الترا فلسطين | ترجمة فريق التحرير
استعرض المؤرخ الإسرائيلي ادم راز، مجازر ارتكبها جيش الاحتلال بحق فلسطينيين في قطاع غزة خلال العدوان الثلاثي على مصر، وذلك في مقال نشرته صحيفة "هآرتس" في ملحقها الأسبوعي الصادر، الجمعة. وحمل المقال عنوان: "رئيس الحكومة الإسرائيلية صادق على قرار مختصر: جنودنا كانوا مضطرين لإطلاق النار على المشاغبين، فقُتل 48 شخصًا".
جرائم الحرب التي نفذها الجنود الإسرائيليون خلال العدوان الثلاثي تم ذكرها على نحو في غاية الاختصار، وتطرقت فقط للأسرى العرب
واستهلَّ راز مقاله مُذكّرًا بقصة قصيرة عنوانها "النهاية المرة للسيد د"؛ نشرها الأديب ماتي مغاد في صحيفة "لمرحاف" بعد أسابيع من احتلال قطاع غزة وفرض الحكم العسكري عليه، وهي قصةٌ من وحي الخيال لكنها تُلمح إلى المذابح التي نفذها جنود الاحتلال في القطاع إبان العدوان الثلاثي وبعده.
اقرأ/ي أيضًا: تحقيق إسرائيلي يكشف تفاصيل مرعبة إبان النكبة
في هذه القصة المُتخيَّلة، وصف مغاد انتهاكات الحاكم العسكري لإحدى مدن قطاع غزة، بما في ذلك أعمال العنف والاغتصاب والذبح التي نفذها جيش الاحتلال في المدينة المفترضة. تحدثت القصة أيضًا عن اغتصاب جنود لامرأة فلسطينية بموافقة الحاكم العسكري، وقد اعتبر المؤرخ زار أن نشرها كان نتيجة خطأ وقعت فيه الرقابة العسكرية على وسائل الإعلام في "إسرائيل".
وقال راز، وهو مؤرخٌ معروف بتوثيق المجازر الإسرائيلية، إن جرائم الحرب التي نفذها الجنود الإسرائيليون خلال العدوان الثلاثي تم ذكرها على نحو في غاية الاختصار، وتطرقت فقط للأسرى العرب، مشيرًا لاعتراف اريه بيرو (قائد في كتيبة 890) أنه أثناء الحرب أعدم أسرى مصريين لأنه لم يكن لديهم متسعٌ من الوقت للانشغال بالأسرى.
وتساءل راز: "لماذا بعد مرور عشرات السنوات على احتلال قطاع غزة، الوثائق التاريخية التي بيدنا حول ما جرى في غزة شحيحة جدًا؟". ثم أجاب: "أحد الأسباب يكمن في وثيقة سياسية داخلية أعدت عام 1988 في أرشيف الجيش الإسرائيلي، قدمت توجيهات تتضمن الشروط اللازمة لإتاحة الملفات أمام المؤرخين. البند رقم 3 منها يحظر الاطلاع على المواد التي من شأنها إلحاق أذى بصورة الجيش وإظهاره بصورة جيش محتل بلا أخلاق". وهذه الأفعال، وفق راز، هي: الذبح والاغتصاب والسطو والسلب والنهب.
وثيقة سياسية داخلية في أرشيف الجيش الإسرائيلي تحظر الاطلاع على المواد التي من شأنها إظهاره بصورة جيش محتل بلا أخلاق
وأوضح، أن "الجمهور اليهودي" في "إسرائيل" لا يعرف عن الأحداث الدامية التي وقعت في خانيونس يوم 3 تشرين ثاني/نوفمبر 1956، ثم في مدينة رفح بعد 9 أيام، مشيرًا إلى أن أهل المدينتين يُحيون سنويًا ذكرى المجزرتين، "وفي إحدى فعاليات إحياء الذكرى الأخيرة طالب وزير العدل سليم السقا بإعادة التحقيق في المجزرة، بينما اتهم رئيس بلدية خانيونس علاء الدين البطة، منظمات حقوق الإنسان بأنها لم تكرس اهتمامها للتحقيق في المجزرة".
وأشار راز إلى أن الرواية الفلسطينية تتحدث عن 275 شهيدًا ذهبوا ضحية المجزرة في خانيونس، ثم 111 شخصًا قُتلوا في مجزرة رفح، موضحًا أنه بعد مطالعة المواد الأرشيفية لاحظ أن المواد المتعلقة بتوثيق مجزرة خانيونس شحيحة جدًا، إلا أن صورة كاملة تتوفر لمجزرة رفح، وفق عدة وثائق إسرائيلية أرشيفية.
والوثائق المذكورة، بحسب راز، تشير لاندلاع مظاهرات ضد الاحتلال بعد إعلان رئيس حكومته ديفيد بن غوريون قبوله بقرار الأمم المتحدة الذي يفرض على "إسرائيل" الانسحاب من المناطق التي احتلتها. آنذاك، قالت وزارة الخارجية الإسرائيلية في بيان إن "الجيش اضطر لوقف المظاهرات بالقوة، والأمور وصلت حد إطلاق النار على الجموع، فقُتِل 30 عربيًا".
وواصل راز سرد أحداث مجزرة رفح، مستندًا للوثائق الأرشيفية الإسرائيلية، فقال: "بعد يوم من التظاهرات الدامية جمعت الكتيبة 44 من لواء النقب بقيادة دفيد إليعازر (الملقب دادو) الرجال من سن 18 حتى 45 سنة في ثلاثة أقفاص (..) وانحدرت الأوضاع لتتحول سريعًا إلى حمام دم. وبحسب الرواية المعروضة في شهادة قائد الوحدة، فإن وحدته استخدمت الرصاص الحي في مواجهة الذين حاولوا الهرب، ونتيجة ذلك قُتل 30 مدنيًا آخرون. لكن لاحقًا قدر أحد سكان غزة عدد الضحايا بأنه لا يزيد عن 40 شخصًا، في شهادته أمام ممثلي الأمم المتحدة".
اقرأ/ي أيضًا:
إيلان بابيه يفضح "فكرة إسرائيل"
كتاب إسرائيلي يوثق النهب اليهودي لأملاك العرب إبان النكبة