ترتفع وتيرة التصعيد على جبهة جنوب لبنان، مع توعد الاحتلال الإسرائيلي بتنفيذ هجوم على لبنان، تُرك تحديد مداه وتوقيته لرئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت.
وفي أحدث تهديد إسرائيلي، قال وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت: "سنفعل كل ما في وسعنا لاستعادة الأمن والسماح للحياة بأن تستمر كما ينبغي. حزب الله سيدفع ثمن ذلك - أفعالنا هي التي ستتكلم"، بحسب تعبيره.
وبينما توجه نتنياهو إلى موقع انفجار حادثة مجدل شمس، التي أسفرت عن سقوط 11 ضحية من الأطفال، تظاهر العشرات من أهالي البلدة رفضًا لوصول رئيس وزراء الاحتلال الذي وصف بـ"مجرم حرب وقاتل الأطفال".
وكان حزب الله اللبناني، قد نفى مسؤوليته عن الحادثة، فيما كشف مسعف للتلفزيون العربي، عن أن شهادات العيان في المكان، تشير إلى أن الصاروخ الذي سقط على المكان، يعود إلى القبة الحديدية، نظرًا لقرب المواقع العسكرية الإسرائيلية من بلدة مجدل شمس.
توافق في إسرائيل على هجوم كبير في لبنان، لا يصل إلى حرب مفتوحة وقد يؤدي إلى أيام من التصعيد، وحزب الله لن يمرر الهجوم
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية إنهم "ينصحون المواطنين الألمان بمغادرة لبنان بشكل عاجل" بسبب الخوف من التصعيد.
وتحدث وزير الخارجية البريطاني مع رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي "للتعبير عن القلق بشأن التوتر المتزايد" ورحب "بدعوة الحكومة اللبنانية لوقف العنف". وكتب ديفيد لامي على "إكس": "تحدثت مع رئيس وزراء لبنان اليوم للتعبير عن قلقي إزاء تصاعد التوترات ورحبت ببيان الحكومة اللبنانية الذي يدعو إلى إنهاء كل أعمال العنف". وأضاف: "اتفقنا على أن توسيع الصراع في المنطقة ليس في مصلحة أحد".
قال مصدر مقرّب من ميقاتي لصحيفة وموقع "العربي الجديد": إنّ "الاتصالات الخارجية الدبلوماسية تجمع على ضرورة ضبط النفس ومنع التصعيد، لأن ذلك لن ينعكس على لبنان فقط، بل على المنطقة ككلّ، كما تؤكد السعي وبذل الجهود المطلوبة واللازمة لدى الأطراف للتهدئة".
وأشار المصدر إلى أنّه "لا تطمينات حصل عليها لبنان لناحية ضمان عدم شن حرب واسعة عليه ربطًا بالتطورات الأخيرة، لكن في المقابل وصلت رسائل بأنّ هناك سعيًا دوليًا للدفع باتجاه حل دبلوماسي ينهي المواجهات العسكرية".
وبحسب مصادر لبنانية، مقربة من حزب الله، فإن الحزب اللبناني سيرد على أي ضربة إسرائيلية على لبنان، مع التلميح إلى إمكانية تطور مستوى الاشتباك على الجبهة، بما يتجاوز قواعد الاشتباك القائمة.
أهالي مجدل شمس في الجولان المحتل يرفضون استقبال رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في بلدتهم ظهر اليوم. pic.twitter.com/xY8Xbr9As5
— Ultra Palestine - الترا فلسطين (@palestineultra) July 29, 2024
إسرائيل تبحث عن الرد
بحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، فإن الاحتلال الإسرائيلي "ينتظر الفرصة العملياتية" للهجوم على لبنان، مشيرةً إلى أنه حُدد "الهدف المقرر استهدافه، الليلة الماضية، من قبل كبار الضباط الإسرائيليين، وتم تقديمه للتصديق عليه في مناقشة مجلس الوزراء الإسرائيلي، التي استمرت حوالي ثلاث ساعات ونصف الساعة".
