كشفت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، اليوم الخميس، أن سلطات الاحتلال الإسرائيلية طردت مؤخرًا العديد من النشطاء الأجانب الذين دخلوا إلى فلسطين بهدف التضامن مع الفلسطينيين، وخاصة خلال موسم قطف الزيتون في الضفة الغربية، وهو الموسم الذي يشهد تصاعدًا في اعتداءات المستوطنين الإسرائيليين ضد الفلسطينيين.
ووفقًا للبيانات التي جمعتها الصحيفة، رحّلت سلطات الاحتلال منذ شهر تشرين الأول\أكتوبر 2023 ما لا يقل عن 16 ناشطًا دوليًا بعد اعتقالهم في الضفة الغربية بزعم"الاشتباه في انخراطهم بأنشطة غير مشروعة"، ووصفت الإجراءات بعنوانها على أنها إعلان عن "الحرب على الناشطين الأجانب".
استجوب الاحتلال مؤخرًا نحو 30 ناشطًا أجنبيًا من المتواجدين في الضفة الغربية، على خلفية مشاركتهم في أنشطة داعمة للفلسطينيين
ومن بين النشطاء الذين تعرضوا للاعتقال والترحيل، جاكسون شور، وهو ناشط حقوقي من الولايات المتحدة، 22 عامًا. وقال شور لصحيفة "هآرتس" إنه تم اعتقاله دون معرفة الأسباب الحقيقية وراء ذلك، حيث كان متواجدًا في إحدى القرى القريبة من نابلس للمساعدة في قطف الزيتون، وحماية الفلسطينيين من أيّ مضايقات قد يتعرضون لها على يد المستوطنين. وأوضح شور أنه أثناء تواجده في القرية اقترب منه جنود إسرائيليون، طلبوا منه جواز سفره، وأبلغوه أنه ممنوع من البقاء في المنطقة.
وبعد احتجازه، تم نقل شور إلى مركز للشرطة حيث خضع لجلسة استجواب استمرت لساعات، ووجهت له تهم تتعلق بـ "دعم حماس" وفقًا لتقرير الصحيفة، رغم نفيه القاطع لأي صلة له بالحركة أو بأي نشاط غير قانوني. ورغم ذلك، ألغيت تأشيرته وتم ترحيله إلى بلده دون تمكينه من استئناف القرار.
وذكرت صحيفة "هآرتس" أن الاحتلال استجوب مؤخرًا نحو 30 ناشطًا أجنبيًا من المتواجدين في الضفة الغربية، على خلفية مشاركتهم في أنشطة داعمة للفلسطينيين. وقد تركزت التحقيقات حول دور هؤلاء النشطاء في تنظيم أو دعم فعاليات تضامنية، خاصة في مناطق الاشتباكات بين الفلسطينيين والمستوطنين. ووفقًا للتقرير، يسعى المحققون الإسرائيليون إلى تقييم مدى تأثير النشطاء الأجانب على الوضع الأمني، مع التركيز على معرفة طبيعة اتصالاتهم، وأهدافهم، وإن كانت مشاركتهم تساهم في "تأجيج" الأوضاع.
وفيما يتعلق بالتحذيرات الموجهة للنشطاء الأجانب، أضافت صحيفة "هآرتس" أن الاحتلال وجه إلى عدد منهم رسائل واضحة تحذرهم من المشاركة في أي أنشطة يُمكن تفسيرها على أنها تضامن مع الفلسطينيين. ووفقًا للتقرير، يشمل هذا التحذير الأنشطة التي تتعلق بتواجدهم في القرى الفلسطينية، أو مشاركتهم في فعاليات مثل موسم قطف الزيتون.
تأتي إجراءات الترحيل في سياق سياسة أكثر تشددًا أعلن عنها بن غفير، حيث أصدر توجيهات واضحة للجيش والشرطة والإدارة المدنية بتشديد التعامل مع النشطاء الأجانب
وأوضحت "هآرتس" أن السلطات أخبرت بعض النشطاء بوضوح بأن تواجدهم في مناطق حساسة يُعدّ تهديدًا للأمن القومي، وأن استمرارهم في مثل هذه الأنشطة قد يؤدي إلى اتخاذ إجراءات صارمة بحقهم، بما في ذلك احتجازهم، أو إلغاء تأشيراتهم، أو ترحيلهم. وأضاف التقرير أن العديد من النشطاء تم توجيه تحذيرات لهم شفهية ومكتوبة، تُفيد بأن مشاركتهم في أي نشاط قد يُفهم على أنه دعم للفلسطينيين قد يُعرضهم لمزيد من القيود أو التبعات القانونية التي قد تصل إلى حد الإبعاد، أو وضعهم على قائمة سوداء تمنعم من دخول "إسرائيل" في المستقبل.
وتأتي إجراءات الترحيل في سياق سياسة أكثر تشددًا أعلن عنها وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير، حيث أصدر توجيهات واضحة للجيش والشرطة والإدارة المدنية بتشديد التعامل مع النشطاء الأجانب، وخاصة أولئك الذين يشاركون في أنشطة تضامنية مع الفلسطينيين في الضفة الغربية. وتعمل هذه الجهات بالتنسيق فيما بينها على توثيق أنشطة النشطاء وجمع المعلومات عنهم لتسهيل إجراءات ترحيلهم، وفقاً للتقرير.
ويشير التقرير إلى أن جزءًا من هذه الإجراءات يشمل مراقبة النشطاء في الميدان وتوثيق تواجدهم وتحركاتهم، بالإضافة إلى التحقيق معهم في حال الاشتباه بارتكابهم أي مخالفة. وتُعد هذه الخطوات جزءًا من مساعٍ إسرائيلية أوسع للحد من التأثير الدولي للناشطين الأجانب المؤيدين للفلسطينيين، ومنعهم من إثارة ما يصفه الاحتلال بـ "الفوضى" في المناطق الخاضعة للإدارة الإسرائيلية.
وبحسب الصحيفة، فإن هذه الإجراءات قد تؤدي إلى تصعيد التوترات بين إسرائيل والمجتمع الدولي، خاصة أن معظم هؤلاء النشطاء يأتون من دول أوروبية وأميركية.
وأشارت الصحيفة إلى أن العديد من أعضاء الكنيست الإسرائيلي، مثل تسفي سوكوت، يؤيدون هذه الإجراءات ويعتبرون أن وجود النشطاء الأجانب في مناطق الضفة الغربية يلحق ضررًا استراتيجيًا بإسرائيل، حيث يرون أن أنشطة هؤلاء النشطاء تسهم في دعم حركة المقاطعة الدولية لإسرائيل (BDS) التي تستهدف الضغط على إسرائيل للامتثال للقانون الدولي وإنهاء الاحتلال.