يعيش ما يزيد عن 40 ألف موظف عمومي في قطاع غزة، حالة من الغضب والتذمر بعد تأخر صرف راتب شهر يونيو/ حزيران الماضي، حتى اللحظة، بفعل الأزمة المالية التي أعلنت الجهات الحكومية في غزة أنها تمر بها.
لم يتلقى موظفو الحكومة في غزة راتبًا كاملًا منذ نهاية عام 2013، حيث انتهجت الجهات الحكومية صرف جزء من الراتب بدأ بنسبة 40% ثم ارتفع إلى 50%، قبل أن تتحسن النسبة وترتفع مرة ثالثة نهاية عام 2021 إلى 60%
ولم يتلقى موظفو الحكومة في غزة راتبًا كاملًا منذ نهاية عام 2013، حيث انتهجت الجهات الحكومية صرف جزء من الراتب بدأ بنسبة 40% ثم ارتفع إلى 50%، قبل أن تتحسن النسبة وترتفع مرة ثالثة نهاية عام 2021 إلى 60% بحد أدنى 1800 شيكل، كل 30 يومًا.
ومع بداية سنة 2023 بدأ يظهر تأخير صرف الرواتب بشكل تدريجي وملحوظ، حتى وصل في شهر يونيو/ حزيران الماضي إلى تأخير لـ 17 يومًا، وهي مدة سترتفع إلى 20 يومًا بعد تصريحات وكل وزارة المالية بغزة عوني الباشا أنهم يبذلون جهودًا لصرف الرواتب نهاية الأسبوع الجاري.
وأمام حالة الحنق والتذمر، وجد موظفون ونشطاء عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي فرصة للتعبير عن غضبهم من سياسة الحكومة، محذرين في الوقت ذاته من أن الاستمرار في هذه السياسة من شأنه التسبب بفقدان الاستقرار لعشرات آلاف الأسر الغزّية.
عمار قديح علق على حسابه في فيس بوك قائلاً: "إذا كانت الجهات المسؤولة عاجزة لأسباب موضوعية عن توفير الرواتب بشكل دوري ثابت، فالأولى إعادة النظر في شكل منظومة الحكم والوظائف في قطاع غزة، والتفكير في شكل جديد يتواءم مع الظروف القاهرة والمستمرة، حتى لو أدى ذلك لفرط عقد الحكومة وإعادة تشكيل منظومة إدارية مختلفة تمامًا عن الحالية، تضمن استمرار تقديم الخدمات بالتوازي مع القدرة على صرف رواتب الموظفين".
المدرس حسام اشتيوي أشار في تعليقه على الموضوع إلى حذف المتحدث باسم المكتب الإعلامي الحكومي سلامة معروف لمنشور من حسابه في فيس بوك، بعد تلقيه سيلًا من التعليقات اللاذعة من قبل الموظفين بسبب تأخر الرواتب.
وأضاف اشتيوي، أن طريقة الحكومة في تأخير صرف الراتب "أصبح الهدف واضحًا منها، وهو هضم حقوق الموظفين بطريقة تدريجية، في ظل عدم وجود نقابة حقيقة تدافع عن حقوقهم".
الموظف طارق سليم، أعرب عن غضبه من صمت غالبية الموظفين عن المطالبة بحقوقهم، وانتظارهم حتى يحصلوا على حقوقهم "على الجاهز"، معتبرًا أن هذه العقلية هي سبب تغول الحكومات والأنظمة.
من جانبه، أحمد صهيب انتقد وكيل وزارة المالية ردًا على تصريحاته بأن رصيد الحكومة في البنوك صفر، داعيًا إياه إلى "احترام عقول الموظفين".
وفي منشور آخر، طالب أحمد صهيب، الحكومة في غزة بوضع خطة تقشف عالية وصارمة بخصوص النثريات والنفقات، وحد أعلى للرواتب لتقليل الفجوة بين الموظفين.
العميد محمد لافي، المراقب العام السابق لوزاة الداخلية والأمن الوطني في قطاع غزة، علق قائلًا: "إنما جُعِلَ المسؤول ليُسأل ويُساءل، وحقّه على الجمهور اللين في الطلب والمسألة، والثقة نتيجة تراكمية لعلاقة بُنِيَت على الشفافية والمكاشفة".
