدم جرافات الاحتلال منزلًا فوق ساكنيه في حي الفالوجا بمخيم جباليا.

وأشارت مصادر محلية، إلى غارة إسرائيلية على محيط أبراج مدينة زايد شمالي قطاع غزة، فيما أكد الدفاع المدني في غزة، انتشال 3 شهداء وإصابتين وإخماد حريق في منزل قصفه الاحتلال في جباليا.

وقال مراسل التلفزيون العربي، إن هناك توغلًا لآليات جيش الاحتلال في شارع السكة شرق مخيم جباليا.

وناشد مسؤولون صحيون، يوم الجمعة، إرسال الوقود والإمدادات الطبية والأغذية على الفور إلى ثلاثة مستشفيات في شمال غزة تعاني من أعداد كبيرة من المرضى والجرحى.

وفي مستشفى كمال عدوان، اضطر المسعفون إلى استبدال الأطفال في العناية المركزة بحالات أكثر خطورة من البالغين الذين أصيبوا بجروح خطيرة نتيجة الغارات الجوية الإسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين الفلسطينيين في جباليا يوم الخميس.
وأسفر القصف الإسرائيلي على مدرسة أبو حسين، يوم أمس، عن استشهاد 28 شخصًا.

وقال فيليب لازاريني، المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، إن القصف الإسرائيلي على المدرسة هو الثالث على منشأة تابعة للأونروا هذا الأسبوع، مضيفًا أن الوكالة فقدت الآن ما مجموعه 231 من أعضاء فريقها خلال عام من الحرب.

وفي يوم أمس، قال حسام أبو صفية مدير مستشفى كمال عدوان في شمال غزة لـ "الترا فلسطين"، إن الطواقم الطبية "تعقد مفاضلة بين جرحى مجزرة مدرسة أبو حسين لإنقاذ حياتهم"، مشيرًا إلى أن "أعداد كبيرة من الشهداء والإصابات من النساء والأطفال".

وأضاف أبو صفية لـ "الترا فلسطين": "الإصابات منتشرة في ممرات المستشفى ولا نستطيع التعامل مع هذا العدد الكبير من الإصابات"، موضحًا: "وصلنا 70 إصابة في كمال عدوان، كما وصل إلى مستشفى العودة 70 إصابة أخرى".

وتابع أبو صفية: "الحالة حرجة جدًا وغرف العمليات ممتلئة والإصابات تنتظر دورها، وحصيلة الشهداء مرشحة للارتفاع".

وأوضح الطبيب أبو صفية: "مستشفى كمال عدوان صغير، وجميع الأسرة في مشغولة من قبل المجزرة، ونعاني من شح كبير جدًا في المستهلكات الطبية"، مشيرًا إلى أن 3 غرف عمليات ممتلئة، والإصابات تنتظر دورها للدخول إليها.

وقالت منظمة "هيومن رايتس ووتش": "قد يرقى النزوح القسري إلى جريمة حرب، وينطبق الأمر نفسه على استخدام التجويع كسلاح حرب. ومنذ 1 تشرين الأول/أكتوبر، أمر الجيش الإسرائيلي نحو 400 ألف شخص في شمال غزة بمغادرة منازلهم ومنع المساعدات من الوصول إليهم. بذلك، يخاطر الجيش بارتكاب هاتين الجريمتين بشكل متكرر".

وأضافت المنظمة الحقوقية: "تقول السلطات الإسرائيلية إنها أصدرت الأوامر الأخيرة بإخلاء الشمال (أربعة أوامر بين 1 و12 تشرين الأول/أكتوبر) لإعطاء المدنيين فرصة للفرار إلى بر الأمان بينما يستهدف الجيش الإسرائيلي حماس. لكن هناك أدلة متزايدة على أن الجيش الإسرائيلي يسعى بشكل غير قانوني إلى إجبار المدنيين على الخروج من شمال غزة، ولا يوجد مكان آمن للذهاب إليه، ولا توجد طريقة آمنة للوصول إلى هناك، ولا توجد خطط مفترضة للسماح لهم بالعودة".

