14-يناير-2025
هجوم 7 أكتوبر 2023 أدخل "إسرائيل" في أسوأ أزمة إستراتيجية في تاريخها

الوثيقة: هجوم 7 أكتوبر 2023 أدخل "إسرائيل" في أسوأ أزمة إستراتيجية في تاريخها

أصدر منتدى التفكير الإقليمي ومعهد فان لير في القدس وثيقة "اليوم الآن"، وهي النقيض للمقترحات التي تُطرح في إسرائيل بشأن "اليوم التالي" للحرب على غزة، وهي وثيقة سياسيّة شاملة حول الطريق إلى السابع من أكتوبر والحرب الحالية، والتي تتضمن تحليلًا متعمّقًا للديناميكيات الإقليمية والمحلية، وتوصيات بشأن الطريق لتحقيق مصالحة تاريخية بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

وثيقة كتبها 15 باحثًا إسرائيليًا تحلل تداعيات هجوم حماس في 7 أكتوبر على "إسرائيل" والفلسطينيين، وتدعو لتبني نهج جديد لتحقيق السلام، وتؤكد على ضرورة معالجة جذور الصراع وتقديم تنازلات لتحقيق مصالحة تاريخية

الوثيقة كتبها مجموعة من 15 باحثًا وباحثة في مجال دراسات الشرق الأوسط والعلوم السياسية والاجتماعية، ومن وجهة نظر إسرائيلية مناهضة لسياسات اليمين، وقد حظيت بتأييد استثنائي من أكثر من 120 باحثًا في مؤسسات التعليم العالي في "إسرائيل"، بمن فيهم الباحثون في مجال تاريخ الشرق الأوسط والصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وهي وثيقة التحليل والسياسات التي حظيت بأكبر موافقة عامة حتى الآن بين الأوساط الأكاديمية الإسرائيلية.

والوثيقة الصادرة عن منتدى التفكير الإقليمي ومعهد فان لير في القدس تحلل تداعيات هجوم حماس في 7 أكتوبر على "إسرائيل" والفلسطينيين، وتسلّط الضوء على الأزمة الإنسانية الفلسطينية التي تتفاقم بسبب تدمير البنى التحتية وحصار غزة، مقابل أزمة إسرائيلية عميقة تعكس إخفاقات المفهوم الأمني التقليدي. إذ أبرز الهجوم ضعف السياسات الأمنية القائمة على إدارة الصراع والاعتماد على التكنولوجيا والقوة العسكرية دون حلول سياسية. كما تستعرض الوثيقة الخيارات الإستراتيجية أمام "إسرائيل" لتجاوز الأزمة، مشددة على أهمية تبني نهج جديد يعالج جذور الصراع ويخفف من التوتر الإقليمي، مع التأكيد على المخاطر المستقبلية الناجمة عن تجاهل معالجة القضايا الأساسية.

تشير الوثيقة إلى أن هجوم 7 أكتوبر 2023 قد أدخل "إسرائيل" في أسوأ أزمة إستراتيجية في تاريخها. تتجلى هذه الأزمة في عدد غير مسبوق من القتلى والمصابين جسديًا ونفسيًا، إضافة إلى أزمة المخطوفين التي هزّت نسيج المجتمع الإسرائيلي، وكذلك تبعات الحصار الدولي على "إسرائيل"، والتدهور الاقتصادي والاجتماعي والسياسي الحادّ. كما تبرز الوثيقة التحديات العميقة التي تواجه "إسرائيل" في الحفاظ على شرعيتها وأمنها، فضلًا عن الأزمة الإنسانية الفلسطينية التي تفاقمت بشكل غير مسبوق في قطاع غزة.

وجاء في الوثيقة: "لقد شهدت إسرائيل منذ السابع من أكتوبر 2023 تغييرات جذرية تمثلت في خسارة مناطق حيوية في الجنوب والشمال، إضافة إلى أزمة المخطوفين التي هزّت النسيج الاجتماعي الإسرائيلي، فضلًا عن الدمار الاقتصادي وأزمة الشرعية الدولية".

من ناحية أخرى، تستعرض الوثيقة الآثار الإنسانية المدمّرة التي خلفتها الحرب على الفلسطينيين، خاصة في قطاع غزة. تشير الوثيقة إلى أن الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية الفلسطينية في غزة تفوق أي أزمات سابقة، وتقول إن تفاقم الوضع الإنساني بات يهدد ليس فقط الاستقرار في غزة بل في المنطقة ككل.

وبحسب الوثيقة فقد "ألحقت إسرائيل أضرارًا غير مسبوقة بالمجتمع الفلسطيني تمثلت في عشرات الآلاف من القتلى والدمار الشامل للبنية التحتية في قطاع غزة، مما أدى إلى أزمة إنسانية هائلة تهدد بمفاقمة دائرة العنف".

