11-أكتوبر-2024
مستشفى كمال عدوان

(Getty) جيش الاحتلال يجدد الهجوم على جباليا

خلصت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، اليوم الجمعة، إلى أن العملية العسكريّة في جباليا قد تستمر لفترة أطول، تصل إلى عدة أشهر، وقد تكون جزءًا من اقتراح اللواء غيورا آيلاند، الذي اقترح تهجير نحو 300 ألف من سكان غزة المتبقين في الجنوب إلى الشمال عبر ممر نتساريم بعد خضوعهم للتفتيش.

وأفادت الصحيفة: "حوّل الجيش الإسرائيلي قطاع غزة الأسبوع الماضي رسميًا إلى ساحة قتال ثانوية مع بداية العملية البريّة في جنوب لبنان. ومع ذلك، فقد أبقى الجيش الفرقة الأمامية النظامية للقيادة الجنوبية للإغارة على جباليا، وهذه المرة لفترة طويلة، تتجاوز بضعة أسابيع. جاء هذا القرار نتيجة لإصرار غير معتاد من قبل السكان على عدم الإخلاء إلى الجنوب". 

في سياق خطته، يقترح آيلاند إعلان شمال القطاع "منطقة عسكرية مغلقة"، وإبلاغ السكان بمهلة للخروج عبر ممرات محددة قبل فرض الحصار الكامل

وأضافت الصحيفة أن الفرقة الأمامية النظامية للقيادة الجنوبية، الفرقة 162، تقود الهجوم. ومنذ يوم السبت، يحاصر فريقان من اللواء القتالي مدينة جباليا، وعشرات الآلاف من سكان غزة، الذين يرفض معظمهم الإخلاء نحو الجنوب تحت ضغط من قوات الاحتلال. وادعت قوات الاحتلال بوجود كمائن أعدها المقاتلون الفلسطينيون لهم داخل منازل محاصرة وعلى الأرصفة، إضافة إلى كمائن مضادة للدبابات، في منطقة لم يكن الجيش الإسرائيلي نشطًا فيها بريًا خلال الأشهر الأخيرة. 

ونقلت الصحيفة عن مصدر في جيش الاحتلال، قوله: "لقد قضينا على أكثر من 100 مسلّح حتى الآن في العملية، لكننا مستعدون للعمل هنا بشكل مستمر لعدة أشهر"، وفق قوله. 

وأشارت إلى أن "القوات الإسرائيلية المكونة من فريقين قتاليين منذ يوم السبت تعمل ضد مراكز حماس العسكرية التي تم تجديدها في الأشهر الأخيرة في إحدى مدن شمال قطاع غزة. وعلى عكس العمليات البرية السابقة التي نُفذت كجزء من المرحلة الثالثة من القتال ضد حماس التي ستستمر لسنوات، تتم العملية هذه المرة في ظلّ ظرفين مختلفين يتجه إليهما اهتمام رئيس الأركان والقيادة العسكرية". 

وذكرت الصحيفة أن "الأول هو الساحة القتالية الرئيسية في الشمال، والثاني هو المنطقة نفسها التي تشهد رفضًا واسعًا من سكان غزة للإخلاء جنوبًا باتجاه مدينة غزة، بعد أن حاصرها مئات الجنود. وينتشر حوالي 30 إلى 70 ألفًا من سكان غزة في محيط جباليا، وتحديدًا في بلدتي بيت حانون وبيت لاهيا". 

وأشارت الصحيفة إلى أن جيش الاحتلال قد شنّ هجومين على جباليا العام الماضي؛ الأول كان في "إطار تفكيك قدرات لواء حماس العسكري"، في تشرين الثاني/نوفمبر، والثاني كان في كانون الأول/ديسمبر. 

قال الباحث المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، أنس أبو عرقوب، إن "وسائل الإعلام العبرية كشفت قبل عدة أسابيع عن بحث الجيش الإسرائيلي في استراتيجيات جذرية تهدف إلى تحقيق انتصار حاسم على حركة حماس"

وادعت أنه "وفقًا لتقارير القادة الذين يقودون العملية الحالية، كانت هزيمة حماس ككيان عسكري كبير في جباليا مؤثرة منذ بداية الحرب. إلا أن العملية الحالية تهدف إلى تدمير الجهود الناشئة لإعادة إعمار القدرات العسكرية لحماس في قطاع غزة، خاصة تلك التي قد تشكل خطرًا على بلدات مثل سديروت والمستوطنات الشمالية المحيطة بها".

واعترف جيش الاحتلال، الليلة الماضية الخميس، بأن ثلاثة جنود احتياط قتلوا بعد أن اصطدموا بعبوة ناسفة في المنطقة. وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، قتل جندي من الكتيبة 17 بعد انفجار عبوة ناسفة زرعت في الشارع، وأصيب عدد آخر من الجنود، معظمهم جرّاء العبوات الناسفة.