وأكدت الصحيفة الإسرائيلية، أن "جيش الاحتلال يطرح العديد من الاعتبارات، بما في ذلك احتمال تواجد أشخاص غير متورطين بالقرب من الهدف، وإمكانية إيذاء كبار المسؤولين أو الإضرار بمواقع استراتيجية"، موضحةً أن "خيارات الرد التي أعدها الجيش الإسرائيلي لم تعرض على الحكومة الإسرائيلية، خوفًا من تسريبها".
والتقدير الإسرائيلية، أن هناك إمكانية لـ"للوصول إلى عدة أيام من المواجهة، لكنه ستظل تحركًا محدودًا فقط، حتى لو تجاوز الهجوم ما حدث طوال الحرب الحالية".
وصباح اليوم، قال مسؤول أمني إسرائيلي كبير لـ"رويترز": إن "إسرائيل تريد إيذاء حزب الله، لكنها لا تسعى إلى حرب إقليمية شاملة". وقال مصدران آخران "نحن نستعد لاحتمال وقوع قتال لعدة أيام".
ووفق المصادر الإسرائيلية: "في الليلة الماضية، فوض الوزراء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الأمن يوآف غالانت، باختيار طريقة الرد ومتى. وامتنع وزير المالية الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير عن التصويت وطالبا بخطوة أكثر صرامة".
قال مسؤول أمني إسرائيلي أمس: "عليك أن تقرر ما هو هدفك وما هو الهدف لتحديد الإجراءات لأنك تفهم أنه من ناحية عليك الرد، ولكن من ناحية أخرى، فأنت غير مقتنع بأن الذهاب إلى الحرب الآن هو خطوة ذكية، ولا يمكنك تحديد أفعالك بأنه لن تكون هناك حرب، لأن الأمور قد تتعقد".
وأوضحت المصادر الإسرائيلية، أن الولايات المتحدة تمارس الضغوط على إسرائيل لـ"الهجوم بطريقة محسوبة"، فيما تمارس فرنسا الضغوط على لبنان. وقال مسؤول كبير في إدارة بايدن أمس: "لا أعتقد أننا ذاهبون إلى حرب شاملة في لبنان، لكن سوء التقدير هنا يمكن أن يؤدي إلى الحرب".
وحول خيارات الرد، فإن الاحتلال قد يهاجم مستودعات عسكرية استراتيجية أو تنفيذ سلسلة من عمليات الاغتيال في صفوف حزب الله، أو اختيار موقع لم يستهدف من قبل.
وقدر مسؤول إسرائيلي كبير آخر أمس أنه "على الرغم من أن الهجوم سيكون قويًا، إلا أنه لن يؤدي إلى حرب شاملة". وأشار إلى أنه من المتوقع أن يقابل الهجوم الإسرائيلي برد أقوى من المعتاد من حزب الله.
وأكدت المصادر الإسرائيلية، أنه "لا نية لإشعال حرب إقليمية"، أمّا "مشكلة" جيش الاحتلال، فهي "تدور حول صياغة هجوم، لا يصل إلى تصعيد حقيقي". وذكرت "يديعوت أحرونوت" أن "أي رد لا يصل إلى بيروت، لن يكون له أي معنى"، وفق ما ورد.
وأكدت القناة الـ12 الإسرائيلية، أن "إسرائيل تريد الرد بقوة، ولكن ليس التسبب في حرب. وفي الوقت نفسه، هناك إجماع في في إسرائيل على أن الرد يجب أن يكون قويًا في طبيعته ونتائجه ورسالته".
وتشير التقديرات في "إسرائيل إلى أنه من المتوقع أن تكون الأيام المقبلة شديدة القتال، ومن الممكن أن نرى رد فعل من حزب الله على الإجراء الإسرائيلي. ولذلك، هناك أيضًا استعدادات على الجبهة الداخلية لتدهور الوضع الأمني. وعلى المستوى السياسي، فإنهم يناقشون كيفية إلحاق الأذى بحزب الله وردعه، دون اللجوء إلى الحرب"، بحسب ما ورد في المصدر الإسرائيلي.
