22-سبتمبر-2024
آثار قصف حزب الله لمناطق إسرائيلية في محيط حيفا

آثار قصف حزب الله لمناطق إسرائيلية في محيط حيفا

رفعت "إسرائيل" في الأسبوع الأخير وتيرة هجومها على حزب الله في لبنان، إذ استهدفت على مدار يومين الآلاف من حاملي أجهزة اتصالات لا سلكية (البيجر)، وشنّت غارات واسعة النطاق في الجنوب اللبنانيّ، ونفذت الجمعة غارة على الضاحية الجنوبية في بيروت طالت 16 من القيادات العسكرية الوازنة في الحزب، أبرزهم إبراهيم عقيل وأحمد وهبي، ثم أتبعت بمئات الغارات الجوية.

هل "إسرائيل" مستعدة لتوسيع الحرب مع حزب الله بلبنان في الوقت الحالي؟

وصباح اليوم، قال رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو: "في الأيام القليلة الماضية، وجهنا لحزب الله سلسلة من الضربات لم يكن يتخيلها. وإذا لم يفهم حزب الله الرسالة، فأعدكم أنه سيفهم الرسالة".

واستمر في القول: "نحن عازمون على إعادة سكاننا في الشمال إلى منازلهم سالمين. لا يمكن لأي دولة أن تتسامح مع إطلاق النار على سكانها، أو إطلاق النار على مدنها – ونحن، دولة إسرائيل، لن نتسامح مع ذلك أيضًا. سنفعل كل ما هو ضروري لاستعادة الأمن".

من جانبه، قال وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت: "في الوقت الذي يستعد فيه سلاح الجو لموجة أخرى من الهجمات، وصلت لمراقبة العمليات الدقيقة لتقويض قدرات حزب الله".

وأضاف غالانت: إن "الشعور بالاضطهاد لدى حزب الله محسوس بشكل جيد، كجزء من المرحلة الجديدة التي دخلناها في الحرب - سنستمر في ملاحقة ومهاجمة المنظمة الإرهابية، حتى نحقق هدفنا في الشمال - عودة السكان إلى منازلهم بعد التغيير في الوضع الأمني"، وفق تعبيره.

من جانبه، قال مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى: إن "الضربات التي تلقاها حزب الله هذا الأسبوع هي أشد بكثير من خطة الحرب على لبنان التي كان من المفترض أن تُنَفَّذ في بداية الحرب".

كيف تفكر إسرائيل في جبهة الشمال؟

قائد شعبة العمليات السّابق في جيش الاحتلال، يسرائيل زيف، يشير في حديث مع القناة الـ12 الإسرائيلية إلى أنّ "إسرائيل" دخلت مرحلة جديدة من التصعيد، لن تكون قصيرة، وستكون بمثابة حرب استنزاف، كما أنّها لن تكون حربًا حاسمة تهدف إلى القضاء على حزب الله أو تقويض قدراته التي تُشكّل تهديدًا لـ "إسرائيل".

ورغم الضّغوط التي تعرّض لها حزب الله في الأيام الأخيرة، فإنّ لديه قدرات صاروخية، كما أنّه مستعد للتعافي على المستوى التكتيكي، وبما يمكّنه من إدارة حرب استنزاف.

ويشدد يسرائيل زيف أن التصعيد الحاصل على الجبهة الشمالية كان من الممكن تفاديه من خلال التوصّل إلى صفقة حول المخطوفين، الأمر الذي سيُبرّد كل الجبهات الساخنة.

وتشير ليلاخ شوفال، محللة الشؤون العسكرية في القناة الـ12 الإسرائيلية، إلى أن الرد الإسرائيلي على الهجمات الصاروخية لحزب الله سيكون مختلفًا. قائلةً: "هذه المرّة هي الأولى التي يستهدف فيها الحزب أهدافًا مدنيّة منذ بداية الحرب. وتقديرات كبار قادة الجيش الإسرائيلي تقول إنّ تبادل الضربات بين "إسرائيل" وحزب الله بهذه الوتيرة سيستمر عدة أيام على الأقل".

وقال نير دفوري، مراسل الشؤون العسكرية في القناة الـ12 الإسرائيلية، إنه إلى جانب موجات الغارات الهجومية، هناك حالة تأهّب وجهوزية عالية في إسرائيل، وقد تم نقل الفرقة 98 إلى الشمال كرسالة تحذير للطرف الآخر، ما يؤشّر للاستعداد لأيّ تحرك، كما أن أجهزة الاستخبارات وسلاح الجو في حالة تأهب دفاعي وهجوميّ.

وأضاف: "مع استمرار الهجمات الإسرائيلية المتدرّجة، دخلت إسرائيل مرحلة جديدة في المواجهة مع حزب الله. إذا أراد نصر الله التوقّف، يمكنه ذلك، لكن إن لم يفعل، ستستمر وتيرة التصعيد"، وفق قوله.

