04-سبتمبر-2024
مفاوضات التبادل

(Getty) أيام حاسمة تنتظر مفاوضات صفقة التبادل

تواصل الإدارة الأميركية، الاهتمام الصحفي في صفقة التبادل ووقف الحرب في غزة، وتتحدث عن صفقة التبادل في العلن بشكلٍ "إيجابي"، رغم مواصلة نتنياهو "التعنت". وتشير المصادر الصحفية، إلى الأجواء الإيجابية التي تعممها الولايات المتحدة "ليست لها صلة حقيقية بالواقع". يترافق ذلك، مع تقارير إعلامية سابقة، عن نية الإدارة الأميركية، تقدم مقترح "للرفض أو القبول".

وقال عضو القيادة السياسية لحركة حماس في لبنان، بسّام خلف، في تصريح خاص لـ"الترا فلسطين"، إن الحركة لم يصلها أي شيء رسمي حتى اللحظة من الوسطاء حول مقترح جديد لصفقة تفضي إلى إنهاء الحرب، وذلك عقب تصريحات أميركية رسمية حول ذلك.

قال مصدر في الائتلاف الحكومي الإسرائيلي: "لقد قرر بنيامين نتنياهو قبل بضعة أسابيع أنه لا يريد التوصل إلى اتفاق، وعندما أصبح ذلك ممكنًا، تعرض لضغوط وفعل كل ما في وسعه لإفشاله"

وفي وقت سابق من يوم أمس، قال مستشار الأمن القومي الأميركي جون كيربي إن الولايات المتحدة تعمل على مقترح للتبادل ووقف اللحرب في القطاع.

قالت هيئة البث العامة الإسرائيلية، إن الوسطاء يعتزمون، يوم الجمعة المقبل، نشر "خطة حل وسط" بهدف التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل وحماس.

وأكدت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، استمرار إدارة بايدن في الإصرار علنًا على أنها ملتزمة بالمفاوضات بشأن اتفاق التبادل ووقف إطلاق النار في قطاع غزة، لكن كبار المسؤولين في الحكومة يعبرون عن "اليأس والإحباط" بشأن حالة المحادثات، خاصة بعد أن وافق الكابنيت الإسرائيلي، الأسبوع الماضي، على قرار يعارض الانسحاب من ممر فيلادلفيا في سياق اتفاق. وكان هدف الرسائل العامة للإدارة الأميركية، وفقًا لأحد المسؤولين، هو السماح للمحادثات بالاستمرار، على أمل حدوث اختراق. وقال: "إن الرسائيل، ليس لها صلة حقيقية بالواقع".

ويكرر الرئيس الأميركي  جو بايدن ووزير الخارجية أنتوني بلينكن والمتحدث باسم الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي كل بضعة أيام أن تقدمًا تم إحرازه في المحادثات، وأن الفجوات بين إسرائيل وحماس يمكن سدها وأن الاتفاق في متناول اليد، إذا وافق الجانبان على التسوية.

وتوجه الإدارة الأميركية رسائل مماثلة إلى الصحفيين في الولايات المتحدة، وتكررها في محادثات مع عائلات الأسرى الذين يحملون الجنسية الأمريكية. وأجرى مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان محادثة من هذا القبيل يوم الأحد.
ووفق "هآرتس": "خلف الكواليس، تدرك الإدارة الأميركية جيدًا أن المحادثات وصلت إلى طريق مسدود بسبب إصرار نتنياهو على قضية ممر فيلادلفيا، ويبدو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي ويحيى السنوار، يرفضان اتخاذ الخطوات اللازمة للتوصل إلى اتفاق في هذا الوقت"، وفق الصحيفة الإسرائيلية. وقال المسؤول الأميركي: "نريد هذا الاتفاق أكثر منهم. نحن ندفع ونحاول بكل الطرق الممكنة. إذا استسلمنا فلن يتعامل أحد مع هذه القضية بعد الآن. ليس لدينا خيار".

وقالت "هآرتس": "في الإدارة الأميركية، هناك العديد من المسؤولين من المستوى المتوسط ​​الذين يعبرون عن إحباطهم وخيبة أملهم إزاء الخط العام الذي اتخذه كيربي وسوليفان وبلينكن وآخرون، الذين يتجنبون الانتقادات المباشرة لنتنياهو لصالح رسائل غامضة حول الحاجة إلى التوصل إلى اتفاق". من ناحية أخرى، أكد بايدن نفسه يوم الإثنين، ردًا على سؤال أحد الصحفيين إن نتنياهو لا يبذل جهدًا كافيًا للتوصل إلى صفقة التبادل. لكن هذه الملاحظة لم تجد تعبيرًا أكثر تفصيلًا في رسائل البيت الأبيض بشأن المفاوضات.