كما بينت الصحيفة أن "القيادة الجنوبية أدركت أن هذه العملية، على عكس الغارات السابقة التي استمرت من أسبوع إلى ثلاثة أسابيع، ستستمر لفترة أطول وقد تصل إلى عدة أشهر". 

وأضافت الصحيفة بأن "هذه العملية ربما تكون نموذجًا مصغرًا لمبادرة غيورا آيلاند، الذي اقترح نقل حوالي 300 ألف من سكان غزة المتبقين في جنوب القطاع إلى شمال غزة، وتحديدًا مدينة غزة، عبر ممر نتساريم، بعد التفتيش والفحص". 

وفي هذا السياق، قال الباحث المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، أنس أبو عرقوب، إن "وسائل الإعلام العبرية كشفت قبل عدة أسابيع عن بحث الجيش الإسرائيلي في استراتيجيات جذرية تهدف إلى تحقيق انتصار حاسم على حركة حماس". 

وأضاف أبو عرقوب أن هذه الاستراتيجيات تعتمد على خطة اقترحها اللواء الاحتياطي غيورا آيلاند، الذي شغل سابقًا منصب رئيس شعبة العمليات في الجيش، وتعتبر قادرة على القضاء بشكل فعّال على حماس. 

وأوضح أبو عرقوب لـ"الترا فلسطين"، أن خطة آيلاند تتضمن مرحلتين رئيسيتين، تركّز المرحلة الأولى على تهجير السكان المتبقين في شمال قطاع غزة، وتحويل تلك المنطقة إلى "منطقة عسكرية مغلقة". ويتطلب هذا الإجراء نزوح حوالي 300 ألف فلسطيني من شمال القطاع خلال فترة زمنية قصيرة.

وأكد أبو عرقوب أنه بعد الانتهاء من هذه المرحلة، سيتم فرض حصار عسكريّ شامل على شمال القطاع، بذريعة أنه سيدفع المقاتلين الفلسطينيين إلى اتخاذ قرار صعب: "إما الاستسلام أو مواجهة الموت".

وفي سياق خطته، يقترح آيلاند إعلان شمال القطاع "منطقة عسكرية مغلقة"، وإبلاغ السكان بمهلة للخروج عبر ممرات محددة قبل فرض الحصار الكامل.

كما أوضحت الصحيفة أنه "وفقًا لنموذج العمليات الحالي، دخل فريق اللواء 401 القتالي يوم السبت الماضي من الشمال الغربي عبر المنطقة الساحلية وجبل العطارة، وتمكّن خلال ساعات قليلة من إحكام طوق حول مشارف جباليا، بالتزامن مع دخول فريق اللواء 460 القتالي بسرعة من الجنوب الشرقي". 

وأضافت الصحيفة أن التشكيل المدرع تضمن وحدات مشاة متكاملة من كتائب جفعاتي مثل شاكيد وتسابار ومدرسة الهندسة العسكرية بالإضافة إلى كتائب الهندسة القتالية. في الوقت ذاته، تم استكمال إغلاق المنطقة باتجاه الحدود الإسرائيلية حيث قامت قوات فرقة غزة بإحكام الطوق من الشمال الشرقي. 

وأشارت الصحيفة إلى أن "قوات اللواء 460 أقامت حاجزًا على محور صلاح الدين الرئيسي، يعبر من خلاله سكان غزة الذين تم إخراجهم من معبر جباليا، ولو بشكل محدود حتى الآن، حيث يخضعون للتفتيش للتأكد من عدم وجود مشتبه بهم للتحقيق معهم إذا لزم الأمر."

بدوره، تناول المعلق العسكري في صحيفة "هآرتس" عاموس هارئيل، الهجوم الجديد على جباليا، قائلًا: إن "الهدف الإضافي للعملية، والذي لم يُذكَر علنًا إلا بشكل عابر، ودون سياقه الواسع، له أهمية كبرى فيما يتصل بالخطط الإسرائيلية المستقبلية في قطاع غزة، وخاصة فيما يتصل بالتحركات التي يخطط لها اليمين المتطرف لضمان احتلال طويل الأمد وتجديد المشروع الاستيطاني. فعندما دخلت قواته إلى مشارف مخيم جباليا للاجئين، دعا الجيش المدنيين الفلسطينيين إلى إخلاء المنطقة. ومن حيث المبدأ، تحاول إسرائيل الحد من المخاطر التي يتعرض لها المدنيون؛ ولكن الأمور أكثر تعقيدًا في الممارسة العملية".

