دقيقتان لكسر الجمود في محاضرة بالجامعة العربية الأمريكية في جنين، أفضتا إلى فصل محاضرٍ شاب بذريعة "مخالفة أنظمة الجامعة وتعليماتها"، ما فجّر غضبًا طلابيًا داخل الجامعة وجد صداه خارج حدود أسوارها، وسط انتقادات لاذعة وجهها نشطاء وطلاب لم تقنعهم مبررات الجامعة في بيانها حول القضية.
معتصم عصفور المحاضر في كلية التجارة بالجامعة، منح أحد طلابه فرصة غناء موال خلال إحدى المحاضرات، فصوّر طالب آخر تلك اللحظات ثم انتقل مقطع الفيديو عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لينتهي الأمر بفصل المحاضر.
محاضر في الجامعة الأمريكية في جنين أراد "كسر جمود المحاضرة" بمنح طالب فرصة لإلقاء موّال فتم فصله
وأعلنت الجامعة أنها اتخذت هذا القرار بعد تشكيل لجنة تحقيق، "بسبب مخالفة المحاضر لأنظمة الجامعة وتعليماتها، وقدسية العملية التدريسية، ونتيجة للإساءة الكبيرة التي لحقت بسمعتها بسبب الفيديو"، مضيفة، "هذه محاضرة لمساق محاسبة دولية ومخصصة لتدريس هذا المقرر، وليس زجل شعبي أو غناء".
اقرأ/ي أيضا: رحلة شتوية في تراث فلسطين
وأكدت الجامعة في بيان صحفي، أنها "تحرص وبشكل دائم على تفعيل الأنشطة اللامنهجية والثقافية والترفيهية لطلبة الجامعة، وتخصص لها وقت فراغ ساعة واحدة يوميًا، وأنها أحرص ما تكون على صون حقوق الطلبة وأهمها الحصول على التعليم المتقدم والمتطور، أما الأنشطة الأخرى فلها أوقاتها المحددة".
لكن هذه المبررات لم تلقَ قبول أي من طلبة الجامعة أو النشطاء الذين تابعوا القضية باهتمام شديد على مواقع التواصل، كما أنها لم تلقَ القبول لدى المحاضر عصفور، الذي أكد أن غناء الموّال لا يمس بهيبة الجامعة ولا سمعتها، مضيفًا، "كان موَّال وطني فقط ولوقت قصير".
وقال عصفور لـ "ألترا فلسطين"، إنه أراد بهذه الخطوة أن يكسر الروتين والجمود في المحاضرة التي تصل مدتها إلى ساعة ونصف، مضيفًا، "الطالب يملُّ عندما تقدم له المعلومات لمدة ساعة ونصف ولن يتلقاها بشكل جيد، لقد أردت كسر الجمود فقط لأبقي الطلبة في أجواء المحاضرة وأمنحهم المعلومات بشكل جيد".
وعلق رئيس نقابة العاملين في الجامعة صالح عفانه على القرار بوصفه جائرًا، وطالب بتشكيل لجنة تحقيق محايدة، مضيفًا، أن المحاضر عصفور يملك الحق في الطعن على القرار، ما يتيح المجال أما عودته أو تثبيت قرار الفصل.
لكن عصفور علق بأنه لم يعلم بأي بيان أو موقف رسمي صادر عن نقابة العاملين، ولم يبلّغ شيئًا بشأن تقديم الطعن، منتقدًا فكرة تقديم الطعن على القرار مع وجود احتمالية بتثبيت قرار الفصل كما لو كان مذنبًا. وأضاف، "أنا الآن تركت الأمر للطلاب، هم الحكم في هذه القضية".
حُكمُ الطلاب في القضية جاء إلى جانب أستاذهم بالكامل، فنظموا، اليوم السبت، اعتصامًا حاشدًا داخل الجامعة، بعد أيام من التفاعل عبر مواقع التواصل، معبرين عن رفضهم للقرار الذي وصفوه بأنه "تعسفي وظالم".
اقرأ/ي أيضا: مستوطنات جنين.. هل هذا ما سنفعله بعد التحرير؟
ومنعت إدارة الجامعة الصحافة التي تلقت الدعوة من دخول الجامعة لتغطية الاعتصام، مبررة ذلك بعدم تنسيقهم مسبقًا لهذا الغرض، ما أثار تساؤلات الطلبة حول حاجة الصحفيين للتنسيق من أجل دخول الجامعة في ظل امتلاكهم بطاقات تثبتهم أنهم صحفيين، وقد حضروا بمعداتهم لأداء عملهم.
وقال الطالب لؤي الخطيب، الذي أنشد الموّال في المحاضرة، إن طلبة كلية التجارة أكدوا عزمهم تعليق الدوام، غدًا الأحد، احتجاجًا على القرار، في حال عدم تراجع الإدارة عنه وإنصاف المحاضر عصفور، مؤكدًا، أن كليات أخرى في الجامعة أكدت دعمها لطلبة كلية التجارة وتضامنها في هذه القضية.
وأفاد الخطيب لـ "ألترا فلسطين"، بأن المدة التي استغرقها غناء الموال دقيقتين فقط، "أما بقية مدة المحاضرة فقد كانت تحت سيطرة عصفور بشكل تام، وقد سارت فيها العملية التعليمية بشكل مميز".
وأضاف، "المحاضر عصفور يحظى بحب شديد لدى طلاب الكلية، عند فصله من الجامعة ظل طلاب إحدى محاضراته ينتظرونه في القاعة لأكثر من نصف ساعة إذ لم يكونوا قد علموا بعد بالقرار، ورغم أن القانون يجيز لهم مغادرة القاعة في حال تأخر المحاضر 10 دقائق، إلا أنهم ظلوا ينتظرونه أكثر من نصف ساعة على أمل حضوره ليكسبوا المحاضرة معه".
وخلال الاعتصام، تحدث نظام ذياب النائب السابق لرئيس الجامعة للشؤون المجتمعية أمام الطلبة المعتصمين، مستنكرًا انتقادهم للجامعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إذ اعتبر ذلك إساءة لهم بالدرجة الأولى.
وقال ذياب، إن الجامعة لم تقدم على فصل عصفور لأسباب شخصية؛ "بل لأن المحاضرة مخصصة لمساق محاسبة دولية وبين الحضور من لا يريد الاستماع إلى الزجل"، مؤكدًا، أنه أشرف شخصيًا على لجنة التحقيق مع عصفور الذي كتب إفادته بيده.
وأفاد بأنه اتصل هاتفيًا، اليوم، بالمحاضر عصفور وأبلغه بحقه في الاستئناف على القرار، وأن الأخير وافق على ذلك وأبلغ بنيته تقديم الاستئناف غدًا.
أما مجلس الطلبة، فقد أعرب عن أسفه لما حدث مع المحاضر عصفور، وأكد نيته متابعة القضية مع الجهات المختصة بالجامعة، منوهًا في الوقت ذاته إلى أن الدفاع عن عصفور من مهام نقابة الموظفين بالجامعة وليس المجلس.
وانتقد المجلس في بيانه الانتقادات التي وجهها طلاب لجامعتهم على مواقع التواصل، مؤكدًا أنه الجهة الوحيدة المخولة بتنظيم فعاليات احتجاجية للطلبة داخل الجامعة.
وكان طلاب من الجامعة وخريجون منها، ونشطاء لم يسبق لهم أن دخلوا الجامعة قد تفاعلوا مع القضية عبر مواقع التواصل، وعبروا عن رفضهم الشديد للقرار، مطالبين بإلغائه فورًا وإعادة الاعتبار للمحاضر عصفور.
اقرأ/ي أيضا:
الكنافة حين تعطي للمدينة شيئًا من مذاقها