بدورها، قالت حركة حماس، في بيان قصير ترافق مع نشر مقطع فيديو عن الأسرى في غزة: "يتوقف العدوان يعود الأسرى أحياء، إذا استمر العدوان سيبقى مصيرهم مجهولًا، كل يوم يستمر فيه نتنياهو بالحكم قد يعني تابوتًا جديدًا، القرار لكم".

ووفق "يديعوت أحرونوت"، فقد حذر الجيش الإسرائيلي "المستوى السياسي في إسرائيل"، من أنه "بدون التوصل إلى اتفاق تبادل، فإن أي عملية برية واسعة النطاق" ستعرض حياة الأسرى للخطر.

وقال مسؤول كبير في الجيش الإسرائيلي: "سيتعين على الحكومة أن تقرر ما إذا كانت ستتحمل المسؤولية عن حياتهم"، أي الأسرى في غزة.

نتنياهو يحاول تدمير الصفقة

وقال مصدر في الائتلاف الحكومي الإسرائيلي: "لقد قرر بنيامين نتنياهو قبل بضعة أسابيع أنه لا يريد التوصل إلى اتفاق، وعندما أصبح ذلك ممكنًا، تعرض لضغوط وفعل كل ما في وسعه لإفشاله. لقد وجد وتأكد من أن ممر فيلادلفيا سيكون قادرًا أيضا على تجنيد الجناح الأيمن إلى جانبه، وأنه يمكن أن يكسب نقاطًا هناك، ووقعت وسائل الإعلام في هذا الدوران وهي مشغولة طوال اليوم بسؤال نعم أو لا لمحور فيلادلفيا، في حين أن السؤال الحقيقي هو في الواقع إنقاذ المختطفين مقابل إنقاذ الائتلاف"، وفق ما ورد في "هآرتس".

وأوضحت الصحيفة الإسرائيلية، نقلًا عن مصدرها: "لا أحد من الوزراء، حتى أولئك الذين يعرفون أن نتنياهو يعرقل الصفقة، سيفعل يفعل شيئًا. البقاء السياسي يعتمد على حياة الحكومة، وبالتالي فإن هذا الوضع سيستمر. نتنياهو سيذهب إلى حرب لا نهاية لها لأن هذا هو الأفضل بالنسبة له".

وفي سياق متصل، أكد رئيس الموساد الإسرائيلي ديفيد برنياع، يوم الإثنين، للوسطاء في المحادثات مع حماس أن إسرائيل مستعدة للانسحاب من ممر فيلادلفيا، الذي يمتد على طول الحدود بين غزة ومصر، في المرحلة الثانية من صفقة التبادل، قبل ساعات من إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو علنًا أنه سيرفض القيام بذلك، بحسب ما ذكرته مصادر أجنبية مطلعة على المفاوضات لصحيفة "هآرتس". 

وأبلغ برنياع، الذي سافر بشكل عاجل إلى قطر يوم الإثنين، الوسطاء أن إسرائيل تقف وراء موافقتها على سحب جميع قواتها من المنطقة بما يتماشى مع خطة بايدن، طالما تم تلبية مطالبها العملياتية.

ولم ينف مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي هذه الرواية، ولم يكرر طلب نتنياهو بالبقاء في الممر لفترة طويلة. وبدلًا من ذلك، علق مسؤولون في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو بأن مجلس الوزراء الأمني ​​سيناقش القضية بشكل أكبر. وقال أحد المسؤولين: "لم يُطلب من مجلس الوزراء حتى الآن مناقشة أي جزء من الحالة الثانية للصفقة".

وقال مسؤول كبير شارك في المحادثات لصحيفة "هآرتس": "لقد وافق نتنياهو منذ فترة طويلة على الانسحاب الكامل للجنود من ممر فيلادلفيا والانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية. ولم يكن اليومان الماضيان سوى ضرر للمفاوضات. وكان المؤتمر الصحفي الذي عقده نتنياهو يهدف إلى إفشال الصفقة لأسباب سياسية. ولو لم تظهر هذه المطالب فجأة، لكانت الصفقة قد تم التوصل إليها منذ فترة طويلة".

