18-أغسطس-2024
الانقسام في إسرائيل

صورة أرشيفية: آلاف الإسرائيليين يتظاهرون في تل أبيب ضد خطة الإصلاحات القضائية

استعرضت القناة الـ13 الإسرائيلية، والقناة الـ12 الإسرائيلية، نتائج دراسات واستطلاعات متعمقة لقياس تأثير الحرب والانقسامات الداخلية على المجتمع الإسرائيلي، وقد أظهرت الدراسات تزايد القلق بين الإسرائيليين من خطر الانقسام الداخلي، وسط تحذيرات متزايدة من مسؤولين إسرائيليين من "الخطر الوجودي" للانقسام على "الدولة".

يشير نمرود نير أنه بالنظر إلى انهيار الدول في العصر الحديث، يتبين أن السبب الرئيسي هو الانقسام الداخلي وليس التهديدات الخارجية، مؤكدًا أن الانقسام "هو بالفعل الخطر الوجودي الحقيقي الذي يهدد دولة إسرائيل"

وجاء الكشف عن هذه الدراسات وسط تصاعد في الانقسام داخل إسرائيل في السنوات الثلاثة الأخيرة، خاصة بعد خطة الإصلاحات القضائية التي بدأت حكومة نتنياهو بتنفيذها في العام 2023، ثم على أثر فشل السابع من أكتوبر والحرب التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة.

يقول نمرود نير، المتخصص في علم النفس السياسي في الجامعة العبرية، إن دراسة كبيرة شملت 4070 شخصًا، وأجريت بشكل متكرر منذ الخلافات على تشكيل الحكومة قبل عامين، مرورًا بفشل السابع من أكتوبر، ثم التطورات التي تلته، وكانت النتائج الأكثر إثارة للقلق تتعلق بظاهرة الانقسام الداخلي.

ويشير نمرود نير في حديثه للقناة الـ13، إلى أنه بالنظر إلى انهيار الدول في العصر الحديث، يتبين أن السبب الرئيسي هو الانقسام الداخلي، وليس التهديدات الخارجية، مؤكدًا أن الانقسام "هو بالفعل الخطر الوجودي الحقيقي الذي يهدد دولة إسرائيل"، حسب قوله.

ويوضح نير، أن الدراسة سألت المشاركين عن تأثير الحرب على التماسك الاجتماعي، وفي بداية الحرب، كانت النتيجة أن 80% من المشاركين يعتقدون أن الحرب جعلت المجتمع أكثر تماسكًا، أما الآن، بعد 11 شهرًا من الحرب، ورغم أنها ما زالت مستمرة، فانخفضت هذه النسبة إلى 40%، بينما قال 40% إنهم يعتقدون أن الحرب زادت الانقسام.

ويضيف نمرود نير، أن الدراسة قبل الحرب أظهرت أن هناك زيادة في نسبة الأشخاص الذين يرغبون في رؤية ناخبي الطرف الآخر يغادرون البلاد، "والآن، بعد اقتحام معسكر بيت ليد، وقاعدة رامات غان، يبدو أن هناك مؤشرات أولية إلى أن هذه المواقف بدأت تتحول تدريجيًا إلى أفعال" وفق قوله.

من جانبها، القناة الـ12 الإسرائيلية، عرضت نتائج استطلاع للرأي أجرته مؤخرًا، وأظهرت أن 46% من الجمهور يعبرون عن خشيتهم من وقوع حرب أهلية في إسرائيل، مقابل 48% قالوا إنهم لا يشعرون بالقلق تجاه هذا الاحتمال.

وبحسب نتائج الاستطلاع، فإن 70% من الجمهور يرون أن وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير هو أبرز الشخصيات المثيرة للانقسام. أما بخصوص رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، فيقول 62% إنه يساهم في زيادة الانقسام، مقابل 30% يقولون إنه يدفع للوحدة.

ويبدو أن القلق من الحرب الأهلية لا يقتصر على الجمهور الإسرائيلي، بل يحذر منه أيضًا مسؤولون سابقون في إسرائيل، وآخرهم إيهود أولمرت، وهو رئيسٌ سابق لحكومة الاحتلال، وبيني غانتس، وزير الجيش سابقًا.

وتحدث الوزير الإسرائيلي السابق بيني غانتس أمام حشد من الإسرائيليين بمناسبة "ذكرى خراب الهيكل"، محذرًا "أننا إذا لم نعد إلى رشدنا، فستكون هنا حرب أهلية. ممنوع حجب الحقيقة". وأكد غانتس، أن "هناك قيادة تقسم الشعب، وتسمم البئر التي يشرب منها الجميع".

وقال: "نتنياهو لن يكون مثل مناحيم بيغن، الذي قال لا للحرب الأهلية في أصعب لحظاته، ولن يضحّي بحكومته من أجل حماية الإسرائيليين، ولن يفعل ما هو ضروري من أجل منع الحرب الأهلية".

وأشار غانتس إلى أن الخلافات في إسرائيل تجاوزت عتبة العنف لفظيًا وجسديًا، محذرًا من أن الأمر سينتهي بالقتل، ومضيفًا "أننا لم نتعلم الدرس من 7 أكتوبر، ولا من خراب الهيكل".

70% من الجمهور يرون إن وزير الأمن القومي ايتمار بن غفير هو أبرز الشخصيات المثيرة للانقسام. أما بخصوص رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، فيقول 62% إنه يساهم في زيادة الانقسام

ونشر إيهود أولمرت مقالاً في صحيفة "هآرتس"، أكد فيه أن "الخطر الأكبر الذي يهدد حقًا وجود الدولة ويتوقع أن يقوض استقرارها واقتصادها ووحدتها وهويتها، وهو الخطر القادم من الداخل".

وأوضح أولمرت، أن الخطر الداخلي يظهر في تنامي نفوذ "حركة المستوطنين، أصحاب القبعات المنسوجة، الذين يتركزون في مستوطنات الضفة الغربية"، في إشارة إلى مليشيات الإرهاب المدعومة من الوزيرين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش.

وأشار أولمرت إلى اقتحام قاعدة سديه تيمان، الذي نفذه مستوطنون أواخر شهر تموز/يوليو الماضي لمحاولة إخراج الجنود المتهمين باغتصاب أسير فلسطيني، وعدّ هذا الاقتحام "مجرد مقدمة بسيطة للتهديد الذي يشكلونه"، محذرًا أن الأسلحة التي وُزِّعَت مؤخرًا على هذه مليشيات المستوطنين "قد تستخدم في القضاء علينا، نحن اليساريين".

وشدد أولمرت، أن إسرائيل قريبة بالفعل من الحرب الأهلية، وتساءل: "هل هناك احتمالٌ أن يفهموا (المستوطنون في الضفة) أنه لا مفر من التنازل عن هذه الأراضي (الضفة الغربية) من أجل التوصل إلى تسوية تقودنا في النهاية إلى السلام والمصالحة وحياة بلا حرب وسفك دماء وقمع لشعب آخر؟".