26-نوفمبر-2022
فيديو | تيماء سلامة تصنع عالمًا مرئيًا لطلبة غزة المكفوفين

- شينخوا - تيماء سلامة تصنع عالمًا مرئيًا لطلبة غزة المكفوفين

على سطح ورقيّ أبيض، وباستخدام قصاصات من القماش وخيوط الصوف وقطع من الخرز، نجحت الشابّة تيماء سلامة من قطاع غزة، في إنتاج أول قصتين تفاعليتين للأطفال ذوي الإعاقة البصرية، تمكنهم من قراءة القصة عبر حروف لغة برايل، والتعرف على عناصرها وشخصياتها، عبر اللمس بأصابع اليدين. 

نجحت الفنانة التشكيلية تيماء سلامة (24 عاما) من قطاع غزة بإنتاج أول مجموعة قصص ملونة خاصة بالأطفال المكفوفين باستخدام تقنية الرسم البارز المعروف بفن "الريليف"، والكتابة بلغة البرايل  

تقول تيماء سلامة لـ "الترا فلسطين" إن فكرة إنشاء القصة بالاعتماد على النحت البارز "فن الريليف"، جاءت خلال ملاحظتها لملامسة فتاة كفيفة لبعض لوحاتها المنحوتة خلال مشاركتها في معرض فني، وقد ارتسمت الابتسامة على وجه تلك الفتاة التي تمكنت من التعرّف على فكرة وقصة اللوحة دون مساعدة من أي أحد. 

الفنانة التشكيلية تيماء سلامة
الفنانة التشكيلية تيماء سلامة (شينخوا)

"هذا الموقف كان بمثابة أكبر حافز لتطوير مهاراتي في فن النحت من بين الفنون الأخرى، حتى أتمكن من مساعدة فئة المكفوفين والتي تعد من أكثر الفئات تهميشًا في المجتمع"، تقول تيماء سلامة.

  

وتتابع الفنانة الشابة (24 عامًا)، أنها وبعد جهد كبير بحثًا وتفكيرًا، قررت تصميم قصة للأطفال المكفوفين، الذين لا يمتلكون مشاهد بصرية سابقة، لمساعدتهم على إبصار القصص، وليس قراءتها فقط، وكان ذلك بعد عدة جلسات نقاش للفكرة والمخرج النهائي مع عدد من الفتيات ذوات الإعاقة البصرية. 

الفنانة التشكيلية تيماء سلامة

وفي مركز "النور" الوحيد في غزة، لتأهيل المعاقين بصريًا، والتابع لوكالة الغوث وتشغيل اللاجئين "أونروا" كانت الفنانة تيماء سلامة تحصد نتاج جهدها الطويل، فقد شعرت بسعادة لا حدود لها، وهي تشاهد طلاب وطالبات المركز وهم يقرأون حروف القصة، ويتفاعلون مع شخصياتها. 

مركز "النور" التابع لوكالة الغوث وتشغيل اللاجئين "أونروا"، هو الوحيد في غزة، لتأهيل الكفيفين
مركز "النور" التابع لوكالة الغوث وتشغيل اللاجئين "أونروا"، هو الوحيد في غزة، لتأهيل الكفيفين

الطالبة الكفيفة شهد الجدي (10 أعوام)، بدأت بقراءة قصة "الحطاب والشجرة" أمام زميلاتها داخل أحد الفصول مدرسة الأمل للمكفوفين في مدينة غزة، وما أن بدأت بتحسس شخصيات القصة في الصفحة المقابلة، ارتفعت ضحكاتها، قائلة: "هذا عمو الحطاب، وهذا بيته الصغير، وهذه ابنته الصغيرة صاحبة الشعر الطويل".

وتقول شهد لـ "الترا فلسطين" أنا سعيدة جدًا بقراءة هذه القصة التي لم يسبق أن وجدت قصة مشابهة لها، من حيث استخدام اللغة الخاصة بالمكفوفين، ووجود مجسمات تجعلني أتخيّل تفاصيلها في ذاكرتي. 

"الحطاب والشجرة" و"المعجزة" 

وعن عناوين القصتين، بينت تيماء أن قصتها الأول، حملت عنوان: "الحطاب والشجرة" وهي قصة شعبية فلسطينية قديمة، وبلغ عدد صفحاتها 12 صفحة، كل واحدة منهن يوجد بها نص برايل الخاص بالمكفوفين ونص عادي، وفي الجهة المقابل تم رسم وتصميم العناصر والشخصيات التي تتحدث عنهم القصة.

وذكرت أن القصة الثانية، حملت عنوان: "المعجزة"، وهي تتحدث عن معاناة فتاة ولدت وهي مصابة بإعاقة في قدميها، وتعرضت للتنمر والاستهزاء من قبل أقرانها، إلا أنها تحدت الظروف ونجحت في حياتها.

وأوضحت تيماء أن القصة التي تم إنتاجها باللغتين العربية والفرنسية ولغة برايل برعاية من المعهد الفرنسي، واستخدمت خلالها قطع من القماش والصوف والأسلاك، وتعد قصة تفاعلية تحرك فيها الشخصيات يديها ووجهها، ويمكن للأطفال المبصرين كذلك الاستمتاع بقراءتها. 

فيديو | تيماء سلامة تصنع عالمًا مرئيًا لطلبة غزة المكفوفين

وأشارت تيماء إلى أن جميع الرسومات التي تم تصميمها داخل القصة ملونة، وذلك لأن بعض الأشخاص يعانون من فقدان جزئي للبصر وبإمكانهم التقاط بعض الألوان وتمييزها. وأوضحت أنها أنتجت القصص بجهد ذاتي، فيما استغرق العمل في القصة الواحدة مدة شهرين، نظرًا لغياب أي نماذج سابقة أو شبيهة. 

وبلغت تكلفة إعداد القصة الواحدة 50 دولارًا، وأعربت تيماء عن أملها في الحصول على التمويل المناسب لإعداد المزيد من القصص والأعمال التي تخدم فئة الطلاب المكفوفين، وإثراء المكتبة الغزية بهذا النوع الجديد من القصص التفاعلية. 

وأعربت سلامة عن سعادتها بالنجاح الكبير والسعادة الغامرة التي شعر بها الطلاب أثناء قراءاتهم للقصة، معقبة على ذلك بالقول: التعلم باللعب، والتشجيع على القراءة أحد أهم الأهداف من وراء تصميم القصة. 

فيديو | تيماء سلامة تصنع عالمًا مرئيًا لطلبة غزة المكفوفين

ومع نهاية كل جلسة داخل أروقة مدرسة النور للمكفوفين، تنهال الكثير من الأسئلة من قبل الطلاب والطالبات على الفنانة سلامة: "متى بدك تزورينا مرة ثانية، وتجيبي معك قصة جديدة".

ووفقًا للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني لعام 2018، فإن 255,228 فردًا في فلسطين يعانون من صعوبة واحدة على الأقل في البصر أو السمع أو الحركة، وأن أكثر من 27 في المئة من الأطفال في العمر (6-17 عامًا) من ذوي الصعوبات غير ملتحقين بالتعليم.