24-ديسمبر-2021

عزيزي القارئ، لا غرابة في أن تعلم أن مدينة غزة وعلى الرغم من وقوعها على ساحل المتوسط واشتهارها بصيد الأسماك، إلا أن نصيب الفرد الواحد من سكانها لا يتجاوز 2.5 كغم سنويًا من ناتج الصيد المحلي، فيما يتراوح معدل استهلاك الفرد في الدول المحيطة ما بين 15 لـ 22 كغم.

كمية الأسماك التي نصطادها يوميًا، بالكاد تغطي ثمن المحروقات التي يستهلكها مركب الصيد

الفجوة الكبيرة بين نصيب الفرد وبين معدل الاستهلاك المفترض، دفعت وزارة الزراعة إلى استيراد الأسماك من مصر ومن داخل الخط الأخضر، ما خلق حالة من التنافس في السوق الغزي، تصاعدت معها شكاوى الصيادين بعدما خُسفت أسعار أسماكهم.

اقرأ/ي أيضًا: صيادون: السماح بالصيد حتى 15 ميل "كذبة كبيرة"

"كمية الأسماك التي نصطادها يوميًا، بالكاد تغطي ثمن المحروقات التي يستهلكها مركب الصيد، بسبب استيراد الأسماك من مصر وانخفاض أسعار الأسماك بصورة غير مسبوقة" يقول الصياد إياد كسكين.

غالبية الصيادين غارقون في الديون بسبب ضعف مواسم الصيد، وارتفاع تكلفة المعدات

ويضيف كسكين: " كل الجهات التي لها علاقة باستيراد الأسماك من مصر مستفيدون، والمتضرر الوحيد هو الصياد".

وأوضح أن بعض الأسماك المستوردة متوفرة في السوق الغزي، مثل المليطة والسردينا واللوقس، وقد أدى ذلك لانخفاض أسعار الأسماك المتوفرة في غزة، "فمثلاً سعر الكغم الواحد من سمك المليطة كان يتراوح بين 25 و30 شيكل، لكنه أصبح الآن بـ 16 شيكل تقريبًا" وفقًا لكسكين.

بعض الأسماك المستوردة متوفرة في السوق الغزي، وقد أدى ذلك لانخفاض أسعار أسماك غزة إلى ثلث سعرها

وطالب كسكين باقتصار الاستيراد على الأنواع غير المتوفرة في السوق الغزي من خلال الصيد المحلي، وهي أربعة أنواع: القاروص والطوبارة والشبار والجرع.

وأشار كسكين -الذي يملك هو وأشقاؤه الثمانية (يعيلون 50 فردًا) مركبي صيد- إلى أن غالبية الصيادين غارقون في الديون بسبب ضعف مواسم الصيد، وارتفاع تكلفة معدات الصيد والصيانة.

الأسماك المستوردة تسببت بانخفاض سعر السمك المحلي إلى الثلث

من جانبه، أكد رئيس اتحاد لجان الصيادين في غزة زكريا بكر، أن استيراد الأسماك من مصر أدى لانخفاض أسعار الأسماك في قطاع غزة إلى ثلث سعرها تقريبًا، مبينًا أن هذا الانخفاض انعكس سلبًا على الصيادين الغزيين، متسببًا لهم بخسائر مادية كبيرة.

وشدَّد بكر، أن الصيادين في قطاع غزة يعانون أوضاعًا سيئة، بسبب الملاحقة الإسرائيلية في عرض البحر، ومنع مرور قطع غيار محركات المراكب ومعدات الصيد عبر المعابر منذ عدة سنوات.

من جانبه، قال نقيب الصيادين نزار عياش، إن وفدًا من النقابة تواصل مع وزارتي الزراعة والاقتصاد، لبحث مشاكل الصيادين، متوقعًا تقليص كميات الأسماك المستوردة من مصر خلال الأيام القادمة.

قال نقيب الصيادين إن وفدًا من النقابة تواصل مع وزارتي الزراعة والاقتصاد، لبحث مشاكل الصيادين، متوقعًا تقليص كميات الأسماك المستوردة من مصر

وأضاف عياش، أن تقليص كميات الأسماك المستوردة من مصر، من شأنه أن يرفع أسعار الأسماك البلدية، خاصة أنها طازجة، وتتمتع بجودة أفضل من الأسماك المصرية، التي عند وصولها السوق الغزي يكون قد مضى على صيدها أيام.

