17-سبتمبر-2018

مؤخرًا، هُجّرت 20 عائلة من يطا جنوب الخليل، فقط لأن القاتل أحد أقاربهم..

عمليات الإجلاء التي استهدفت مئات الأشخاص على خلفية جرائم القتل وقعت في بعض المناطق الفلسطينية مؤخرًا وفي أعوام سابقة لا يمكن وصفها - برأيي الخاص- إلا بمثابة جريمة تهجير قسري كونه يتم نقل سكان من مناطق سكنهم بصورة قسرية وبقرار يصدر من السلطة القضائية العشائرية، وكونه يتم في ظل تقصير تام من السلطة الرسمية ناتج عن امتناعها عن القيام بواجبها في منع عمليات الترحيل القسرية، بل أحيانًا يتورط بعض أفرادها ومؤسساتها في هذه القرارات.

   من الضروري معالجة هذا الملف الذي يعاني منه آلاف الذين هُجّروا من منازلهم على خلفية عمليات قتل ارتكبها أفراد من عائلاتهم  

هذه الجريمة تخالف المادة (15) من القانون الأساسي الفلسطيني الذي ينص على أن العقوبة شخصية، وتمنع العقوبات الجماعية، ولا جريمة ولا عقوبة إلا بنص قانوني، ولا توقع عقوبة إلا بحكم قضائي، ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لنفاذ القانون.

التهجير القسري قد يكون مباشرًا، وقد يحمل السكان على الهجرة، خشية من القمع أو من ردود فعل أو مخاطر قد يتعرضوا لها، ونقل السكان عن طريق التهجير القسري كما هو الواقع في مثل هذه الحالات جريمة دولية نصت عليه المادة الثامنة/ البند الثاني من نظام روما الأساسي لمحكمة الجنايات الدولية "الإبعاد أو النقل غير المشروعين أو الحبس غير المشروع ".

إن ما يجري من عمليات إجلاء في بعض المناطق الفلسطينية، وما ينجم عن ذلك من مسّ في حقوق العائلات التي يتم إجلاؤها أمر مخالف لأبسط قواعد حقوق الإنسان والقانون الدولي، وما لم تقم السلطة الرسمية في البلاد بمنعه، وإعادة المهجّرين إلى منازلهم، والبحث عن أدوات جديدة تضمن السلم الأهلي في داخل المجتمع عن طريق تطبيق مبدأ سيادة القانون قد يشرّع ذلك الباب واسعًا لمعالجة حقوقية دولية في ضوء تزايد الوعي الحقوقي بهذه الجريمة التي ينطبق عليها مواصفات التهجير القسري المجرّمة بموجب القوانين الدولية، والمجرمة بموجب القانوني الأساسي الفلسطيني.

لا شك أنه يقع على عاتق السلطة الوطنية الفلسطينية مسؤولية رعاية واستعياب العائلات وضمان توفير كافة الاحتياجات الأساسية للمهجرين إلى أن يتم ضمان إعادتهم بسلام إلى مناطق سكنهم، ويجري في بعض دول العالم إنشاء هيئات وطنية لرعاية شؤون المهجرين، كما يقع على عاتق المؤسسات المحلية كالمحافظات والبلديات ومؤسسات المجتمع المدني مسؤولية متابعة قضايا المهجرين وضمان حماية حقوقهم الإنسانية إلى أن يتم إعادتهم إلى مسكنهم الأصلي.

بات من الضروري معالجة هذا الملف الذي يعاني منه آلاف السكان الفلسطنيين الذين هُجّروا من منازلهم على خلفية عمليات قتل ارتكبها أفراد من عائلاتهم ولا ذنب للمهجرين في ذلك كون القتل جريمة عقوبتها شخصية.

وأتمنى أن يفتح هذا الرأي والتحليل نقاشًا حول توصيف الحالة لمن يختلف مع توصيفي، فهو اجتهاد شخصي قبل للصواب والخطأ، وأن يساهم إثارة هذا الموضوع في إيجاد حل لهذه القضية يضمن السلم الأهلي ويعيد مجتمعنا إلى سياسية تطبيق القانون.