الترا فلسطين | فريق التحرير
أجرى برنامج قراءة ثانية الذي يبثّه التلفزيون العربي مقابلة مع المفكر العربي عزمي بشارة حول "حقيقة الديمقراطية في إسرائيل". وعلى مدار ساعة من النقاش كشف مؤلف كتاب من "يهودية الدولة حتى شارون" عن تناقضات ما توصف بالديمقراطية الإسرائيلية، بدءًا من كونها دولة استيطانية استعمارية تقيم نظام فصل عنصري، وصولًا إلى كونها دولة لم تنجح في يوم من الأيام في فصل الأمة أو القومية عن الدين. كما تناول اللقاء في محوره الأخير مشاركة فلسطينيي الداخل في هذه الديمقراطية المدعاة وتحديات الخطاب الوطني.
وأشار بشارة إلى أن التناقض الرئيسي في الديمقراطية الإسرائيلية يكمن في علاقتها مع السكان الأصليين ومع المحيط، حيث أرادت الصهيونية أن يتحوّل اليهود إلى أغلبية لكي تكون ديمقراطية وهذا عنى طرد السكان الأًصليين، وجرى بتخطيط وإرادة قبل حرب عام 1948.
كما بيّن عزمي بشارة أن "إسرائيل" لم تنجح في يوم من الأيام في فصل الأمة أو القومية عن الدين، حتى عند العلمانيين بما في ذلك آباء الصهيونية الأوائل. وهذا التطابق منع عمليًا "إسرائيل" من التحوّل إلى دولة مواطنة.
عزمي بشارة: الوظيفة السياسية للدولة التي تمثلت بإقصاء الفلسطينيين، تحوّلت إلى رافعة للديمقراطية المزعومة
وكما كان بشارة قد وضّح في كتابه بعنوان "من يهودية الدولة إلى شارون" الصادر في عام 2005، فإن الوظيفة السياسية للدولة التي تمثلت بإقصاء الفلسطينيين، تحوّلت إلى رافعة للديمقراطية المزعومة، وكبديل للمواطنة، بحيث لا يمكن لـ "إسرائيل" أن تكون دولة لكل مواطنيها، وفي نفس الوقت أصبحت دولة لكثيرين من اليهود الذين ليسوا مواطنيها.
وهو ما يتصل بتناقض آخر يشير له المدير العام للمركز العربي للأبحاث، وهو أن "إسرائيل" منذ تأسيسها على أنقاض مئات آلاف الفلسطينيين، تعاملت مع يهود العالم قانونيًا بأن لديهم حق جوهري في المواطنة الإسرائيلية بسبب دينهم، في حين حرمت السكان المولودين في المكان من هذا الحق، حيث يتجاوز مفهوم الأمة أي حد جغرافي. ومنطلقًا من هذه التناقضات، بما في ذلك نظام الفصل العنصري والحصرية اليهودية، أشار بشارة إلى أن "إسرائيل" ديمقراطية لليهود مثلما كانت جنوب إفريقيا ديمقراطية للبيض.
وشرح المفكّر العربي كيف يعتبر الجيش في "إسرائيل" وسيلة الصهر الأساسية في المجتمع. وحيث إن عقلية الدولة نفسها هي عقلية أمنية، ليس هنالك حاجة لانقلاب أو حكم مباشر من طرف الجيش. وأكد أن هناك عداءً عميقًا في "إسرائيل" لأي تحوّل ديمقراطي في الوطن العربي، معيدًا التأكيد على أن سنة 2011 كانت أسوأ سنة على "إسرائيل"، حيث دخلت في حالة من عدم اليقين مما سيحصل. وحيث إنها لا تريد أن تسمح للشعوب العربية المناصرة لفلسطين أن تصبح صاحبة القرار، فإن الثورات المضادة كانت في صالحها.
وفيما يتعلّق بدخول الفلسطينيين في العمل السياسي في هذا الواقع، أشار بشارة إلى ضرورة الجمع بين الخطاب والعمل الوطني وتمثيل الناس في قضايا حياتهم اليومية. حيث إن الحركة الوطنية في حال أنها لم تلب متطلبات الناس، تصبح معزولة عنهم. كما أن الجمع بين النضال الوطني والعمل المدني، ضروري للمحافظة على الهوية الفلسطينية والحيلولة دون الذوبان في النسيج الصهيوني.