اقرأ/ي أيضًا: صانعوا قوارب الصيد.. ملوك بلا عروش

بدوره، أكد مدير دائرة الخدمات في الإدارة العامة للثروة السمكية في وزارة الزراعة جهاد صلاح، أن الوزارة تعمل في ظل حالة توازن ما بين مراعاة مصلحة الصياد ومصلحة المواطن.

وأوضح صلاح، إن قطاع الصيد المحلي في غزة ينتج سنويًا قرابة 5 آلاف طن من الأسماك البحرية والمستزرعة، نصيب الفرد الواحد منه قرابة 2.5 كغ فقط، في حين أن معدل استهلاك الفرد في الدول المحيطة يتراوح ما بين 15 لـ 22 كغم سنويًا، "بمعنى أن هناك فجوة كبيرة جدًا يجب تغطيتها" وفق قوله.

نصيب الفرد في غزة من السمك 2.5 كغم سنويا 

وأضاف: "الصياد لا يعرف هذه الأمور، لكن من هو في موقع المسؤولية، يجب عليه أن يضع حلولاً مناسبة وعادلة".

وزارة الزراعة: نصيب الفرد في غزة من السمك 2.5 كغم، بينما معدل استهلاك الفرد في الدول المحيطة 15 لـ 22 كغم سنويًا، وهذه فجوة كبيرة جدًا يجب تغطيتها

وبيَّن صلاح، أن الوزارة حددت معدل استهلاك سنوي للفرد في قطاع غزة بـ11 كغم وفقًا لمعايير دولية، وبسبب الوضع المعيشي الصعب للأهالي.

اقرأ/ي أيضًا: اعتقال صيادي غزة.. هذا ما يحدث بين الملاحقة بالرصاص والتحقيق

وأفاد باستيراد أسماك مجمدة في العام بما يقارب 5 آلاف طن، وهذا يرفع نصيب الفرد إلى 5 كغم، لتبقى هناك حاجة إلى استيراد قرابة 10 آلاف طن للوصل للحد الأدنى من حاجة السوق المحلي.

وبحسب صلاح، فإن ما يتم استيراده من مصر يتراوح بين 150 إلى 200  طن فقط، في حين أن السوق يحتاج لـ 10 آلاف طن.

وأكد، أن وزارة الزراعة تقوم بضبط عملية الاستيراد، فالتاجر الذي يود الاستيراد يتقدم بطلب للوزارة بالكميات والأنواع، لتراجع الوزارة من جانبها الطلب وتُعدّل الكميات حسب نوعية وكمية الأسماك المتوفرة محليًا، بما يضمن عدم تضرر الصياد.

وزارة الزراعة:  ما يتم استيراده من مصر يتراوح بين 150 إلى 200  طن فقط، في حين أن السوق يحتاج لـ 10 آلاف

وأوضح صلاح، أن بعض أنواع السمك يتم استيراده في فترة افتقار السوق له، ثم بعد استيراده يتم صيد كمية منه، مبينًا أن 70% من الأسماك التي يتم استيرادها 70% هي أسماك من البحر الأحمر، كاللوقس والشعور والفريدي، و20% منها أسماك مزارع كالشبار والجرع والقاروص، و10% فقط هي أسماك من البحر المتوسط مثل الكنعن والمليطة.

وأضاف، أن وزارة الزراعة سمحت بتصدير الأسماك ذات الجودة العالية، التي لا يستوعبها السوق المحلي نتيجة ارتفاع أسعارها، كاللوقس والفريدي والامتياس، لدعم الصياد وتثبيته في مهنته، مقابل السماح باستيراد بعض الأنواع الشبيهة، "حتى نحدث توازنًا في السوق المحلي" وفق قوله.

وأكد صلاح، أن وزارة الزراعة اتخذت إجراءً إضافيًا بمنع تصدير جزء من السمك المصري غالي الثمن للضفة الغربية، لضمان شراء التاجر للسمك المحلي بسعر مرتفع، مضيفًا أن الوزارة تجتهد في تقديم المساعدات والمشاريع لدعم الصيادين وتعزيز صمودهم على الدوام.


اقرأ/ي أيضًا: 

صيادو غزة: كان ناقصنا أسماك سامة

صيادون غزيون يهجرون مراكب الصيد إلى المراكب السياحية