أثناء الأحداث اليوميّة ذات الثّقل الإعلامي والحضور البارز في حياة الناس تَلتَقِطُ الجماهير كلماتٍ وعباراتٍ عَفويةٍ لتكون وَسْمًا على وسائل التواصل الاجتماعي، ذلك أن سُرعة انتشار هذه الكلمات ودلالاتها ورمزيتها العالية يجعلها حاضرة في كثير من المنشورات والمقاطع وتتحول لحالة عامة مُشتركة دون قصدٍ مِنْ مُطلِقِ مِثلِ هذه العبارات.
السّابع من أكتوبر 2023 ليس يَومًا عاديًا، ولا حدثًا عابرًا يُمكن تَجاوزه، لقد كان يومًا له ثِقَلهُ وَحضوره في ذاكرة فلسطين وأبنائها، ولذا تم التّعبير عن الأحداث البطولية بِعَشرات الكلمات والمصطلحات التي ظلت مُتداولًة حتى اليوم الثاني من المعركة
السّابع من أكتوبر 2023، يوم عملية طوفان الأقصى، ليس يَومًا عاديًا، ولا حدثًا عابرًا يُمكن تَجاوزه، لقد كان يومًا له ثِقَلهُ وَحضوره في ذاكرة فلسطين وأبنائها، ولذا تم التّعبير عن الأحداث البطولية بِعَشرات الكلمات والمصطلحات التي ظلت مُتداولًة حتى اليوم الثاني من المعركة (8 أكتوبر\تشرين الأول)، حيث كانت الأخبار ووسائل التواصل الاجتماعي غارقة بمنشورات وتفاعلات عن البطولة الفلسطينية، مع تركيز على تداول فيديوهات وصور الفعل المقام لمعركة طوفان الأقصى، الأمرُ الذي بدأ يتراجع تدريجيًا مع اليوم الثالث للمعركة (9 أكتوبر\تشرين الأول)؛ حيث بدأت مشاهد الدّمار الذي يُحدثه القصف الصهيوني وحرب الإبادة الجماعية ضد أهالي غزة تأخذ حيزًا أكبر في الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، وهنا بدأت الجمل الساخرة والتعليقات المازحة تختفي تدريجيًا لانشغال الناس بالخبر الجدّي الذي يُغطي جرائم الإبادة بفعل القصف الصهيوني على قطاع غزة.
ومن خلال السوشيال ميديا وعبر منشور عام بدأت، من اللحظة الأولى للمعركة، بجمع المصطلحات والتفاعلات الشعبية العامة على اختلافها، بمساعدة مجموعة نبيلة من المتطوعين، فوثقنا مجموعة متنوعة من الكلمات، وكان من اللافت تركيز أغلبها على صور المستعمرين الأسرى لدى الأهالي والمقاومة الفلسطينية، حيث كان لهذه المسألة نصيبُ الأسد من المحتوى الهازل والمازح والمرح، وقد سجلت نحو 80 تفاعلًا حولها.
ومن الكلمات والمصطلحات المحكية العامية التي برزت، وتم تداولها بكثرة في اليوم الأول من معركة طوفان الأقصى عبر الفيديوهات المنشورات والوسوم، اخترنا هذه المجموعة:
1- شَمطوهم: شَمط يشمط شمطًا كلمة عامية شائعة بمعنى الضرب الموجع، وبالعادة يُقال "شمطه كف"، لأنه الشمط فيه وَجَعٌ وإهانة. واستخدم الفلسطينيون هذه الكلمة لوصف الضربات القوية التي وجهتها المقاومة الفلسطينية لقوات الاحتلال ومستعمراته في غلاف غزة.
2- دَكْ: دكّ يدكُّ دكًا، وهي بمعنى التسوية بالأرض، فـ "دكّ البنيان" هدمة وسواه بالأرض، ودك المُستعمرات ضربها وهدمها. وتستخدم هذه الكلمة بكثرة في معركة طوفان الأقصى للتعبير عن فعل الدّك؛ الذي تتعرض له المُستمعرات ومدن الاحتلال من صواريخ المقاومة.
3- دَبِعْ "حِسْ دَبِعْ": كلمة عامية بمعنى الصوت القوي\العالي، وتعني بأن هناك صوت انفجارات، ويستخدمها الفلسطينيون للتعبير عن سماعهم لأصوات انفجارات صواريخ المقاومة التي تُطلق على المستعمرات في وسط فلسطين والتي تُسمع أصواتها من رام الله والقدس.
