منذ بداية العام الجاري، مارست سلطات الاحتلال ضغوطات كبيرة على عائلة المطارد بلال البرغوثي (21 عامًا) في بلدة بيت ريما شمال غرب رام الله، ليُسلّم نفسه لها، فاعتقلت والده (4 مرّات) كان آخرها فجر السبت، وعددًا من أقاربه، وأوصلت له تهديدًا باقتحام متجره وتخريبه بشكل كامل، الأمر الذي دفع بنشطاء من البلدة لإطلاق مبادرة تتحدى الاحتلال لتسويق كل ما في المتجر.
أطلق نشطاء من بيت ريما مبادرة عبر "فيسبوك" تحثّ على شراء بضاعة أحد المتاجر، لتقليل خسائره إذا ما نفّذ الاحتلال تهديداته بإغلاقه وتخريبه
وللمرة الرابعة خلال أيام، يعتقل جيش الاحتلال سامر البرغوثي من منزله في بيت ريما، ومن ثم يخلي سبيله بعد احتجازه لساعات، وتخريب لممتلكات المنزل، في محاولة للضغط على نجله بلال (21 عامًا) كيّ يسلم نفسه، إذ اقتحم جنود الاحتلال البلدة صباح اليوم، واعتقلوا سامر وابن أخيه محمد، وبعد ساعات من الاحتجاز جرى إطلاق سراحهم، وإبلاغهم بأنّ على بلال تسليم نفسه.
يقول سامر البرغوثي لـ "الترا فلسطين" إن جيش الاحتلال اعتقله من منزله فجرًا، ولكن هذه المرة لم يطل وقت احتجازه، وتم إخلاء سبيله وابن أخيه قرب قرية عابود، وطلب منه الاحتلال أن يُسلّم نفسه، وإلا فإن مصيره سيكون القتل.
,يوم الخميس الماضي، ولدى الإفراج عن سامر بعد احتجاز لساعات، أبلغه ضابط المخابرات، بأنه في حال لم يقم بلال بتسليم نفسه، سيتم اقتحام متجره وسط البلدة، وتخريب مصدر رزقه بشكل كامل.
حملة شعبية ردًا على تهديدات ضابط "الشاباك"
وردًا على تهديدات ضابط مخابرات الاحتلال، أطلق نشطاء من بيت ريما مبادرة عبر "فيسبوك"، تحُث على شراء بضائع المحل لتقليل خسائر صاحبه إذا ما نفّذ الاحتلال تهديداته باقتحام المكان وتخريبه.
خلال ساعات فقط اشترى أهالي البلدة والقرى المجاورة كل بضائع محل بني زيد، بعد أن أعلن الأهالي عن حملة شراء من سوبر ماركت سامر البرغوثي لتفويت الفرصة على الجيش الذي الذي هدد باقتحامه وتكسيره
وبالفعل، يؤكد سامر البرغوثي والد "بلال" أن الإقبال على الشراء من المحل كان كبيرًا، وليس فقط من بيت ريما بل حتى من القرى المجاورة، كذلك حضر أصحاب محلات أخرى، وساعدوه على البيع والتسويق، ومحاسبة الزبائن.
ورأى "أبو بلال" أنّ هذه المبادرة هي "وقفة مشرفة" من أهالي بلدته، وقد خففت من حجم تنكيل الاحتلال بهم.
أسيد الريماوي ناشط ومتطوع في بيت ريما، كان من بين الأشخاص المبادرين إلى حملة التسوّق من سوبر ماركت "بني زيد". يقول في حديثه لـ "الترا فلسطين" إن الاحتلال عندما أفرج عن أبو بلال البرغوثي، هدده باقتحام مصدر رزقه، لذا اقترحوا هذه المبادرة للتعبير عن أن أهالي بيت ريما "يدٌ واحدة"، مضيفًا أنّ "هذا أقل واجب يقومون به، حتى إذا اقتحم الاحتلال المكان لا يجد فيه شيئًا لتخريبه، بالتالي يتم تقليل حجم الأضرار".
وبيّن الريماوي أنّ الاستجابة للمبادرة كانت كبيرة، ولم تقتصر على أهالي بيت ريما، بل حضر متسوقون من قرى دير غسانة، وقراوة بني زيد، والنبي صالح، وغيرها من القرى المجاورة التي لبّت النداء. وأضاف أن السوبر ماركت ظلّ يعُجُّ بالمتسوقين حتى منتصف الليل، وهو ما خفف عن أبو بلال ووزع الحمل على الجميع "بيت ريما بتعجبك دايمًا هيك، ولم يقصّر أحد".
وعبر "فيسبوك" كتب مالك الريماوي مشيدًا بمبادرة أهالي بيت ريما التي وصفها بـ "العفوية جدًا في تلقائيتها وطاقتها"، و"الواعية جدًا في جوهرها ودلالتها وأثرها". وقال إنه وخلال ساعات فقط اشترى أهالي البلدة والقرى المجاورة كل بضائع محل بني زيد، بعد أن أعلن الأهالي عن حملة شراء من سوبر ماركت سامر البرغوثي لتفويت الفرصة على الجيش الذي الذي هدد باقتحامه وتكسيره.
المبادرة كانت "الوعي الذي حوّل التهديد إلى حالة من بناء القوة وقوة البناء المجتمعي، وإلى دعم للشاب المطارد وأهله"
وأضاف أن التهديد (الإسرائيلي) الذي قوبل بمبادرة شعبية من قبل أهالي البلدة والقرى المجاورة، تحوّل إلى حركة من التضامن أفضت ليس لتفريغ المحل من البضائع فقط، بل إلى تفريغ التهديد من محتواه.
واعتبر مالك الريماي أن المبادرة كانت "الوعي الذي حوّل التهديد إلى حالة من بناء القوة وقوة البناء المجتمعي، وإلى دعم للشاب المطارد وأهله".
وبدأ التصعيد الإسرائيلي الأخير في بلدة بيت ريما نهاية شهر تشرين ثان/ نوفمبر 2022، عندما أعدمت قوات الاحتلال الشقيقين جواد وظافر الريماوي، وبعدها بأيام قتلت الفتى ضياء الريماوي وأصابت آخرين قرب قرية عابود، ومنذ ذلك الحين تندلع مواجهات شبه يومية تُسفر عن إصابات بالرصاص.