29-أغسطس-2023
الإصلاحات القضائية

مظاهرة في تل أبيب رفضًا للإصلاحات القضائية | gettyimages

الترا فلسطين | فريق التحرير

من المقرر أن تنظر المحكمة العليا الإسرائيلية في شهر أيلول/سبتمبر في التماسات قُدّمت إليها بعد إقرار الكنيست قانون "إلغاء حجة المعقولية"، وهو القانون الذي يحدّ من صلاحيات القضاء في ما يخص قرارات الحكومة الإسرائيلية أو وزرائها.  وبالتوازي مع ذلك، يُمكن رصد تعويل الجهات الرافضة للتعديلات القضائية على إلغاء المحكمة للقانون، ما يُثير تساؤلاً حول ما إن كانت ستمتثل الحكومة لقرار المحكمة، بينما ينشغل طرفا المعادلة بموقف الجيش و"الشاباك" والشرطة بعد ذلك.

بمقدور المحكمة العليا إلغاء قانون "إلغاء حجة المعقولية" إذا رأت أنه يشكِّل إساءة لاستخدام السلطة التأسيسية التي يستمد الكنيست منها صلاحية تشريع قوانين أساسًا

وزير الجيش السابق موشي يعلون، وهو أيضًا عضو سابق في الكنيست عن حزب "الليكود" الذي يتزعمه بنيامين نتنياهو، رسم صورة قاتمة للمستقبل، متوقعًا أن تلغي المحكمة القوانين وقال يعلون: "أعتقد أن المحكمة العليا سترفض القوانين، وعندها ستنتقل الكرة إلى ملعب المتهم بقضايا جنائية رئيس الحكومة نتنياهو، وعندما يتدخل نتنياهو الأمور ستتغير فجأة، فإذا امتثل للمحكمة العليا، سيخسر ائتلافه الحكومي، وإذا لم يستجب فسوف يخسر إسرائيل. وهذا سيؤدي لتنحية نتنياهو عن الحكم".

من جانبه، البروفيسور أريئيل باندور، وهو خبير في القانون الدستوري والإداري، أكد للقناة 12 أن بمقدور المحكمة العليا إلغاء قانون "إلغاء حجة المعقولية" إذا رأت أنه يشكِّل إساءة لاستخدام السلطة التأسيسية التي يستمد الكنيست منها صلاحية تشريع قوانين أساسًا، منوهًا أن "إلغاء حجة المعقولية" هو في الواقع بندٌ جديد في قانون أساس، وليس قانونًا عاديًا،  وطبقًا للمحكمة العليا هناك قيودٌ على صلاحيات الكنيست لتشريع قانون أساس يحمل الصفة الدستورية.

ويؤكد الباحث في المعهد الإسرائيلي للديمقراطية أمير فوكس، أنه في حال رأت المحكمة العليا أن تشريع تقليص ذريعة عدم المعقولية يتعارض مع جوهر النظام الديمقراطي ومبدأ الفصل بين السلطات وسيادة القانون، فمن المحتمل أن تقضي المحكمة العليا بأنه "تعديل غير دستوري"، مشددًا أن "إسرائيل تقترب من أزمة دستورية".

هذه الأزمة الدستورية كانت محور مقال أعده يوفال ديسكين، وهو رئيس سابق لجهاز "الشاباك" بالتعاون مع إيلي بشار، وهو مستشار سابق في "الشاباك"، ونشرته صحيفة "هآرتس"، تحت عنوان: "الأزمة الدستورية موجودة بالفعل. كيف يجب أن أن تتصرف الأجهزة الأمنية والجيش؟"، وجاء فيه أن الأزمة الدستورية تتجلى في أقوال أعضاء الائتلاف الحكومي وأفعالهم، "وربما لم نصل إلى المرحلة الأسوأ بعد، لكننا دخلنا فيها بالفعل".