4- فَقَعْ (فَكَعْ): فَقَعَ يَفْقَعُ فَهو مَفقوع، وفي العامية تُستَبدلُ القَافُ كَافًا فتلفظ: (فَكَعْ)، وهي بمعنى انْشَقَّ وانفجرَ فَخَرج منه صَوْت، وَفَقعْ الصاروخ: إذا انفجر وأحدث صوتًا عاليًا، وهي كلمةٌ تُستخدم فلسطينيًا كُلما انفجر صاروخٌ للمقاومة في المستعمرات وَسُمِعَ صَوت انفجاره.
5- كزدرة (الشّباب راجعة كزدرة): الكزدرة هي المَشيُ البَطيء لأجل التَرفيه والتّسلية عن النفس، بلا استعجالٍ أو قلق. وفي أحداث يوم 7 أكتوبر\تشرين الأول المجيد خرج صوتٌ من أحد المُقاومين وهو يُصور فيديو أثناء عودتهم لقطاع غزة بعد إنجاز مهماتهم، قائلا: "هي الشباب راجعة كزدرة". بمعنى أنهم نفذوا العملية براحتهم و أجهزوا على العدو، وعادوا دون قلق أو خوف أو استعجال.
6- نَقْلَة أَسرى: النّقلة اسم مَرَّة من نقَلَ، أي نَقْلَةٌ واحدة، وجمعها نَقْلات، وَتُقالُ لمن يَنقل الأمتعة، وقد استُخدِمَت الكَلمة لمّا عَبرَ الأهالي إلى مُستمعرات غلاف غزة على إثر اقتحام المقاومة لها، وبدأوا بجمع ما وجدوه ونقله إلى غزة، وبعضهم أخذ أسرى ونقلهم بسيارته أو على دراجته إلى غزة، ثُم عادوا مرة أخرى كي يُحضروا نقلة أخرى. ومن الطُرف التي انتشرت بأكثر من صيغة، عتاب إم لابنها لأن ابن خالته أحضر نَقلتين من الأسرى.
7- هات كَلبشات "مرابط": في أحد الفيديوهات التي بُثّت أثناء الهجوم على قواعد الاحتلال، خرج صوتُ مُقاومٍ يقوم بتقييد جنود الاحتلال لأجل اقتيادهم أسرى، فصرخ على رفيقه: "هات كلبشات"، بمعنى أحضر لي قيودًا بلاستيكية "مرابط" لتقييد هذا الجندي. وكان واضحًا بالفيديو العدد الكبير من هؤلاء الأسرى الجنود.
8- جيب التُّويوتا: ارتبطت سيارات الدفع الرباعي من نوع (تويوتا) في غزة بالمقاومة الفلسطينية، وهناك عمليات ومشاهد مُهمة أسهمت في ذلك، وكان آخرها الهجوم لسيارات الدفع الرباعي على معسكرات ومستعمرات الاحتلال في معركة طوفان الأقصى. بل ومن طرف الأمر أن أحد الشباب طلب إعارته جيب تويوتا كي يُغير به على مدينة روابي باعتبارها رمزًا للمدينة الطارئة على شكل المعمار الفلسطيني.
9- حافي: أي حافي القدمين، وهي من التعليقات التي انتشرت على صورة لأحد المقاتلين الفلسطينيين من كتائب القسام الذين اقتحموا مُستعمرات غلاف غزة، حيث كان حافي القدمين ويرتدي (بيجامة) وكأنه في جولة داخل حديقة منزله، وليس في حرب على هذا المستوى.
10- على رجل واحدة: عبارة جاءت في خطاب الناطق باسم «كتائب عز الدين القسّام» أبي عبيدة، خلال تهديده للاحتلال، وهي توحي بأنّ الآتي بالنسبة لهم شديدٌ وصعب، وأن على الاحتلال الحذر والترقّب لما سيحلّ به من ضربات المقاومة.
11- روح يا مهدي.. شد يا مهدي: انتشر مقطع فيديو عبر السوشيال ميديا لطفلين من غزة يعملون في الصيد في البحر، وبعفوية يقوم موسى بالحديث مع ابن عمه مهدي الذي يسحب القارب مشجعًا اياه: "اربط الحبل يا مهدي، روح يامهدي، شد يا وحش، الحسكة طايرة طير.."، لتتحول هذه الجمل العفوية لـ "ترند" على وسائل التواصل الاجتماعي. وفي اليوم الأول لمعركة طوفان الأقصى صارت هذه الجملة أيضًا ترند لوصف عمليات تدافع المدنيين إلى مُستعمرات الغلاف وجلب الغنائم، وسمعت أثناء حث بعض الشباب للمقاومين كي يثأروا من جنود الاحتلال.
12- في تغريدة؟ في خطاب؟: يُقصد بهذه الجملة الاستفهامية هل هناك تغريدة أو هل خطاب لأبو عبيدة الناطق باسم كتائب القسام، وأحياناً ترد من غير صيغة الاستفهام، بحيث تُنشَر للإعلان عن وجود تَغريدة من باب الفرح بها والاستبشار بما سيقول الرجل الصادق.
