27-أغسطس-2024
صفقة بدون تقدم

(Getty) قال القيادي في حركة حماس باسم نعيم للتلفزيون العربي: إن "الحركة غير مشاركة في أي مفاوضات بالقاهرة"

تحاول الولايات المتحدة، نشر الأجواء "الإيجابية"، حول مفاوضات صفقة التبادل في القاهرة، التي تشارك فيها فرق العمل المهنية من جانب الاحتلال الإسرائيلي، بينما أكدت حركة حماس على عدم حضورها وتمسكها في ثوابت الانسحاب الإسرائيلي من غزة والوقم الدائم للحرب. كما تتحدث مصادر إسرائيلية، عن انتقال المفاوضات إلى جوانب فنية، مرتبطة بمفتاح الصفقة، وتأجيل القضية التي قد "تساهم في انفجار المفاوضات"، مثل الاحتلال الإسرائيلي لمحور فيلادلفيا وممر نتساريم.

قالت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، إن إدارة بايدن "ستزيد جهودها في الأيام المقبلة لدفع عملية التبادل ووقف إطلاق النار في غزة مع، وهي تشجعت بحقيقة أن التصعيد الذي وقع يوم الأحد بين إسرائيل وحزب الله لم يتحول إلى حرب شاملة، أو يجتذب أطرافًا إقليمية أخرى".

جولة جديدة من المفاوضات في القاهرة، تستمر على مستوى فرق العمل الفنية، وحماس أكدت عدم المشاركة في المفاوضات

وقال مسؤول أميركي لصحيفة "هآرتس": "في يوم الأحد، في أثناء القتال بين إسرائيل وحزب الله، غادر وفد إسرائيلي لإجراء محادثات في القاهرة، وأجرى مناقشات مهمة مع المصريين. كان هذا تطورًا إيجابيًا ودليلًا على أننا نواصل المحادثات، على الرغم من كل شيء".

ووفق الصحيفة الإسرائيلية: "تأمل إدارة بايدن أن يوافق السنوار على مزيد من التنازلات في المحادثات بعد أن أصبح من الواضح أنه لا يتوقع حدوث تغيير كبير في القتال بين إسرائيل وحزب الله، والذي استمر في اليوم الماضي بتبادل إطلاق النار عبر الحدود، والذي لم يتصاعد بعد إلى حرب شاملة".

وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي، يوم الإثنين، إن التصعيد بين إسرائيل وحزب الله "ليس له أي تأثير" على المفاوضات التي جرت في القاهرة بين إسرائيل وحماس.

وأوضح كيربي "لم يؤثر ذلك على العمل الفعلي على الأرض من قبل الفرق التي تحاول التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار". وأضاف أن "القضايا التي سيتحدثون عنها ذات طبيعة أكثر تفصيلًا وتحديدًا؛ مما كنا قادرين على التحدث عنه عادة"، مثل تبادل الأسرى الذين تحتجزهم إسرائيل. واستمر كيربي في القول إن "بعض التفاصيل المتعلقة بمن سيُطْلَق سراحهم من الجانب الآخر وبأي وتيرة - هذا النوع من الأشياء".

وأشارت الصحيفة الإسرائيلية إلى أن ما حصل يوم الأحد "زاد ثقة الإدارة في إمكانية مواصلة المحادثات وحل بعض الخلافات التي تحول دون التوصل إلى اتفاق. ومع ذلك، فإن التفاؤل العام الذي عبر عنه كبار المسؤولين ــ مثل وزير الخارجية أنتوني بلينكن ــ يختلف عما يقوله مسؤولو الإدارة في المحادثات المغلقة حول حجم الفجوات التي لا تزال قائمة بين إسرائيل وحماس".

وبعد الجولة الإضافية من المحادثات التي بدأت في قطر قبل أسبوعين تقريبًا، واستمرت في الاجتماعات في القاهرة، لم يُتَوَصَّل إلى حل مقبول لقضية الاحتلال الإسرائيلي في محور فيلادلفيا وممر نتساريم، ولا يوجد أي اتفاق على طبيعة الانتقال الدقيق من المرحلة الأولى من الصفقة -والتي سيتم فيها إطلاق سراح النساء والأسرى المرضى والجرحى- إلى المرحلة الثانية، والتي من المفترض أن تشمل إطلاق سراح جميع الأسرى المتبقين.