باحثون إسرائيليون: شهدت إسرائيل منذ السابع من أكتوبر 2023 تغييرات جذرية تمثلت في خسارة مناطق حيوية في الجنوب والشمال، إضافة إلى أزمة المخطوفين التي هزّت النسيج الاجتماعي الإسرائيلي

أيضًا، تتناول الوثيقة إخفاق المفهوم الأمني التقليدي لإسرائيل، الذي يعتمد على الردع والإنذار المسبق والحسم. كما تشير إلى أن هذه الركائز الأمنية تعرّضت لاختبار صعب بعد أحداث السابع من أكتوبر، إذ فشل الردع الإسرائيلي في منع الهجوم، بينما لم تُستغل التحذيرات الاستخباراتية "لقد أثبتت أحداث السابع من أكتوبر أن مفهوم الردع الإسرائيلي محدود التأثير، وأن التحذيرات الاستخباراتية لم تُستغل، ما أدى إلى تدهور أمني غير مسبوق لسكان إسرائيل".

وتمتد الوثيقة لتتناول الخيارات الإستراتيجية التي كانت متاحة أمام "إسرائيل" قبل الهجوم، مثل السلام مع الفلسطينيين، إدارة الصراع، أو الحسم العسكري. وتشير إلى أنه منذ عام 2000، اختارت الحكومات الإسرائيلية إستراتيجية إدارة الصراع التي سمحت لها بتجنّب حل جذري للقضية الفلسطينية، ولكن الهجوم الأخير فرض على "إسرائيل" إعادة التفكير في خياراتها الإستراتيجية، وهي الآن تواجه خيارات محدودة: إمّا السلام أو الحسم العسكري.

وفيما يتعلق بتداعيات الهجوم على مستوى المنطقة، تشدد الوثيقة على أن الهجوم غيّر الديناميكيات الإقليمية بشكل جذري. إذ أصبح من الصعب العودة إلى سياسة إدارة الصراع التقليدية، وهو ما دفع "إسرائيل" إلى تبني مسار أكثر حسمًا، يشمل توسيع الاستيطان وتعزيز العمليات العسكرية في قطاع غزة والضفة الغربية.

الوثيقة الإسرائيلية: هزيمة الفلسطينيين أو إعادة احتلالهم في غزة والضفة الغربية لن يجلب السلام والاستقرار لإسرائيل

وتبيّن الوثيقة أنّه ورغم "النجاح الإسرائيلي" في توجيه ضربة إستراتيجية لإيران وحلفائها (حماس وحزب الله وبشكل غير مباشر نظام الأسد)، إلّا أنّ "إسرائيل" ومنذ اندلاع الحرب تدفع ثمنًا غير مسبوق في أرواح مواطنيها وأجسادهم ونفوسهم وممتلكاتهم، كما أنها وسمت نفسها بوصمة عار لا تُمحى تتمثل في التدمير الشامل لغزة والقتل الجماعي وغير المميز لسكانها المدنيين. وبعد مرور 15 شهرًا، ما تزال تُصعِّد التوتر العسكري في الشرق الأوسط، وتوسّع التطهير العرقي في غزة، وتعمّق الاحتلال في الضفة الغربية في انتظار الضوء الأخضر من إدارة ترامب لضم أجزاء من الضفة إلى "إسرائيل".

وتُحذّر وثيقة "اليوم الآن" التي أصدرها منتدى التفكير الإقليمي ومعهد فان لير في القدس، من استمرار السياسات الإسرائيليّة الحالية، مشيرة إلى أن التصعيد العسكري في غزة قد يؤدي إلى تفاقم العنف وزيادة التوترات الإقليمية. وتحث الوثيقة على ضرورة التغيير الجذري في النهج الإسرائيلي لتحقيق السلام، بما في ذلك تقديم تنازلات تقوم على نيل الفلسطينيين حقوقهم.

كما تقترح الوثيقة كمبادئ لسياسة تسعى للسلام مع الفلسطينيين، الحرص على الأمن والحماية لجميع سكان البلاد وإنهاء فوري للحرب في غزة باتفاق يشمل تبادل المخطوفين والأسرى ووقف عملية الاستيطان اليهودي في الضفة الغربية، والاستقلال والسيادة الفلسطينية كشرط للعملية السياسية، وخفض التصعيد الإقليمي، والمسؤولية والاعتراف والتعويض الإسرائيلي عن المظالم المستمرة بحق الفلسطينيين.

وتشدد الوثيقة على أن "هزيمة الفلسطينيين أو إعادة احتلالهم في غزة والضفة الغربية لن يجلب السلام والاستقرار لإسرائيل" وأن "طريق السلام لم يتم اعتماده نهجًا في "إسرائيل" بعد ولكي يتم تبنيه، هناك حاجة إلى الانفصال عن الافتراضات الأساسية المتجذرة في "إسرائيل" وآلياتها وخطابها السياسي والمهني والعام.