ولقي منشور لافي تفاعلًا كبيرًا من قبل الموظفين الذين صبوا جام غضبهم على المسؤولين في الحكومة، وأكدوا رفضهم للمبررات التي تقدمها الحكومة.
أسامة درويش، علق على توقعات وكيل وزارة المالية عوني الباشا بصرف الراتب نهاية الأسبوع الجاري قائلاً: "هذا نظام شغل شهرين مقابل نص راتب توفير. وفي منشور آخر، علق درويش على تصريح عوني الباشا بأن رصيد وزارة المالية في البنوك صفر، بالقول: "الله يطمنك يا مولانا".
كذلك محمد شبيطه علق على الأزمة بقوله: "نتيجة الانقسام بعد 16 عام: حكومتين وكيانين مش قادرات يصرفو راتب كامل لموظفينهم ولا بموعده، مع استيفاء الحد الأعلى من القروض والديون على الحكومتين".
من جانبه، قال وكيل وزارة المالية في غزة عوني الباشا، إنهم يبذلون جهودًا كبيرة لصرف الرواتب أواخر الأسبوع الجاري، مبينًا أن قيمة الرواتب والملاحق تصل 125 مليون شيكل شهريًا، في حين أن الحكومة تمر بأزمة مالية خانقة متدرجة بحيث يكون زيادة في العجز المالي شهرًا بعد الآخر، "حتى وصلنا لتأخير الرواتب هذا الشهر".
وأضاف عوني الباشا، أن أرصدة وزارة المالية في البنوك قيمتها صفر، وقد استدانت الوزارة 40 مليون شيكل من البنك الوطني الإسلامي.
وأوضح الباشا، أن هناك عدة أسباب للأزمة المالية، أولها تراجع المنحة القطرية من 10 ملايين دولار حتى وصلت إلى ثلاثة ملايين دولار في شهر حزيران/يونيو الماضي، "وحتى الآن لم تصلنا المنحة".
عوني الباشا: هناك عدة أسباب للأزمة المالية، أولها تراجع المنحة القطرية من 10 ملايين دولار حتى وصلت إلى ثلاثة ملايين دولار، وارتفاع أسعار الوقود المصري أثر على العائد الذي تحصل عليه وزارة المالية
وبيّن، أن ارتفاع أسعار الوقود المصري أثر على العائد الذي تحصل عليه وزارة المالية، "ففي أحد الأشهر تم دعم سعر أنبوبة الغاز لتصل للمواطن بنفس السعر المعتاد، وصرف 60 مليون شيكل ثمنًا للأدوية في وزارة الصحة، وأصبح لدى الحكومة مديونات لشركات الأدوية بـ40 مليون شيكل".
ودعا عوني الباشا قطر إلى صرف المنحة القطرية الخاصة بالموظفين، كما دعا مصر إلى زيادة التبادل التجاري وتخفيض أسعار الوقود والغاز، الذي سينعكس إيجابًا على المواطن. ودعا الباشا أيضًا، المؤسسات الدولية لدعم القطاع الصحي، ورفع الحصار بصورة كاملة عن قطاع غزة.
من جانبه، نقيب الموظفين في قطاع غزة خليل الزيان، أكد أن تأخر صرف الرواتب له انعكاسات خطيرة على الواقع الاجتماعي والنفسي لحياة الموظفين، مضيفًا أن النقابة تتواصل بشكل مباشر مع الجهات الحكومية الفعالة حول موضوع الرواتب للإسراع في صرفها.
وقال خليل الزيان، إن وضع حلول نهائية لملف رواتب الموظفين لا يكون إلا بوقف عمليات الابتزاز التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني ورفع الحصار عن قطاع غزة.
واعتبر، أن هناك أطرافًا معنية بكسر إرادة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، "وقد باتت الأمور واضحة بشكل جلي"، معربًا عن رفضه أن يكون المواطنون في قطاع غزة ضحية "للإشكاليات السياسية" -وفق وصفه- مع عدة أطراف، من بينها السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي.