الترا فلسطين | فريق التحرير
كشفت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، أن جهاز الاستخبارات العسكرية "أمان" حذر رئيس وزراء الحكومة بنيامين نتنياهو في شهر آذار/مارس ثم في شهر تموز/يوليو من أن الأزمة السياسية والاجتماعية تشجع أعداء "إسرائيل" على المخاطرة بعمليات عسكرية ضدها.
وأوضحت "هآرتس" في تقرير، الإثنين، أن العميد عميت ساعر، رئيس قسم الأبحاث في "أمان"، بعث برسالتين إلى بنيامين نتنياهو، الأولى كانت بتاريخ 19 آذار/مارس، قبل أسبوع من المحاولة الأولى للمصادقة على قوانين الانقلاب على القضاء؛ وقرار نتنياهو عزل وزير الجيش يوآف غالانت، والثانية بتاريخ 16 تموز/يوليو، قبل أسبوع من التصويت على تعديل قانون حجة المعقولية، وحذره من أن حماس وحزب الله يعتبرون هذه المرحلة واحدة من أضعف مراحل "إسرائيل" على الإطلاق، وهذا التقييم قد يدفعهما إلى "اتخاذ إجراءات" ضد "إسرائيل"، وربما يكون بذلك في وقت واحد.
عميت ساعر: الوضع حاليًا يلحق الضرر بركائز تشكل الردع الإسرائيلي: التحالف بين إسرائيل والولايات المتحدة، وتماسك المجتمع الإسرائيلي وقوة جيشه.
وأفادت "هآرتس" بأن عميت ساعر أرفق بكل رسالة ملحقًا يتضمن المعلومات الاستخباراتية الأولية التي قادته إلى التحذير من تصعيد عسكري وشيك، منوهة أن المعلق العسكري عاموس هرئيل نشر في شهر نيسان/إبريل مقالاً حول رسالة عميت ساعر الأولى، ثم في تموز/يوليو نشرت "يديعوت أحرنوت" عن رسالة ساعر الثانية.
وعنونت الرسالة الأولى بـ"الأشياء التي ترونها من هناك، كيف يُنظر إلى إسرائيل من جانب حماس والجهاد وحزب الله ؟"، وأشار عميت ساعر إلى أن "جميع اللاعبين في المحيط يشيرون إلى أن إسرائيل تعيش أزمة حادة، وغير مسبوقة تهدد تماسكها وتضعفها بالنسبة لاعدائها الرئيسيين، إيران وحزب الله وحماس"، مضيفًا أن هذا الضعف هو تعبير عن عملية خطية ستنتهي بانهيار "إسرائيل"، والوضع الحالي هو فرصة لتسريع وتعميق مصاعبها.
وحذر رئيس قسم الأبحاث في الاستخبارات العسكرية العسكرية الإسرائيلية، وفقًا للصحيفة، من الأضرار التي ستلحق بالقدرة على الردع، وإمكانية توحيد الساحات، وتشكل فرصة للمساس بالتماسك والإضرار بالإسرائيليين في الساحة القانونية والدولية، وأوضح أن "هذا التحليل ليس رؤية تفسيرية للواقع، بل هو الأساس لتقييم الوضع من القيادة وأفراد المخابرات وأنظمة الاتصالات"، مشيرًا إلى أن هذا يؤدي بالفعل إلى تغييرات في عملية صنع القرار والمجازفة من مختلف "جهات اللاعبين" الذين يقومون بتحليل واستخلاص العواقب من الوضع الداخلي في "إسرائيل".
وكتب عميت ساعر في رسالته تحذيرًا لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قائلًا إن "الأزمة الداخلية تخلق قيودًا كبيرة على إسرائيل تجعلها تحاول تجنب التصعيد الأمني، وتجعل من الممكن زيادة المخاطر التي تواجهها"، مؤكدًا أن "إسرائيل" تتآكل بطريقة تقلل من قدرتها على التعامل مع أزمة أمنية واسعة النطاق.
