انطلق الإعلام الإسرائيلي، في إطار العدوان المستمر على مخيمات الضفة الغربية، بتبرير أسباب العملية العسكرية والمسماة "المخيمات الصيفية".
وأفاد عاموس هرئيل، المحلل العسكري لصحيفة "هآرتس"، بأن جيش الاحتلال الإسرائيلي يواصل تنفيذ ثلاث عمليات واسعة النطاق تستهدف مناطق جنين، ومخيم الفارعة في الأغوار، ومخيم نور شمس في طولكرم. ويرى أن هذا يعكس هذا التصعيد زيادة ملحوظة في حجم الإنذارات بوقوع مواجهات وشيكة.
يعتبر هرئيل أن القتال في الضفة الغربية منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر هي الأكثر عنفًا منذ نهاية الانتفاضة الثانية عام 2006، حيث تجاوز عدد الشهداء الفلسطينيين 600 شخص خلال عشرة أشهر ونصف. مضيفًا أنه رغم ذلك، لم يشهد الجمهور الفلسطيني مشاركة واسعة في التصعيد على غرار الانتفاضات السابقة، إلا أن الوضع الحالي قد يشهد تصاعدًا كبيرًا في التوتر.
قال هرئيل إن التهديد الرئيسي يأتي من شمال الضفة الغربية، خاصة في مخيمات اللاجئين
وفي إطار المناقشات الجارية بين رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وقادة الجيش والمخابرات، أشار هرئيل إلى إمكانية التركيز على الحدود مع لبنان وجهود وقف إطلاق النار في غزة والشمال. إلا أن العمليات في الضفة الغربية قد تجعلها ساحة رئيسية للنزاع، "خاصة مع تزايد النشاط المسلّح في مناطق مثل جنين وطولكرم ونابلس، حيث تتزايد أعداد المجموعات المسلحة المدعومة من الخارج"، بحسب ادعائه.
وادعى هرئيل أن "التهديد الرئيسي يأتي من شمال الضفة الغربية، خاصة في مخيمات اللاجئين، حيث تُموَّل وتُسلَّح التنظيمات المسلحة من دول مثل إيران وسوريا ولبنان وتركيا، مع سهولة تهريب الأسلحة عبر الحدود الشرقية مع الأردن. والحاجز الأمني [الجدار العازل] الذي أُقيم خلال الانتفاضة الثانية أصبح مهملًا وغير فعال، مما يسهل تسلل الأسلحة والمقاتلين".
وأوضح عاموس هارئيل أنّ "الجيش الإسرائيليّ لديه حاليًّا 19 كتيبة في الضفّة الغربيّة، بما في ذلك سبع كتائب منتشرة على طول الخطّ الفاصل (وهناك أيضًا بعض كتائب حرس الحدود، بالإضافة إلى ذلك). في بداية الحرب، كان هناك 30 كتيبة في الضفّة الغربيّة، وخلال الانتفاضة الثانية، كان العدد أكثر من ضعف ذلك".
وأضاف: "على هذا فإنّ أيّ ثوران أكثر خطورة في الضفّة الغربيّة سوف يتطلّب إرسال قوّات إضافيّة إلى هناك. وهذا من شأنه أن يفرض عبئًا إضافيًّا على قوّات الاحتياط الإسرائيليّة، الّتي أصبحت منهكة بالفعل، بسبب الحاجة إلى الدفاع عن نحو 500 ألف إسرائيليّ يعيشون هناك".
أما فيما يتعلق بتزايد العنف من المستوطنين ضد القرى الفلسطينية، لاحظ هرئيل أن المستوطنين يشعرون بالدعم من ممثليهم في الائتلاف الحكومي. وختم تحليله عن الضفّة، بالقول: "الجيش الإسرائيليّ وجهاز الأمن الداخليّ الإسرائيليّ لا يتعاملان مع منطقة يمكن تطويقها واحتواؤها، بل مع منطقة مفتوحة على مصراعيها، حيث يتزايد عدد الرجال المسلّحين، وعدد الأسلحة، والدافع إلى القتال، وخاصّة منذ السابع من تشرين الأوّل/أكتوبر. وكلّ هذا يتفاقم بسبب اليمينيّين الّذين يصرّون على الاستمرار في تأجيج النيران. والواقع أنّ المسجد الأقصى يشكّل القضيّة الأكثر تفجّرًا على الإطلاق".
أشار محلل الشؤون العسكرية للقناة الـ14 الإسرائيلية، إلى أن الأسابيع الماضية شهدت محاولات جدية من حماس والجهاد الإسلامي لتنفيذ عمليات كبرى داخل إسرائيل، في إطار محاولة التلويح باحتمالية اندلاع انتفاضة ثالثة قريبًا
من جانبه، صرح أمير بار شالوم، محلل الشؤون العسكرية لإذاعة الجيش، للقناة الـ12 الإسرائيلية، بأن "العمليات تتركز في ثلاث مناطق رئيسية تُعرف بـ"مثلث الإرهاب" بين جنين وطولكرم، والتي تشمل مخيم طولكرم، ومخيم نور شمس، ومخيم جنين". وقارن بار شالوم العمليات الحالية بما يسمى بعملية "السور الواقي" في عام 2002، مشيرًا إلى أن الضفة الغربية أصبحت جبهة رئيسية وسط الحرب في الجنوب والشمال، حيث تزداد محاولات اجتثاث التنظيمات الفلسطينية.
أما نير دفوري، مراسل الشؤون العسكرية للقناة الـ12 الإسرائيلية، فقد أشار إلى أن المشكلة الرئيسية تكمن في تفشي استخدام العبوات الناسفة، التي وصلت إلى تل أبيب، مما دفع جيش الإسرائيلي إلى مواجهة هذا الخطر بتفكيك البنى التحتية مثل مختبرات تصنيع المتفجرات والوصول إلى المخابئ.
وفي نفس السياق، أكدت كرمل دنغور، مراسلة قناة "كان 11" في الضفة الغربية، أن العمليات ستتركز في الأيام المقبلة في منطقتي جنين وطولكرم، مع توقع استمرارها لعدة أيام. وأوضحت دنغور أن الجيش يستخدم أساليب التضليل والخداع، مع إمكانية "إخلاء منظم للسكان من مناطق القتال المتوقعة إذا استدعى الأمر".
وأشار نوعام أمير، محلل الشؤون العسكرية للقناة الـ14 الإسرائيلية، إلى أن الأسابيع الماضية شهدت محاولات جدية من حماس والجهاد الإسلامي لتنفيذ عمليات كبرى داخل إسرائيل، في إطار محاولة التلويح باحتمالية اندلاع انتفاضة ثالثة قريبًا.
وتناولت افتتاحية صحيفة "جيروزاليم بوست"، عدوان الاحتلال على شمال الضفة، وجاءت بعنوان "الاضطرابات في الضفة الغربية: المعركة التي تم تجاهلها في خضم حرب غزة"، قائلةً إن عملية الجيش الإسرائيلي تسلط الضوء "على التهديد المتزايد الذي تشكله الخلايا في المناطق الفلسطينية، في حين يشكل الارتفاع في العنف اليهودي تحديًا لقوات الأمن الإسرائيلية".