الترا فلسطين | ترجمة فريق التحرير
رأت صحيفة "هآرتس" العبرية أن عملية القدس المزدوجة التي وقعت في وقت مبكر الأربعاء، بدت الوهم المتمثل بنجاح جهاز "الشاباك" في تجريد الفلسطينيين من قدراتهم على تنفيذ عمليات تتطلب تخطيطًا وقيادة، ونجحت في إعادة المستوطنين إلى أجواء الانتفاضة الثانية ودفعتهم للتفكير فيما إذا كانت هذه العملية بداية لموجة جديدة.
صحيفة هآرتس: هجوم القدس المزدوج صباح الأربعاء يختلف عن مجمل عمليات السنوات الأخيرة، فهو هجوم "انتهك كل القواعد"
وقالت الصحيفة إنّ المشاهد التي تجلّت في ساحة العملية المزدوجة على مدخل القدس، وفي مفترق راموت، صباح الأربعاء، غابت عن المدينة منذ وقت طويل، مشيرة إلى صور خبراء المتفجرات وهم يجثون على ركبهم لجمع شظايا القنبلة، وكذلك لصورة الدراجة المحطمة بفعل الانفجار، وكذلك شظايا الزجاج والحجارة التي ملأت المكان، الأمر الذي أدى لاختناقات مرورية كبيرة.
وعن أوجه الاختلاف والتأثير بين تفجير القدس والعمليات التي شهدتها المدينة خلال السنوات الأخيرة كتبت "هآرتس" أنّ "العنف" يضرب القدس على شكل موجات؛ الانتفاضة الأولى والثانية، أحداث أبو خضير، انتفاضة السكاكين عام 2015، الهجمات حول المسجد الأقصى في 2017، وأحداث البوابات الإلكترونية، وأحداث رمضان 2021 وغيرها، وكل موجة لها خصائصها الخاصة. لكن منذ عام 2014، كان هناك نمط منتظم إلى حد ما من الهجمات في المدينة، حيث ينفذها شخص أو اثنان لم يتم إرسالهم من قبل أي منظمة، مزودين بالسكاكين أو في أسوأ الحالات مزودين بأسلحة نارية محلية الصنع. وتنتهي هذه الهجمات بسقوط عدد قليل من الضحايا ومقتل المنفذ، على الرغم من وجود استثناءات مثل الهجوم على كنيس جبل نوف في عام 2014. لكن الغالبية العظمى من الهجمات في السنوات الأخيرة لم تحدث في غرب المدينة، ولم تستخدم فيها عبوات ناسفة، ولم تكن متطورة وذكية بشكل خاص، لكن الهجوم الذي وقع صباح الأربعاء انتهك كل القواعد. هذا هجوم تفجيري مزدوج ، في الطرف الغربي من المدينة ، عندما تم تفجير العبوة الناسفة عن بعد من دون انتحاري".
وأشارت صحيفة "هآرتس" إلى أن عملية القدس المزدوجة بددت الوهم الإسرائيلي، فبالنسبة لمعظم الإسرائيليين في القدس خصوصًا من كبار السن فإن مشاهد صباح الأربعاء تُذكّرهم بالانتفاضة الثانية أو ما وصفته الصحيفة بـ "زمن الإرهاب في القدس"، مشيرة بذلك إلى قاعدة كانت معروفة في وقتها "إذا سمعت ثلاث صفارات متتالية، وطائرة هليكوبتر في الهواء، فهذا هجوم تفجيري ويجب أن تبدأ في التحقق من مكان أفراد الأسرة"، إذا عادة ما يكون الحدث هجومًا فلسطينيًا أسفر عن سقوط قتلى في حافلة أو مقهى.
ووفقًا للصحيفة فإن تلك "المرحلة المريرة" أدت إلى تشييد جدار الفصل، والتغلغل العميق لجهاز "الشاباك" في أحياء شرقي القدس ومستوطنات الضفة الغربية، وبدا أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية حيّدت قدرة التنظيمات الفلسطينية على تنفيذ عمليات معقدة تتطلّب معرفة ومواد ومختبر وسيارة وقائد، غير أنّ تفجير القدس المزدوج صباح الأربعاء بدد كلّ هذا الوهم، بحسب "هآرتس".
ولفتت الصحيفة إلى أن عملية القدس أربكت الحياة في غربيّ القدس، وهذا الأمر أحد سمات عمليات الانتفاضة الثانية، لافتةً إلى فرق مهم آخر بين هجمات السنوات الأخيرة وتلك التي حدثت الأربعاء صباحًا، يكمن في شدة تشويش الروتين اليومي للحياة الطبيعة في غربي القدس. خلال فترة الهجمات التفجيرية في الانتفاضة الثانية، أصبحت فرق الشرطة والبلدية بارعة جدًا في استعادة الحياة الطبيعية. بعد التحقيق وإخلاء الضحايا، كانت طواقم النظافة وفرق التنظيف تصل بسرعة، وأحيانًا في غضون ساعة أو ساعتين كان من المستحيل معرفة إذا وقع هجوم في تلك المنطقة بعد تنظيفها وعودة الحياة لطبيعتها، لكن هذا الصباح مختلف؛ فقد نجح الهجوم في تعطيل الحياة في المدينة بشدة، واستمر خبراء المتفجرات في تنظيف وجمع قطع الحجارة والقطع المعدنية التي كانت على ما يبدو جزءًا من العبوة الناسفة، وواصلت سيارات الإسعاف والمركبات السير وهي تطلق صفارات الإنذار، وحلقت طائرة مروحية فوقها، كما بدأ السياسيون أيضًا في الوصول إلى الساحة وتجمع حولها المئات من المتدينين اليهود.
وختمت صحيفة "هآرتس" مقالها بالقول إن السؤال الكبير الذي يطرح في القدس بعد العملية المزدوجة، هو ما إذا كانت هذه بداية عهد جديد من الهجمات من النوع الذي فضّلنا أن ننساه؟ هل نحن في بداية موجة جديدة؟