في قرية مؤقتة، لا اسم لها لدى الدوائر الحكومية في دولة الاحتلال، ولا مكان لها على الخارطة، وضع جيش الاحتلال عملاء من الضفة الغربية وقطاع غزة، وعائلات يعود أصلها إلى سيناء؛ كانت قد تعاونت مع إسرائيل وقررت أن تبقى في رعايتها بعد الانسحاب الإسرائيلي من سيناء، وتركتهم يعيشون ظروفاً أشد سوءاً من ظروف المهاجرين الأفارقة كما يقولون.
قرية "الدهينية" أقامها جيش الاحتلال في قطاع غزة، في المنطقة الفاصلة بين كيبوتس "كيرم شالوم" ومدينة رفح مطلع عقد السبعينات من القرن العشرين، وأسكن فيها قبيلة ارميلات التي أقام على أراضيها مستوطنة "ياميت" في سيناء.
مصريون من سيناء تعاونوا مع إسرائيل، وعملاء فلسطينيين، أسكنتهم إسرائيل في قرية مؤقتة شمال النقب بدون أي حقوق إنسانية
بعد الانسحاب الإسرائيلي من سيناء، تم تفكيك مستوطنة "ياميت"، فقررت عائلات من عشيرة ارميلات العودة إلى أراضيها، فيما اختارت عشرات العائلات التي كانت قد تعاونت مع إسرائيل أن تبقى تحت رعايتها، فتم نقلها إلى قطاع غزة، ثم بعد الانسحاب الإسرائيلي من القطاع عام 2005، نُقلوا إلى قرية مؤقتة شمال النقب المحتل، وقد كانت قضيتهم محور تقرير مصور أعده التلفزيون الإسرائيلي "قناة كان"، وترجمه "الترا فلسطين".
وإضافة للسكان القادمين من سيناء، فإن القرية تضم أيضاً فلسطينيين عملاء لجيش الاحتلال، هربوا من الضفة الغربية وقطاع غزة إبان الانتفاضة الأولى، بعد اشتداد ملاحقة الفصائل الفلسطينية للعملاء، وقد بلغ عددهم مع أسرهم المئات، قبل أن يتم نقل قسم منهم لاحقاً إلى الأراضي المحتلة عام 48. ومن هنا أصبحت القرية تُعرف في قطاع غزة باسم "قرية العملاء"، وقد سلّح جيش الاحتلال سكانها، وأحاطها بجدار وسياج شائك.
وبعد إقامة السلطة الفلسطينية، خضعت "قرية العملاء" لإدارة قسم التنسيق في جيش الاحتلال، وكان غالبية سكان القرية يعملون في مستوطنات التكتل الاستيطاني "غوش قطيف"، وداخل أراضي 48.
وعندما قرر الاحتلال الانسحاب من قطاع غزة، أصدر مسؤولون إسرائيليون تصريحات هجومية على سكان القرية، وقالوا إنهم يبالغون بشأن "الخدمات" التي قدموها لإسرائيل، زاعمين أن عداء الفلسطينيين لهم "ناجم عن سلوكهم الإجرامي" وليس بسبب تعاونهم مع أجهزة الاحتلال.
عشية الانسحاب، قررت إسرائيل إنهاء قرية "الدهينية"، وسمحت لسكانها الذين يملكون الهوية الزرقاء (تحمل صفة مقيم في إسرائيل) بالدخول إلى أراضي 48، أما الذين كانوا يحملون بطاقات برتقالية فقررت نقلهم إلى مصر، ما دفع هؤلاء إلى تقديم التماس لدى المحكمة العليا الإسرائيلية، التي قررت منحهم صفة مقيم مؤقت، دون أن تمنحهم حكومة الاحتلال أي تعويضات عن إخلائهم من منازلهم، رغم أنها دفعت تعويضات للمستوطنين الذين أخلتهم من الوحدات الاستيطانية في المستوطنات التي تم تفكيكها.
أقام جيش الاحتلال منازل مؤقتة من الصفيح لـ40 أسرة في تل عراد في النقب، وقرى بدوية لا تعترف إسرائيل بها، لكن أهالي النقب رفضوا هذه الخطوة. يقول العملاء إنهم تعرضوا لإطلاق نار في الليل صوب منازلهم، وتم "التحريض" ضدهم من قبل خطباء المساجد، ليقرر جيش الاحتلال نقلهم إلى شمال النقب، في منطقة تسميها إسرائيل "حيفل شالوم"، دون إطلاق أي اسم على القرية الجديدة التي يعيش فيها الآن 400 شخص، ويجري هدم أي بيت صفيح يقيمونه بحجة عدم الترخيص.
يقول أحد سكان القرية: "لو كان بإمكاني إعادة الزمن إلى الخلف، لكنت سأقول لأبي وجدي لماذا لم تقاتلوا من أجل أرضنا في سيناء؟".
اقرأ/ي أيضاً:
الطفلة "نوران".. اختطفها عملاء "الشاباك" وباعوها