24-يوليو-2024
إعفاء الحريديم من التجنيد في الجيش

تسود الساحة الدينية في إسرائيل حالة من الجدل الواسع حول صفقة تبادل الأسرى المقترحة مع حماس، مع تباين واضح في مواقف الحاخامات، خصوصًا أولئك الذين يشكلون المرجعية الدينية لأحزاب الائتلاف الحكومي. ويشمل هذا الائتلاف الأحزاب الحريدية المتشددة دينيًا وتلك المتطرفة قوميًا ودينيًا، المعروفة بتيار الصهيونية الدينية.

ويشير مصطلح "الصهيونية الدينية" إلى التيارات الدينية الإسرائيلية التي تدمج بين التطرّف القومي والديني، وتعتمد على التوراة لتبرير حق اليهود في احتلال كافة الأراضي الفلسطينية. يمثل هذا التيار في الحكومة حزب الصهيونية الدينية بقيادة بتسلئيل سموتريتش، وزير المالية، وحزب القوة اليهودية بقيادة إيتمار بن غفير، وزير الأمن القومي.

بعض الحاخامات نشروا فتوى تعارض بشدة الصفقة المطروحة. في المقابل، دعا الحاخام يتسحاق عوفاديا من حركة شاس إلى التوقيع على الصفقة

ويؤمن أتباع تيار "الصهيونية الدينية" بضرورة العمل البشري الفعّال لتحقيق سيادة يهودية على كامل "أرض إسرائيل التوراتية"، أي فلسطين التاريخية. وهذا بخلاف التيارات الدينية اليهودية المتشددة المعروفة باسم "الحريدية"، التي ترى أن قيام دولة إسرائيل يتحقق فقط بإرادة إلهيّة عند نزول المسيح، وأنصار التيارات الحريدية يرفضون تأدية الخدمة العسكرية. وفي الحكومة، يمثّل التيار الحريدي حزب شاس، الذي يمثل اليهود الشرقيين، وكتلة يهدوت هتوراة، التي تمثل اليهود المتشددين دينيًا من الغربيين الأشكناز.

ويحثّ تيار "الصهيونية الدينية" أتباعه على الانضمام لجيش الاحتلال، ويدير شبكة من المدارس التي تعد طلابها روحيًا وجسديًا للخدمة في الجيش. وخلال العقد الماضي، حقق التيار نجاحًا ملحوظًا، حيث ارتفعت نسبة خريجي دورات الضباط من مرتدي القبعات المطرزة من 2% إلى 40% في السنوات الأخيرة.

وقال كوبي دهان، مراسل الشؤون الدينية في قناة i24، إن بعض الحاخامات نشروا فتوى تعارض بشدة الصفقة المطروحة. في المقابل، دعا الحاخام يتسحاق عوفاديا من حركة شاس إلى التوقيع على الصفقة حتى وإن كان ذلك يتضمن "إطلاق سراح قتلة". 

وفي الأسبوع الماضي، أكد مجلس حاخامات شاس على ضرورة التوصل إلى صفقة تبادل أسرى دون أي تردد، ومن جهة أخرى، يعارض حاخامات حركة "الأرض الطيبة"، وهي منظمة تضم كبار الحاخامات في الصهيونية الدينية، الصفقة ويشددون على أنها قد تضرّ بأمن إسرائيل. والفرق بين هاتين المقاربتين واضحة؛ حيث يرى الحريديم أن فريضة "فداء الأسرى" يجب تنفيذها فورًا، بينما يعتقد الصهاينة الدينيون أن الحفاظ على الأرض وأمن إسرائيل هو الأهم.

وأوضح الباحث والصحفي المتخصص في الشؤون الإسرائيلية أنس أبو عرقوب لـ"الترا فلسطين" أن هناك اختلافًا جوهريًا بين مواقف أحزاب الصهيونية الدينية والأحزاب الحريدية، الأخيرة تكتفي بحثّ نتنياهو على إبرام صفقة إنطلاق من مبررات دينية لكنها في الوقت ذاته لا تهدد بالانسحاب من الحكومة في حال عدم استجابته لهم، فيما حزب الصهيونية الدينية وحزب القوة اليهودية بزعامة سموترتش يشترطان بقائهما في الائتلاف الحكومي بعدم إبرام صفقة تبادل أسرى يتم بموجبها الإفراج عن أسرى فلسطينيين وأيضًا تتضمن نهاية الحرب، وهذا في النهاية قد يرجح كفة الصهيونية في ميزان نتنياهو في هذا الإطار.

أكد الحاخام يتسحاق يوسف أن أهمية تحقيق الصفقة تدخل في نطاق "فريضة إنقاذ حياة اليهود

وطالب يتسحاق يوسف، الحاخام الأكبر لليهود الشرقيين في إسرائيل، الأسبوع الماضي بضرورة التوصل لصفقة تبادل من أجل "استعادة المخطوفين لأن في ذلك إنقاذ لحياة يهود مخطوفين ويجب إعادتهم إلى منازلهم الآن". 

وجاءت مطالبة يتسحاق يوسف بعد رسالة بعثتها حركة شاس التي تمثل اليهود الشرقيين إلى نتنياهو قبيل رحلته إلى الولايات المتحدة، حيث طالبوا فيها بالإفراج عن الأسرى و"عدم الخوف من الائتلاف الحكومي"، في إشارة إلى تهديدات زعيم حزب الصهيونية الدينية وزير المالية بتسلئيل سموتريتش وزعيم حزب القوة اليهودية إيتمار بن غفير وزير الأمن القومي بالاستقالة والتوجه نحو انتخابات مبكرة. 

وتحدث يتسحاق يوسف، في شريط فيديو وجهه لنتنياهو عن إمكانية التوصل إلى صفقة تبادل للأسرى، وأكد أن أهمية تحقيق الصفقة تدخل في نطاق "فريضة إنقاذ حياة اليهود"، وقال: "من الضروري إنهاء مسألة الصفقة، لا يوجد شيء يمكن القيام به، لقد تم إطلاق سراح الإرهابيين وأيديهم ملطخة بالدماء وهذا يؤلم القلب، مثلاً يحيى السنوار الذي أطلق سراحه من السجن الإسرائيلي في صفقة جلعاد شاليط، لكن فرضية إنقاذ النفس اليهودية فريضة هامة في الدين اليهودي ويجب القيام بكل شيء حتى لا يقتل اليهود الأسرى لدى حماس". 

وأضاف: "أولئك الذين سيتم إطلاق سراحهم في الصفقة سيحاولون قتلنا فيما بعد، لكن بما أن ذلك لا يحدث الآن، وعلى افتراض أن هناك مفاوضات، فيجوز إطلاق سراح هؤلاء الإرهابيين الملعونين أيضًا من أجل إطلاق سراح المختطفين".