بخلاف رغبة الشركات الأمنيّة الإسرائيلية بإبقاء معلوماتها طيّ الكتمان، اضطر خلاف تجاري بين شركتين إلى التقاضي أمام محكمة تل أبيب الإسرائيليّة، الأمر الذي أتاح للصحفيين الإسرائيليين فرصة نادرة للاطلاع على عمل "شركات التجسس الإسرائيلية"، التي تُصدّر منظومات وبرمجيّات لدول تعتبرها إسرائيل "دكتاتورية"، من بينها دول عربية وإسلاميّة لملاحقة نشاط حقوق الإنسان والمعارضين السياسيين.
شركات إسرائيليّة تبيع منظومات تجسس ومراقبة محتوى مواقع التواصل، لدول عربيّة تُلاحق معارضيها
وبحسب ما رشح من معلومات بفضل الخلاف التجاريّ، بالإمكان تقسيم نشاطات الشركات الإسرائيلية الأمنيّة المتخصصة بجمع المعلومات إلى ثلاثة أقسام:
- مجال الاعتراض: اختراق المحادثات الهاتفية والمراسلات الإلكترونية وسجّلات الكاميرات الأمنية. وأبرز شركة تعمل في هذا المجال هي شركة (رينت NSO)، التي تبيع منظومات من تصنيعها، قادرة على جمع أجزاء متناهية الصغر من المعلومات التي تخص الشخص المستهدف، وأبرز منتجات هذه الشركة هي "حقيبة رينت" التي كشف عنها الإعلام الإسرائيلي قبل سنوات، وهذه الحقيبة قادرة على اختراق الهواتف الخليوية وشبكات الانترنت في محيط المكان التي يتم استخدامها فيه، وتقوم بنسخ المعلومات المخزنة على الهواتف والحواسيب، وقوائم الاتصال وكلمات السرّ والصور والرسائل، كما أنّ بإمكانها إجراء مكالمات مزيّفة من الأجهزة المخترقة.
- النشاط التجسسي بالاعتماد على شبكة الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، ويقوم على برمجيات تقوم بجمع وتنصيف المعلومات التي يجري تداولها، وهذا المنظومة تضطلع بدور فعال بحسب مصادر إسرائيلية في الحرب على الجهاديين، والمهرّبين والضالعين بتبيض الأموال. وبالاعتماد على مثل هذه البرمجية يتم اعتقال شبان فلسطينيين أعربوا عن نيتهم أو تأييدهم لتنفيذ هجمات، وهذه البرمجيات تجمع معلومات عبر ما يعرف بمصادر بشريّة متخيّلة، ويتم عبر حسابات وهمية آليّة على مواقع التواصل الاجتماعي تخترق مجموعات على فسبوك، وتقوم بنقل المعلومات وتحليلها وإرسال إنذارات للجهة التي تدير برمجيّة التجسس.
- المجال الثالث ما يعرف بـ "الصهر"، وهي برمجيّات متخصصة في تصنيف وتحليل المعلومات التي يجري جمعها من مصادر متعددة، من أجل بناء صورة واضحة عن الشخص المستهدف، وتعتمد البرمجيات على مبدأ تجميع النقاط لرسم لوحة واضحة، مثل الفواتير والوثائق والصور وتسجيلات الفيديو والصوت، ويتم جمع كل ذلك حتى يتمكّن المحلل الاستخباري من رسم ملامح شخصيّة معينة، وتستخدم هذه البرمجيات بنوك وشركات وأجهزة استخبارات.
ونقلت صحيفة "كالكليست" العبرية عن مسؤول استخباري إسرائيلي قوله إنّ الشركات الإسرائيلية تبرم صفقات مع كل طرف يرغب بذلك، والمنظومات التي تُصنّعها الشركات الإسرائيلية موجودة في الولايات المتحدة ودول إسلامية مثل ماليزيا واوزبكستان وتركيا وكبموديا، وعدد ليس بقليل من الدول العربيّة في الشرق الأوسط، وهذا الأمر مفيد للاقتصاد الإسرائيلي، بحسب ما يقول.
قدّرت معطيات نُشرت قبل أيام، أنّ صادرات الشركات الأمنيّة الإسرائيلية العاملة في مجال تصنيع أدوات التجسس تصل 350 مليون دولار سنويًا
وعلّق الصحفي الاقتصادي الإسرائيلي "ساهار بوخا" على الخلاف الذي تنظر فيه المحكمة الإسرائيلية بين شركات أمنيّة، بالقول إنّه ليس ثمّة نقاش حول حقيقة أن منظومات التجسس التي تنتجها الشركات الإسرائيلية يجرى استخدامها من جانب أجهزة استخبارات، مشيرًا إلى أنّه وفي 2016، نُشرت أنباء أن منظومة "فوغسوس" التي صنعتها شركة NSO تم بيعها لدول عربية بعد تصريح خاص من وزارة الأمن الإسرائيلية، وأنّ تلك المنظومة استخدمت في محاولة التنصت على ناشط حقوق الإنسان أحمد منصور في الإمارات.
ومجموعة NSO التي انطلقت عام 2010، وتتخذ من مدينة هرتسيليا مقرًا لها، أسسها خريجون من وحدة الاستخبارات العسكرية في إسرائيل، أبرزهم: نيف كارمي، أومري لافي، شاليف هوليو، لبيع أجهزة مراقبة للحكومات حول العالم، تجني ما لا يقل عن 230 مليون دولار سنويًا.
اقرأ/ي أيضًا:
كيف تجسس الإسرائيليون علينا في المقاهي؟