الترا فلسطين | فريق التحرير
توفي، اليوم الجمعة، كمال عبد الفتاح جبارين، الملقب بـ"شيخ الجغرافيين الفلسطينيين"، عن عمر ناهز 80 عامًا.
وُلد كمال في أم الفحم بتاريخ 9 شباط/فبراير 1943، ثم بعد النكبة لجأ مع شقيقتيه الصغيرتين سناء وسوسن إلى سيلة الحارثية قضاء جنين، حيث كان والدهم يعمل إبان أحداث النكبة.
التحق كمال عبد الفتاح بقسم الجغرافية في كلية آداب جامعة دمشق، وتفوق في مشروع التخرج الذي قدّمه أواسط أيار 1964، مستندًا في بحثه على العمل الميداني، وسجلات الدوائر الحكومية وبلدية جنين وتسعة مراجع في جغرافية وتاريخ المنطقة
حصل كمال عبد الفتاح سنة 1958 على شهادة (المترك) وكانت وزارة التربية الأردنية تشترط على المتقدمين للامتحان إنهاء متطلبات إحدى عشرة سنة دراسية. تفوّق في الامتحان بامتياز، وحجز مقعدًا في لائحة العشرة الأوائل على مستوى المملكة، ونال المرتبة الأولى في مادة الكيمياء، وضمن منحة لدراسة الكيمياء في الجامعة الأميركية في بيروت، لكنّه تأخّر عن موعد مقابلة اللجنة الوزارية في مدرسة (الملكة زين الشرف) في عمان، وعرضتْ عليه اللجنة منحة لدراسة الكيمياء في جامعة أنقرة التركية، لكنه لم يواصل تعليمه هناك لصعوبة تعلم اللغة التركية.
التحق كمال عبد الفتاح بقسم الجغرافية في كلية آداب جامعة دمشق، وتفوق في مشروع التخرج الذي قدّمه أواسط أيار 1964، مستندًا في بحثه على العمل الميداني، وسجلات الدوائر الحكومية وبلدية جنين وتسعة مراجع في جغرافية وتاريخ المنطقة. طبع من مشروع تخرجه (السيمينار) في دمشق 400 نسخة، وابتاعت وزارة التربية 200 نسخة من الكتاب مقابل 40 دينارًا، ووفرتْ نسخة لكل مدرسة إعدادية في المملكة الأردنية.
أصدر كمال عبد الفتاح كتابه (مدينة جنين) ولم يكن يتجاوز الثانية والعشرين، وافتتح الكتاب (109 صفحة من القطع المتوسط). وتناول الكتاب في أربعة فصول: الموقع والحدود ولمحة تاريخية. التضاريس والجيولوجيا والمناخ والمياه والتربة. الزراعة والحرف والمهن والتجارة وأموال المغتربين والمواصلات والنقل. الحياة البشرية والاجتماعية والمساكن والعادات والتقاليد.
عُيّن كمال عبد الفتاح سنة 1964 معلّمًا في وزارة التربية والتعليم الأردنية، وعمل في مدارس نابلس، ثم انتقل إلى مدرسة جنين الثانوية. وفي سنة 1973 غادر الضفة الغربية إلى ألمانيا وعمل باحثًا في جامعة ايرلنغن (في الوسط الشرقي للجمهورية) وسَجلَ للدكتوراه، وفق أنظمة الجامعات الألمانية التي تعفي الطلبة من الماجستير.
خلال إقامته في ألمانيا كتب عشرات الرسائل لزوجته في جنين، وثّق فيها كل مراحل دراسته وحياته وسفره وتنقلاته وعمله في مصانع ألمانية؛ وقد وفّر من أجرته في المصانع نحو 2500 مارك ألماني، صرفها في أداء طقوس الحج برفقة زوجته؛ وبخاصة أن المال جمعه بجهده العضلي بمعزل عن منحته الأكاديمية.
بدأ الدكتور كمال أواسط أيلول/سبتمبر 1978 الدوام كأستاذ للجغرافية في دائرة دراسات الشرق الأوسط في كلية آداب جامعة بيرزيت (الحرم القديم)، ثم أصبح ثاني عميد لكلية الآداب سنة 1980، وأنشأ دائرة للتاريخ وأخرى للجغرافية بدلاً عن دائرة دراسات الشرق الأوسط، ووضع مساقًا لجغرافية فلسطين.
بدأ الدكتور كمال أواسط أيلول/سبتمبر 1978 الدوام كأستاذ للجغرافية في دائرة دراسات الشرق الأوسط في كلية آداب جامعة بيرزيت (الحرم القديم)، ثم أصبح ثاني عميد لكلية الآداب سنة 1980، وأنشأ دائرة للتاريخ وأخرى للجغرافية
انطلق الدكتور كمال عبد الفتاح مع طلاب دائرة الشرق الأوسط سنة 1979 في أول رحلة طافت أرجاء فلسطين، بدأتْ من بيرزيت واتجهت شرقًا نحو أريحا مرورًا بقرى رام الله الشرقية، وتابعتْ شمالًا على امتداد نهر الأردن حتى طبريا وبيسان وحطين، ثم صفد والحدود الشمالية والجليل الأسفل والأعلى وسهل مرج بن عامر والساحل الفلسطيني، وواصلتْ جنوبًا باتجاه النقب الفلسطيني وبئر السبع ومدينة عبده الأنباطية حتى ميناء أم الرشراش أعلى نقطة في البحر الأحمر.
تواصلتْ رحلات الدكتور كمال طوال ثماني سنوات حتى اندلاع الانتفاضة الأولى أواسط كانون أول/ ديسمبر 1987 وقيام الاحتلال بنصب الحواجز العسكرية، وتقييد مرور المواطنين وحركة تنقل الحافلات. كانت الرحلة تستغرق أربعة أيام لا يتوقف فيها الدكتور كمال عن ربط تاريخ فلسطين بتضاريسها الجغرافية وسهولها وجبالها ومدنها وقراها المدمرة.
قاد الدكتور كمال عبد الفتاح منذ ربيع 1987 فريقًا للتنقيب في بقايا القرى المدمّرة الواقعة وسط وشمال فلسطين.
وفي سنة 2008، تقاعد الدكتور كمال عبد الفتاح من جامعة بيرزيت، لكنّه ظل يحاضر في جغرافية فلسطين كأستاذ غير متفرّغ في الجامعة حتى بدايات 2020.
ونشر الدكتور كمال (النظم الجغرافية التاريخية) و(الجغرافية التاريخية لفلسطين وشرق الأردن وجنوب سوريا ولبنان في القرن السادس عشر ميلادي) و(مزارعو الجبال والفلاحون في عسير) و(التطور الاقتصادي الفلسطيني في الفترة العثمانية المتأخرة). كما نشر ورقة بحث في مجلة الدراسات الشرق أوسطية للجامعات الأمريكية تحت عنوان (قرى الكراسي في جبال فلسطين الوسطى). وشارك في ستة مؤتمرات في سوريا بين 1974- 1984، ونظّم مؤتمرات وندوات وأيام عمل دراسية في جامعة بيرزيت.