"اللي بطلع من داره بكون خاين يا عالم، وطلوع من هان مش طالعين يا بنموت يا بنعيش، وأنا راح أحرق حالي في الدار مع أولادي.. ولا أطلع من الدار"
بهذه الكلمات أعلن محمود صالحية (50 عامًا)، تحديه لقرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي إخلاءه من منزله في حيّ الشيخ جراح بالقدس المحتلة.
ويقول صالحيّة في حديثه لـ "الترا فلسطين" إنّه يخوض هذه المواجهة مع الاحتلال بعد أن "لم يتبق لهم شيء ليخسروه"، مضيفًا أنّ "الإنسان من المفترض أن يموت مرة واحدة، ولكن نحن نموت كل يوم؛ فقد تهجّرنا من عين كارم، ولن نقبل بأن نُهجّر مرة جديدة".
اقرأ/ي أيضًا: فلسطينيّ يهدد بحرق نفسه إذا طرده الاحتلال من منزله بالقدس
وحول تفاصيل القضية يروي صالحية أن قصة الأرض بدأت عام 1996، حيث عرضت عليه سلطات الاحتلال في البداية شراءها، وقدموا عددًا من العروض إلّا أنهم كعائلة رفضوا كافة عروض البيع.
وأضاف أن سلطات الاحتلال لجأت بعدها لحيل أخرى عبر "حارس أملاك الغائبين" غير أنهم لم يتمكنوا من مصادرة أرضه، واتبعوا بعد ذلك عدة أساليب، وفي النّهاية تذرّعت البلدية بمصادرة الأرض للمنفعة العامة.
واقتحمت قوات إسرائيلية، صباح أمس الإثنين أرضًا تملكها عائلة صالحية في حيّ الشيخ جراح، وهدمت مشتلًا زراعيًا تملكه العائلة بعد تفريغه من محتوياته. وعقب ذلك، حاولت قوات الاحتلال إخلاء المنزل، لكن مالكه محمود صالحية، وأفراد أسرته تحصّنوا داخل المنزل وعلى سطحه، وهددوا بإضرام النار في حال أصرّت شرطة الاحتلال على إخلائهم من منزلهم.
وصباح اليوم، أفاد موقع صحيفة "يديعوت أحرنوت" أن شرطة الاحتلال تعتزم هدم المنزل تنفيذًا لقرار قضائيّ، وذلك قبل حلول الثلاثاء المقبل.
صالحية الذي ظل متيقّظًا الليلة الماضية مع العشرات الذين اعتصموا داخل الأرض بدا صوته مرهقًا، وأشار في حديثه لـ "الترا فلسطين" إلى أنّ بلدية الاحتلال قررت مصادرة كامل أرضه البالغة مساحتها 6 دونمات بغرض المصلحة العامة رغم أن القانون الإسرائيلي يجيز للبلدية في بعض الحالات مصادرة 30% من مساحتها لغرض المصلحة العامة، إلا أنهم صادروا كامل الأرض.
وأكد أنهم قدموا استئنافًا في المحكمة، ولكن قبل موعد البتّ في الاستئناف لوقف المصادرة بتاريخ (23 كانون ثان/ يناير) الجاري، حضروا بالأمس ومعهم جرافات من أجل الشروع بالهدم.
وأضاف أن قوة كبيرة من كافة الوحدات وبمئات العناصر حضرت إلى المكان، ودخلوا في البداية إلى في مشتل زراعي يعمل فيه بداخل الأرض قرب المنزل، وحدثت مشادة كلامية بينهم، حيث حاولوا اعتقاله إلا أنه أفلت منهم، وتوجه بعد ذلك إلى منزله فورًا، لحمايته من الهدم.
وبعد دخوله إلى منزله، وضع محمود صالحية إسطوانات غاز، وسكب مادة البنزين سريعة الاشتعال في أرجاء بيته، وهدد من يقترب بحرق المنزل بمن فيه. وأشار إلى أنّ جرافات البلدية الإسرائيلية هدمت المشتل والمحتل، ولم يقتربوا من منزله حتى الآن.
وحول الخطوات القادمة، أكد صالحية أنهم سيواصلون الاعتصام، ويتوجهون للمحكمة الإسرائيلية العليا لإصدار قرار بوقف تنفيذ المصادرة.
ويرى صوالحية أنّ ثمة تواطؤ بين المحكمة والشرطة الإسرائيلية لمصادرة الأرض التي تعدّ أكبر قطعة أرض في حي الشيخ جراح، وهي ملاصقة لمنزل الحاج أمين الحسيني الذي تمّت مصادرته، كما سبق وتمت مصادرة 30 دونمًا بقربها، الأمر الذي أتاح لهم إقامة مستوطنة في الحيّ، تبعه متنزّه، والآن يريدون مصادرة أرضي بادّعاء بناء مدرسة.
ويبيّن أنّ موضوع بناء المدرسة على أرضه المصادرة ليس سوى ذريعة، مشيرًا بذلك إلى حالات سابقة تكرر فيها مصادرة مساحات من الأراضي تحت هذه الذريعة، لكن الأمور تغيرت بعد ذلك، مثل مبنى وزارة الداخلية، ومقر الشرطة في القدس، حيث كان الحديث في البداية عن نيّة لبناء مدرسة، كما يقول.
الإسرائيليون يسعون للسيطرة على كامل الشيخ جراح، فهو بالنسبة لهم بمثابة درع سيحيط ببناء "الهيكل"
ويلخصّ صالحية ما يتعرّض له منزله والأرض التي تحيط به بالقول إنهم يريدون (الإسرائيليون) السيطرة على الشيخ جراح بشكل كامل، فهو بالنسبة للمنظومة الاستيطانية بمثابة الدرع الذي سيحيط ببناء "الهيكل"، والآن توجد حكومة يمينية بزعامة نفتالي بينيت وهي للمستوطنين، وتعطيهم الضوء الأخضر لعمل أي شيء.
واعتصم العشرات من أهالي القدس الليلة الماضية أمام منزل عائلة "صالحية" في حيّ الشيخ جراح، مع عدد من المتدينين اليهود من حركة "ناطوري كارتا" الرافضة للصهيونية.
يذكر أن 28 عائلة لاجئة فلسطينية تعيش في حي الشيخ جراح مهددة بالإخلاء من منازلها التي بنيت عام 1956 بموجب اتفاق بين وكالة غوث وتشغيل اللاجئين ووزارة الإنشاء والتعمير الأردنية، بموجبها تخلت العائلات عن بطاقة اللجوء مقابل التنازل لهم عن المنازل بعد ثلاث سنوات وهو ما لم يحصل، وباتت اليوم منظمات استيطانية تطالب بإخلاء العائلات الفلسطينية بادّعاء ملكيتها للأرض.
اقرأ/ي أيضًا: