خلال آخر مباراة جمعت بين شباب الخليل وهلال القدس، وهما من أبرز الأندية الفلسطينية التي تنافس على بطولة الدوري المحلي في السنوات الأخيرة، أقدم جمهور شباب الخليل أو ما يعرف بـ"التراس خليلي" على رفع "تيفو" وصفه الشارع الرياضي بأنها "عنصرية" في وجه نادي هلال القدس.
"تيفو" عنصري ضد هلال القدس أدى لقرار يمنع رفع اللافتات في المدرجات قبل موافقة الاتحاد عليها
وكما يسمى في عالم المستديرة، فإن "التيفو" الذي رفعه "التراس" شباب الخليل صوَّر نادي هلال القدس على أنه رجل يتسول الدعم المالي، ومقابله رجلان الأول إسرائيلي والثاني عربي ويحمل كل واحد منهم المال، وكتب تحته "نادي الجمعية استثمروا القضية".
هذه الحادثة أشعلت الشارع الرياضي وأغضبت الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، فاتخذ إجراءاتٍ "رادعةٍ" بحق جمهور شباب الخليل، وأصدر قرارًا يمنع رفع اللافتات دون التبليغ عنها قبل 48 ساعة من موعد المباراة لأخذ الرد بالقبول أو الرفض، وخلافًا لذلك تعتبر كافة اللافتات محظورة، ويمنع رفعها في الملاعب.
ما جرى دفعنا للبحث حول ظاهرة "التيفو" التي ترفع في الملاعب الفلسطينية، والآليات التي تعمل بها روابط المشجعين.
تأسيس روابط المشجعين
يقول الصحفي الرياضي منذر زهران، إن روابط الجماهير نشأت منذ بداية كرة القدم في فلسطين، لكنها دخلت تحت مسمى الالتراس (الجماهير) بعد عام 2011. أما بالنسبة "للتيفو" فهو أيضًا حديث النشأة، إذ كان يقتصر سابقًا على بعض اليافطات.
و"التيفو" - (Tifo) اصطلاحًا مختصرٌ من كلمة (Tifosi) الإيطالية، وتعني جماهير، وكانت إيطاليا السباقة لصنع "تيفوات" في نهاية الستينات، قبل انتشارها في دول جنوب أوروبا ثم امتدادها إلى أوروبا بأسرها في الثمانينات.
بدأ "التيفو" من إيطاليا في نهاية ستينات القرن العشرين، وهدفه مؤازرة الفريق أو تحذير الفريق المنافس
و"التيفو" في المدرجات، لوحةٌ فنيةٌ تشكلها الجماهير لإضافة شيء من الجمالية في الملاعب لصالح فريقها أثناء دخوله الملعب، أو لتوجيه رسائل المؤازرة، أو تحذير الفريق المنافس.
"التراس خليلي"
جميل أبو عيشة، قائد جماهير نادي شباب الخليل أو كما يسمى في الملاعب "كابو"، قال إن "التراس خليلي" وهي رابطة مشجعين نادي شباب الخليل تأسست عام 2011.
اقرأ/ي أيضًا: دوري المحترفين: من أين جاءت ألقاب الأندية؟
وتعتبر رابطة مشجعين نادي شباب الخليل (التراس خليلي) من الأكبر على مستوى فلسطين، ويصل عدد العاملين على الالتراس حوالي 55 مشجعًا، أما البقية فيبلغ عددهم 5 آلاف شخص ينتسبون للالتراس من مشجعي الفريق، ويلتزمون بحضور الاجتماعات، ويستجيبون للهتافات والحركات الخاصة ورفع الشعارات خلال مباريات الفريق.
وشرح أبو عيشة آلية عمل الالتراس مبينًا أن لديهم مجموعتان على "واتساب" و"فيسبوك" ينشرون من خلالهما التعميمات، مثل التعميم بارتداء اللون الأبيض خلال المباراة المقبلة، أو توزيع هتاف لحفظه قبل المباراة.
"التيفو" في الملاعب الفلسطينية
يوضح الصحفي زهران، أن الجماهير غالبًا ما تستخدم "التيفو" لإرسال رسائل سياسية أو إلى الفريق المنافس، حيث شاهدنا بعض الإساءات إلى أندية أخرى للأسف.
جمهور شباب الخليل هو الأكثر استخدامًا لـ"التيفو"، ثم هلال القدس، وأحيانًا جماهير المكبر ومؤسسة البيرة
وأفاد زهران بأن جماهير شباب الخليل هي الأكثر استخدامًا لـ"التيفو"، ثم هلال القدس، وأحيانًا جماهير جبل المكبر ومؤسسة البيرة.
اقرأ/ي أيضًا: حليمة لدادوة.. هل سمعتم عن هذه البطلة؟
هنا يستحضر أبو عيشة أن أكثر المباريات التي يستعدون لها هي ديربي الخليل مع هلال الخليل، وسابقًا مع شباب الظاهرية قبل هبوطه للاحتراف الجزئي، والآن مع هلال القدس.