وعن احتمال تكاتف أعداء "إسرائيل" ضدها، كتب أنه تم تحديد فرصة لحدوث عاصفة كاملة، وأزمة داخلية، وتصعيد واسع في الساحة الفلسطينية، وتحديات من ساحات أخرى، مما خلق تهديدًا متعدد الأبعاد ومستمرًا، على حد تعبيره. وأضاف أن فهم "هذه الرؤية يكمن وراء الدافع الكبير لدى حماس لتنفيذ هجمات من الشمال في الوقت الحاضر، كما أنها تشجع إيران على زيادة عملائها لتعزيز الهجمات ضد إسرائيل".
ورأى عميت ساعر أن جميع اللاعبين يدركون أن هناك فرصة لتحركات الوعي والتأثير التي من شأنها تعميق خطوط الانقسام الداخلي، وأشار في وقت سابق إلى أن "عناصر أخرى في إيران وحزب الله وحماس والجهاد الإسلامي تعتقد أن إسرائيل، في ظل ضعفها، يمكنها تحويل انتباه الرأي العام إلى الوضع الأمني، وبالتالي البدء في التصعيد".
وفيما يتعلق بإمكانية اتخاذ إجراءات ضد "إسرائيل" في العالم، قال إن "السلطة الفلسطينية تعترف أنه مع تآكل الديمقراطية ونظام العدالة الإسرائيلي، فإن هناك فرصة حقيقية لزيادة الضغط على إسرائيل في المحافل القانونية والسياسية".
وبعد أيام قليلة من إرسال الرسالة، دعا وزير الجيش الإسرائيلي يوآف غالانت إلى "وقف الانقلاب على القضاء في هذا الوقت، الأمر الذي يؤدي إلى خطر واضح وفوري على أمن الدولة"، وأعلن بنيامين نتنياهو بعد 24 ساعة إقالة يوآف غالانت، وردًا على ذلك خرج عشرات الآلاف للتظاهر في جميع أنحاء "اسرائيل" ضد هذا القرار.
وتراجع بنيامين نتنياهو عن القرار بعد بضعة أيام، وألغى التصويت على قوانين الانقلاب التي كان مقررًا قبل عطلة الكنيست الشتوية، وفي الأشهر التالية جرت مفاوضات بين الائتلاف والمعارضة، ولكن بعد عدم التوصل إلى اتفاق، صدر قانون إلغاء سبب المعقولية، عشية مغادرة الكنيست لقضاء العطلة الصيفية.
واستعدادًا للجولة الثانية من تشريعات الانقلاب على القضاء، تم إرسال رسالة إلى بنيامين نتنياهو جاء فيها أن تفاقم الأزمة يعمق تآكل صورة "إسرائيل"، ويؤدي إلى تفاقم ضعف الردع الإسرائيلي ويزيد من احتمالات التصعيد.
وبينما ناقش اللاعبون الإقليميون، في البداية، ما إذا كانت هذه جولة أخرى من الصراع السياسي المستمر، مع مرور الوقت وتفاقم الأحداث، فإنهم يقدرون حاليًا أن "إسرائيل" غارقة في أزمة عميقة، وضعتها في واحدة من أضعف نقاطها منذ "قيامها".
والقضية الأكثر إلحاحًا، بحسب رئيس قسم الأبحاث في الاستخبارات العسكرية كانت تآكل الردع الإسرائيلي، وقال إن "الوضع حاليًا يلحق الضرر بثلاثة ركائز تشكل الردع: التحالف بين إسرائيل والولايات المتحدة، وتماسك المجتمع الإسرائيلي وقوة الجيش الإسرائيلي"، مشيرًا إلى أن الارتباط بين الأزمات يؤسس لنظرة ثاقبة لدى البعض مفادها أن الوضع الداخلي لـ"إسرائيل"، سيمنعها من القيام بمبادرات عسكرية كبيرة في إيران ولبنان وغزة، لكنه أشار إلى أنه لا يوجد تغيير فيما يتعلق بالعمليات العسكرية في الضفة الغربية وسوريا.