أعلن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، في كلمته أمام القمة العربية الطارئة، أمس الثلاثاء، استحداث منصب نائب لرئيس منظمة التحرير والدولة الفلسطينية، وإصدار عفوٍ عن جميع المفصولين من حركة فتح.
خبير قانوني: هذا يذكرنا بسنوات ماضية عندما تم الضغط على ياسر عرفات لتعيين رئيس وزراء، وكان وقتها محمود عباس ومعه صلاحيات. وكان الهدف من ذلك إضعاف عرفات من جهة، واستبداله وتحضير عباس من جهة أخرى.
ويرى خبراء أن قرار الرئيس الفلسطيني باستحداث منصب نائب لرئيس السلطة ومنظمة التحرير جاء نتيجةً لضغوط عربية ودولية، تتعلّق بضرورة إجراء "إصلاحات" في السلطة الفلسطينية، وأيضًا لتفويت الفرصة على وجود فراغ في منصب الرئيس، أو إشغاله من قبل شخص غير مرغوب فيه، في حال وفاة الرئيس عباس.
وفي هذا الحوار الخاصّ مع موقع "الترا فلسطين"، يوضّح الخبير في الشأن القانوني رائد بدوية دوافع الإعلان عن استحداث منصب نائب رئيس، وأبعاده السياسية والقانونية.
- ما الذي دفع الرئيس محمود عباس لاستحداث منصب نائب رئيس للسلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير؟
خطاب الرئيس عباس بالأمس، جاء فيه أكثر من مسألة مترابطة مع بعضها البعض، ومن الواضح أنه خضع لمطالب غربية من جهة، وعربية من جهة أخرى. ويبدو واضحًا أن هناك ضغوط إقليمية عربي وضغوط غربية قديمة؛ والضغوط القديمة الجديدة، سواء غربية أو عربية، تتعلق بالإصلاحات في السلطة الفلسطينية، وهذه المطالب ليست جديدة وتحديدًا من السعودية والإمارات، وتصاعدت أكثر بعد تشكيل الحكومة الأخيرة بدون مشاورات عربية، وبدون استجابة لمطالبة عربية فيما يتعلق بهذه الحكومة.
لذا؛ من الممكن أنه مسألة تعيين الرئيس نائبًا له، تمثّل استجابة للعرب، وممكن أن يكون استجابة لمطالب إسرائيلية وغربية، لأن الكثير من الإسرائيليين والأمريكان يخافوا من مرحلة ما بعد عباس.
ولاحظنا في خطابه أيضًا أن هناك استجابة للضغوط العربية فيما يتعلق بتشكيل اللجنة المجتمعية لإدارة غزة، وفيما يتعلق بالحكم في غزة، وبالإعمار والإشراف الدولي والصندوق الدولي على الإعمار.
الترا فلسطين ينشر النص الكامل للخطة المصرية لإعادة الإعمار واليوم التالي في غزةhttps://t.co/T7j5TRHGCY
— Ultra Palestine - الترا فلسطين (@palestineultra) March 4, 2025
- كيف سيتم اختيار نائب الرئيس؟ وهل تتوفر أي قنوات شرعية أو قانونية لاتخاذ مثل هكذا قرار؟
للأسف بعد حلّ المجلس التشريعي لا توجد قنوات قانونية. ومن جانب آخر، عند تعيين روحي فتوح بمرسوم رئاسي كان يفتقد حينها للقانون؛ لأنه في القانون الأساسي من يحل محل رئيس السلطة الفلسطينية في حال شغور المنصب هو رئيس المجلس التشريعي، ولكن عند حل المجلس التشريعي أصبح الموضوع شائكًا من ناحية إعطائه الشرعية القانونية والدستورية.
الرئيس له صلاحيات فيما يتعلق بمنظمة التحرير، ولكن الإشكالية التداخل بين منصب منظمة التحرير، ونائب رئيس منظمة التحرير وبين منصب السلطة الفلسطينية، وهذا التداخل معقد.
