29-يوليو-2024

كشفت صحيفة "واشنطن بوست"  الأميركية، في تقرير  نشرته اليوم الإثنين، عن العنف والحرمان والتجويع الذي مارسه الاحتلال على الأسرى الفلسطينيين، وأوردت تفاصيل مروعة حول استشهاد 12 أسيرًا فلسطينيًا في السجون الإسرائيلية منذ السابع من تشرين الأول\أكتوبر. ووفقًا لتقرير الصحيفة، تعرّض هؤلاء الأسرى لتعذيب شديد وإهمال طبي ممنهج، مما أدى إلى تدهور أوضاعهم الصحية ووفاتهم.

وتشير تقارير "أطباء لحقوق الإنسان في إسرائيل" الذين حضروا عمليات تشريح الجثامين، إلى أن بعض الأسرى استشهدوا نتيجة للضرب المبرح الذي تسبب في إصابات قاتلة مثل تمزق الطحال وكسور الأضلاع. وأكدت الصحيفة أن الأسير الفلسطيني عبد الرحمن البحش، 23 عامًا، استشهد بعد تعرضه للضرب الشديد من قبل حراس السجن في كانون الأول\ديسمبر.

واشنطن بوست:  تعرض الأسرى إلى الضرب الروتيني والحرمان من الطعام والرعاية الطبية، بالإضافة إلى الانتهاكات النفسية والجسدية

وروى زملاء البحش في الأسر تفاصيل مروعة عن حادثة ضربه، حيث اقتحم الحراس زنزانتهم وضربوه بشكل عشوائي. وأفادوا بأن البحش نُقل بعد ذلك إلى غرف العزل حيث تعرّض لتعذيب شديد قبل أن يعود إلى الزنزانة مع إصابات بليغة. وبعد أسابيع قليلة، استشهد نتيجة الإصابات التي لحقت به.

وفي حالة أخرى، استشهد الأسير عبد الرحمن المرعي، 33 عامًا، في سجن مجيدو بعد أن تم ضربه ودفعه من على درج معدني، الذي أدى إلى إصابته بجروح خطيرة. وأكد شهود عيان أن المرعي طلب المساعدة الطبية لعدة ساعات دون استجابة، حتى وُجد ميتًا في زنزانته.

كما تناول التقرير حالة محمد الصبار، 21 عامًا، الذي استشهد نتيجة لإهمال طبي. وكان الصبار يعاني من حالة مرضية مزمنة تتطلب رعاية خاصة، ولكن تم حرمانه من الأدوية اللازمة، مما أدى إلى تدهور حالته الصحية ووفاته.

وأفادت الصحيفة بأن ظروف الأسر في السجون الإسرائيلية تفاقمت بشكل كبير منذ تشرين الأول\أكتوبر المنصرم، وقالت، بناء على شهادات الأسرى المحررين، إن الأسرى تعرضوا للضرب الروتيني والحرمان من الطعام والرعاية الطبية، بالإضافة إلى الانتهاكات النفسية والجسدية.

 فقد كل أسير حوالي حوالي 15 كيلو من وزنه بسبب ظروف الاعتقال القاسية

وذكر التقرير أن الاحتلال يواصل ممارسة العنف الممنهج ضد الأسرى الفلسطينيين، وأشار إلى أن ممارسات التعذيب شملت استخدام الهراوات والكلاب في بعض الأحيان. وأكدت أن السجون تعاني من اكتظاظ شديد، حيث يفوق عدد الأسرى القدرة الاستيعابية للسجون بكثير.

من جانبه، أقرّ مدير عام منظمة "هاموكيد" الحقوقية، جيسيكا مونتيل، بأن العنف منتشر بشكل كبير في السجون الإسرائيلية، وأن السجون مكتظة بشكل يثير القلق. وأضافت أن كل أسير فقد حوالي 15 كيلو من وزنه بسبب ظروف الاعتقال القاسية.

وأكد تال شتاينر، مدير "اللجنة العامة لمناهضة التعذيب في إسرائيل"، أن إساءة معاملة الأسرى تعود جزئيًا إلى مناخ الانتقام السائد في إسرائيل بعد "طوفان الأقصى". وأشار إلى أن غياب المساءلة وتواطؤ صنّاع القرار الإسرائيليين يزيد من تفاقم الأزمة.

وردت مصلحة السجون الإسرائيلية على استفسارات "واشنطن بوست" بنفي علمها بأي من الاتهامات التي وردت في التقرير، وزعمت أن "الأسرى يحصلون على جميع حقوقهم الأساسية وأن الحراس مدربون بشكل مهني".

نظام السجون الإسرائيلية، الذي بُني لاستيعاب 14,500 أسير، يضم حاليًا 21,000 سجين، بالإضافة إلى 2,500 معتقل من غزة، مما يفاقم من أزمة الاكتظاظ

وكانت المحكمة الجنائية الدولية قد قالت غنها تدرس إصدار مذكرات اعتقال ضد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير جيش الاحتلال يوآف غالانت بسبب تصرفات إسرائيل في غزة. وحذر رئيس الاستخبارات الإسرائيلية، رونين بار، في رسالة إلى سلطات السجون من أن الظروف في السجون قد تؤدي إلى مزيد من الإجراءات القانونية الدولية ضد إسرائيل.

وأشار بار في رسالته إلى أن نظام السجون الإسرائيلية، الذي بُني لاستيعاب 14,500 أسير، يضم حاليًا 21,000 سجين، بالإضافة إلى 2,500 معتقل من غزة، مما يفاقم من أزمة الاكتظاظ.

وأكدت الصحيفة أن وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف، إيتمار بن غفير، الذي يشرف على نظام السجون، لم يعتذر عن معاملته للأسرى الفلسطينيين، بل إنه تفاخر بتقليص وقت الاستحمام وقدم وجبات غذائية ضئيلة للسجناء.

وفي حادثة أخرى، أكد الصحفي معاذ عمارنة، الذي قضى ستة أشهر في سجن مجيدو، أن الزنازين كانت مكتظة للغاية وأن الطعام المقدم كان بالكاد يكفي للبقاء على قيد الحياة، وأشار إلى أن الزنازين كانت تفتقر إلى الأساسيات، وأن الأسرى كانوا يتعرضون للضرب والإهانة بشكل منتظم.

وتحدثت الصحيفة عن الأسير معزز عبيات،37 عامًا، الذي قال إنه لا يعرف عمره ولا أعمار أطفاله الخمسة. وأضاف: "لا أعرف شيئاً سوى السجن". وفقد الأسير، الذي كان لاعب كمال أجسام سابق، وقال إنه فقد أكثر من 45 كيلو خلال تسعة أشهر.

وأكد أنه تعرض لاعتداء جنسي من حارس باستخدام مكنسة، وأكد أطباؤه أنه يعاني من اضطراب ما بعد الصدمة وسوء تغذية. ووصف السجن بقوله: "إنه غوانتانامو".

وأفادت الصحيفة أن بعض الأسرى الفلسطينيين تعرضوا للضرب أمام القضاة أثناء جلسات الاستماع عبر الفيديو، مما يبرز الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان داخل السجون الإسرائيلية.