13-يونيو-2024
حزب الله واسرائيل

سيناريو حرب واسعة النطاق مع حزب الله في لبنان، أرهـق منظري الحرب الإسرائيليين بحثًا منذ حرب لبنان الثانية. وفي السجال المحتدم حاليًا في إسرائيل، هناك إجماع على "غياب استراتيجية لدى المستوى السياسي" بخصوص المواجهة مع حزب الله، وعلى المستوى العسكري الصرف تُطرح التساؤلات حول قدرة الجيش على الانتقال من مرحلة "الدفاع النشط إلى مرحلة الهجوم المحدود أو الواسع، وهل من الممكن إحكام السيطرة على  جنوب لبنان وصولاً لنهر الليطاني، وحول جدوى ذلك أصلا".

يُلخص المعلقون والمحللون الإسرائيليون مخاطر التصعيد مع حزب الله في العناوين التالية: الشلل الذي سيعم الدولة، النقص الحاد في القوات البرية، الجيش غير مبني لحروب طويلة،  أهداف غير قابلة للتحقيق، إدارة مخزون الذخيرة

استراتيجيًا، التقييم السائد في إسرائيل للتصعيد مع حزب الله، هو أنها حرب استنزاف محدودة، وهي واحدة من سبع جبهات، وفق تشخيص الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الإسرائيلية عاموس يدلين، الأساسية منها هي غزة، والثانوية هي لبنان، والأكثر خطورة هي الضفة الغربية وداخل الخط الأخضر، ثم اليمن والعراق.

أما الجبهة السابعة، فهي المستوى الدولي، حيث محكمة لاهاي والاحتجاجات الطلابية و"نزع الشرعية عن إسرائيل" حسب وصف يدلين في حديث لقناة 12 الإسرائيلية.

ويُلخص المعلقون والمحللون الإسرائيليون مخاطر التصعيد مع حزب الله في العناوين التالية: الشلل الذي سيعم الدولة، النقص الحاد في القوات البرية، الجيش غير مبني لحروب طويلة،  أهداف غير قابلة للتحقيق، إدارة مخزون الذخيرة، وإلى جانب ذلك كله، فإنهم يربطون بين الخيارات تجاه حزب الله والوضع في الشمال من جهة والمواجهة مع المقاومة في غزة من جهة أخرى.

عن الارتباط بين الجبهتين، لبنان وغزة، يُشير اللواء احتياط نوعام تيفون، قائد الفيلق الشمالي سابقًا في حديث للقناة 13، إلى تصريحات صالح العاروري المتكررة عن مبدأ وحدة الساحات، ويقول: "نحن نواجه الآن وضعًا نتعرض فيه لحرب استنزاف في الجبهة الشمالية وكذلك في الجنوبية، يرافقه عجز عن الحسم منذ 8 شهور في غزة. هذه المعادلة يجب أن تتغير".

آفي ديختر، وزير الزراعة الإسرائيلي؛ الذي شغل سابقًا منصب رئيس الشاباك، في حوار مع القناة 14، أجاب على سؤال "ما الذي تنتظره إسرائيل؟" بقوله: "نحن نخوض حربًا في الجنوب، وحربًا، بمواصفات أخرى، وهي حرب استنزاف صعبة في الشمال"، مؤكدًا أن "من الأفضل لإسرائيل عدم الدخول في حرب على الجبهتين في الوقت ذاته، رغم أنه ﻻ توجد مشكلة لدى الجيش في القتال بضراوة في غزة ولبنان معًا، لكن الجيش قرر أنه سيركز جهوده في غزة" على حد قوله.

روعي شارون، المحلل العسكري في هيئة البث "كان"، أكد أن المستوى السياسي الإسرائيلي لا يملك استراتيجية بشأن الوضع مع لبنان، وأن هناك خلافات داخل المنظومة اﻷمنية، "فهم ﻻ يريدون اﻻنجرار إلى حرب شاملة مع حزب الله، وإن لم يكن هناك خيار فإن إسرائيل ستذهب إلى ذلك، لكنها تفضل أن يكون ذلك بمبادرة منها وليس نتيجة تدهور الوضع، ﻷننا اﻵن كما يبدو في مسار التدهور".

