02-سبتمبر-2024
كيف قضى نتنياهو على صفقة التبادل

(Getty) عندما رأى مكتب نتنياهو أن هناك فرصة للتوصل إلى صفقة، قرر ’التراجع’

عاد تقرير إسرائيلي، إلى لحظة تعثر مفاوضات صفقة تبادل الأسرى ووقف الحرب في قطاع غزة، وذلك انطلاقًا من النقطة التي قام بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بتقديم تعديلات على مقترحه الذي كُتب يوم 27 أيار/مايو، في يوم 27 تموز/يوليو، رغم موافقة حركة حماس على المقترح الأول.

وقال الصحفي الإسرائيلي رونين بيرغمان، في مقالة منشورة على "يديعوت أحرونوت": "بعد ظهر السبت 27 تموز/يوليو، اُنْتُهِي من إعداد وثيقة من سبع صفحات، باللغة الإنجليزية، في إسرائيل. الجزء المركزي منها، الصفحتان الأوليتان، وأُرْسِلَت ذلك المساء إلى الدول الثلاث التي تتوسط بين إسرائيل وحماس: الولايات المتحدة، قطر ومصر. وفي اجتماع عقد في اليوم التالي في روما، قدمها رئيس الموساد ديفيد بارنياع كاملة مع ملاحقها إلى رئيس وكالة المخابرات المركزية الأميركية ورئيس وزراء قطر وكبار ممثلي المخابرات المصرية".

قال مسؤول أمني إسرائيلي، عن تعديل نتنياهو على الوثيقة التي طرحها لصفقة التبادل، بأنه "سيحكم عليها التاريخ بقسوة شديدة"، ووصفها بـ"الوثيقة الدم"

وأضاف بيرغمان: "تبدأ الوثيقة بصفحتين من النص غير الكامل، تليها ثلاث صفحات من الخرائط وصفحتين من الجداول -قائمة أسماء لبعض المختطفين في غزة، حسب الفئة-".

وقال مسؤول أمني كبير، لبيرغمان، وصفه الصحفي الإسرائيلي بأنه "كان على حق بشكل كئيب ومأساوي في جميع توقعاته: سواء فيما يتعلق بالحرب أو بالمختطفين"، عن هذه الوثيقة: "سيحكم التاريخ يومًا ما على هذه الوثيقة بقسوة شديدة".

وعودة إلى الوثيقة، كُتب عليها أنها "وثيقة إيضاح"، لكن المسؤول الإسرائيلي يقول إن وصفها الأفضل هو "وثيقة الدم"، معللًا ذلك بالقول: "لأن صفحاتها ملطخة بدماء"، وأضاف المسؤول الأمني: "المختطفون الستة الذين قتلوا في نفق برفح. أسماء أربعة منهم مدرجة في الملحق الموجود في نهاية الوثيقة. لولا التخريب المتعمد الوارد في الوثيقة لمنع التوصل إلى اتفاق - هناك احتمال كبير أنه تم إطلاق سراحهم بالفعل منذ فترة طويلة".

وبحسب المسؤول الكبير، الذي تتقاطع كلماته بشكل كبير في محادثات مع مسؤولين آخرين تتعلق بالمفاوضات والاطلاع على هذه الوثيقة، فإن الوثيقة "ولدت في الخطيئة - وهي محاولة بنيامين نتنياهو نسف اللحظة الإيجابية التي كانت في المفاوضات، عندما اعتقدنا جميعا أنه من الممكن التوصل إلى اتفاق، وبدلًا من ذلك غمر الجمهور الإسرائيلي بالمعلومات المضللة، إن لم تكن بالأكاذيب الفعلية، إلى جانب الأضرار الجسيمة الأخرى التي قد تسببها لإسرائيل والمنطقة برمتها، لن تسبب بالتأكيد شيئًا واحدًا، لأنها أنشئت خصيصًا لمنع ذلك: صفقة التبادل".