وواصلت القول: "يحظر القانون الدولي الإنساني النقل أو الترحيل القسري للسكان الخاضعين للاحتلال. يسمح استثناء محدود بالإخلاء المؤقت كإجراء أخير، في حالات الضرورة العسكرية الملحة، أو إذا لزم الأمر لحماية المدنيين المعنيين. لكن هذا يتطلب من الجيش الإسرائيلي ضمان نقل المدنيين بأمان، وحصولهم على الضروريات مثل الغذاء والماء والرعاية الصحية والمأوى، والسماح للناس بالعودة إلى ديارهم في أقرب وقت ممكن بعد انتهاء الأعمال العدائية في تلك المنطقة".

وأوضح البيان: "لم يستوف الجيش الإسرائيلي هذه الشروط خلال العام الماضي، وهناك أمل ضئيل في استيفائها الآن. بعد أسبوع من الأعمال العدائية في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، أمر الجيش الإسرائيلي أكثر من مليون شخص في شمال غزة بمغادرة منازلهم، دون توفير وجهة آمنة لهم، وفي بعض الأحيان هاجمهم أثناء فرارهم". 

وقال طبيب من مخيم جباليا للاجئين لـ "هيومن رايتس ووتش"، إنه فر مع عائلته بعد وقت قصير من صدور تلك الأوامر الأولى، موضحًا: "بمجرد أن سمعت أمر الإخلاء بالذهاب جنوبا، كان رد فعلي الأول، لن أغادر... لكن بعد ذلك بدأت القنابل، ودُمرت منازلنا. كان عليّ حماية عائلتي". وأضاف أنه و36 من أفراد أسرته فروا جنوبًا، على طول طريق الإخلاء المحدد، لكنهم واجهوا قصفًا أثناء فرارهم وبعد وصولهم إلى ما يسمى بالمنطقة الآمنة في الجنوب، حيث كانت الملاجئ ممتلئة.

وتابعت "هيومن رايتس ووتش": "حتى الآن، منع الجيش الإسرائيلي معظم السكان النازحين من العودة إلى الشمال. في الوقت نفسه، اقترح كبار المسؤولين الحكوميين علنًا أن أراضي غزة سوف تتقلص، وأن سكانها يجب أن يغادروا ويُعاد توطينهم، وأن هذه الحرب ستكون نكبة أخرى. وتركت الهجمات الإسرائيلية على مدار العام الماضي معظم مناطق غزة غير صالحة للسكن، مما فاقم المخاوف من أن النزوح سيكون دائمًا. وفقًا لـ’الأمم المتحدة’، تضررت أو دُمرت 87% من الوحدات السكنية والمدارس في غزة، وكذلك 68% من أراضيها الزراعية، و80% من المرافق التجارية، و68% من شبكة الطرق. البنية التحتية للمياه والطاقة في حالة خراب، ودُمرت جميع الجامعات".

وأفادت "هيومن رايتس ووتش": "تغطي أوامر الإخلاء الآن 85% من قطاع غزة. نزح نحو 1.9 مليون فلسطيني من سكان غزة البالغ عددهم 2.2 مليون، ولجأوا إلى منازل أقاربهم والمباني العامة والخيام والبيوت الزراعية وتحت سقوف من المشمعات البلاستيكية. يبدأ موسم الأمطار هذا الشهر".

وحسب الأمم المتحدة، مازال أكثر من 400 ألف شخص في شمال غزة. بعضهم من كبار السن أو من ذوي الإعاقة، وبعضهم في المستشفيات. تمكن البعض من العودة إلى الشمال بعد نزوح سابق. ليس لدى كثير منهم مكان يذهبون إليه وقالوا إنهم لا يعتقدون أنهم سيكونون أكثر أمانا في ما يسمى بالمناطق الإنسانية التي حددها الجيش الإسرائيلي. 