ووفق القناة الـ12 الإسرائيلية: "على طاولة مجلس الوزراء الإسرائيلي يتم النظر أيضًا في احتمالات المساس بأهداف الدولة اللبنانية، وليس فقط حزب الله".
وتوضح القناة أن هناك خلافات بين مجلس الوزراء الإسرائيلي، إذ يطالب سموتريتش وبن غفير بإعلان الحرب على غزة، بينما يختلف الموقف لدى نتنياهو الومؤسسة الأمنية.
وقال مصدر سياسي إسرائيلي: إن "الحرب مطروحة أيضًا على الطاولة. موقف نتنياهو واضح تمامًا: لقد أراد منع الحرب في الشمال ولذلك دعا غانتس وآيزنكوت لدخول الحكومة في 11 تشرين الأول/أكتوبر، ولم يتغير رأيه. على عكس موقف غالانت حينها".
احتواء التصعيد
وبحسب المعلق العسكري في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية عاموس هارئيل، فإن منذ وصول رئيس وزراء الاحتلال نتنياهو من الولايات المتحدة، وبداية المناقشات الأمنية، فإن التركيز دار حول "مدى قوة الهجوم المطلوب، فضلًا عن الجهود المبذولة للتنبؤ بكيفية رد حزب الله عليه. وسوف يحدد تبادل الضربات القادم ما إذا كانت الحرب قد وصلت إلى نقطة تحول، حيث تنتقل الجبهة الشمالية إلى مركز الصدارة، أو ما إذا كان هذا مجرد تصعيد آخر يمكن احتواؤه دون تغيير كبير في الاتجاه العام".
وأوضح هارئيل: "تمارس أميركا ضغوطًا شديدة على إسرائيل حتى لا ترد بقوة، في لبنان. ويخشى الأميركيون من حرب إقليمية قد تؤثر على الانتخابات الرئاسية الأميركية في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل. ويخشى المجتمع الدولي من حرب تسيطر على الأجندة الدولية في ذروة الألعاب الأولمبية"، بحسب تعبيره.
وتابع هارئيل، بالقول: إن "ما يحدث على الحدود اللبنانية يؤثر ويتأثر بالحرب على قطاع غزة والمفاوضات بشأن صفقة التبادل"، واسمر في القول: "تشير كل الدلائل إلى أن نتنياهو يؤخر التقدم في التوصل إلى اتفاق. وكان الرد الإسرائيلي الأخير على الوسطاء يوم السبت يشمل تشديدًا كبيرًا في مواقف إسرائيل، وتقول مصادر أمنية مطلعة على المفاوضات إن فرص استجابة حماس بشكل إيجابي كانت ضئيلة حتى قبل التصعيد في الشمال".
بحسب "هآرتس": تمارس أميركا ضغوطًا شديدة على إسرائيل حتى لا تهاجم بقوة، في لبنان
وأوضح هارئيل: "هناك فجوة كبيرة بين الخطاب العام المتشدد الذي تنتهجه إسرائيل، والسياسة التي تنتهجها في الممارسة العملية. فقد هدد عدد من المسؤولين الإسرائيليين -رئيس الوزراء الإسرائيلي، ووزير الأمن، ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي، ووزير الخارجية، وعدد قليل من الوزراء الآخرين الذين لا يتمتعون بأي نفوذ حقيقي على السياسة- على مدى الأيام القليلة الماضية بأن حزب الله سوف يدفع ثمنًا باهظًا. ولكن العديد من الأشخاص الذين أدلوا بهذه التصريحات يدركون جيدًا القيود التي قد يواجهها أي عمل عسكري من جانب الجيش الإسرائيلي -تأخير شحنات الأسلحة الدقيقة من الولايات المتحدة؛ والعبء الثقيل بالفعل على الجنود، سواء المجندين أو الاحتياطيين؛ والصعوبات التي يفرضها التوغل البري في جنوب لبنان".
واستمر هارئيل في القول: "يقترح البعض حلًا سحريًا آخر، وهو قصف البنية الأساسية المدنية في لبنان. ولكن من غير المرجح أن يساعد هذا الحل، لأن الحكومة اللبنانية لا تملك أي نفوذ تقريبًا على قرارات حزب الله".