واستمر في الحديث عن إفشال نتنياهو بالمفاوضات، وعن الوثيقة الجديدة، بالقول: "لقد ولدت بالخطيئة منذ نشأتها، بعد أن أصبح واضحًا أن حماس تقبل معظم الشروط التي قدمتها إسرائيل في المسودة الأخيرة لاتفاقية 27 أيار/مايو. وعندما وصلت الأصداء الإيجابية الأولية إلى إسرائيل، وقبل يوم واحد من تقديم حماس ردها، أوضح بتسلئيل سموتريتش أن يحيى السنوار قد يرد على نحو إيجابي على الاقتراح، وادعى أن ذلك علامة ضعف من جانبه، وبسبب هذا الضعف يجب على إسرائيل عدم الموافقة ورفض المخطط الذي اقترحته بنفسها. وهكذا، حتى قبل أن يصل الرد إلى إسرائيل، عُرِّف بالفعل في مكتب رئيس الوزراء بأنه ’رفض صارخ من حماس’. وذلك في حين اعتقد مجتمع الاستخبارات الإسرائيلي وكبار أعضاء فريق التفاوض أن هذا كان تطورًا إيجابيًا للغاية، وأن العمل كان يسير في الاتجاه الصحيح".

وقال بيرغمان: "عندما رأى مكتب نتنياهو أن هناك فرصة للتوصل إلى صفقة، قرر ’التراجع’، وأرسلوا رئيس الموساد ديدي برنياع إلى الدوحة لنقل الرسالة. وقال إن نتنياهو لديه ’توضيحات’".

وفي وقت سابق، قالت واحدة من أهالي الأسرى، أمام لجنة التحقيق المدنية في إسرائيل، إن "رئيس الموساد، أخبرها أن نتنياهو يخرب المفاوضات لأسباب سياسية". وفي العلن، نفى برنياع هذا الحديث، لكن مصادر أخرى، وفق "يديعوت أحرونوت"، قالت إنهم: "سمعوه وأعضاء فريق التفاوض الآخرين يقولون أشياء مماثلة، وأحيانًا بشكل أكثر وضوحًا".

ووفق صحيفة "يديعوت أحرونوت"، فإن رئيس الوزراء القطري، قال لرئيس الموساد إن "هذه أشياء مفاجئة"، وطلب منه صياغة القضايا جميعها التي نُوقِشَت في كتابتها وتسليمها بطريقة مركزية للوسطاء. وأضاف أنه إلى أن تفعل إسرائيل ذلك، فلا جدوى من الاستمرار. 

وقال بيرغمان: "كان قطر على حق في مطلبها"، مشيرًا إلى أنه "في إسرائيل أخروا صياغة الوثيقة، وكانوا يأملون أن يؤدي الضغط من فريق التفاوض الإسرائيلي، الذي ستضاف إليه ضغوط إضافية من الرئيس الأميركي بايدن في لقاء واشنطن، إلى تراجع نتنياهو عن الإضافات، ولكن في الوقت نفسه وتعاون مكتب نتنياهو مع مسؤولين في فريق التفاوض لبيع قصة مزيفة للجمهور وعائلات المختطفين الغاضبين من نتنياهو؛ بسبب رحلته إلى واشنطن، وهي ’أن الفريق سيذهب إلى قطر لإجراء محادثات’"، موضحًا: "لقد كان وعدًا بدون حتى ذرة من الحقيقة. ولم يُحَدَّد موعد لمثل هذا الاجتماع على الإطلاق. لقد تلاشت في الهواء مثل الآمال التي نتجت عن لقاء بايدن، الذي لم يبق منه سوى القليل فيما وصفه المسؤول بـ’الوثيقة الدموية’".