منظمة التحرير منذ سنوات طويلة لم تتجدد شرعياتها؛ لا في المجلس الوطني ،ولا في كل مؤسساتها. وبالتالي، فإن قرارًا كهذا، وفي ظل وضع سياسى وانقسام منذ قبل 7 تشرين الأول/أكتوبر وبعده، يجعلنا نفكر إن كانت هذه الوسيلة المثلى لعمل إصلاحات في منظمة التحرير أو في السلطة الفلسطينية.
- لكن كيف يمكن أن يتم ذلك مع الأخذ بعين الاعتبار حل المجلس التشريعي؟
أعتقد أن الموضوع بحاجة إلى توافق وطني فيما يتعلق بمنظمة التحرير وتجديد شرعيتها، وبمعنى آخر؛ عملية إصلاح السلطة ومنظمة التحرير تحتاج إلى توافق وطني، وبالتحديد مع حركتي حماس والجهاد الإسلامي. والوقت قد يكون مناسبًا حاليًا، أو قد يأتي هذا التوافق نتيجة لضغوط عربية بأن تذهب حماس مع الجهاد، بالإضافة إلى عباس نفسه، لمشاورات وإعادة بناء مؤسسة التحرير وإضفاء الشرعية عليها بإدخال الحركتين على المنظمة.
- هل إعلان منصب نائب رئيس سوف يحقق الإصلاحات المطلوبة؟
الإجراء الذي قام فيه عباس غير كافٍ حتى اللحظة من أجل مواجهة التحديدات التي تواجه القضية الفلسطينية. وإن أبدت حماس مرونة بأنها غير معنية في أن تكون جزءًا من الحكم الإداري في غزة، إلّا أنها ستصر على موضوع دورها في منظمة التحرير وإعادة بناء منظمة التحرير حتى تكون المنظمة هي المرجعية السياسية النهائية في أي قرارات مصيرية.
قد لا تكون حركتا حماس والجهاد الإسلامي معنيّتين بالسلطة ومؤسساتها، ولكن هناك رغبة ونية بأن تكونا جزءًا من منظمة التحرير؛ وهذا يجعلنا نقول أن ما صرّح به الرئيس عباس غير كافٍ من أجل توافق وطني من جهة، ومن أجل انعكاسه على إصلاحات معينة في منظمة التحرير من جهة أخرى.
- ماذا يترتب على وجود نائبٍ للرئيس؟ وما هي صلاحياته المتوقعة؟
أعتقد أنه الهدف من الموضوع تحضير شخصية ما متوافق عليها عربيُا وإسرائيليًا وأمريكيًا لخلافة رئاسة السلطة، وإغلاق الباب على أي فرصة لدخول أي شخصيات غير مرغوب فيها لقيادة السلطة الفلسطينية.
سوف تكون له صلاحيات؛ لأن وجود شخص عليه توافق عربي وغربي، قد يمنحه صلاحيات معينة، وسوف يكون الرجل الثاني بعد عباس، وفي ظل وضع عباس حاليًا وحكومته والاتهامات بالفساد والضعف، من الممكن أن يكون لهذا الشخص دور كبير.
لو عدنا للوراء قبل سنوات عندما تم الضغط على ياسر عرفات لتعيين رئيس وزراء، وكان وقتها محمود عباس ومعه صلاحيات. وكان الهدف من ذلك إضعاف عرفات من جهة، واستبداله وتحضير عباس من جهة أخرى.
- إذاً هل نحن أمام تكرار سيناريو عرفات- عباس؟
نعم، أعتقد أن نفس السيناريو يجري اليوم؛ فوجود نائب للرئيس هو أول دليل على أن هناك توافق عربي وإسرائيلي وغربي على شخص خليفة عباس. والهدف منه تفويت الفرصة أمام حركة حماس، والجهاد الإسلامي، وحتى أبناء حركة فتح المعارضين لبرنامج عباس، للعب دورٍ سياسي. وقد يكون للنائب صلاحيات قوية من أجل إبراز دوره المستقبلي في قيادة السلطة الفلسطينية.