من جانبه، ميكي روزنتال،  المحلل  السياسي  وعضو كنيست السابق، قال إن الكثير من قادة الجيش السابقين الذين خرجوا من الخدمة قبل فترة وجيزة وهم مطلعون على كفاءة الجيش وقدارته، يؤكدون أن المبادرة لحرب واسعة مع حزب الله ستنتهي بكارثة، "فالجيش، ومما أعرفه، ليس جاهزًا لحروب تستمر لمدة ثمانية شهور".

وأضاف روزنتال: "كان على إسرائيل خوض حرب لمدة شهر وإنهاؤها، ولو فعلوا لما تورطنا مع العالم".

اللواء احتياط اليعيزر ماروم، وهو قائد سـﻼح البحرية سابقًا، قال للقناة 12 إن المبادرة لحرب مع لبنان  تحتاج إلى قوات، وبالتالي يجب إيجاد طريقة للانتهاء من غزة، ونقل القوات إلى الشمال، ثم القيام بمبادرة ما.

وأضاف ماروم: "يجب أن نفعل ذلك ونحن أقوياء على امتداد الحدود، وليس اﻵن، ونحن ننجر بقوة ليست قادرة على تنفيذ عملية برية قوية في لبنان".

إيتاي بلومنتال، مراسل الشؤون العسكرية في هيئة البث "كان"، قال إن لدى قادة الأجهزة اﻷمنية والجيش قناعة بأن على المستوى السياسي أن يتخذ قرارًا اﻵن من أجل تغيير الواقع غير المحتمل في الشمال، والتحول من الدفاع إلى الهجوم، والمعنى الواضح لذلك، هو تحويل الشمال إلى الجبهة الرئيسية، وغزة إلى جبهة ثانوية.

وأكد بلومنتال، أن قيادة المنطقة الشمالية في الجيش يواصلون اﻻستعداد لحرب ضارية ستشمل عملية برية سيكون ثمنها حياة جنود.

لكن الشرط اللازم لتحويل لبنان إلى جبهة أساسية سواءً بالتصعيد أو الحرب الشاملة، يتطلب في رأي الكثير من الخبراء العسكريين الإسرائيليين، استكمال الجزء الأول من الحرب على غزة، وهذا يعني فعليًا إنهاء الجزء الأخير من المرحلة الأولى من الحرب باحتلال رفح بالكامل، وقطع خطوط الإمداد المزعومة التي تغذي حماس بالذخيرة والسلاح أسفل محور فلاديلفيا عبر الأنفاق، والانتقال إلى العمليات المحدودة والخاطفة التي لا تتطلب عددًا كبيرًا من القوات، حيث سيصبح متاحًا نقلها إلى الشمال، والتقديرات أن الوصول لهذه المرحلة يتطلب شهرًا ونصف على الأقل في أكثر السيناريوهات تفاؤلاً.

الشرط اللازم لتحويل لبنان إلى جبهة أساسية سواءً بالتصعيد أو الحرب الشاملة، يتطلب في رأي الكثير من الخبراء العسكريين الإسرائيليين، استكمال الجزء الأول من الحرب على غزة

ولا تستبعد معظم السيناريوهات في إسرائيل قدرة حزب الله على شل الدولة من كريات شمونة شمالاً حتى إيلات جنوبًا، فهو يملك عددًا ليس بالقليل من الصواريخ الدقيقة القادرة على تدمير منشآت استرايتجية في تل أبيب، على رأسها المطارات المدنية والعسكرية ومحطات توليد الكهرباء.

الرهان الإسرائيلي، أو بتعبير أدق، المقامرة، تقوم على افتراض تكرار النجاح المزعوم في الضربة الجوية الأولى في حرب لبنان الثانية، التي يقول الإسرائيليون إنها أفقدت حزب الله غالبية ترسانته من الصواريخ بعيدة المدى حينها.

غيورا ايلند، وهو واحد من أبرز منظري الحرب الإسرائيليين، ورئيسٌ سابقٌ لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي، يواظب على دعوة الحكومة الإسرائيلية لإنهاء الحرب في غزة بصفقة تبادل تشمل أيضًا لبنان، ويؤكد في الوقت ذاته أن سلوك حزب الله وإسرائيل في المواجهة الحالية تجري وفقًا لقواعد الاشتباك الجديدة التي فرضها حزب الله بعد السابع من أكتوبر، "فعندما توسع إسرائيل نطاق قصفها واستهدافاتها يأتيها الرد بالمثل والعكس صحيح" حسب قوله.