أكدت "هيومن رايتس ووتش"، يوم الأربعاء، أن استخدام جيش الاحتلال لتقنيات المراقبة والذكاء الاصطناعي وأدوات رقمية أخرى للمساعدة في تحديد أهداف هجماته في غزة يزيد من خطر إلحاق ضرر محتمل بالمدنيين.
جيش الاحتلال يستخدم في حربه على غزة أربع أدوات رقمية بغية تقدير عدد المدنيين قبل تنفيذ أي هجوم، وإخطار الجنود بموعد الهجوم، وتحديد ما إذا كان شخص ما مدنيًا أم مقاتلا، وما إذا كان مبنى ما مدنيًا أم عسكريًا
وأوضحت "هيومن رايتس ووتش"، أن جيش الاحتلال يستخدم في حربه على غزة أربع أدوات رقمية بغية تقدير عدد المدنيين قبل تنفيذ أي هجوم، وإخطار الجنود بموعد الهجوم، وتحديد ما إذا كان شخص ما مدنيًا أم مقاتلا، وما إذا كان مبنى ما مدنيًا أم عسكريًا.
ووجدت المنظمة، أن الأدوات الرقمية هذه يفترض أنها تعتمد على بيانات خاطئة وتقديرات تقريبية غير دقيقة لتزويد الأعمال العسكرية بالمعلومات بطرق قد تتعارض مع "التزامات إسرائيل بموجب القانون الدولي الإنساني، وخاصة قواعد التمييز والحيطة".
وأوضحت، أن هذه الأدوات تتضمن مراقبة مستمرة ومنهجية للسكان الفلسطينيين في غزة، بما في ذلك بيانات جُمعت قبل الحرب بطريقة تتعارض مع القانون الدولي لحقوق الإنسان.
وبحسب "هيومن رايتس ووتش"، فإنه من بين الأدوات التي يستخدمها جيش الاحتلال، أداة تعتمد على تتبع الهواتف الخلوية لمراقبة إجلاء الفلسطينيين من أجزاء من شمال غزة، بعدما أمر الجيش سكانها بالمغادرة.
وبين الأدوات أيضًا، أداة تعرف باسم "غوسبل"، وهي تُعِدّ قوائم بالمباني أو الأهداف الهيكلية الأخرى التي سيتم مهاجمتها، وأداة تُعرف بـ"لافندر"، وهي تمنح تصنيفات للأشخاص في غزة حول انتمائهم المشتبه به إلى الفصائل الفلسطينية من أجل تصنيفهم كأهداف عسكرية.
أما الأداة الرابعة التي تحدثت عنها "هيومن رايتس ووتش"، فهي تعرف باسم "أين أبي؟"، وتزعم تحديد متى يكون الهدف في مكان معين لمهاجمته هناك، وهذا المكان غالبًا هو مكان إقامة عائلته المفترض.
وتؤكد المنظمة، أن هذه الأدوات "قد يكون لها عواقب قاتلة على المدنيين في السياقات العسكرية، ويفترض أن أداتين منها، وهما أداة مراقبة الإجلاء، وأداة "أين أبي؟"، ليستا دقيقتين بما يكفي لتوفير معلومات من أجل القرارات العسكرية، خاصة بالنظر إلى الأضرار الهائلة التي لحقت بالبنية التحتية للاتصالات في غزة.
أما الأداتين الرقميتين "غوسبل" و"لافندر"، فتقول "هيومن رايتس ووتش" إنهما "تعتمدان على عمليات التعلم الآلي لمد قرارات الاستهداف بمعلومات، وذلك باستخدام معايير أُعدّتها خوارزمية يُرجّح أن تكون متحيزة وغير مكتملة، ووفق عملية يستحيل تقنيًا التدقيق فيها".
وأضافت "هيومن رايتس ووتش"، أنه لم يكن ممكنًا توثيق متى وأين يستخدم جيش الاحتلال هذه الأدوات الرقمية، أو المدى الذي استخدمها فيه، بالتزامن مع أساليب أخرى لجمع المعلومات والاستخبارات.
وأكدت "هيومن رايتس ووتش" أن على جيش الاحتلال "التأكد من توافق أي استخدام للتكنولوجيا في عملياته مع القانون الدولي الإنساني، وينبغي أن لا تُتّخذ قرارات الاستهداف حصرًا بناءً على توصيات أداة التعلم الآلي".
وأضافت، أن قوات الاحتلال "إن كانت تتصرف بناءً على أي من توصيات أو تقييمات هذه الأدوات دون تدقيق كاف أو معلومات إضافية، كما ورد، مما أدى إلى هجمات تسبب في إلحاق الضرر بالمدنيين، فإن القوات الإسرائيلية تنتهك قوانين الحرب".
وأشارت إلى أن ارتكاب انتهاكات خطيرة لقوانين الحرب، مثل الهجمات العشوائية على المدنيين، بقصد إجرامي، يشكل جرائم حرب.
