خلُص التحقيق الإسرائيلي النهائي إلى أن الغالبية العظمى من الحرائق التي تعرضت لها إسرائيل خلال شهر تشرين الثاني من العام الماضي، كانت مفتعلة، إلا أن تحقيقات جهاز المخابرات العام "الشاباك" فشلت في إثبات التحريض الإسرائيلي بأن هذه الحرائق جاءت كأعمال مقاومة فلسطينية.
ومنذ اللحظة الأولى، استخدمت وسائل إعلامٍ عبريةٍ مسمى "انتفاضة الحرائق"، لاتهام الفلسطينيين بالوقوف خلف هذه الحرائق، بغض النظر عن التصنيفات الإسرائيلية لهم، سواءً كانوا من الضفة الغربية أو القدس أو "مواطنين إسرائيليين عرب".
وحرص جهاز "الشاباك" دائمًا على الادعاء بأنه اعتقل فلسطينيين أثناء إضرامهم النار، مرفقًا ذلك بصورٍ جويةٍ أثناء إضرام النار في بعض الحالات. فلماذا لجأ "الشاباك" لهذه الخطوة التي تُبين المعطيات أنها كانت كاذبة؟
66 فلسطينيًا اعتقلوا بتهمة إشعال حرائق، تم توجيه لوائح اتهام لأربعةٍ منهم فقط وقد تتراجع النيابة عنها أمام المحاكم
ويزعم التحقيق الذي كشف النقاب عنه ران شيلف رئيس قسم التحقيقات في سلطة الإطفاء، أن معظم الحرائق التي شهدتها إسرائيل لمدةٍ أسبوعٍ تقريبًا أُضرمت بفعل فاعلٍ ولم تكن عشوائية. ومن بين 80 حريقًا جرى التحقيق في ملابساتها، تبين أن 71 حريقًا مفتعلاً، وتم إضرامها بشكلٍ مقصود، ويصف التحقيق الحرائق التسعة المتبقية أنها "اشتباهٌ بإضرام نار مفتعل".
اقرأ/ي أيضًا: #إسرائيل_تحترق... "هاشتاغ" اليأس
انقضى شهران منذ "انتفاضة الحرائق" كما أسمتها إسرائيل، وتم الإفراج عن 66 شخصًا اعتقلوا بتهمة إضرام النار، بعد توجيه لوائح اتهامٍ لأربعةٍ فقط منهم، ليس من بينها أي لائحة اتهامٍ على خلفيةٍ قومية. ومن المرجح أن تتراجع عنها النيابة العامة أمام المحاكم.
ومن بين المتهمين شابٌ من مدينة أم الفحم أُفرج عنه قبل يومين، كان قد اعتُقل بتهمة إضرام النار في قمامةٍ في محيط منزله، فيما روج الإعلام العبري أنه جرى اعتقاله أثناء إضرام النار دون تقديم مزيدٍ من التفاصيل، وقد استخدم ذلك في التحريض على الفلسطينيين داخل الخط الاخضر.
وواظب جهاز "الشاباك" خلال أسبوع الحرائق على الإعلان بوتيرةٍ دائمةٍ عبر وسائل الإعلام العبرية كلما اندلع حريقٌ على نشر أنباء عن اعتقال فلسطينيين سواءً داخل الخط الأخضر أو في الضفة الغربية والقدس، أثناء المراحل الأولى لإضرام النار أو بعد اندلاع حريقٍ كبير. وفي بعض الأحيان كان يبث صورًا التقطتها طائرات استطلاع ٍلفلسطينيين أثناء إضرامهم النار، ثم تبين أنها التُقطت لهم قرب منازلهم وبعيدًا عن أي أحراش.
وسعى "الشاباك" من وراء هذه الأساليب لتحقيق غايتين مركزيتين، الأولى هي الحفاظ على سمعته بعد أن بدأت كبرى وسائل الإعلام العبرية بالتحريض على الفلسطينيين ونشر عنوان "انتفاضة الحرائق"، مع انتشار ألسنة اللهب في أكثر من مدينة، فأراد لنفسه الظهور بصورة الجهاز القادر على إحباط مخططات إضرام النار واعتقال من ينجح بإضرامها في لحظةٍ شعر فيها الإسرائيلي أنه ضحية هجومٍ كاسح.
أما الغاية الثانية وهي الأهم، فقد استعان "الشاباك" بطائرات الاستطلاع التابعة للجيش، للبحث عن أي فلسطيني يضرم نارًا حتى لو داخل قريةٍ فلسطينيةٍ وبعيدًا عن مستوطنة، من أجل إنتاج انطباعٍ لدى من يفكر من الفلسطينيين باستغلال الأجواء لإضرام نارٍ جديدة، أن الطائرات ترصد كل شاردةٍ وواردةٍ، وأن الفشل مصير أي محاولةٍ لإشعال حرائق جديدة.
ويظل أهم استنتاج من تحليل المعطيات الاسرائيلية بخصوص "انتفاضة الحرائق" إن صحت، أن "الشاباك" فشل فعليًا في اعتقال أي من المنفذين حتى بعد مضي شهرين، وأن حربه النفسية التي شنها أثناء الحرائق التي كانت ترمي لثني آخرين عن إضرام النار هي الأخرى فشلت، فالحرائق توالت على مدار أسبوع.
اقرأ/ي أيضًا:
منابع الطابع الإلغائي للصهيونية