27-أغسطس-2019

حضرت والدة الشهيد محمد عبد الفتاح من قرية خربة قيس في محافظة سلفيت، خصّيصًا إلى مدينة رام الله، لتشارك في وقفة اعتصام تطالب باسترداد جثامين الشهداء المحتجزين لدى الاحتلال الإسرائيلي.

كغيرها من والدات الشهداء المحتجزين، لا تترك أم محمد أي مناسبة شعبية قد تكون سببًا في عودة نجلها المحتجز جثمانه منذ خمسة أشهر إلى حضنها.

تقول أم محمد، إن مستوطنًا أطلق الرصاص على ابنها عند مفترق بلدة بيتا جنوب نابلس، وهو في طريقه للعمل مع خاله في محجر ببلدة جماعين، فاستشهد على الفور، تاركًا خلفه طفلة ستحتفل بعد أيام بعيد ميلادها الأول. 

وأطلقت الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء المحتجزة لدى الاحتلال، حملة شعبية تحت عنوان "بدنا أولادنا" للمطالبة بالإفراج عن جثامين الشهداء التي تحتجزها إسرائيل في مقابر الأرقام والثلاجات، وأخرى إلكترونية على هاشتاغ: #بدنا_ولادنا و#لهيب_الثلاجة.

والدة الشهيد محمد عبد الفتاح من خربة قيس بسلفيت

اقرأ/ي أيضًا: رفات صهاينة في أرض لا يعرفونها! أين رفات شهدائنا؟

ولا تختلف والدة الشهيد يوسف عنقاوي الثكلى عن حال أم محمد، فنجلها هو الآخر أعدمه جنود الاحتلال وهو في طريقه للعمل، على مدخل قرية كفر نعمة غرب رام الله، وحتى اليوم لم تحتضن جثمانه المحتجز داخل الثلاجات.

وأوضحت، أن الاحتلال أخفى الأدلة التي تدينه وتستّر على الجريمة، مشيرة إلى أن ابنها كان يرافق "رجال الدعوة" باستمرار، ويوم استشهاده كان في طريقه للقيام بعمل خيري تطوعي في فرن ببلدة بيتونيا لإعداد المعجنات وتوزيعها على عائلات الأيتام، أما عمله الأساسي فهو في محل للحلويات في قرية بيت عور.

والدة الشهيد يوسف عنقاوي من بيت سيرا غرب رام الله

وكانت الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء، قد نظمت اليوم الثلاثاء، عدة وقفات تضامنية، بمناسبة اليوم الوطني لاسترداد جثامين الشهداء، والذي يصادف يوم 27 آب/ أغسطس من كل عام. وفي هذا السياق تقول سلوى حماد منسقة الحملة الوطنية، إن الاحتلال الإسرائيلي يحتجز جثمان 304 من الشهداء الفلسطينيين والعرب، إضافة إلى 68 مفقودًا، علمًا أن الرقم خاصة في مقابر الأرقام هو أكبر، ولكن هذا هو الرقم الذي استطاعت الحملة توثيقه منذ انطلاقها عام 2008.

وأكدت حماد في حوار مع "الترا فلسطين"، أن الحملة استطاعت استرداد جثامين 121 شهيدةً وشهيد من مقابر الأرقام حتى عام 2014، إلا أن الاحتلال عاد لاحتجاز جثامين الشهداء بقرار سياسي في شهر أكتوبر/ تشرين أول عام 2015، حيث تم احتجاز نحو 230 جثمانًا لأوقات متفاوتة تبدأ من ثلاثة أيام، وبعضها يزيد عن ثلاث سنوات.

وأشارت حماد، أن الاحتلال يحتجز حتى الآن 51 شهيدًا في الثلاجات منذ عام 2015، أقدمهم الشهيد عبد الحميد أبو سرور المحتجز منذ 18 نيسان/ ابريل عام 2016، وآخرهم الشهيد علاء الهريمي.

وحول فعالية اليوم الوطني، قالت حماد، إنه تم تنظيم وقفات متزامنة في أربع مدن فلسطينية، حيث نُظّمت وقفة في غزة أمام الصليب الأحمر، وفي نابلس في ميدان الشهداء، وفي رام الله على ميدان المنارة، وفي الخليل انطلقت مسيرة من أمام بلدية الخليل وحتى دوار ابن رشد، وغدًا ستكون فعالية عند ضريح الشهداء أمام مخيم الدهيشة.

     والدة الشهيد صالح البرغوثي: الأرض حنونة على الشهداء       

وخلال الوقفة، حملت سهير البرغوثي صورة عملاقة لنجلها الشهيد صالح البرغوثي. وقد عرّفت عن نفسها لـ "الترا فلسطين" بالقول إنها والدة الأسير عاصم البرغوثي الذي انتقم لأخيه الشهيد صالح، وقالت إنها حضرت هُنا لـ "فضح جرائم الاحتلال الذي يتلذذ بمعاناة الأهالي باحتجاز الجثامين، وعمل كل ما يوجع الإنسان الفلسطيني".       

وتطالب سهير باسترداد جثمان ابنها "أبو قيس" وأن يكون بالقرب منها، لتتمكن من زيارة قبره في أي وقت، فقلبها "لن يهدأ إلا بعد دفت جثمان ابنها". 

والدة الشهيد صالح البرغوثي

اقرأ/ي أيضًا: 13 صورة عن الحياة في فلسطين قبل القرن العشرين

والدة الشهيد عادل عنكوش

والدة الشاب عادل عنكوش الذي استشهد في شهر رمضان عام 2016، على باب العامود وسط القدس المحتلة، تطالب هي الأخرى "كل صاحب ضمير حيّ" بالعمل على إعادة جثمان ابنها، لدفنه في التراب وهذا ما "يخفف جرحها"، فهي ستزور قبره وتتحدّث إليه عندما تشتاق إليه، كما تقول في حديثها مع "الترا فلسطين". 

       والدة الشهيد العنكوش: طالما جثمان ابني في الثلاجات، سأظلّ أشعر بالبرد     

وحول المطلوب؛ يقول الناشط الحقوقي في قضية استرداد جثامين الشهداء، محمد عليان، إن المطلوب هو الاستمرار في الحراك الشعبي والسياسي والدولي والقانوني، من أجل الافراج عن جثامين الشهداء، وعدم الاكتفاء بيوم شعبي واحد من كل عام.  

وأكد عليان، أنه حتى الآن لم يفرج الاحتلال عن جثمان شهيد واحد عن طريق المحكمة، وإنما كان الضغط الشعبي هو الحاسم، وشرطة الاحتلال كانت تفرج عن الجثامين خوفًا من الشارع.

وتابع عليان وهو والد الشهيد بهاء عليان، أنه في السابق كانت الوقفات والفعاليات تنظم باستمرار وبشكل يوميّ، مع الحضور الدائم في الإعلام، بخلاف الوضع هذه الأيام.