01-نوفمبر-2024
التدمير الإسرائيلي في لبنان.jpg

(Getty)

كشف تحليل بيانات الأقمار الصناعيّة الّذي أجرته صحيفة "الواشنطن بوست"، عن أنّ ما يقرب من ربع المباني في 25 بلديّة لبنانيّة جنوبيّة، في المنطقة الحدوديّة، قد تضرّرت أو دمّرت حتّى، يوم السبت.

وعلى طول الحدود، تضرّر أو دمّر ما لا يقلّ عن 5868 مبنى، بما في ذلك ما يقرب من نصف المباني في المنطقتين الأكثر تضرّرًا، عيتا الشعب وكفر كلّا. والغالبيّة العظمى من الأضرار، أي ما يقرب من 80 في المائة، حدثت منذ الثاني من تشرين الأوّل/أكتوبر، وهو اليوم التالي لشنّ إسرائيل غزوها البرّيّ.

ومنذ ذلك الحين، استمرّ الدمار بوتيرة سريعة، حيث تضاعف تقريبًا كلّ أسبوعين، حتّى مع إشارة المسؤولين الإسرائيليّين إلى استعدادهم لبدء المفاوضات لإنهاء الحرب.

تضرّر أو دمّر ما لا يقلّ عن 5868 مبنى، بما في ذلك ما يقرب من نصف المباني في المنطقتين الأكثر تضرّرًا، عيتا الشعب وكفر كلّا

وتوصّلت الصحيفة الأميركيّة إلى نتائجها من خلال مراجعة صور الأقمار الصناعيّة من جنوب لبنان، والتحقّق من مقاطع الفيديو والحصول على تحليل لبيانات رادار القمر الصناعيّ سنتينل 1. بالإضافة إلى الدمار المرئيّ الّذي أحدثته الغارات الجوّيّة الإسرائيليّة وتكثيف المعارك البرّيّة، تظهر مقاطع الفيديو أكثر من اثنتي عشرة عمليّة هدم متعمّدة نفّذها الجيش الإسرائيليّ، ممّا أدّى إلى إتلاف أو تدمير ما لا يقلّ عن تسعة مواقع دينيّة.

وقد سمح تحليل بيانات سنتينل، الّتي قدّمها كوري شير من مركز الدراسات العليا في جامعة مدينة نيويورك وجامون فان دين هوك من جامعة ولاية أوريغون، لصحيفة "الواشنطن بوست" بتقدير ورسم خريطة للدمار في الجنوب.

التدمير الإسرائيلي في لبنان.jpg

وأثّرت الحرب المتوسّعة باستمرار على كلّ جزء من لبنان تقريبًا، وأجبرت حوالي واحد من كلّ خمسة أشخاص على مغادرة منازلهم.

وفي خطابه الشهر الماضي "إلى شعب لبنان"، قال رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو: "إنّ حرب إسرائيل ليست معكم. إنّها مع حزب اللّه". لكنّ المحلّلين قالوا إنّ حجم الدمار عبر منطقة الحدود يشير إلى حملة منهجيّة لتطهير المنطقة، على غرار ما فعله الجيش الإسرائيليّ في أجزاء من غزّة، وفي بعض الحالات من قبل الوحدات نفسها، ما قد يجعل من المستحيل عمليًّا على كثيرين العودة إلى ديارهم عندما تنتهي المعارك.

وقال ويم زوينينبورج، وهو قائد مشروع في منظّمة باكس، وهي منظّمة هولنديّة تركّز على حماية المدنيّين في الحرب، إنّ "استخدام الأسلحة المتفجّرة في المناطق الحضريّة، إمّا من خلال الاستهداف المباشر بالضربات الجوّيّة والمدفعيّة أو التفجير المتحكّم فيه، يجعل أجزاء كبيرة من الجنوب غير صالحة للسكن".

وتقع القرى القديمة في جنوب لبنان على سفوح التلال، وتعود أسماؤها إلى العصر البرونزيّ. وفي هذه المجتمعات الصغيرة، ترتبط الحياة اليوميّة والتقاليد بالأرض، وزراعة بساتين الزيتون وحقول التبغ الّتي تغطّي الحدود.

