نشرت صحيفة "ذا هيل" الأميركية، تقريرًا يتحدث عن عرض قدمه رجل الأعمال الفلسطيني سمير حليلة، لقيادة ما وصفته بـ"الهيئة الحاكمة الجديدة" لقطاع غزة، وانطوى عرض حليلة، بحسب الصحيفة الأميركية، على حملة ضغط وتأثير. وبينما تحدث حليلة للصحيفة الأميركية، ونشر لاحقًا "توضيحًا للرأي العام"، أكد فيه "تواصله مع الشركة بموافقة الرئاسة الفلسطينية"، فإن مصدرًا سياسيًا قال لـ الترا فلسطين إن حليلة أخفى بعض التفاصيل عن الرئاسة.
قال مسؤول سياسي رفيع، إن سمير حليلة اجتمع بمحمود عباس وحسين الشيخ وماجد فرج، "لكنه لم يقل كل شيء" عن خطة تشكيل هيئة قيادية جديدة في غزة لليوم التالي للحرب
وقال مسؤول سياسي رفيع لـ الترا فلسطين، يوم الإثنين، إن سمير حليلة لم يطلع قيادة السلطة الفلسطينية على كل التفاصيل المتعلقة بتواصل مسؤولين أميركيين معه، وتحديدًا المقربين من المرشحة السابقة للرئاسة الأميركية كاميلا هاريس حول خطة لتشكيل هيئة قيادية جديدة في قطاع غزة لليوم التالي للحرب.
وأضاف المسؤول، الذي اشترط عدم ذكر اسمه، أن سمير حليلة حضر إلى مقر المقاطعة واجتمع برئيس السلطة محمود عباس، وأمين سر اللجنة التنفييذية حسين الشيخ، ورئيس المخابرات ماجد فرج، وبعض مستشاري الرئيس المقربين ،"لكنه لم يقل كل شيء" حسب قوله
يأتي ذلك بعدما نشرت صحيفة "ذا هيل" الأميركية، مطلع الشهر الحالي، تقريرًا جاء فيه أن سمير حليلة قدم عرضًا لقيادة هيئة حاكمة جديدة في قطاع غزة، وخصص ما يقدر بـ300 ألف دولار لخدمات الضغط السياسي بهدف التأثير على واشنطن والشرق الأوسط.
وأشارت الصحيفة إلى أن سمير حليلة "شخصية غير معروفة نسبيًا في واشنطن، وحتى بين خبراء الشرق الأوسط المخضرمين"، غير أنها نقلت عن "مسؤول سابق في الشرق الأوسط" قوله إن سمير حليلة "حقَّق معقولًا في القطاع الخاص، لكنه سيكون بعيدًا تمامًا عن التنافس" في إدارة قطاع غزة، إذ إنه "ليس لديه الخبرة أو العلاقات الإقليمية أو الثقل السياسي للقيام بذلك.
وكشفت "ذا هيل"، في تقريرها، أن سمير حليلة وقع عقد توكيل مع رجل الأعمال الإسرائيلي - الكندي آري بن منشيه، مدير شركة "ديكينز آند مادسون" المختصة في الضغط والعلاقات العامة، ودفع له بموجب العقد 100 ألف دولار في 20 شباط/ فبراير الماضي، من أصل 300 ألف دولار هي قيمة العقد الأصلية وفقًا لوثائق مقدمة إلى وزارة العدل الأميركية.
وأوضحت الصحيفة، أن عقد شركة "ديكنز آند مادسون" مع سمير حليلة ينص على ممارسة الشركة الضغط على جهات اتصال داخل حكومات الولايات المتحدة ومصر والسعودية والإمارات وقطر والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية والأمم المتحدة، بالإضافة إلى السلطة الفلسطينية، لدعم خطة وضعها سمير حليلة، وهي خطةٌ سياسية وأمنية واقتصادية لقطاع غزة بدون سيطرة حماس.
وتتضمن الخطة المنصوص عليها في العقد وجودًا عسكريًا أميركيًا وعربيًا في غزة، بدعم من مصر والسعودية والإمارات العربية المتحدة، واعتماد وضع سياسي جديد لغزة من قبل الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية والسلطة الفلسطينية، إضافة إلى بناء مطار وميناء جديدين على أراضٍ مؤجرة من المصريين.
ويذكر العقد حقوق غزة في الغاز في البحر الأبيض المتوسط، ولكنه يحجب هوية الجهة التي ستدعمه. كما يحجب العقد المبلغ اللازم لبدء إعادة إعمار غزة. وينص على أن "الإدارة الأميركية ستسعى أيضًا لضمان القضاء على التدخل الإسرائيلي في شؤون غزة جنبًا إلى جنب مع إنهاء أي وجود عسكري لحماس".