وحول أوامر الإخلاء بداية الحرب، أوضح هارئيل: "كان الهدف من هذا هو انتزاع ثمن من الفلسطينيين عن السابع من تشرين الأول/أكتوبر، وعلى ما يبدو أيضاً تحسين شروط التفاوض الإسرائيلية في اتفاق مستقبلي، كان من المفترض أن يشمل إطلاق سراح الرهائن وخلق واقع أمني جديد في قطاع غزة".

واستمر في القول: "حتى الآن، [أي الإخلاء] يزعم البعض أن الخطوة الحالية تتيح فرض ثمن جديد على السنوار، الذي لم يشعر بضغوط للتوصل إلى صفقة رهائن وإنهاء الحرب حتى الآن. ويقول كبار الضباط إن هناك أمرين يؤذيانه: فقدان الحكم (رموز الحكم العملي على الأرض) والطرد الجماعي للسكان. وهذا بدأ يحدث الآن من الناحية العملية في شمال القطاع. وحقيقة أن الجيش يطالب في الوقت نفسه سكان غزة بإخلاء بعض المناطق الإنسانية في المواصي تظهر أن هذا ليس حدثًا معزولًا وعشوائيًا".

وأوضح هارئيل: "لقد تم صياغة الخطة الحالية في القيادة الجنوبية، ومن الممكن أن نحدد خلفها ضباط احتياط ذوي توجهات أيديولوجية واضحة. وهذا يتصل بخطة الجنرالات التي وضعها اللواء (احتياط) جيورا إيلاند (ومن الشخصيات البارزة الأخرى التي ساهمت في وضع الخطة اللواء (احتياط) جيرشون هكوهين). وقد دعا إيلاند وآخرون إلى اتخاذ تدابير أكثر صرامة، وحتى فرض الحصار على السكان ـ وضمنًا اتخاذ خطوات لتجويعهم ـ من أجل تحقيق إجلائهم من الشمال، زاعمين أن هذه هي الطريقة الوحيدة لهزيمة حماس".

وواصل هارئيل في الشرح، قائلًا: "في المراحل المبكرة من الحرب، اقترح آيلاند أيضًا نشر الأوبئة في غزة لضمان النصر. ويقال إن الأوقات العصيبة تجلب حلولًا متطرفة، ولكن من الصعب أن نستوعب انتقال الضابط والسيد، الذي اكتسبت أفكاره احترام الكثيرين في المؤسسة الدفاعية والساحة السياسية، إلى أراضٍ تابعة لجنكيز خان. وليس آيلاند وحده. فإذا حكمنا من خلال عدد الإعلانات في الصحف، يبدو أن المنظمات الثرية من اليمين العميق قد حشدت جهودها للترويج لأفكاره".

وأوضح: "فضلًا عن إثارة الاعتراضات الأخلاقية القوية، فإن مثل هذه المقترحات من شأنها أن تضع القيادة الإسرائيلية على المسار السريع إلى المحاكم في لاهاي. والواقع أن النقاش الإسرائيلي حول هذه الأفكار يتجاهل تمامًا الانتقادات المتزايدة في المجتمع الدولي".

وعن موقف الجيش، يقول هارئيل: "يقول الجيش إن الخطط التي تتكشف الآن لا تتضمن العناصر المتطرفة من خطة الجنرالات. ومن الأفضل أن نتشكك في هذه الكلمات المطمئنة. وإذا كان هناك شيء واحد أصبح واضحًا هذا العام، فهو أن كلًا من الجيش الإسرائيلي ونتنياهو يميلان إلى الموافقة على خطط اليمين المتطرف. وليس من قبيل المصادفة أن ممثلي اليمين المتطرف في الحكومة، على الرغم من حديثهم الفارغ، لم يكونوا في طليعة المطالبين بعملية برية في جنوب لبنان. إن ما يهم سموتريتش ورفاقه هو طرد السكان من القطاع الشمالي وإقامة المستوطنات هناك. إن نتنياهو يعتمد عليهم ويسير معهم. ولن يتراجع إلا إذا اصطدم بجدار أميركي ــ وهو الآن، قبل أقل من شهر من الانتخابات الرئاسية، غير موجود على الإطلاق".

وتابع هارئيل: "إذا لم يحدث أي اختراق مفاجئ في المفاوضات لإطلاق سراح الرهائن، فسوف يكون هناك احتكاك عسكري طويل الأمد إضافي في قطاع غزة، والذي سوف يصاحبه طرد آخر للسكان".

وواصل هارئيل موضعة السياق، بالقول: "ترتبط هذه التطورات باجتماع، نشره يانيف كوبوفيتش على هآرتس هذا الأسبوع، حيث بحث نتنياهو اقتراحًا بجعل الجيش الإسرائيلي مسؤولًا عن توزيع المساعدات الإنسانية على سكان غزة".