13- الطحن عَ الراس: بمعنى الضرب والقتل على مستوى عالي ويستهدف الرؤوس، وقد وردت الجملة في فيديو وصية الشهيد تامر الكيلاني من نابلس، أحد مُقاتلين عرين الأسود حين قال: "الطحن عَ الراس يابا".
14- عَسقولة: تسمية استخدمها الفلسطينيون لوصف مدينة عسقلان المُحتلة، وذلك على إثر الصواريخ التي انهالت عليها، من قبل فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة، وعسقولة تصغير لاسمها عسقلان، وذلك تحقيرًا لقدرة جيش الاحتلال أمام ضربات المُقاومة.
15- طَل المُلثم: بمعنى ظهر المُقاوم المُلثم، لأجل الإدلاء بتصريح أو تقديم خطاب، والمثلم هو أبو عبيدة الناطق باسم كتائب الشهيد عزالدين القسام. وشهرته بالمُلثم لأنه لا يُعرف عنه شيءٌ سوى أنه "أبو عبيدة" ويظهر مُلثمًا بالكوفية الحمراء. وهو أشهر شخصيات المقاومة شُهرة وحضورًا في فلسطين بعد أبو خالد الضيف.
16- بَلغْلِي نَشاط على تَل أبيب: أَصلُها مَقولَةٌ للشّهيد أدهم مبروكة المُلقب بـ "الشيشاني"، من مُقاتلي عرين الأسود في نابلس، وكان يقول فيها: "بلغلي نشاط على حُوارة"، وذلك كلما نَفذوا عملية على هذا الحاجز الاستعماري، ثم صارت الجملة وسمًا لعمليات عرين الأسود والمقاومة في الضفة الغربية. ويوم الاقتحام الكبير السابع من أكتوبر اقتبس بعض الشباب هذه الجُملة فقالوا: "بلغلي نشاط على تل أبيب".
17- فَطَسَ: فَطَسَ يَفطِس، فَطْسًا وفُطوسًا، فهو فاطِس وفطيسة، وتقال لمن يموت من غيرة علّة ظاهرة، أو من يموتُ مَغمومًا مَقهورًا. وَتُستَخدمُ الكَلمةُ باللّسانِ الدّارِج في فلسطين لِوَصفِ مَن يُقتَلون من الأعداء بأيدي المُقاومة الفلسطينية قَتلًا بالاشتباك والعَمليات، أو بِفعلِ الصَّواريخ.
18- علمنا عليهم: عَلّمَ عَليه أي تَرك عليه علامة، وهي مداعاةٌ للمذلة ومعيارٌ في المهانة، ذلك أنها مصطلح شعبي عامي بمعنى تركنا بفعلنا البطولي الشجاع علامة على الاحتلال تدل على بأسنا وتشير لضعفهم. ومن هتاف الشبان الفلسطينيين: "عَلمنا عَليهم وَقلعنا عِينهم".
19- طَعجناهُم طَعِجْ: طَعَجَ يَطعَجُ طَعْجَاً، أي ثناهُ وهَشّمَه، وطعج الشيء ثناه، وإناءٌ مطعوجٌ أي حالته سيئة، ولا يصلح للاستخدام، وطعج المِسمار أي ثناه بفعل الضرب على رأسه، وطعجنا الجنود طعج: بمعنى كسرنا شوكتهم وهَشّمنا كرامتهم بضربهم الضربة القاضية يوم السابع من أكتوبر\تشرين الأول المجيد.
20- سَماع دَوي زَغاريد: الدّوي يكونُ لانفجار القُنبلة ذاتُ الصّوتِ العالي، لكنّ قيامَ أهالي غزة باقتياد أسرى من المُستعمرين صباح السابع من أكتوبر\تشرين الأول، والتوجّه بهم إلى غزة في وَضَحِ النّهار، دَفَعَ النّساءَ عِند رُؤيتهم لإطلاق زغاريد الفرح بهذا الفعل البطولي، فَعَلّق بعضهم بأن هُناك "دَوي زغاريد في كُل غزة".
هذه بعض مصطلحات معركة طوفان الأقصى العامية التي استخدمت في الساعات والأيام الأولى من المعركة، وهناك غيرها الكثير مما هو جديرٌ دائمًا بأن يُوثق ويجمع، لأن لُغة الشارع هي الصدى الحقيقي لوقع الأحداث وأهميتها، وبمقدار حضور الحدث في المحكي الشعبي لغة ومثلًا وحكاية وأغنية نُدرك حجمه وأثره الحقيقي الباقي في الذاكرة الجمعية.