أميركا تبث الإيجابية

وقال مسؤول أميركي كبير مطلع على المحادثات في القاهرة لـ"سي إن إن"، إن المفاوضين الذين يعملون على التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، أحرزوا تقدمًا خلال عطلة نهاية الأسبوع، حيث ناقش الوسطاء "التفاصيل النهائية" لاتفاق محتمل بما في ذلك أسماء الأسرى الذين سيُتَبَادَلُون كجزء من الاتفاق.

ورغم أن مثل هذا التقدم لا يضمن التوصل إلى اتفاق نهائي في أي وقت قريب، فإن المفاوضين في العاصمة المصرية يناقشون الآن "التفاصيل الدقيقة" للصفقة، وفقًا للمسؤول.

وأضاف المسؤول أن نقاط الخلاف المتبقية، رغم أهميتها، تعتبر "قابلة للتغلب عليها". وتتمثل إحدى القضايا في الاحتلال العسكري الإسرائيلي على جانب غزة من الحدود مع مصر، وهي المنطقة المعروفة باسم ممر فيلادلفيا. وتعارض حماس احتلال إسرائيل للمحور.

وقال المسؤول الأميركي، إن الاقتراح الحالي يدعو إلى انسحاب عسكري إسرائيلي من "مناطق ذات كثافة سكانية عالية" في غزة، وأن النقاش الحالي يركز على "الأجزاء من ممر فيلادلفيا التي تعتبر ذات كثافة سكانية عالية مقابل الأجزاء غير المأهولة بالسكان، حيث سيحافظ الجيش الإسرائيلي على وجوده في المرحلة الأولى من الاتفاق".

من جانبه، غادر وفد حماس التفاوضي القاهرة، يوم الأحد، مؤكدا علناً مطلب الحركة بأن يتضمن أي اتفاق "وقف إطلاق نار دائم، وانسحاب كامل من قطاع غزة، وحرية عودة السكان إلى مناطقهم، والإغاثة وإعادة الإعمار، وصفقات تبادل جادة".

وقال المسؤول الأميركي إنه على الرغم من التصريحات العلنية التي أدلت بها حماس، فإن "المفاوضين يعتقدون أن حماس قد تكون أكثر مرونة بشأن الوجود الإسرائيلي خلال المرحلة الأولى من الاتفاق".

وأضاف المسؤول الأميركي أن الاتفاق المقترح يتضمن "زيادة هائلة في المساعدات الإنسانية"، فضلًا عن الالتزام بإزالة الأنقاض والبدء في إعادة الإعمار، وهو ما يهدف إلى تقديم "إغاثة هائلة لسكان غزة".

ويتوقع المفاوضون الأميركيون أن يتلقى رئيس المكتب السياسي لحركة حماس يحيى السنوار نسخة من الاقتراح الأخير في الأيام المقبلة، رغم أن التوقيت غير واضح نظرًا لصعوبة الاتصالات معه.

وقال مسؤول أميركي ثان إن المحادثات في القاهرة كانت "بناءة، وأجريت بروح من الأطراف جميعها للتوصل إلى اتفاق نهائي وقابل للتنفيذ"، وأن محادثات مجموعة العمل على المستوى الأدنى ستستمر في الأيام المقبلة "لمعالجة القضايا والتفاصيل المتبقية بشكل أكبر".

وفي يوم الخميس، اجتمعت الولايات المتحدة ومصر مع إسرائيل لمحاولة تضييق الفجوات المتبقية وتوضيح القضايا في نص اقتراح الجسر، وفقًا لمصدر مطلع على الأمر. واجتمعت الولايات المتحدة ومصر على المستوى الثنائي يوم الجمعة لمناقشة والاستعداد للمحادثات رفيعة المستوى في نهاية الأسبوع الماضي.

وقال المصدر إن قطر ومصر اجتمعتا، السبت، مع ممثلين كبار من حماس، وناقشتا كل فقرة من فقرات الاقتراح بالتفصيل لتحديد أي قضايا أو أسئلة متبقية لتوضيحها.

