02-أغسطس-2024
مفاوضات التبادل واغتيال إسماعيل هنية

(Getty) نتنياهو يعمل على إفشال صفقة التبادل

قال الرئيس الأميركي جو بايدن يوم الخميس إن اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، لن يساعد في محادثات وقف إطلاق النار لإنهاء الحرب في غزة.

وأضاف بايدن، الذي كان يرد على استفسار من الصحفيين في قاعدة أندروز المشتركة في ماريلاند، بعد وصول الأميركيين المفرج عنهم من روسيا في صفقة تبادل أسرى واسعة النطاق، أنه أجرى محادثة "مباشرة للغاية" مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. وقال بايدن: "كان لدينا الأساس لوقف إطلاق النار. يجب عليه المضي قدمًا فيه ويجب أن يتحرك الآن".

وفي القناة الـ12 الإسرائيلية، فإنه "في ظل الخوف من التصعيد، ناقش كبار الضباط في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية المطالبة بالاستفادة من الاغتيالات من أجل التوصل إلى اتفاق ومعرفة ما إذا كان من الممكن التوصل إلى تسوية في الشمال، وزعموا: إن رئيس الموساد لم يقل أن هناك صفقة جاهزة ويجب قبولها. وقال مسؤولون أمنيون كبار: نتنياهو تخلى عن المختطفين".

بعد اغتيال هنية وفؤاد شكر.. نقاش وخلاف حاد بين نتنياهو المؤسسة الأمنية، حول صفقة التبادل

وأشار إلى خلافات حادة في جلسة مشاورات أمنية عقدت مساء الأربعاء حول صفقة التبادل، إذ قال رئيس الشاباك: "أشعر أن رئيس الحكومة ليس معنيًا بالصفقة وإذا كان هذا صحيحًا فعليه أن يخبرنا بذلك".

ووفق المصدر الإسرائيلي، فإن "ممثل الجيش في فريق المفاوضات خاطب نتنياهو بالقول إن شروطه لا تتيح التوصل إلى اتفاق"، فيما قال رئيس الموساد: بـ"الإمكان التوصل إلى صفقة وإذا ماطلنا فسنفوت الفرصة".

أمّا نتنياهو، فقد قال للمفاوضين إنهم ضعفاء ولا يعرفون كيفية إدارة المفاوضات. وأضاف: بدلًا من الضغط علي، اضغطوا على السنوار. توقفوا عن العمل لصالح السنوار".

وأشارت رئاسة الوزراء الإسرائيلية إلى أن "الوفد المفاوض سيغادر إلى القاهرة يوم الأحد المقبل لبحث صفقة التبادل".

وقالت القناة 12 الإسرائيلية عن أوساط قادة الأجهزة الأمنية: "نتنياهو لا يريد صفقة تبادل في هذه المرحلة وتخلى عن المختطفين".

بدورها، قالت عائلات الأسرى الإسرائيليين: "التسريبات من الاجتماع الأمني تعني أن نتنياهو تراجع عن الصفقة التي اقترحها".

وأضافت: "نطلب من قادة الأجهزة الأمنية وفريق التفاوض الحديث أمام الجمهور عمن يعرقل الصفقة".

وحول اجتماع بايدن ونتنياهو، الأسبوع الماضي، قال مسؤول إسرائيلي كبير لـ"أكسيوس": إن "بايدن رفع صوته وقال إنه يريد التوصل إلى اتفاق خلال أسبوع أو أسبوعين".وأضاف المسؤول الإسرائيلي أن "بايدن أبلغ نتنياهو أن التوصل إلى اتفاق بشأن الأسرى ووقف إطلاق النار هو أهم شيء الآن".

وقال بايدن لنتنياهو، بحسب مذكرات أحد المشاركين: "نحن عند نقطة تحول... نحتاج إلى بذل كل ما في وسعنا لإنهاء الحرب والوصول إلى الاستقرار الإقليمي، حتى لو لم يكن الاتفاق مثاليًا. حماس تريد الاتفاق الآن. قد يتغير الأمر".

وبحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت"، فإن "مدى تأثير الاغتيال على المحادثات لا يزال غير واضح".

وتضيف الصحيفة الإسرائيلية: "من وجهة نظر المخابرات الإسرائيلية، فإن الصورة أكثر تعقيدًا. منذ بعض الوقت، اعتقدت مصادر الاستخبارات الإسرائيلية أن رئيس المكتب السياسي لحماس لم يساعد في تعزيز المفاوضات، ولكنه تسبب في بعض الحالات في تصلب خط حماس".

ووفق التصور الاستخباري الإسرائيلية، فإن "هنية كان حجر عثرة في المفاوضات"، مضيفةً أن الاغتيال لهنية "قد يوفر للقيادة الإسرائيلية وجهة النظر اللازمة، ويجعل من السهل على نتنياهو التوقيع على الاتفاق، وإزالة المتطلبات وتحديدًا البنود التي تجعل التقدم صعبًا، والتي أعلنت قيادة حماس أنها سترفض قبولها بشكل قاطع".