وقال مدير مستشفى كمال عدوان في الشمال، الدكتور حسام أبو صفية، إن نقص الغذاء والوقود والإمدادات الطبية "مرعب" ويعرض حياة المرضى للخطر، بمن فيهم الأطفال حديثي الولادة: "الحليب ينفد أيضًا، والطعام ينفد، وكل شيء متاح ينضب".

وأكدت "هيومن رايتس ووتش": "تشبه أوامر الإخلاء الأخيرة وعرقلة المساعدات الإنسانية التدابير المقترحة في خطة يُقال إن ضباطًا إسرائيليين متقاعدين قدموها للحكومة الإسرائيلية مؤخرا، لإجبار المدنيين على الخروج من شمال غزة من خلال منع الغذاء والمياه وغيرها من الإمدادات. ينفي الجيش الإسرائيلي تنفيذ الخطة، لكنه في الواقع لم يسمح بإدخال المساعدات الغذائية إلى شمال غزة منذ الأول من تشرين الأول/أكتوبر. خلال تلك الفترة أمر بإخلاء المستشفيات هناك وسط تكثيف الهجمات القاتلة، بما فيها على مركز لتوزيع الأغذية. وأغلقت آبار المياه والمخابز والنقاط الطبية والملاجئ في الشمال. توقفت منظمات الإغاثة عن تقديم خدماتها".

وواصلت القول: "يعيش الناس في شمال غزة بين الخوف من الهجوم والموت جوعًا والخوف من عدم السماح لهم بالعودة إذا غادروا منازلهم. أغلبهم من اللاجئين وأحفاد اللاجئين الذين فروا أو أجبروا على ترك منازلهم عام 1948، في ما أصبح الآن إسرائيل، ولم يُسمح لهم بالعودة قط".

وأوضحت: "الحفاظ على التفوق الديموغرافي اليهودي في مساحات شاسعة من الأراضي الواقعة بين نهر الأردن والبحر المتوسط، بما فيه من خلال النزوح القسري، يشكل عنصرًا أساسيًا في الجريمة ضد الإنسانية المستمرة المتمثلة بالفصل العنصري التي ترتكبها الحكومة الإسرائيلية، والتي تهدف إلى الحفاظ على هيمنة اليهود الإسرائيليين على الفلسطينيين. دعا بعض وزراء الحكومة الإسرائيلية علنا إلى إعادة إنشاء المستوطنات اليهودية في غزة، ما يشكل جريمة حرب".

وقالت "هيومن رايتس ووتش": "يتمتع المدنيون بالحماية سواء التزموا بأوامر الإخلاء العسكرية أم لا، وعلى الجيش الإسرائيلي باعتباره سلطة الاحتلال أن يضمن وصول المساعدات الكافية إليهم أينما كانوا".

وأضافت: "على إسرائيل أن توفر المساعدات الإنسانية من دون نقص في شمال غزة، بما فيه الإمدادات للمستشفيات، وأن تمتنع عن شن الهجمات غير القانونية، وأن تنهي كل أشكال النزوح القسري. ورد أن الولايات المتحدة كتبت إلى الحكومة الإسرائيلية في 13 تشرين الأول/أكتوبر تطالبها بالسماح بدخول مزيد من المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة. هذه ليست المرة الأولى التي تتقدم فيها الولايات المتحدة بهذا الطلب، دون أن يُسفر عن أي تأثير يذكر".

وختمت المنظمة الحقوقية، بالقول: "حان الوقت لكي تتخذ الولايات المتحدة إجراءات ملموسة وتُعلق المساعدات العسكرية إلى إسرائيل، لتجنب التواطؤ في الانتهاكات المتصاعدة ضد المدنيين في غزة، وخاصة في الشمال".