في اجتماع متوتر عقد في نهاية شهر تموز/يوليو، أمر نتنياهو رؤساء فريق التفاوض الإسرائيلي بإعادة صياغة الاقتراح الإسرائيلي بحيث يتضمن مطلبًا بالسماح للقوات الإسرائيلية بالبقاء على طول ممر فيلادلفيا. وأخبر برنياع ورئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي رونين بار ومنسق الجيش لشؤون الرهائن نيتسان ألون نتنياهو أن عناده في هذه النقطة من شأنه أن يؤدي إلى نسف المفاوضات ويؤدي إلى مقتل الرهائن في الأسر. وقال مصدر مشارك في المحادثات لصحيفة هآرتس: "بمجرد إصراره على هذه القضايا، دمر الصفقة".

ورغم خطاب نتنياهو يوم الإثنين، فإن المفاوضات لم تنهار حتى الآن. وقال أحد المصادر الأجنبية: "لم تنته المفاوضات بعد. إن فرصة التوصل إلى اتفاق ضئيلة للغاية، لكن لم يقم أحد بتفجير المحادثات حتى الآن. ولم يعلن الفلسطينيون انتهاء المحادثات. ومن المحتمل أن يضطر نتنياهو إلى إظهار المرونة في النهاية".

الآن تنتظر إسرائيل وحماس أن تقدم الولايات المتحدة اقتراح تسوية جديدًا، وربما نهائيًا، ربما في غضون أيام. وقد وصفت بعض المصادر هذا الاقتراح بأنه صفقة "خذها أو اتركها". وهذا يعني أن إدارة بايدن ستحدد أن الصياغة غير قابلة للتغيير، مما يضطر نتنياهو والسنوار إما إلى الموافقة على جميع أحكامها أو رفضها، وهو ما من شأنه أن ينهي أي احتمالات للمضي قدمًا في الصفقة.

ويُنظر في إسرائيل إلى تصريح الرئيس الأميركي جو بايدن يوم الاثنين بأن نتنياهو لا يبذل جهدًا كافيًا للتوصل إلى اتفاق على أنه محاولة أمريكية للضغط على نتنياهو ليكون مرنًا قبل المخطط الأميركي. وقال مصدر: "ما قد يحدث الآن هو أن الولايات المتحدة ستعلن أنه في تنفيذ المرحلة الأولى من الصفقة، سيبقى انتشار إسرائيلي أصغر في فيلادلفيا، ظاهريًا كما تطالب إسرائيل، ولكن في المرحلة الثانية سيُطلب من إسرائيل سحب جميع قواتها". وأضاف المصدر: "سيُطلب من نتنياهو والسنوار أن يتقبلا الأمر".

وخلال مؤتمره الصحفي يوم الإثنين، عرض نتنياهو خريطة لقطاع غزة وزعم أن البقاء على طريق فيلادلفيا ضرورة سياسية واستراتيجية لإسرائيل.

وفي وقت سابق، كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، أن نتنياهو قدم ما وصفه بـ"وثيقة توضيحية" إلى الوسطاء في اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس، تتضمن تغييرات على الاتفاق الأصلي الذي اقترحته الولايات المتحدة في أيار/مايو الماضي، بناءً على ورقة قدمها نتنياهو نفسه.

لابيد: علينا إيقاف الحرب

بدوره، قال زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد، لأعضاء حزبه "يش عتيد" خلال اجتماع لكتلته في الكنيست، إن حكومة بنيامين نتنياهو "تفضل الحرب"، وطالما أن هذه الحكومة قائمة فإن الحرب ستستمر.

وأضاف: "لقد تحدث نتنياهو كثيرًا عن ممر فيلادلفيا خلال مؤتمره الصحفي مساء الإثنين لدرجة أن الجميع لم يلاحظوا أنه قال شيئًا آخر، على الرغم من أنه قاله ثلاث مرات، لقد قال: لا ينبغي للحرب أن تنتهي".

واستمر في القول: "إن ما يقوله نتنياهو وما تخبرنا به حكومته هو أننا في نسخة جديدة من لبنان. لقد استغرق الأمر منا 18 عامًا لمغادرة لبنان ويعرضون علينا نفس الشيء، سنوات من الحرب، وسنوات من الأزمة الاقتصادية، وسنوات من الدمار والخوف والعنف. هذا ما تعرضه علينا الحكومة. حرب ستستمر إلى الأبد. حرب أبدية لها ولن يكون لها تاريخ انتهاء أبدًا".

وأوضح: "دولة إسرائيل بحاجة إلى إنهاء هذه الحرب، وفقًا لشروطها الخاصة. إبرام صفقة رهائن وإتمام الصفقة. إن إنهاء الحرب يصب في مصلحة إسرائيل، ومصلحتنا الاقتصادية، ومصلحتنا السياسية".