في حديثٍ هو الأول من نوعه، كشف قائد العمليات الخاصة في جيش الاحتلال، أسرارًا عن عمل وحدته، تضمنت اعترافه بالفشل في تحرير الجندي فاكسمان من قبضة كتائب القسام في قرية بير نبالا قضاء القدس، ما أذهب هباءً الانتصار الذي يقول إن الوحدة حققته قبل ذلك في لبنان.
"سري للغاية: قائد منظومة العمليات الخاصة في الجيش يتحدث لأول مرة". هكذا عنونت "معاريف" حوارها مع الضابط الذي لم تكشف هويته، وهو الحوار الذي أفردت له مساحةً واسعةً في ملحقها الأسبوعي، ونشرت معه صورةً أخفت فيها ملامح وجه الضابط، فيما قال الصحفي بن كسبيت الذي أجرى اللقاء، إن الضابط الذي عرَّف عنه برمز "أ" عمره (46 عامًا)، ولكن ملامحه تشير إلى أنه أكثر شبابًا من ذلك.
ويعتبر هذا المنصب هو الأكثر سريةً في جيش الاحتلال، وقد أنهى "أ" مهامه فيه مؤخرًا بمبادرةٍ منه، إذ يقول في المقابلة، إنه غادر المنصب لأنه وصل القمة، مضيفًا، أنه راضٍ عن أدائه ومستعدٌ لتحدياتٍ جديدةٍ في بئيةٍ أخرى.
قائد الوحدات الخاصة في الجيش الإسرائيلي يكشف أنه قرر الانضمام لوحدة النخبة عندما سمع في مدرسته باغتيال أبو جهاد
تبين "معاريف" بأن "العمليات الخاصة منظومةٌ سريةٌ، معظم المعلومات حولها لا يجرى إطلاع الجمهور عليها"، موضحة، أن المنظومة "مكونةٌ من وحداتٍ تكنولوجية تبتكر واقعًا وتخترق حدودًا، بالإضافة لوحداتٍ استخباريةٍ أخرى من بينها مركز الاستخبارات والمنظومة، وتعمل لتميكن وحدة النخبة التابعة لهئية الأركان من تنفيذ عملياتٍ قد لا يتم الحديث عنها إلا بعد انقضاء 50 عامًا".
اقرأ/ي أيضًا: فادي قنبر سبق "الشاباك" بخطوة
ويقول الضابط "أ" إنه قرر الانضمام لوحدة النخبة في جيش الاحتلال، منذ كان طالبًا في المدرسة، إذ سمع حينها خلال الاستراحة الصباحية عن اغتيال أبو جهاد (أحد أبرز قادة حركة فتح)، فقرر الانضمام للجيش "للقيام بمثل هذه الأمور".
وكشف أنه شارك في تدريباتٍ أجرتها وحدة النخبة استعدادًا لاغتيال الرئيس العراقي صدام حسين مطلع التسعينيات، ولكن الخطة فشلت بعد أن أدى خطأ في توجيه الصواريخ لمقتل عددٍ من زملائه.
وروى الضابط "أ" أيضًا تفاصيل عملية اختطاف الشيخ مصطفى الديراني من البقاع في لبنان، موضحًا، أن التخطيط للعملية استغرق نصف عام، وهدفها كان اعتقال الشخص الذي احتجز مساعد الطيار رون أراد.
وبين الضابط، "تدربنا شهورًا طويلة، وكانت العملية مركبة بدءًا من التخطيط وتنفيذ الاقتحام لمنزلٍ في عمق لبنان في منتصف الليل، ثم اعتقال الديراني والحرص على أن لا يصاب أي جنديٍ بأذىً، وفي حال استيقظت القرية فسيتم تحييد التهديدات".
وأضاف، "الهدف الآخر تعظيم قدارت الجيش، فالوصول لقلب البقاع، في منتصف الليل، واقتحام المنزل الصحيح والوصول لسرير الرجل المحدد وانتزاعه والعودة بدون أن يصاب منا جنديٌ بأذىً، وتقريبًا دون إطلاق الرصاص، فإن ذلك كله يحقق مبدأ الردع".
