شهدت الأسواق في الضفة الغربية ارتفاعًا في أسعار عدة أصناف من الخضار بنسبة تزيد عن 100%، وسط ركود اقتصادي متزايد منذ إطلاق إسرائيل حربها على قطاع غزة في السابع من تشرين أول/أكتوبر، وما رافق ذلك من اعتداءات عنيفة في الضفة، وطرد لعشرات آلاف العمال داخل الخط الأخضر.
ورصد الترا فلسطين ارتفاع أسعار البندورة والخيار والفليفلة والباذنجان والكوسا والفلفل، وهي ثمارٌ تزرع في سهول الضفة الغربية. إذ ارتفع سعر كغم البندورة والخيار، مثلًا، من 3 شواقل إلى أكثر من 8 شواقل.
أكد عاهد زنابيط أنه شاهدٌ على توجه التجار إلى المزارعين بشكل مباشر وشراء الثمار منهم لأجل تصديرها إلى إسرائيل، عبر معبر الطيبة في طولكرم بكل سهولة وأمام الجميع، وليس بالتهريب
المهندس الزراعي عاهد زنابيط، من محافظة طولكرم، يقول إن الخضار الذي ارتفع أسعاره هو الذي يزرع في فلسطين، وليست الأصناف المستوردة، ويبرر ذلك بانتهاء موسم الزرعة الصيفية، وبدء التحضير لإنتاج "زرعة جديدة"، وبالتالي لا يوجد لدى كل المزارعين بضاعة، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار.
ويضيف عاهد زنابيط سببًا ثانيًا لهذه الأزمة، وهو أن التجار ما زالوا يصدرون كميات لا بأس بها من البضاعة إلى إسرائيل وبشكل علني وواضح، وهذا يؤدي إلى شح في الخضار وبالتالي ارتفاع الأسعار.
وأكد عاهد زنابيط أنه شاهدٌ على توجه التجار إلى المزارعين بشكل مباشر وشراء الثمار منهم بهدف تصديرها إلى إسرائيل، وعندما يقارن المزارع بين الأسعار في السوق المحلي من جهة، والأسعار في حال باعها إلى تاجر يصدرها لإسرائيل، فيختار السعر الأعلى.
وأوضح زنابيط، أن البضاعة تدخل إلى الخط الأخضر عبر معبر الطيبة في طولكرم بكل سهولة وأمام الجميع، وليس بالتهريب.
من جانبه، يُرجع الناطق باسم وزارة الزراعة محمود فطافطة ارتفاع أسعار الخضار إلى أربعة أسباب، الأول تراجع إنتاج الخضار في مناطق أريحا والأغوار في هذه الفترة من العام، وهذا يعود إلى ارتفاع درجات الحرارة، و البدء بالتجهيز للموسم الشتوي، "وبالتالي فإن 17 ألف دونم تخرج من عملية الإنتاج".
ونوه محمود فطافطة، أن في الضفة الغربية 120 ألف دونم مكشوفة، و33 ألف دونم من البيوت البلاستيكية، تزرع بالخضار.
أما السبب الثاني، وفق فطافطة، فهو ارتفاع درجات الحرارة الذي يؤدي إلى تقليل عملية العقد في الثمار، وهذا يؤثر على كمية الإنتاج ويؤدي إلى تقليل كمية المنتج لدى وحدة الدونم الواحد.
وبيّن فطافطة سببًا ثالثًا لارتفاع الأسعار، قائلًا: "في السنوات العادية كان لدينا اعتماد على المحافظات الجنوبية (قطاع غزة) في تزويد الضفة الغربية بالخضار، ولكن العدوان أدى لحرمان الضفة الغربية من هذا الإنتاج الذي كان يساعد في تغطية الاحتياجات ويؤدي إلى موازنة عملية ارتفاع الأسعار".
وأشار محمود فطافطة إلى تحولات في سلوك المزارعين، حيث يقومون بزراعة كافة أنواع الخضار، أما اليوم فقد توجهوا لزراعات محددة، مثل "خيار البيبي" الذي يؤدي لإنتاج أكبر وربح أكثر.
وردًا على سؤالنا حول التصدير إلى إسرائيل، قال محمود فطافطة "نحن في وزارة الزراعة لا نعطي تصاريح للتصدير إلى إسرائيل، ولكن هناك جزءٌ من الإنتاج تم تصديره إلى قطاع غزة خلال هذه الفترة (..) ويكون على شكل مساعدات من خلال جمعيات وحملات إغاثة، أو قطاع خاص، أو من تجار إلى تجار، أو بجهود مؤسسات دولية".
وبين فطافطة، أن شاحنات الخضار تنطلق من معبر ترقوميا في الخليل إلى معبر كرم أبو سالم عند حدود قطاع غزة، "وبالمجمل أعداد هذه الشاحنات قليلة، وقد تستغرق عدة أيام في التفتيش والانتظار، وبعضها يتعرض للتلف قبل الدخول إلى غزة".
ويقول رئيس اتحاد المزارعين عباس ملحم لـ الترا فلسطين، إن هناك منتجات زراعية تنقل من الضفة الغربية إلى قطاع غزة، من بينها الدواجن، لكنه يوضح أن هذه العملية تجارية وليست مساعدات، وتتم وفق آليات تنسيق خاصة لهم مع الجانب الإسرائيلي، وتصل إلى قطاع غزة من تجار إلى تجار.
ويؤكد عباس ملحم، أن تصدير الخضار إلى إسرائيل لم يتوقف منذ بدء الحرب حتى اليوم، و"البضاعة تدخل بشكل يومي وعلني"، مؤكدًا أن عملية التصدير هذه ليست سرية بل تتم على المعابر بشكل واضح.
وشدد ملحم أن اتحاد المزارعين "يرفض عملية التصدير لإسرائيل بشكل قاطع"، مبينًا أن استمرارها يعود لغياب أدوات الرقابة الحقيقية والفاعلة، "رغم أن الرقابة سهلة، والمعابر معروفة للجميع، والتجار معروفون"، حسب قوله.