دعا رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي السابق، غيورا آيلاند، في تعليق متطرف إلى "ضرورة تجويع شمال غزة كجزء من استراتيجية إسرائيل لتحقيق أهدافها العسكرية"، مؤكدًا أن القوة العسكرية وحدها لا تكفي لتحقيق الانتصار، وذلك في مقال نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت"، اليوم الخميس.
وأشار آيلاند إلى أن الحكومة الإسرائيلية والجيش أعلنا في بداية الحرب على قطاع غزة أن "الضغط العسكري وحده" هو الذي يمكن أن يحقق أهداف الحرب. ومع مرور أكثر من عشرة أشهر، يرى آيلاند أن إسرائيل لم تقترب من تحقيق أي من تلك الأهداف، ويزعم أن السبب "لا يكمن في فشل العملية العسكرية، بل لأنها، رغم نجاحها، لا تكفي لتحقيق الأهداف المطلوبة".
برر آيلند، اقتراحه اللإنساني، بأن القادة مثل يحيى السنوار لا يخافون من الضغط العسكريّ
وذكر آيلاند أن إسرائيل تخلّت منذ بداية الحرب عن جهدين أساسيين. الأول هو الجهد السياسي، حيث عندما سأل زعماء العالم رئيس الوزراء الإسرائيلي في تشرين الأول/أكتوبر عن خطط "اليوم التالي"، أجاب بغطرسة: "عندما نصل إلى اليوم التالي، سنتحدث عنه". ويرى آيلند أن الجواب الصحيح كان يجب أن يكون: "في اليوم التالي لن يكون هناك حكم لحماس في غزة، ولن يكون هناك حكم عسكري إسرائيلي. إسرائيل مستعدة الآن لإجراء حوار مع أي جهة عربية أو غربية تضمن أن تكون غزة منزوعة السلاح".
أما الجهد الثاني الذي تخلّت عنه إسرائيل، فهو الضغط الاقتصادي. ويشير آيلاند إلى أن صفقة تبادل الأسرى الأولى في تشرين الثاني/نوفمبر، تمت لأن حماس طالبت بزيادة عدد الشاحنات التي تدخل إلى غزة يوميًا من 2 إلى 200 شاحنة.
وبرر آيلاند، اقتراحه اللإنساني، بأن القادة مثل يحيى السنوار لا يخافون من الضغط العسكري، وزعم أنهم "يستفيدون من سقوط ضحايا بين الفلسطينيين بنيران جيش الاحتلال الإسرائيلي، مما يخدمهم في النهاية. لكنهم يخشون وجود بديل سلطوي واندلاع غضب شعبي. وعندما تخلّت إسرائيل عن هذين الجهدين، كانت النتائج متوقعة".
وادعى آيلاند أن حماس راضية حاليًا عن الوضع لأربعة أسباب: "ضمان توفر الغذاء والوقود لسكان غزة؛ وسيطرتها على توزيع الطعام مما يثري خزائنها؛ وسهولة تجنيد مقاتلين جدد بفضل هذه الأموال؛ واعتقادها بعدم وجود سبب يدعوها إلى التسرع في الموافقة على صفقة. كما أضاف أن التوصل إلى صفقة يعقده عامل آخر، وهو أن حماس تعتبر نهاية الحرب بمثابة انتصار وضمان لبقائها في السلطة"، وفق زعمه.
وأشار آيلاند إلى أن حماس وافقت منذ شهور على صيغة بسيطة: عودة جميع الأسرى مقابل إعلان رسمي بانتهاء الحرب وانسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي من القطاع. لكنه ذكر أن نتنياهو لم يكن مستعدًا لذلك، وأصرّ على استمرار الحرب، مما أدى إلى خلق صيغة تفاوضية غير مثالية للطرفين "لا تضمن عودة الأسرى جميعهم بالنسبة لإسرائيل، ولا تضمن إنهاء الحرب بالنسبة لحماس".
وتساءل آيلاند: "ما العمل إذن؟"، وأوضح أنه كان يجب اتخاذ الخطوة الصحيحة في تشرين الثاني/نوفمبر عندما أكملت قوات الاحتلال حصار شمال غزة. ويرى آيلاند أن هذا الوضع كان مثاليًا لفرض حصار على هذه المنطقة، مدعيًا أن "الحصار ليس فقط مسموحًا به وفقًا لقوانين النزاعات المسلحة، بل إنه مفضل وفقًا لوثيقة رسمية لوزارة الدفاع الأميركية"، التي تنص على أنه يجوز "تجويع العدو حتى الموت من خلال منع إدخال الماء والغذاء والوقود إلى المنطقة المحاصرة بشكل كامل"، بشرط منح السكان المدنيين فترة زمنية معقولة للمغادرة.
وأضاف أنه يجب على جيش الاحتلال الإسرائيلي إبلاغ نحو 300 ألف مواطن في شمال غزة بضرورة مغادرة المنطقة خلال أسبوع. وبعد انتهاء المهلة، لن يُسمح بدخول أي شيء إلى المنطقة، مما سيترك أمام مقاومي حماس الخمسة آلاف المتواجدين هناك خيارين: "الموت أو الاستسلام".
ادعى آيلاند أن الحصار مفضل وفقًا لوثيقة رسمية لوزارة الدفاع الأمريكية، التي تنص على أنه يجوز "تجويع العدو حتى الموت من خلال منع إدخال الماء والغذاء والوقود إلى المنطقة المحاصرة بشكل كامل"، بشرط منح السكان المدنيين فترة زمنية معقولة للمغادرة.
وفي ختام مقاله، زعم آيلاند أن هذا الإجراء سيسمح بوجود بديل سلطوي في شمال غزة، وهو أمر ضروري إذا كانت إسرائيل ترغب في تغيير الواقع الصعب الذي واجهته في الحرب، والذي امتد بالفعل إلى جبهات أخرى.
كما أضاف أن التحديات في لبنان وإيران، إلى جانب التوترات في الضفة الغربية، تشكل خطرًا كبيرًا على إسرائيل. وشدد على أن إسرائيل إذا لم تغير واقع الحرب في غزة، فستواجه صعوبة أكبر في التعامل مع تلك الجبهات الإضافية.