يؤكد قائد الوحدات الخاصة الإسرائيلية أن اختطاف الديراني أُريد منه تعظيم قدرات الجيش وتأكيد "قوة الردع"
ويوضح "أ" أن عدة مجموعات شاركت في الاقتحام، وكان لكل عنصرٍ مهمةٌ محددة، وعلى الجميع عدم إحداث ضوضاء حتى لا تستيقظ القرية، مضيفًا، أنه كان من المفترض أن يصل هو أولاً لغرفة نوم الديراني، لكن ضابطًا (ليئور لوتين) سبقه وانقض على الديراني الذي استيقظ وأخرج مسدسًا من تحت وسادته، فسقط الاثنان عن السرير وتعاركا، قبل أن يسيطر البقية على الموقف ويقيدوا زوجة الديراني وبقية سكان المنزل.
اقرأ/ي أيضًا: رئيس سابق لـ"الموساد": فاوِضوا قادة المقاومة
وخلال انسحاب القوة، أطلق شقيق الديراني النار على القوة من شرفة منزله، فرد الضابط "أ" بإطلاق رصاصتين، يقول إنه رأى شقيق الديراني يسقط بعدها، فيما أطلق آخرون الرصاص وانسحبوا عبر الطائرات.
ويشير إلى حالةٍ من الهلع أصابت القوة عند إجراء العدد في الطائرات، إذ ظنوا أن أحد الجنود فُقدت آثاره، لكن إعادة عدّ الجنود أظهرت أن الجميع بخير، "فتنفسنا الصعداء"، وفق قوله.
عمليةٌ أخرى شارك فيها الضابط "أ" وكشف تفاصيلها في حديثه لـ"معاريف"، لكنها انتهت بالفشل هذه المرة، رغم أن المجموعات التي اختطفت الديراني من لبنان هي ذاتها من شاركت فيها. يدور الحديث هنا عن عملية تحرير الجندي المخطوف نحشون فاكسمان، بعد خمسة أشهرٍ من اختطاف الديراني، حسب الضابط.
ويؤكد الضابط "أ"، أن مقاتلي كتائب القسام المتحصنين داخل منزلٍ يحتجزون فيه الجندي الأسير، تمكنوا من قتل الضابط الذي يقود القوة المكلفة بالعملية، وإصابة سبعةٍ آخرين بجروح خطيرة.
يعترف قائد الوحدات الخاصة الإسرائيلية بأن "الانتصار" الذي تحقق باختطاف الديراني بدده مقاتلو كتائب القسام قي بير نبالا
يقول: "كنت في تلك القوة مع ليئور لوتين (الضابط الذي تعارك مع الديراني)، كُلفنا باقتحام الباب الرئيسي. كان ثمة بابين؛ أحدهما مدخلٌ رئيسٌ يتلوه درجٌ، ثم يوجد بابٌ آخر يقود إلى المنزل. عندما وصلنا إلى الباب الأول وجدناه مغلقًا، كان يتوجب علينا تفجيره؛ وكان واضحًا بعد ذلك أننا خسرنا عنصر المفاجئة، وهذا قلص احتمالات النجاح بصورة كبيرة".
وأفاد الضابط، بأنه منذ البداية كان واضحًا أن المهمة صعبةٌ جدًا، لكنها بعد ذلك صارت غير ممكنة، ولم يكن هناك مجالٌ للتراجع، ما دفعهم للتقدم للأمام وتفجير الباب الثاني، ليصاب هو في ركبته برصاصٍ أُطلق من المنزل، ويدور قتالٌ في الداخل انتهى بفشل العملية، وسقوط قتلى ومصابين بين الجنود، إضافةً لمقتل الجندي الأسير فاكسمان.
ورغم أن الديراني الذي كان قد شغل رئيس جهاز أمن حركة أمل، كان مدنيًا لحظة اختطافه ولا يحظى بأي حراسة، إلا أن الضابط "أ" اعتبر اختطافه "انتصارًا وتعزيزًا لقدرة الجيش الإسرائيلي على الردع"، حسب تعبيره، في حين اعترف أن قوة الردع هذه بددها مقاتلو كتائب القسام في بير نبالا، التي تخضع أصلاً لسيطرة جيش الاحتلال.
اقرأ/ي أيضًا:
كيف بررت إسرائيل هروب جنودها في جبل المكبر؟