أعلنت وكالتان، من كبرى وكالات التصنيف الائتماني في العالم، خفض التصنيف الائتماني لإسرائيل، وسط تحذيرات متصاعدة في إسرائيل من تأثير هذه القرارات على قطاعات هامة في الاقتصاد الإسرائيلي، خاصة مع استمرار الحرب على غزة، ومخاطر توسع نطاق القتال في المنطقة.
تُعدُّ وكالات التصنيف الائتماني مثل "موديز" و"ستاندرد آند بورز" و"فيتش" ذات تأثير كبير على الاقتصاد العالمي، حيث تمنح المستثمرين فكرة عن المخاطر المرتبطة بالاستثمار في بلد معين
وقالت شركة "فيتش"، ليلة الثلاثاء، إنها خفضت التصنيف الائتماني لإسرائيل إلى المستوى A، كما وضعت توقعات سلبية للمستقبل، مبررة قرارها بالتوترات الأمنية في المنطقة، والقتال الطويل في قطاع غزة، والمواجهة مع حزب الله وإيران، إضافة إلى "السياسة الهشة"، و"العجز العميق".
وجاء القرار بعد 6 شهور من إعلان وكالة "موديز" تخفيض التصنيف الائتماني السيادي لإسرائيل من A1 إلى A2. واستند هذا القرار، في حينه، إلى عدة عوامل، منها تأثير الحرب على غزة والتصعيد مع لبنان، الذي أدى إلى زيادة المخاطر السياسية والاقتصادية في إسرائيل.
وعدلت "موديز"، آنذاك، توقعاتها لإسرائيل من "مستقرة" إلى "سلبية". وأشارت إلى أن الاقتصاد الإسرائيلي، رغم مرونته مؤخرًا، يواجه تحديات طويلة الأمد نتيجة ارتفاع الإنفاق العسكري وزيادة الديون، ما يجعل المستقبل غير مؤكد.
وقالت ليئيل كايزر، رئيسة قسم الاقتصاد في هيئة البث الإسرائيلية "كان"، إن مسؤولين اقتصاديين كبار في إسرائيل يتوقعون أن تقوم وكالات التصنيف الائتماني الثلاثة الكبرى، "موديز"، و"ستاندرد آند بورز"، و"فيتش"، بخفض تصنيف إسرائيل مرة أخرى في المستقبل القريب.
وتُعدُّ وكالات التصنيف الائتماني مثل "موديز" و"ستاندرد آند بورز" و"فيتش" ذات تأثير كبير على الاقتصاد العالمي، حيث تمنح المستثمرين فكرة عن المخاطر المرتبطة بالاستثمار في بلد معين، مثل شراء السندات الحكومية.
ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة "غلوبس" الإسرائيلية، في 22 نيسان/ابريل 2024، فإن تراجع التصنيف يُعد إشارة للمستثمرين بأن الاستثمار في السندات الإسرائيلية أصبح أكثر خطورة، ما قد يضطر إسرائيل إلى تقديم فوائد أعلى لتعويض المستثمرين عن تلك المخاطر. ونتيجة لذلك، ستصبح ديون إسرائيل أكثر تكلفة، وهذا يزيد أعباء الاقتراض على الدولة.
ويشير المحلل الاقتصادي شلومو مائير إلى أن تأثير التخفيض الائتماني قد يمتد إلى قطاعات أخرى، مثل قطاع التكنولوجيا الفائقة "الهايتك"، الذي يعتمد بشكل كبير على تدفقات رأس المال الأجنبي، مما قد يؤدي إلى تباطؤ الاستثمارات الجديدة بالتزامن مع التوترات العسكرية واستمرار حالة عدم الاستقرار السياسي.
واعترفت وزارة المالية الإسرائيلية أن الحرب على غزة أدت إلى مضاعفة الاقتراض، حيث جمعت إسرائيل ديونًا بقيمة 160 مليار شيكل (43 مليار دولار) في عام 2023، نصفها تقريبًا منذ اندلاع الحرب في تشرين أول/أكتوبر الماضي. ونتيجة لذلك، ارتفع إجمالي الدين إلى 62.1% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023، مقارنة بـ60.5% في عام 2022، ومن المتوقع أن يصل إلى 67% في 2024.
ويقول أنس أبو عرقوب، الباحث والصحفي المتخصص في الشأن الإسرائيلي، إن التقديرات الاقتصادية الرائجة حاليًا في اسرائيل ترجح أن خفض التصنيف سيؤثر سلبًا على قدرة إسرائيل على تجنيد الأموال من أسواق رأس المال الدولية، وحشد الاستثمارات من صناديق الاستثمار السيادية الخارجية.
التقديرات الاقتصادية الرائجة حاليًا في اسرائيل ترجح أن خفض التصنيف سيؤثر سلبًا على قدرة إسرائيل على تجنيد الأموال من أسواق رأس المال الدولية، وحشد الاستثمارات من صناديق الاستثمار السيادية الخارجية
ويوضح أنس أبو عرقوب، أن خفض التصنيف قد يجعل المستثمرين أكثر ترددًا في استثمار أموالهم في إسرائيل بسبب المخاطر المتزايدة، وقد يكون له تأثيرات على قرارات بنك إسرائيل بشأن تعديل أسعار الفائدة، إذ قد يتجه البنك المركزي إلى تثبيت الأسعار للحفاظ على الاستقرار في الأسواق المالية، رغم الضغوطات الاقتصادية المتزايدة بسبب الحرب.
وبالعودة إلى ليئيل كايزر، رئيسة قسم الاقتصاد في قناة "كان"، فإن العجز في الميزانية الإسرائيلية وصل حاليًا إلى 8.1%، حيث بلغ الرصيد السالب لكل مواطني إسرائيل 155 مليار شيكل (41 مليار دولار) في تموز/يوليو 2024. ويعود هذا الارتفاع الكبير في العجز إلى نفقات الحرب التي زادت بشكل كبير عن التوقعات الأولية.
من جانبه، يؤكد أليكس كوشنير، رئيس لجنة المالية في الكنيست سابقًا، أن التغير الذي طرأ في حرب غزة مقارنة باستراتيجية الحروب الإسرائيلية سيكون له عواقب خطيرة على الاقتصاد الإسرائيلي، مشيرًا إلى أن استراتيجية الأمن القومي الإسرائيلي كانت تعتمد على الحروب قصيرة الأمد، ولكن الحرب في قطاع غزة دامت وقتًا أطول من أي حرب سابقة.