نقاش على التفاصيل

وبحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية: "تستمر المحادثات، ولكن بنهج مختلف: تقرر أن يحاول الطرفان التوصل إلى نتائج أولًا فيما يتعلق بشروط صفقة التبادل، وعندها فقط سيناقشون نشر قوات الجيش الإسرائيلي في النقاط المختلف عليها في غزة. إذ حدث بعض التقدم في المحادثات، وسوف تستمر".

وأشارت الصحيفة الإسرائيلية إلى أنه "بعد يوم من عودة فريق التفاوض الإسرائيلي إلى إسرائيل، تتواصل محادثات فرق العمل الفنية، في القاهرة، مساء يوم الإثنين، ومن المرجح أن تستمر على الأقل للثلاثاء، حتى تُحَدَّد نتيجة المحادثات بشكل نهائي. والغرض من استمرار المحادثات والقمم المطولة - في الدوحة الأسبوع الماضي، وفي القاهرة هذا الأسبوع - هو تلخيص كل النقاط المتعلقة بصفقة الأسرى".

وأوضحت الصحيفة الإسرائيلية أن التوجه الجديد في المفاوضات "في ظل انتقادات السذاجة الأميركية"، هو التوافق على مفاتيح صفقة التبادل، والفيتو على أسماء الأسرى، ودفعات صفقة التبادل. موضحةً: "في المناقشة، كان هناك تقدم في العديد من القضايا، ولكن لم يكن هناك تقدم كبير. ومن ضمن أمور أخرى، طرح في نقاش أسماء الأسرى الفلسطينيين الذين قد يُطْلَق سراحهم في الصفقة. ومن المقرر أن يجري فريق التفاوض محادثات في إسرائيل، ويحصل على تفويض متجدد، ويعود إلى المحادثات على الأرجح في قطر، خلال يوم أو يومين".

وأضافت الصحيفة الإسرائيلية: "أمر رئيس وكالة المخابرات المركزية، بيل بيرنز، الذي يدير المحادثات نيابة عن الرئيس الأميركي بايدن، الأطراف بالتقليل من أهمية الإحاطات والحفاظ على أقصى قدر من السرية، إلا أن المسؤولين الأمريكيين قالوا لصحيفة ’نيويورك تايمز’ إن الخلافات في الأمر فالقضايا المتنازع عليها - بما في ذلك فيلادلفيا، وفي ممر نيتساريم - لا تزال كبيرة نسبيًا".

واستمرت في القول: "مع ذلك، تجري محادثات متعمقة خلف الكواليس، حيث سينتظر القرار بشأن النقاط المتنازع عليها حتى النهاية، فقط بعد صياغة صفقة التبادل. ويشارك في المحادثات في الأيام الأخيرة ممثلون عن إسرائيل - بالإضافة إلى ممثلين عن حماس الذين لم يشاركوا في المحادثات في الدوحة، ووصلوا إلى مصر - وهم في المبنى نفسه مع الممثلين الإسرائيليين. وفي الوقت نفسه، بقي ممثلو وكالة المخابرات المركزية والقطريون والمصريون في القاهرة أيضًا"، فيما تنفي حماس المشاركة في المفاوضات، رغم إرسال وفد للقاهرة، مؤكدةً على أنه وفد يرتبط بالحصول على توضيحات حول الصفقة.

وتابعت الصحيفة الإسرائيلية: "تناقش فرق العمل الفني كافة القضايا المطروحة على جدول الأعمال، وعلى رأسها أعداد الأسرى في غزة الذين سيُطْلَق سراحهم ضمن الصفقة، وقوائم الأسرى الذين سيُطْلَق سراحهم مقابلهم، والمفاتيح والفيتو للأطراف. وتناقش المحادثات أيضًا خريطة انتشار قوات الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة، لكن الاتفاقيات حول هذه القضايا يجب أن تنتظر بعض الوقت". أمّا اللافت، بحسب المصدر الإسرائيلي، رغم عدم حدوث تقدم في محادثات القاهرة، هو عدم انفجارها تمامًا، مع توقع باستمرار المفاوضات حتى يوم الأربعاء، دون استبعاد وجود قمة كبيرة أخرى لقادة فرض التفاوض.

