كشفت وثيقة إسرائيلية عن أن ما يعرف بمناطق إطلاق النار العسكري في الضفة الغربية المحتلة، أقيمت لتساهم في نقل الأراضي للمستوطنات، ووضعت ضمن استراتيجية إسرائيلية تهدف لتأسيس "حدود عرقية" بين الفلسطينيين والإسرائيليين اليهود، بحسب ما جاء في مقالٍ للكاتب يوفال أبراهام.
كشفت وثيقة إسرائيلية عن أن ما يعرف بمناطق إطلاق النار العسكري في الضفة الغربية المحتلة، أقيمت لتساهم في نقل الأراضي للمستوطنات
جاء ذلك، وفقًا لمحضر اجتماعٍ سري عقد عام 1979 بين شعبة الاستيطان التابعة للمنظمة الصهيونية العالمية مع الحكومة الإسرائيلية، شارك فيه وزير الزراعة الإسرائيلي في حينه أرييل شارون، موضحًا أن الهدف من وجود مناطق إطلاق نار في أنحاء الضفة الغربية، هو تسليمها للمستوطنين الإسرائيليين في النهاية.
وتحدث شارون خلال الاجتماع، طارحًا تصوره عن مناطق إطلاق النار، معتبرًا أنها وجدت لخدمة هدف واحد وهو "احتياطي أراضي للمستوطنات"، وشارون كان الشخص الأول الذي طرح فكرة قيام مناطق إطلاق للنيران بعد استكمال احتلال فلسطين عام 1967، وقام بتحديد المناطق المثلى لهكذا استخدام خلال وجوده في سيناء أثناء الاحتلال. مشيرًا إلى أنه منذ البداية أمر بنقل القواعد العسكرية للضفة الغربية للاستيلاء على الأرض لأغراض الاستيطان.
ويظهر أن مخططات شارون لها آثار بعيدة المدى بعد 40 عامًا، فهي اليوم تهدد أهالي مسافر يطا وتلال جنوب الخليل وسكان الأغوار بالطرد من أراضيهم، التي سبق وأن أعلنت كمناطق إطلاق نار عسكري.
تجلى طرح شارون بعد عامين فقط، فخلال اجتماع لقسم الاستيطان، قال إنه تم الإعلان عن منطقة إطلاق النار 918 على أراضي مسافر يطا من أجل وقف انتشار الفلسطينيين على الجبال باتجاه الصحراء، فيما وافقت المحكمة العليا قبل شهرين على طرد أكثر من 1000 فلسطيني من سكان المسافر باعتبار أنهم موجودون فوق منطقة إطلاق نار، وأن المنطقة مهمة للتدريبات العسكرية، وهي تدريبات تمت خلال الأسابيع الماضية باستخدام الذخيرة الحية والقذائف وداخل مناطق سكنية مأهولة.
سعي شارون إلى إقامة ما أسماه "منطقة عازلة" بين الفلسطينيين البدو في النقب وأهالي جنوب الضفة الغربية حيث تقع مسافر يطا
وبحسب وثائق أخرى وجدتها مجلة +972 على أرشيف الدولة، ظهر سعي شارون إلى إقامة ما أسماه "منطقة عازلة" بين الفلسطينيين البدو في النقب وأهالي جنوب الضفة الغربية حيث تقع مسافر يطا، فقد لاحظ شارون الذي استوطن في النقب وأقام مزرعةً فيه، أن هناك تواصلًا مستمرًا بين الفلسطينيين من النقب وجبل الخليل، مطالبًا بالإسراع في خلق منطقة عازلة استيطانية تفصل بين جبل الخليل والنقب، واصلًا ذلك بإقامة "حدود عرقية" تمنع الفلسطينيين من الضفة الغربية من الوصول إلى بئر السبع.
وتشير بروتوكولات اجتماع عقد عام 1980 إلى عودة شارون للموضوع نفسه، قائلًا: "في حورة [بلدة فلسطينية في النقب] هناك مجتمع عربي متنامٍ من آلاف الأشخاص، وهذا المجتمع لديه اتصال مع السكان العرب في جنوب تلال الخليل". متسائلًا حول كيفية إيجاد فصل بين البدو الفلسطينيين في النقب وجنوب تلال الخليل. فيما كانت الخطوة العملية هي الإعلان الإسرائيلي عن 30 ألف دونم من أراضي جنوب الضفة الغربية، كمنطقة إطلاق نار، باتت تعرف باسم المنطقة 918. ويمكن تفسير هذه الخطوة من خلال كلمات شارون السابقة، باعتبارها منطقة حدود عرقية تفصل بين قرى النقب وجنوب الضفة الغربية. كما أن شارون خلال هذه المناقشات، أمر بإنشاء مستوطنات يهودية جديدة في النقب وجنود الضفة الغربية، مثل ميتار وماعون وسوسيًا، التي ستشكل جزءًا من المنطقة العازلة.
وبحسب تقرير صادر عن منظمة كاريم نفوت Kerem Navot، وهي منظمة تتعقب المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة، اعتبارًا من عام 2015 ، تم تخصيص ما يقرب من 17% من الضفة الغربية لتكون مناطق إطلاق نار عسكرية، يتواجد أبرزها في وادي الأردن وجنوب الخليل، وعلى امتداد الحدود الشرقية مع الأردن. ويبين التقرير أن جيش الاحتلال يستخدم حوالي 20% من هذه المناطق للتدريب. فيما يشير يوفال أبراهام، إلى أن مناطق إطلاق النار بوصفها حدودًا عرقية بحسب هدف شارون، بدأت تأخذ دورًا أكبر، من خلال طرد الفلسطينيين من داخلها وإحلال المستوطنين مكانهم.
وطوال العقد الماضي، أقام المستوطنون 66 بؤرةً استيطانية زراعية، على مساحات شاسعة من الأراضي وبأقل عدد من المستوطنين، وحوالي ثلث المناطق التي أقيمت عليها هذه المستوطنات هي أراضٍ سبق وأعلنت باعتبارها منطقة إطلاق نار، أي أنها محظورةً على اليهود والفلسطينيين من ناحية قانونية وعلى الورق. ما يظهر التناغم بين المستوطنين والجيش، وكما كشف منذ فترة عن سماح جنود الجيش في منطقة الأغوار للمستوطنين باستخدام منطقة إطلاق النار، بالإضافة إلى تمضية جنود من وحدة خاصة عطلتهم الأسبوعية في إحدى البؤر الاستيطانية.
وبالعودة إلى منطقة مسافر يطا، كشف العام الماضي عن تخصيص دائرة الاستيطان في المنظمة الصهيونية، مساحات من منطقة إطلاق النار 918 لأحد المستوطنين جنوب الضفة الغربية، من أجل رعي قطعان الأغنام فيها، بالإضافة إلى أن المباني الجديدة للبؤر الاستيطانية متسبي يائير وأفيجايل وحفات ماعون تم بناؤها في منطقة إطلاق النار، كما أنه في العام الماضي كان هناك محاولة لتأسيس بؤرة استيطانية داخل منطقة إطلاق النار.