ونقلت الصحيفة عن سمير حليلة قوله، في مكالمة هاتفية معها، إنه يعتقد أن لديه النزاهة والسمعة والسجل الحافل والاستقلالية ليكون قوة موحدة للفلسطينيين من الضفة الغربية وقطاع غزة، مشيرًا أنه عمل في الحكومة مرتين، وفي القطاع الخاص لفترة طويلة، وفي منظمات غير حكومية.
وأضاف سمير حليلة: "أنا شخصية عامة بشكل عام، ولدي فرصة جيدة بسبب نزاهتي وسمعتي وسجلي الحافل، سواءً في الحكومة أو بصفتي شخصية مستقلة، وأعتقد أن ذلك يمكن أن يضمن لي قبول جميع الأطراف".
وأكد حليلة أنه لم يحصل على أي دعم من إسرائيل، لكنه متأكدٌ من أن الفلسطينيين لن يمانعوا في أن يتولى هذا الدور، مضيفًا: "يجب أن أحصل دائمًا على توافق، أو على الأقل موافقة، الأطراف الفلسطينية أولاً. ثم يمكنني الانتقال إلى الأطراف الإقليمية مثل السعودية ومصر، وما إلى ذلك".
وبعد يوم من نشر التقرير، أعلنت شركة سوق فلسطين للأوراق المالية "بورصة فلسطين"، أنها استلمت كتابًا من شركة فلسطين للتنمية والاستثمار "باديكو" يفيد بانتهاء تمثيل سمير عثمان حليله لها في عضوية مجلس إدارة بورصة فلسطين بصورة فورية. جاء ذلك بعد تقرير صحفي تحدث عن تعاون بين حليلة وشركة يديرها رجل أعمال إسرائيلي لتنفيذ حملة ضغط لصالح خطته لقيادة هيئة حاكمة في غزة.
وتعقيبًا على قرار "باديكو" إنهاء تمثيله لها في "بورصة فلسطين"، قال سمير حليلة، لصحفيين اقتصاديين، إن العقد الاستشاري مع الشركة الكندية "ليس له علاقه بعملي في شركات البورصة أو أركانن خاصة أن إدارة باديكو كانت تعلم عن العقد منذ البداية".
ونشر حليلة "توضيحًا للرأي العام"، ردًا على تقرير "ذا هيل"، قال فيه إن الشركة اتصلت به في شهر تموز/يوليو 2024 دون معرفة سابقة له بهم، وعرضت تقديم خدمات استشارية مفصلة في العقد، مبينًا أنه رفض العرض حينها، وأبلغ رئاسة السلطة الفلسطينية بالأمر، التي أكدت على رفض المقترح.
وأضاف: "استمريت بالاتصال مع الشركة، بموافقة الرئاسة، فقط، لمحاولة التعرّف على أي معلومات مفيدة بشأن مواقف الأطراف الإقليمية والدولية حول شكل الحكم المقترح في غزه وترتيبات إعادة الإعمار من خلالها، واستمرَّ تأكيد الالتزام بالموقف الرسمي الفلسطيني حول وحدانية الكيانية الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزه تحت الشرعية الفلسطينية المتمثلة بمنظمة التحرير الفلسطينية".
تتضمن الخطة المنصوص عليها في العقد بين سمير حليلة والشركة الكندية وجودًا عسكريًا أميركيًا وعربيًا في غزة، بدعم من مصر والسعودية والإمارات العربية المتحدة
وأوضح سمير حليلة، أن "أي لغة أو جمل أو مبالغ ذكرت في هذه الوثيقة لم تكن إلا متطلّبا رسميّا لإبقاء قناة التواصل مفتوحة لتحقيق الأهداف المحددة"، مؤكدًا أنه لم يطلب من الشركة في أي مرحلة تقديم أي خدمات شخصية له، "سواء من حيث الترويج أو طرح الاسم لدى أي من الأطراف الإقليمية أو الدولية".
يأتي ذلك قبل أيام من القمة العربية المرتقبة، التي يُفترض أن تطرح خلالها مصر خطة لإعادة إعمار قطاع غزة في غضون سنوات بدون تهجير الفلسطينيين من القطاع، بينما ألمحت تقارير في وسائل إعلام عربية أن الخطة تقوم على إقصاء حركة حماس من أي دور سياسي، وتشمل أيضًا تفكيك الأذرع العسكرية للمقاومة في غزة وتسليم سلاحها.