ووفق صحيفة "يسرائيل هيوم"، قال مصدر سياسي في إسرائيل إن "فرق العمل الفني الإسرائيلية تواصل المحادثات، بينما تحاول التوصل إلى اتفاقات مع الوسطاء بناء على المواقف الإسرائيلية. ورفض الإفصاح عما إذا كان قد تم إحراز أي تقدم في المناقشات، لكنه قال إن الأطراف كانت تتحدث عن قوائم الأسرى في غزة والأسرى الفلسطينيين، وكذلك الشكل الذي سيبدو عليه إطلاق سراحهم، وترتبط بالأعداد ومن بالضبط سيُطْلَق سراحه من كلا الجانبين وبأي وتيرة".

نتنياهو يرفض التنازل عن فيلادلفيا

ونفى مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، التقارير الإعلامية، التي تتحدث عن موافقة إسرائيل على تقليص قواتها في محور فيلادلفيا من أجل استكمال اتفاق تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في غزة.

وقال مكتب نتنياهو في بيان، يوم الإثنين، "إن رئيس الوزراء نتنياهو متمسك بمبدأ بقاء إسرائيل فعليًا في ممر فيلادلفيا، من معبر كرم أبو سالم إلى البحر". 

وقال السفير الإسرائيلي لدى الولايات المتحدة مايك هيرتزوج لبرنامج "Face the Nation" على شبكة "سي بي إس"، يوم الأحد، إن إسرائيل "ليست ملزمة بالانسحاب من ممر فيلادلفيا في هذه المرحلة". ولكنه قال "إننا نقلص قواتنا هناك".

وفي حديثه عن الاتفاق المكون من ثلاث مراحل، قال إن معظم الحديث دار حول تنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق. وأضاف "أجرينا محادثات بناءة في مصر قبل أيام، ونحن على تنسيق جيد مع الإدارة الأميركية".

حماس: لم نشارك بالمفاوضات

بدوره، قال القيادي في حركة حماس باسم نعيم للتلفزيون العربي: إن "الحركة غير مشاركة في أي مفاوضات بالقاهرة"، مضيفًا: "تصريحات كيربي محاولة لبيع الوهم في عملية تفاوضية عبثية، للتغطية على جرائم الاحتلال".

وتابع نعيم: "مستعدون للتفاوض على ما اُتُّفِق عليه في 2 تموز/يوليو الماضي"، مشيرًا إلى أن "واشنطن تمارس حملة من الضغط الإعلامي على المقاومة".

وأكد نعيم على أن حماس "لن تقبل الشروط التي أضافها نتنياهو إلى مقترح 2 تموز/يوليو".

من جانبه، قال مصدر مصري رفيع المستوى لـ"قناة القاهرة" الإخبارية، شبه الرسمية، إن "مصر جددت تأكيدها لجميع الأطراف المعنية بعدم قبولها أي وُجود إسرائيلي بمعبر رفح أو محور فيلادلفيا".

وأضاف المصدر المصري أن "مصر تدير الوساطة بين طرفي الصراع في غزة بما يتوافق مع أمنها القومي وبما يحفظ حقوق الشعب الفلسطيني".

وقال الناطق الرسمي باسم حماس جهاد طه، في تصريح خاص لـ"العربي الجديد"، إن "نتائج جولة التفاوض الأخيرة في القاهرة، تشير إلى استمرار سياسة التعنت ووضع الشروط والعراقيل التي ما تزال قائمة من الاحتلال الإسرائيلي". وأضاف أن حركة حماس "تعمل على دراسة ما استمعت إليه في القاهرة مع باقي فصائل المقاومة الفلسطينية".

وبحسب معلومات توفرت لـ"العربي الجديد" فإن الإدارة الأميركية رفضت الالتزام بتقديم ضمانات مكتوبة طلبتها حركة حماس بشأن استئناف مفاوضات الوصول إلى اتفاق نهائي لوقف إطلاق النار في المرحلة الثانية ضمن التصور المطروح، وذلك مع الشروع بتنفيذ استحقاقات المرحلة الأولى. 

كما رفضت الإدارة الأميركية تقديم أية ضمانات مكتوبة بشأن مواصلة التفاوض مع إسرائيل عقب المرحلة الأولى في ما يخص الانسحاب الكامل من قطاع غزة. ووفقًا للمعلومات فإن الأمور كانت في طريقها إلى الانفراج لو وافقت الإدارة الأميركية على تقديم تلك الضمانات حتى في ظل رفض نتنياهو تحديد سقف زمني للوصول إلى ما يسمى بالهدوء المستدام.