وأضاف المقال: "عندما يرفض رئيس الحكومة القول ما إذا كان ينوي الامتثال لحكم المحكمة العليا، وعندما يبلغ الائتلاف الحكومي المحكمة العليا أنه لا يجوز التعامل مع مسألة إبطال القوانين الأساسية، وعندما يقول أعضاء الكنيست من الائتلاف صراحة، وبعضهم بلغة وقحة، أنهم لن يطيعوا حكم المحكمة العليا، فإن هذا يُمثل إخلالاً خطيرًا للغاية بالتوازنات الديمقراطية، التي أساسها التزام الحكومة إطاعة القانون".

وتابع: "نقطة البداية هي أن الحكومة التي تخالف القانون قولاً وفعلاً، وتعمل على تدمير البنية التحتية الديمقراطية للبلاد، هي حكومة أفعالها كلها مشبوهة لأنها فقدت شرعيتها. إن حالة الانفلات الحكومي هذه تعرض للخطر أمن البلاد وسلام مواطنيها وقدرتها على الردع وقدرتها على الدفاع عن نفسها. هذه حكومة لا ينبغي الوثوق بأحكامها، فهي ملوثة بالكامل باعتبارات غير مهنية، وقبل كل شيء، هناك تضارب صارخ في المصالح من جانب زعيمها الذي يروج لكل تصرفاتها".

وخاطب ديسكين وبشار في مقالهما قادة جيش الاحتلال و"الشاباك" والشرطة بالقول: "مسؤوليتكم  لم تكن أكبر من أي وقت مضى. أنتم الحاجز الأخير أمام انهيار الديمقراطية وصعود الاستبداد. يقع على عاتق رؤساء الأجهزة الأمنية الآن واجب أكثر صرامة يتمثل في فحص كل توجيهات صادرة لهم من الحكومة، وعليهم التحقق من امتثال القرارات والتوجيهات لقواعد القانون والمبادئ الديمقراطية، والتشاور مع مستشاريهم القانونيين والمستشار القانوني للحكومة في أي حالة يثور فيها الشك".

خاطب ديسكين وبشار في مقالهما قادة جيش الاحتلال و"الشاباك" والشرطة بالقول: "مسؤوليتكم  لم تكن أكبر من أي وقت مضى. أنتم الحاجز الأخير أمام انهيار الديمقراطية وصعود الاستبداد"

ودعا ديسكين وبشار، القادة العسكريين والأمنيين، إلى التمرد على الحكومة، "ففي مثل هذا الوقت، يجب أن تكون متشككًا في العمليات العسكرية الهجومية التي تبدأها الحكومة وتوحيد الجهود في دراسة ضرورتها الفعلية. وإذا خلصتم إلى أن مثل هذه المبادرة ليست ضرورية، أو أنها مشوبة باعتبارات غير مهنية، فيجب عليكم معارضتها فرديًا وجماعيًا".

ويشير الصحفي المتخصص في الشأن الإسرائيلي أنس أبو عرقوب، أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو تهرب من تقديم إجابة مفصلة توضح موقفه في حال قررت المحكمة العليا إلغاء "قانون إلغاء المعقولية"، وإن كان سيُنفذ قرار المحكمة أم لا.

وأكد أنس أبو عرقوب، أن طرفي المعادلة (الائتلاف الحكومي والمعارضة) في "إسرائيل" يستعدان لمرحلة الأزمة أو الفراغ الدستوري، فعلى سبيل المثال، وزير الأمن القومي ايتمار بن غفير، أثناء المقابلات التي أجراها مع المرشحين لشغل منصب القائد العام للشرطة كان يسألهم "لمن سينصاعون في حال طرأت أزمة دستورية"، وفي المقابل، هناك أصواتٌ من المعارضة تطالب قادة الجيش و"الشاباك" والشرطة بالانصياع لقرارات المحكمة والتمرد على تعليمات المستوى السياسي في حال صدرت لهم أوامر بالمبادرة لعمليات هجومية غير مبررة من الناحية المهنية.