قبل أيام من حلول عيد الفطر، يشتكي الأهالي من ارتفاع ملحوظ في السوق الفلسطيني على أسعار الملابس، وبشكل خاص ملابس الأطفال، وهو ما يؤكده تجار الملابس أنفسهم وجمعية حماية المستهلك.
يظهر ارتفاع الأسعار في الأسواق، خلال الأيام الأخيرة من شهر رمضان، لكنه في هذا العام وصل إلى مستويات غير مسبوقة
وانتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي الكثير من التعليقات، التي عبر فيها الأهالي عن رفضهم ارتفاع أسعار ملابس الأطفال، التي لا مفر من شرائها، واختلفت الأصوات بين من ذهب للتنديد بالارتفاع وبين من اتخذ من الأمر مساحة للسخرية من التجار.
تقول لبنى الهوبي، إنها توجهت للسوق كي تشتري لأولادها ملابس العيد وتبين لها ارتفاع الأسعار، وعنونت منشورها "أواعي الأطفال قربت توصل سعر الذهب". وتابعت "هو هيك أسعار طبيعي بالنسبة لوضع البلد، أو بالنسبة لرواتب الموظفين، غير إن كل شيء غالي".
أما أبو علي حسن فقال في منشور ساخر له "أسعار أواعي الأطفال ما بشتريهم إلا الحرامي وتاجر المخدرات".
ودعا داود موسى إلى مقاطعة شراء ملابس الأطفال، وكتب "تشتروش أواعي عيد للأطفال، وخلي التجار يلي ما بخافوا الله يلبسوهن".
لكن التجار، وخلال جولة قام بها مراسل "الترا فلسطين" في أسواق رام الله والبيرة، رفضوا هذه الاتهامات، والقول إن "ما يجري استغلال من قبلهم".
وأكد التجار لمراسل "الترا فلسطين"، على وجود ارتفاع حقيقي في الأسعار مقارنة بالعيد الماضي بنسبة تصل إلى 20%، ولكن هذا الارتفاع من البلد المنشأ، ولا علاقة لهم به.
من جانبها، تؤكد رئيسة جمعية حماية المستهلك في محافظة نابلس فيحاء البحش على ارتفاع أسعار ملابس الأطفال مع اقتراب عيد الفطر.
وقالت البحش في تعقيب لـ"الترا فلسطين"، إن هناك تفاوتًا في الأسعار، وهناك ارتفاعًا على الأسعار مقارنةً بالأسعار التي كانت في المواسم السابقة.
وحول السبب في ذلك، ترى البحش أن هناك سببين، الأول بسبب فرق العملة وارتفاع سعر صرف الدولار، والتغير في تكلفة عمليات الاستيراد. أما السبب الثاني هو وجود استغلال لدى بعض المحلات لحاجة الناس ورفع السعر. لكن، البحش عبرت عن استغرابها من استمرار هذا، من خلال استيراد كل الغلاء العالمي إلى السوق الفلسطيني والمساعدة في دخوله، بدون أن يكون هناك أي تدخل وتغيير على الواقع.
وحول ماهية التدخل المطلوب، قالت البحش إن الدول تحاول أن يكون لديها إنتاج محلي، ولمواجهة هذه المتغيرات، وصناعة الملابس كانت من الصناعات الأساسية في بعض المحافظات، ولكن هذه المهنة تلاشت وصرنا نعتمد على الاستيراد من الخارج، وبالتالي نضطر إلى تحمل أي متغيرات في محيطنا.
بدوره، يرى الباحث في حقل العلوم الاجتماعية والإنسانية عبد العزيز الصالحي أن ارتفاع أسعار السلع في شهر رمضان بالمجمل، يعود لزيادة الطلب على السلع في رمضان وتجهيزًا للأعياد.
ولا يستبعد الصالحي في معرض تعقيبه لـ"الترا فلسطين"، على وجود الاستغلال من قبل التجار في الضفة الغربية وقطاع غزة، والذي يترافق مع غياب مسؤولية وزارة الاقتصاد ودائرة حماية المستهلك في حماية الأفراد بشكل فعلي وحقيقي، وبالتالي غياب أدوات حماية المستهلك تفتح المجال أمام التجار بشكل واسع لاستغلال المستهلكين.
وحول قضية الملابس، وتحديدًا ملابس الأطفال، قال الصالحي إن التجار يقومون باستغلال فترة الأعياد بحكم أن الغالبية العظمى تتجه لشراء ملابس جديدة لأطفالهم، وبالرغم من عدم قدرة البعض على الإنفاق، إلا أنهم لا يسقطون هذه المسألة أبدًا والتي تعبر عن أقل ما يقدم للأطفال في الأعياد.
وأضاف الصالحي، أن الصين وتركيا تعتبران المصدر الأساسي لسوق الأقمشة والأحذية في الضفة الغربية، يلي ذلك أسواق كيان الاحتلال الموردة لأسواق الضفة الغربية.
وأوضح أن السلع بالأصل ارتفعت، بسبب ارتفاع تكلفة سلسلة التوريد بعد جائحة كورونا، وفي ظل التضخم العالمي الذي وصل لأكثر من 30% على بعض السلع، بالتالي فإن الأسعار ارتفعت فعليًا بسبب التضخم في البلد المنشأ وبسبب ارتفاع تكاليف الشحن (سلسلة التوريدات).
ويوضح الصالحي ما يحدث في الضفة الغربية، قائلًا: "في الحقيقة إن التضخم المستورد على السلع هي مسألة واردة وحاصلة لمعظم المجتمعات التي تعتمد على الاستيراد، لكن الفارق أنه في الضفة الغربية لا يوجد دعم وإسناد يصاحب مسألة استيراد التضخم الحاصلة، كالتعديل على الأجور أو دعم سلع أساسية أو رفع الفائدة على العملة بحكم عدم وجود عملة لدينا، لذا، تبقى المسؤولية على عاتق دائرة حماية المستهلك ووزارة الاقتصاد، حيث من المفترض تقديم تفسير للجمهور حول ما يجري، وحول الحد الذي يعتبر محتمل ضمن إطار التضخم وارتفاع أسعار السلع، مقابل أي استغلال حاصل".