صرّح الطبيب اليهودي الأميركي مارك بيرلموتر، لشبكة CBS News الأميركية، بـ ""لم أرَ في حياتي مثل هذا الدمار الذي لحق بالمدنيين، وخاصة الأطفال"، وذلك بعد عودته مؤخرًا من غزة بعد أن تطوع هناك لمدة أسبوعين. وأضاف: "لقد رأيت أطفالاً محترقين وممزقين بأعداد لم أكن أتخيلها".
وأوضح الدكتور بيرلموتر، الذي يعمل كجراح العظام من ولاية نورث كارولينا ونائب رئيس الكلية الدولية للجراحين، أن المدنيين، وخاصة الأطفال، هم الأكثر تضررًا من الحرب، "لقد رأيت أطفالاً محترقين وممزقين بأعداد لم أكن أتخيلها"، مؤكدّا: "في الأسبوع الأول فقط، رأيت أطفالاً بلا أجزاء من أجسادهم، تم سحقهم تحت المباني أو أصيبوا بشظايا القنابل".
طبيب أميركي: كنت أعتقد أن هؤلاء الأطفال كانوا في المكان الخطأ في الوقت الخطأ. ولكن بعد المرة الثالثة أو الرابعة، أدركت أن الأمر كان مقصودًا؛ الرصاصات كانت تُطلق على هؤلاء الأطفال عن عمد.
ووصف الطبيب الحرب في غزة: "كل الكوارث التي رأيتها، مجتمعة – 40 رحلة إغاثة، 30 عامًا، والزلازل، كل ذلك مجتمعة – لا تعادل مستوى المجزرة التي رأيتها ضد المدنيين في أول أسبوع لي في غزة".
وأشار إلى أن الضحايا المدنيين هم تقريبًا من الأطفال بشكل حصري، "لم أرَ شيئاً كهذا من قبل، لقد رأيت أطفالاً محترقين وممزقين أكثر مما رأيت في حياتي كلها، مجتمعة. رأيت أطفالاً بدون أجزاء من أجسامهم، سحقتهم المباني أو انفجرت بهم القنابل. لقد استخرجنا شظايا بحجم إصبعي من أطفال يبلغون من العمر ثماني سنوات، وهناك أيضًا طلقات القناصة، لدي أطفال أُطلق عليهم النار مرتين".
وردًا على سؤال: "هل تقول أن الأطفال في غزة يتعرضون لإطلاق النار من قبل القناصة؟"، أجاب: "بالتأكيد، كان هناك طفلان لديهما صور تُظهر أنه تم إطلاق النار عليهما بدقة في الصدر، وكذلك في جانب الرأس لدى أحدهما. لا يمكن لطفل أن يتعرض لإطلاق النار مرتين عن طريق الخطأ من "أفضل قناص في العالم"، إنها طلقات موجهة مباشرة".
طبيب: "بينما كنا هناك، كنا نسمع أن المدنيين ليسوا مستهدفين، ومع ذلك، نحن نشهد قصة مختلفة تمامًا"
وفي الشهر الماضي، قال أطباء أمريكيون آخرون من بينهم فيروز سيدوا: "لقد وصفناها بأنها كارثة، كابوس، جحيم على الأرض. إنها كل ذلك، وأكثر".
وقالت الدكتورة زينة صالح: "لم يكن لدينا حتى معقم لليدين أو كحول أو صابون في معظم الوقت".
وأكد الطبيب آدم حماوي: "بينما كنا هناك، كنا نسمع أن المدنيين ليسوا مستهدفين، ومع ذلك، نحن نشهد قصة مختلفة تمامًا".
وطلب بعض المهنيين الطبيين الذين تحدثوا للشبكة الحفاظ على هوياتهم سرية، حيث يخطط البعض للعودة إلى غزة. وقال طبيب من ولاية فرجينيا: "نحن جميعًا نرى طلقات نارية في الولايات المتحدة، ولكننا لم نرَ شيئاً مثل الطلقات النارية للأطفال في غزة"، وبيّن طبيب تخدير آخر من فرجينيا إنه خلال أسبوعين له في غزة، رأى إصابات بأعيرة نارية لطفلين يوميًا تقريبًا، وقدّر العدد الإجمالي بحوالي 30 حالة.
وقال طبيب من شيكاغو: "كنت أعتقد أن هؤلاء الأطفال كانوا في المكان الخطأ في الوقت الخطأ، مثلما يحدث للأسف لبعض الأطفال الذين نعالجهم في شيكاغو. ولكن بعد المرة الثالثة أو الرابعة، أدركت أن الأمر كان مقصودًا؛ الرصاصات كانت تُطلق على هؤلاء الأطفال عن عمد".
تستغرق عملية إجلاء طفل من غزة شهورًا، والطريقة الوحيدة للإجلاء هي عبر مصر
وأشار الدكتور بيرلموتر إلى حالات تعرّض الأطفال لإطلاق نار من قناصة، قائلاً: "لدي صور لطفلين تم إطلاق النار عليهما بدقة في الصدر والرأس. لا يمكن أن يكون ذلك حادثًا". ووفقًا لشهادات أكثر من 20 طبيبًا، فقد تم تسجيل إصابات بأعيرة نارية في رؤوس الأطفال، بحسب الشبكة.
من ناحية أخرى، أكدت منظمة الأمم المتحدة أن أكثر من 80% من سكان غزة قد نزحوا وأن معظم المباني في القطاع قد دُمرت، مما زاد من معاناة الأطفال هناك. ويؤكد الدكتور بيرلموتر أن هذه التجارب تترك آثارًا نفسية عميقة على الأطفال، قائلاً: "كيف يمكن قياس الجروح العاطفية؟ لا أستطيع حتى قياس جروحي الشخصية".
وفي مواجهة هذه الأزمة الإنسانية، تعمل منظمة إغاثة الأطفال الفلسطينية بلا كلل على توفير الرعاية الطبية للأطفال المصابين، وأكد طارق هيلات، رئيس برنامج العلاج في الخارج للمنظمة، أن فريقه تمكن حتى الآن من إجلاء أكثر من 200 طفل من غزة.
وقال هيلات: "للأسف، الإجابة الحقيقية هي أنهم يموتون. كسر الساق هنا في الولايات المتحدة ليس نفس كسر الساق في غزة، كسر الساق في غزة يعني غالبًا أنك ستفقد ساقك، مما يعني غالبًا أنك ستصاب بعدوى بعد البتر، مما يعني غالبًا أنك ستموت".
تستغرق عملية إجلاء طفل من غزة شهورًا، والطريقة الوحيدة للإجلاء هي عبر مصر، ويتطلب الأمر فحوصات خلفية متعددة من إسرائيل قبل السماح للطفل (الذي يجب أن يكون برفقة ولي أمر) بالمغادرة. وفي أيّار\مايو، سيطرت إسرائيل على معبر رفح، آخر نقطة عبور متبقية بين مصر وغزة، ويقول عمال الإغاثة للشبكة إن هذا جعل إنقاذ الأطفال شبه مستحيل.