يُشار إلى أن فريق الظاهرية يُسمى "غزلان الجنوب"، وفي إحدى المباريات رفع لهم "التراس خليلي" تيفو لشخص يطلق النار تجاه غزالاً.
وأوضح، أنهم يجهزون "تيفو" لمختلف القضايا مثل ذكرى رحيل ياسر عرفات أو ذكرى النكبة وغيرها من المناسبات، أو قد يكون خلال مباراة ضد فريق "تعرَّض لنا بأغنية أو شعار أو نهفة، فنردّ عليهم بتيفو" وفق قوله.
ويتابع أبو عيشة، أن من أشهر "التيفوهات" التي رفعها جمهور شباب الخليل كان لقبة الصخرة في نهائي كأس فلسطين عام 2013، بحجم 60 مترًا في 30 مترًا، و"تيفو" للمسجد الإبراهيمي، وضد الرسام الهولندي الذي أساء للنبي محمد، وعن الوحدة الوطنية والأسرى ومخيم اليرموك.
وأشار أبو عيشة إلى أن الالتراس يحسبون تكلفة "التيفو" ويقسمون المبلغ على أعضائه فيدفعون المبلغ من حسابهم الشخصي، مبينًا أن هناك اشتراكًا في الالتراس وبطاقة عضوية لمن يرغب برسوم سنوية 20 شيكل.
وأضاف، "نرسم التيفو باليد، وهي مصنوعةٌ مؤخرًا من النايلون، ويكون الرسم ثلاثي الأبعاد لدرجة أن من يراه يعتقد أنها مرسومة على الحاسوب"، موضحًا أن لديهم رسامين وخطاطين يجتمعون في مقر النادي، أما عند إنجاز "التيفو" فيتم الرسم فوق أرضيات الملاعب بسبب الحاجة إلى المساحة.
ما هو دور اتحاد كرة القدم؟
يستذكر أبو عيشة أنه في مباراة فلسطين مع السعودية الأخيرة خلال التصفيات الآسيوية المزدوجة، حضّروا "تيفو" صورة لأبو عمار وطفلاً في يده شعبة وكرة قدم، إلا أن"الفيفا" منعتهم من رفعها في ملعب فيصل الحسيني، حيث تدخل مراقب المباراة الصيني وتحدث معه قبل المباراة.
مسؤول الإعلام في الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم وجدي الجعفري، يقول إن روابط المشجعين تتبع للأندية وعلاقة الاتحاد المباشرة تكون مع الأندية، وعبر هذه العلاقة ينظمون عمل روابط المشجعين التابعة للأندية. أما رابطة مشجعي المنتخب الفلسطيني فهي معترفٌ بها من قبل الاتحاد وتحظى بالدعم والتشجيع في سبيل الوقوف إلى جانب المنتخب.
الاتحاد يراقب الشعارات والهتافات خلال المباريات، ومراقب المباراة يسجل تقريرها، وفي كل إثنين يجتمع الاتحاد ويقرر العقوبات
وأكد الجعفري، أن الاتحاد يراقب الشعارات والهتافات خلال المباريات، حيث يوجد في كل مباراة مراقب للمباراة، وهو يقدم تقريره بالتفصيل سواءً حول ما جرى في الملعب أو من الجماهير.
وأضاف أن لجنة المسابقات في الاتحاد تجتمع أسبوعيًا يوم الإثنين، وتقرأ تقارير مراقبي المباريات، وبناءً عليها تتخذ العقوبات على ضوء الأحداث، أو يتم الحديث مع الأندية بالأنذار أو التنبيه الشفهي، مشيرًا لـ"تيفو" شباب الخليل في مباراته مع هلال القدس.
وتابع، "نحن لا نرفض كل الشعارات، ولكن نحن في النهاية عضو في الاتحاد الدولي وعضو في الاتحاد الآسيوي، ولا نستطيع في كل مباراة رفع أي شعار، ونسمح برفع الشعارات حسب القوانين"، مبينًا أن الأندية تعرف المسموح والممنوع إذ تم تحديد كل ذلك في لائحة الدوري والعقوبات التي توزع سنويًا وتنظم قوانين اللعبة.
في النهاية، أشار زهران، وهو عضوٌ في اتحاد الصحفيين الرياضيين، إلى أن الكثير من الأندية الفلسطينية تفتقر إلى أفكار "التيفو"، إذ يتم الاكتفاء باليافطات.
اقرأ/ي أيضًا:
أبو علاء.. كفيف يشاهد المباريات من الملعب
رياضات الأسرى: الأثقال من الملح وحبة بسكويت لمن يفوز
رياضيون غزيون يعتزلون بقرار من قناصة الاحتلال