وذكر يوسي يهوشوع، محلل الشؤون العسكرية في قناة i24 بالنسخة العبرية، أن التوتر مع حزب الله وإيران قد تصاعد بشكل ملحوظ، وأن الضربات المتكررة التي يتعرض لها حزب الله قد تعزز احتمالية الرد. ومع ذلك، يبقى السؤال الأهم: "هل ستعيد هذه الأحداث سكان الشمال إلى منازلهم، أم ستفتح المجال لتسوية ملائمة أكثر لإسرائيل؟".

وفي حديثه، تساءل نمرود شيفر، رئيس شعبة التخطيط السابق في الجيش، "عمّا إذا كانت إسرائيل مستعدة لتوسيع الحرب في الوقت الحالي؟"، وأشار إلى أنه بعد عام من القتال العنيف، "يشعر بعدم اليقين بشأن استعداد الجيش لمواجهة عدو قويّ مثل حزب الله". وأوضح أن الهجوم الشامل على صواريخ الحزب كان يجب أن يحدث بعد الهجوم الثاني، وهو ما لم يحدث.

كما أشار ألون بن دافيد، محلل الشؤون العسكرية في القناة الـ13 الإسرائيلية، إلى غياب رؤية طويلة المدى لدى إسرائيل لإنهاء الحرب وما الذي ترغب في تحقيقه. ورغم الضغوط التي تعرض لها حزب الله، تظل منظوماته العسكرية، وخاصة الصواريخ الثقيلة، جاهزة للإطلاق في أي لحظة.

ورأى أنه رغم تصريحات أمين عام حزب الله حسن نصر الله بعدم رغبته في الحرب، إلا أن احتمالاتها تظل مرتفعة، ما يثير تساؤلات حول كيفية إنهاء هذه المواجهة.

كما أكد حيزي سيمانتوف، محلل الشؤون العربية في القناة الـ13 الإسرائيلية أن حسن نصر الله يسعى للتخطيط لهجوم كبير ضد إسرائيل كرد على الهجمات التي استهدفت عناصر حزب الله. وعلى الرغم من الفرص المتاحة لإسرائيل، إلا أن هناك مخاطر محتملة، ما يدفعها للاستعداد لدخول حرب شاملة.

وفي تقريره، أوضح إيتاي بلومنتال، مراسل الشؤون العسكرية في التلفزيون الإسرائيلي الرسمي (قناة كان)، أن اغتيال القيادي في حزب الله إبراهيم عقيل جاء بناءً على معلومات استخباراتية دقيقة، حيث كان متواجدًا في موقع تحت الأرض في الضاحية الجنوبية لبيروت. وبيّن أن وزير الجيش، يوآف غالانت، أكد أن إسرائيل تمر بمرحلة جديدة من الحرب، ويتوقع تصعيدًا إضافيًا في العمليات العسكرية ضد حزب الله.

من جهته، قال يارون أبرهام، مراسل الشؤون السياسية في القناة الـ12 الإسرائيلية، إن النقاشات تدور حول كيفية تحضير الجمهور لأي هجوم محتمل من حزب الله، ولكن الجيش "قرر عدم إطلاق أي حملة نوعية حتى الآن".

أوهاد حمو: معادلة نصر الله ما زالت قائمة: "قصف الضاحية يعني قصف وسط إسرائيل"، وهذا يتطلّب أخذ الأمر بجدية

وذكر أوهاد حمو، مراسل الشؤون العربية في القناة الـ12 الإسرائيلية، أنه منذ عملية تفجير أجهزة البيجر، لم يكن هناك رد واضح من حزب الله، ولكن يتضح الآن أن معادلة نصر الله ما زالت قائمة: "قصف الضاحية يعني قصف وسط إسرائيل"، وهذا يتطلّب أخذ الأمر بجدية.

في سياق متصل، كتب رون بن يشاي، محلل الشؤون العسكرية في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أن الهجوم على الضاحية يشكل جزءًا من سياسة جديدة أعلنها وزير الجيش كمرحلة جديدة في الحرب.

ووفقًا لهذه السياسة، لن تلتزم "إسرائيل" بالمعادلات التي وضعها حزب الله، بل ستُصعِّد ردودها على أي إطلاق نار باتجاهها، مع علمها التامّ بأن ذلك قد يؤدي إلى حرب في لبنان.

وأكد بن يشاي أن الكرة الآن في ملعب حزب الله، وأن إسرائيل لا تزال تعطي نصر الله فرصة للاستجابة للعرض الأميركي للتهدئة، ما يتيح إعادة سكان الشمال إلى منازلهم، دون اشتراط وقف الحرب على غزة.