وأوضح بيرغمان، عن وثيقة نتنياهو الجديدة، قائلًا: "تسمى هذه الوثيقة برسالة ’التوضيحات’، لكن التوضيحات ليست من الأشياء التي تبرز فيها. القلة التي تعرضت لهذه الوثيقة حتى الآن، وهي فرق التفاوض في إسرائيل التي كانت شريكة مترددة في كتابتها، وفرق الدول الوسيطة، أدركت على الفور أن الغالبية العظمى؛ مما كتب عبارة عن ابتكارات وإضافات وتغييرات في الخطوط العريضة التي تم التوافق عليها". وأضاف: "بعد أن أزالت حماس أغلب اعتراضاتها، هبطت ’رسالة التوضيح’ وتم سحق كل شيء".

أمّا عن عرقلة المفاوضات الإضافية من قبل نتنياهو، فقد كانت التمركز حول قضية محور فيلادلفيا، وأوضح المقال: "في الاقتراح الإسرائيلي الأصلي، وُعِد بانسحاب الجيش الإسرائيلي من القطاع بأكمله. وأبلغت الدول الوسيطة حماس شفهيًا أن الانسحاب يشمل محور فيلادلفيا، لكن الخرائط المرفقة بـ’التوضيحات’ كشفت أن قوات الجيش الإسرائيلي سوف يبقى هناك".

وأشار إلى أن قضية نتساريم، ومعبر رفح، طرحت كقضايا ومواضيع جديد، مما خلق المزيد من الصعوبات، وأضاف: "لعدة أشهر، أدى طلب قوائم المفرج عنهم إلى تأخير المفاوضات، وهو مطلب طرحه نتنياهو ورفضته حماس. وفي النهاية أسقطت إسرائيل هذا المطلب الذي أودى بمرور الوقت بحياة عدد لا بأس به من المختطفين، لكنها عاد وثيقة التوضيح، وقالت إن إسرائيل أدرجت في الملحق الثاني قائمة بجميع من تعتقد أنه ينبغي إدراجهم في المرحلة الأولى، المرحلة الإنسانية".

"خدعة نتنياهو"

وقال مصدر أمني مطلع على التفاصيل في ذلك الوقت: "خدعة نتنياهو هي أن هناك جدلًا حول من يمكن تعريفه بأنه ’مريض’. ويمكن لحماس أن تدعي أن فلانًا أو فلانًا ليس مريضًا في رأيها. أو أنه ليس مريضًا بما يكفي لإدراجه في القائمة، ستظل القضية عالقةً مرة أخرى لأسابيع أو أشهر من الجدال". 

وأوضح بيرغمان: "في هذا الملحق الإسرائيلي وردت أسماء أربعة من المختطفين الستة الذين قتلوا. ولا يمكن أن يكون هناك جدل حول ثلاث منهم على الأقل، المرأتان كرمل غات وإيدن يروشالمي، وهيرش غولدبرغ بولين الذي قطعت كفه. وكان سيُطْلَق سراحهم لو تمت الصفقة".

وقال بيرغمان: "سمع الكثيرون رؤساء فريق التفاوض يتحدثون بقوة ضد الوثيقة الدموية، وهي نقطة بارزة في تصريحاتهم ضد نتنياهو، والتي في رأيهم تقضي على أي فرصة للتوصل إلى اتفاق، لكنهم حرصوا على عدم قول هذه الأشياء علانية للجمهور. لم يستقيلوا، وحتى لو فعلوا ذلك أحيانًا تحت الاحتجاج، فقد تصرفوا في النهاية وفقًا لإملاءات نتنياهو، على الرغم من أنهم كانوا يعرفون أنهم يزيدون بشكل جذري المخاطر على حياة المختطفين". 

ويقول المصدر الإسرائيلي عن رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هليفي: "إنه أحد المسؤولين عن أحداث 7 تشرين الأول/أكتوبر، كان يجب أن يقلب الطاولة على نتنياهو من أجل إطلاق سراح المختطفين أيضًا بسبب فشله".