وأكدت "هيومن رايتس ووتش"، أن إسرائيل، باعتبارها قوة احتلال في غزة، "فينبغي عليها التأكد من أن استخدامها للأدوات الرقمية لا ينتهك حقوق الخصوصية للفلسطينيين".
وأضافت، أن "هناك حاجة إلى تحقيقات محايدة في استخدام هذه الأدوات الرقمية لتحديد ما إذا كانت قد ساهمت بشكل غير قانوني في خسارة أرواح وممتلكات المدنيين وإلى أي مدى، والخطوات اللازمة لتلافي الضرر مستقبلا".
هيومن رايتس ووتش: هناك حاجة إلى تحقيقات محايدة في استخدام هذه الأدوات الرقمية لتحديد ما إذا كانت قد ساهمت بشكل غير قانوني في خسارة أرواح وممتلكات المدنيين وإلى أي مدى
وكان الترا فلسطين نشر تقريرًا، في شهر كانون الثاني/يناير الماضي، أي بعد ثلاثة شهور من الحرب على قطاع غزة، أورد شكوكًا لاستخدام أداة "غوسبل" في تعقب الصحفيين، الذين قُتل العشرات منهم في عمليات قصف مباشرة لهم على مدار شهور الحرب.
وقال نائب الأمين العام للاتحاد الدولي للصحفيين توم داوسن، لـ"الترا فلسطين": "يبدو بأن إسرائيل لديها تحت تصرُّفها نظام استهداف مدعوم بالذكاء الاصطناعي، يسمى غوسبل، (باللغة العبرية هبسورا)، الذي يسمح بمثل هذا القتل الدقيق، ويتعقب الأشخاص أثناء عودتهم إلى منازلهم وأماكن عملهم".
وبيّن داوسن، أن "معدل القتلى بين الصحفيين في غزة يجعل من الصعب التصديق أنهم ليسوا مستهدفين"، مضيفًا أن على إسرائيل السماح بتفتيش أنظمتها للذكاء الاصطناعي، ونشر قواعد الاشتباك الخاصة بها، لإظهار مدى "احترام قواتها لحياة المدنيين".
وسبق أن كشف تحقيق لمجلة +972 وموقع سيحا مكوميت العبري، عن استخدام الاحتلال لنظام الذكاء الاصطناعي "غوسبل" - "هسبورا"، وهو نظام مبني إلى حدّ كبير على الذكاء الاصطناعي، ويمكنه تحديد الأهداف تلقائيًا تقريبًا بمعدل يتجاوز بكثير ما كان ممكنًا في السابق.
ووصف ضابط مخابرات إسرائيلي سابق، نظام "غوسبل"، قائلًا: "النظام يعني أننا أمام مشروع للاغتيال الجماعي".
وتم الكشف في تحقيق لمجلة +972، خلال شهر آب/أغسطس الماضي، أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يستخدم خدمة أمازون السحابية لتخزين معلومات المراقبة عن سكان غزة، بينما يشتري المزيد من أدوات الذكاء الاصطناعي من جوجل ومايكروسوفت لأغراض عسكرية.
وقال جيش الاحتلال في بيان قصير على موقعه، نشره في 3 تشرين الثاني/نوفمبر 2023، إنه يستخدم نظامًا قائمًا على الذكاء الاصطناعي يسمى "هبسورا" في الحرب ضد حماس "لإنتاج الأهداف بوتيرة سريعة".
وأضاف أنه "من خلال الاستخراج السريع والآلي للمعلومات الاستخباراتية"، فإن النظام يصدر توصيات للأهداف المحتملة "بهدف المطابقة الكاملة بين توصية الآلة والتعريف الذي يقوم به الشخص".
العدوان على قطاع غزة شهد قيام جيش الاحتلال بتوسيع قصفه بشكل كبير لأهداف ليست "ذات طبيعة عسكرية واضحة"، وشملت مساكن خاصة إلى جانب المباني العامة والبنية التحتية والأبراج الشاهقة،
وكشفت مجلة +972 أن العدوان على قطاع غزة شهد قيام جيش الاحتلال بتوسيع قصفه بشكل كبير لأهداف ليست "ذات طبيعة عسكرية واضحة"، وشملت مساكن خاصة إلى جانب المباني العامة والبنية التحتية والأبراج الشاهقة، التي يعرّفها الجيش على أنها "أهداف تنطوي على قوة".
ويؤكد التحقيق، أن الهدف من هذه السياسة بشكل أساسي إلى الإضرار بالمجتمع المدني الفلسطيني، و"خلق صدمة" من شأنها أن تقود إلى ظهور واقع جديد "يدفع المدنيين إلى الضغط على حماس"، بحسب ما كشفته مصادر إسرائيلية للمجلة.