16-يونيو-2024
عدم فهم حماس

(Getty)

شكلت عملية المقاومة الفلسطينية في رفح، ساحة للتحليلات الإسرائيلية، يوم الأحد، وكان من بينها تحليل ضابط سابق في جيش الاحتلال، يشير فيه إلى أن إسرائيل "لم تفهم حماس بعد"، رغم عملية 7 تشرين الأول/أكتوبر.

وافتتح رئيس منتدى الدراسات الفلسطينية في مركز ديان بجامعة تل أبيب والمسؤول السابق في شعبة الاستخبارات العسكرية في جيش الاحتلال مايكل ميلشتين مقالته، بالقول: "توضح حادثة رفح نجاح حماس في البقاء" رغم أشهر الحرب، إذ "تحولت إلى حرب استنزاف تمنع الاستقرار وتوضح من يملك المنزل في غزة".

بحسب محلل إسرائيلي، تفشل إسرائيل في فهم حركة حماس رغم التحولات طوال الحرب

وأضاف أن "الاستخفاف بالمنطق وفرضه على ’الآخر’ هو ما يميز نظرة إسرائيل إلى حماس، قبل 7 تشرين الأول/أكتوبر، ولكن أيضًا بعده"، في المقال الذي نُشر في "يديعوت أحرونوت" تحت عنوان "الآن نرى حماس 2.0".

وحول التصور الإسرائيلي عن حماس، قال ميلشتين: "عشية الحرب، كان التصور الإسرائيلي يرتكز على ثلاث فرضيات أساسية، وهي: أن تصبح حماس حزبًا حاكمًا وتفقد اهتمامها بالمغامرات الأيديولوجية؛ والتي تركز على تطوير الفضاء المدني؛ وكقاعدة عامة الامتناع عن التصعيد. وعلى هذه الخلفية، قدر الكثيرون في إسرائيل أن الاقتصاد لديه القدرة على تطويع الأيديولوجية، ووضعوا خططًا لتغيير الواقع في غزة بروح ’سنغافورة الشرق الأوسط’".

وحول "المفاهيم الإسرائيلية"، أوضح: "لم تنجح ضربة تشرين الأول/أكتوبر في إزالة المفاهيم الخاطئة، من بين أمور أخرى، لأن صناع السياسة عشية الحرب ما زالوا يتعاملون معها حتى اليوم. وهكذا، طوال فترة الحرب، اعتمدت إسرائيل في كثير من الأحيان على التطلعات بدلًا من التقييمات الواقعية. على سبيل المثال: الإعلان عن اقتراب حماس من ’التفكك’، لأن أطرها التنظيمية قد تفككت، أو فقدت قدرتها على السيطرة على المجال العام. إن النهج الحاسم هو السائد سواء بين صناع القرار الذين يتشاجرون فيما بينهم حول النظام الذي سيتم إنشاؤه ’في اليوم التالي’، عندما تستمر حماس عمليًا في الهيمنة في غزة".

وتابع: "في مساء 7 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، لم تفهم إسرائيل هيمنة الاعتبارات الأيديولوجية على سلوك حماس واستعداد الحركة للتضحية بالحكومة والسلام العام من أجل هذا الهدف. من الواضح اليوم أنه من الصعب فهم مرونة المنظمة وقدرتها على التكيف، إلى جانب التعاطف الذي تحظى به من قبل الكثيرين في الجمهور الغزاوي".

وفي محاولة فهم حماس، قال: "منذ تأسيسها ظلت حماس في حالة تحول مستمر، أي التغيير في مواجهة القيود. حدث هذا أيضًا بعد 7 أكتوبر". واستمر في القول: "الحدث الذي وقع أمس في رفح، يوضح نجاح حماس في البقاء والعمل حتى بعد أن أصيبت تشكيلاتها العسكرية بأضرار، عبر نموذج حرب الاستنزاف الذي يمنع الاستقرار العام المجال ويوضح من هو صاحب المنزل في غزة".

وحول استراتيجية إسرائيل، قال ميلشتين: إن "الواقع الذي ظهر في غزة يتطلب نظرة متشككة إلى استراتيجية ’المرحلة الثالثة’ التي بدأتها إسرائيل قبل نحو ستة أشهر، والتي تتمحور حول افتراض أن العمليات المستهدفة دون إقامة دائمة في الأراضي المحتلة ستسمح بالانهيار التدريجي لحكم حماس وإنشاء نظام بديل. لكن الواقع مختلف: حماس تواصل العمل كقوة رئيسية في قطاع غزة، ولا تسمح بتطوير بدائل (وتحبط حتى، على سبيل المثال، المحاولة الإسرائيلية لتطوير الاتصالات مع العشائر أو لإحضار قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية إلى القطاع)، ويضطر الجيش الإسرائيلي إلى العودة مرارًا وتكرارًا إلى المناطق التي احتلها، وخاصة في شمال قطاع غزة".

وانتقل ميلشتين للحديث عن إسرائيل، قائلًا: "لا يزال العمل السياسي والعسكري يرتكز على شعارات عامة، أولها النصر المطلق والاقتراب من القرار، إلى جانب نظريات ونماذج تبدو واعدة في العروض والوثائق، إلا أنها تجد صعوبة في تحقيقها على أرض الواقع. ويعود ذلك، من بين أمور أخرى، إلى الافتقار إلى الفهم المتعمق للطرف الآخر، وهو ما قاد الأميركيين بالفعل إلى إخفاقات مريرة في فيتنام والعراق وأفغانستان. وهو أسلوب تفكير يعكس الإحباط في مواجهة صعوبة تحقيق الأهداف الإستراتيجية للحرب، وعدم القدرة على الاستفادة من الميزة العسكرية الواضحة وتحقيق ’الحسم’، وهو المصطلح الذي يقابل المواجهة ضد الجيوش، ولكن ليس ضد كيان هجين مثل حماس".

وختم بالقول: "مع دخول الشهر التاسع من الحرب، علينا أن نتساءل عما إذا كنا، حتى بعد 7 تشرين الأول/أكتوبر، نفهم حقًا منطق حماس بشكل خاص وسلوك الفلسطينيين بشكل عام". واعتبر أنه لا يمكن التعامل مع غزة إلّا "من خلال الاحتلال الكامل للأرض وإنهاء حماس، خاصة على المستوى المدني. وبما أن إسرائيل لا تملك حاليًا القدرة أو الرغبة في تحقيق هذا الهدف، فمن الأفضل التفكير في صفقة تصاحب وقف الحرب وتوفر أرضية لإعادة بناء داخلي عميق وصياغة خطة جادة تهدف إلى تغيير الواقع في غزة".