كانت كفركلا من بين الأماكن الأولى الّتي غزتها قوّات الاحتلال الإسرائيليّ، حيث ظهرت آثار المركبات العسكريّة في صور الأقمار الصناعيّة منذ الثالث من تشرين الأوّل/أكتوبر. وبحلول يوم السبت، تضرّر أو دمّر ما لا يقلّ عن 46 في المائة من المباني في البلدة، وفقًا لتحليل صحيفة "الواشنطن بوست" لبيانات رادار الأقمار الصناعيّة.

وتظهر صور الأقمار الصناعيّة لقرية كفركلا تربة محروثة حديثًا حيث كانت بساتين الزيتون قائمة ذات يوم، ممّا يشير إلى "عمليّة تطهير" قامت بها قوّات الاحتلال الإسرائيليّ. وتصطفّ عشرات المباني المدمّرة على طول الطريق الرئيسيّ للبلدة. وكان الدمار أشدّ كثافة بالقرب من الحدود.

وتظهر الصور أنّ مراكز القرى المجاورة في بلدات عيتا الشعب ومحيبيب وراميًا تعرّضت أيضًا للتدمير. وأظهرت مقاطع فيديو نشرت على مواقع التواصل الاجتماعيّ سلسلة من الانفجارات المحكومة في 11 قرية على الأقلّ، من قبل جيش الاحتلال.

وفي مقطع فيديو نشر على "إكس"، في 22 تشرين الأوّل/أكتوبر، انهارت نصف دزينة من المباني في لحظة واحدة بعد انفجار، ممّا غطّى قرية عيتا الشعب الّتي يبلغ عمرها 400 عام بسحب من الغبار والحطام.

ويبدو أنّ معظم عمليّات الهدم هناك بدأت في الرابع عشر من تشرين الأوّل/أكتوبر أو نحو ذلك. فمن السادس عشر من تشرين الأوّل/أكتوبر وحتّى يوم الأحد على الأقلّ، كان لواء غولاني، الّذي دخل لبنان لأوّل مرّة في الثاني من تشرين الأوّل/أكتوبر، نشطا في عيتا الشعب وما حولها، وفقًا لمقاطع فيديو نشرها جيش الاحتلال الإسرائيليّ. وقد انتشر اللواء في غزّة العام الماضي، وارتبط في وسائل الإعلام الإسرائيليّة بسلسلة من عمليّات الهدم والتدمير شمال القطاع.

وبحسب تحليل صحيفة "الواشنطن بوست"، للبيانات الّتي قدّمها شير وفان دن هوك، تضاعف عدد المباني المتضرّرة أو المدمّرة في القرية ثلاث مرّات في أثناء نشاط اللواء في عيتا الشعب. وبحلول يوم السبت، كان ما يقرب من نصف القرية في حالة خراب.

وقالت "الواشنطن بوست": "يبدو أنّ القوّات الإسرائيليّة لم تبذل جهدًا كبيرًا لحماية المواقع الدينيّة، وفي بعض الحالات استمتعت بتدميرها". وأضافت: "على بعد ميلين تقريبًا، في قرية راميّة، يظهر مقطع فيديو جنودًا يحتفلون بهدم متعمّد شمل مسجد القرية. وفي مقطع فيديو آخر تحقّق منه، صور بالقرب من الجدار الخرسانيّ الّذي يفصل إسرائيل عن لبنان، يصوّر جنديّ إسرائيليّ مسجدًا في قرية الضهيرة. وعندما يعطي إشارة الإذن، تغرق المئذنة الشاهقة، جنبًا إلى جنب مع المباني المحيطة، في كومة من الغبار".

وفي ميس الجبل، تعرّض نحو 28 في المائة من مباني البلدة، أي ما يزيد على 900 مبنى، للضرر أو الدمار. كما دمّر مسجدان على الأقلّ من مساجد القرية الثلاثة، وفقًا لاستعراض صور الأقمار الصناعيّة.

وقالت سارّة هاريسون، محامية سابقة بوزارة الدفاع الأميركيّة قدّمت المشورة للولايات المتّحدة بشأن قوانين الصراع المسلّح: "حتّى لو لم يكن هناك مدنيّون داخل هذه المباني، فإنّ هذه الأنواع من المباني لا تفقد حمايتها". وأضافت أنّ هذه المباني لن تفقد وضعها المحميّ إلّا إذا كان مقاتلو حزب اللّه يعملون بنشاط من داخلها.