30-أكتوبر-2024
تجسس إيران على إسرائيل

تحدثت صحيفة معاريف الإسرائيلية، في تقرير اليوم الأربعاء، عن دوافع الجواسيس الإسرائيليين الذين يعملون لصالح إيران.

وتناولت الباحثة الإسرائيلية ليراز مارغاليت، المتخصصة في السلوكيات خلال العصر الرقمي من جامعة رايخمان، في التقرير الأسباب التي تدفع بعض الإسرائيليين للاستجابة لإغراءات الاستخبارات الإيرانية. وأوضحت أن هذه الدوافع تشمل الرغبة في تجارب مثيرة، والحوافز المالية، والبحث عن معنى في الحياة.

أكدت مارغاليت أن الإيرانيين يتبعون أسلوبًا منظّمًا لتجنيد الجواسيس عبر إعداد ملفات نفسية دقيقة تستهدف الأشخاص الملائمين لتحقيق أهدافهم، حيث يتم اختيار المجندين بعناية وفق سمات معينة

وافتتحت مارغاليت تقريرها بطرح سؤال عن دوافع المواطن الإسرائيلي للاستجابة لطلبات إيران، العدو اللدود لإسرائيل، وخيانة وطنه، متسائلة عن الأسباب التي قد تقوده إلى مثل هذا القرار. وأشارت إلى الكشف مؤخرًا عن حالتين جديدتين لإسرائيليين وافقا على التجسس لصالح إيران؛ الأول هو رجل الأعمال موتي ميمان، 72 عامًا، من أشكلون، والثاني هو فلاديمير فيكتورسون، 30 عامًا، وصديقته آنا برنشتاين، 18 عامًا، مضيفة أن عمليات التجنيد هذه تطرح أسئلة صعبة حول دوافع هؤلاء. 

وأكدت أن الإيرانيين يتبعون أسلوبًا منظّمًا لتجنيد الجواسيس عبر إعداد ملفات نفسية دقيقة تستهدف الأشخاص الملائمين لتحقيق أهدافهم، حيث يتم اختيار المجندين بعناية وفق سمات معينة.

وبحسب مارغاليت، فإن فهم الدوافع النفسية التي تحرك الأفراد يعد مفتاحًا لفهم عمليات التجنيد، مؤكدة أن لدى كل إنسان مجموعة دوافع تشمل الحاجة للتقدير والارتباط والتأثير واليقين والإثارة. وأوضحت أن الناس غالبًا لا يدركون هذه الدوافع التي تؤثر على قراراتهم واختياراتهم، وأحيانًا يحتاجون لمساعدة في التعرف عليها.

عملية التجنيد غالبًا ما تجمع بين النرجسية والبحث عن إشباع الذات إلى جانب الدوافع الاقتصادية، إذ يشعر المُجنّد بأن حياته تكتسب معنى جديدًا وينشأ لديه إحساس بالقوة والأهمية من خلال تعامله مع جهات استخباراتية

بينما يعتقد الكثيرون أن المال هو الدافع الرئيسي للتعاون مع إيران، فإن مارغاليت تؤكد أن الأمر يتجاوز ذلك؛ إذ أن المال جزء فقط من القصة، حيث يلعب الفراغ النفسي، والشعور بالإثارة، والبحث عن هدف أكبر، دورًا في التجنيد. وأضافت أن الأشخاص الذين يوافقون على التعاون مع دول معادية غالبًا ما يسعون للخروج من روتين حياتهم الممل ويميلون للإثارة والمغامرة. في حالة ميمان، رغم طلبه مليون دولار مقابل تنفيذ المهام المطلوبة، فقد يكون دافعه الأساسي هو الشعور بالمشاركة في مهمة ذات هدف كبير.

وتُظهر حالة تجنيد فيكتورسون وبرنشتاين بُعدًا آخر من التعقيد، حيث برزت تصرفاتهما مثل الرسم على الجدران وحرق السيارات كإشارات لميله للمغامرة والخروج عن المألوف. ووفقًا للكاتبة، فإن موافقة فيكتورسون على اغتيال شخصية بارزة في إسرائيل تثير تساؤلات تتعدى الدوافع المالية، حيث تلعب الرغبة في الإثارة وتحدي القانون والشعور بالاندماج في عملية سرية وخطيرة دورًا في هذه الأفعال.

وتوضح أن عملية التجنيد غالبًا ما تجمع بين النرجسية والبحث عن إشباع الذات إلى جانب الدوافع الاقتصادية، إذ يشعر المُجنّد بأن حياته تكتسب معنى جديدًا وينشأ لديه إحساس بالقوة والأهمية من خلال تعامله مع جهات استخباراتية. 

تشير إلى أن الإيرانيين يعتمدون على تقنيات نفسية مثل "الاستمرارية" و"الالتزام" حيث يُعطى المجندون مهام بسيطة في البداية ثم تُكلفهم بمهام أكبر تدريجيًا، ما يرسخ لديهم شعور الالتزام والقدرة على القيام بمهام أصعب للحفاظ على صورتهم الذاتية.

تم تجنيد نساء إسرائيليات لصالح شبكة تجسس إيرانية عبر شخصية غامضة تُدعى رامبود نيمدار

وتضيف أن الإيرانيين يعتمدون على معايير محددة لاختيار المجندين، ففي حالة ميمان، الذي عاش في تركيا، يبدو أن اختياره كان بناءً على سهولة انتقاله إلى إيران بفضل علاقاته التجارية. أما فيكتورسون وبرنشتاين، فهما شابان قد لا يسعيان لحياة تقليدية، بل يبحثان عن تجارب تمنحهما شعورًا بالقيمة والإثارة.

وتسلط مارغاليت الضوء أيضًا على دور الجهة المُجنّدة، إذ تم تجنيد نساء إسرائيليات لصالح شبكة تجسس إيرانية عبر شخصية غامضة تُدعى رامبود نيمدار، بينما عمل ميمان وفيكتورسون بناءً على تعليمات شخصيات قدموا أنفسهم كأصحاب نفوذ في إيران، ما منحهم إحساسًا بالقوة ودفعهم لاتخاذ قرارات جريئة.

وتختتم الباحثة الإسرائيلية بأن الحالتين تكشفان حقيقة ثابتة في عالم التجسس، وهي أن الحلقة الأضعف تظلّ دائمًا هي العنصر البشري، حيث أن الرغبات البشرية، سواء كانت إثارة أو شعورًا بالمعنى أو رغبة في الربح المادي، هي ما يقود عمليات التجنيد في النهاية.