وقالت مصادر مطلعة على تفاصيل المفاوضات، الليلة الماضية، لـ"يديعوت أحرونوت"، إن المحادثات لم يتم تجميدها، وأنها مستمرة.

وبحسب المصادر الإسرائيلية: "اليوم كانت هناك محادثات، أمس كانت هناك محادثات وستكون هناك محادثات غدًا. تمت مناقشة العديد من القضايا الرئيسية في المحادثات، لكن من الواضح أن هذه المحادثات هي أكثر بين إسرائيل والوسطاء وفي الوقت الحالي". مضيفةً: "من دون مشاركة حماس، على ما يبدو أن الجميع ينتظر إجابات من حماس بعد أن سلمت إسرائيل إجابتها للوسطاء يوم الأحد".

وأشار مسؤول إسرائيلي كبير إلى أن "المحادثات بشأن الصفقة مستمرة ومن الممكن أن يتوجه وفد إسرائيلي إلى مصر يوم السبت".

ووفق المصدر: "في إسرائيل هناك خلافات في الرأي بين أجهزة المخابرات والأمن فيما يتعلق بمسألة توقيت رد حماس. وبحسب أحد التوجهات، وفي ظل الوضع الحالي، فإن حماس ستختار عدم الرد على الجواب لأسابيع وربما حتى أشهر. ومن ناحية أخرى، هناك توجه آخر يقول إن اغتيال كبار مسؤولي حماس وحزب الله تقرب فعليًا من التوصل إلى اتفاق".

وتضيف "يديعوت أحرونوت": "على الرغم من ذلك، نشر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بشكل غير معتاد، صورة لنقاش جرى في مكتبه أمس، وأرفق التعليق التالي: يجري رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو حاليًا مناقشة حول قضية المختطفين لدينا مع منسق أسرى الحرب والمفقودين غال هيرش والأمين العام العسكري رومان جوفمان ومدير مكتبه تساحي برافرمان".

وعقبت الصحيفة على ما سبق، بالقول: "مسؤولون كبار في إسرائيل استغربوا الصورة التي نشرها مكتب نتنياهو من المناقشة التي لم يشارك فيها كبار أعضاء فريق التفاوض الإسرائيلي، ومن بينهم رئيس الموساد ديدي برنيع ورئيس الشاباك رونان بار واللواء (متقاعد) نيتسان ألون، ووفقًا لكبار المسؤولين، قد يرغب نتنياهو في طمأنة العائلات، ولكن بمجرد أن ترى حماس الصورة، فإنها ستتخذ مواقف تلقائيًا. لدينا صعوبة في فهم المنطق وراء نشر هذه الصورة".

وذكروا أنه "رغم ذلك فإن حماس لن ترد في جواب خلال يومين، وإذا أرادت حماس التوصل إلى اتفاق فسوف يحدث، وإذا لم تريده فلن يكون"، بحسب ما ورد.

ووفقًا للمصادر الإسرائيلية، فإن اغتيال هنية "لا يغير بشكل عميق موقف حماس فيما يتعلق بوقف إطلاق النار، وهي لا تزال مهتمةً به. وبحسب مصادر مطلعة على المفاوضات، فإن عملية الاغتيال قد تؤدي على المدى القصير إلى تأخير إجراء المفاوضات قليلًا كسلوك احتجاجي من جانب حماس".

من جانبه، قال معلق الشؤون السياسية في صحيفة "هآرتس" تسفي بارئيل: "من المرجح أن اغتيال إسماعيل هنية (ومسؤولين كبار آخرين من حماس) كان على جدول الأعمال عدة مرات خلال حرب غزة التي استمرت عشرة أشهر. والسؤال الرئيسي الذي يواجه صناع القرار في كل مرة على ما يبدو كان يتلخص في الكيفية التي قد تؤثر بها مثل هذه الاغتيالات المستهدفة على مفاوضات الرهائن وفرص نجاحها".

وبحسب مصدر إسرائيلي، فإن "هناك سؤالين رئيسيين قد يكونان مهمين في اتخاذ هذه القرارات: من سيكون الوسيط بين قطر ومصر وزعيم حماس في غزة يحيى السنوار إذا قُتل هنية، ومتى وأين يتم تنفيذ عملية الاغتيال".

وتابع: "من الناحية العملياتية، يبدو أن هنية كان هدفًا سهلًا. فقد سافر حول العالم، وزار تركيا وأقام فيها، وأقام في قطر، وسافر إلى إيران ومصر". وفيما يتصل بالتوقيت، قال المصدر: "كانت هناك نظرية مفادها أن الأمر لابد أن يتم بعد استكمال المفاوضات والتوصل إلى اتفاق بشأن الرهائن، وأننا نستطيع أن ننتظر حتى انتهاء الحرب. وعلى حد علمي، كان هناك اتفاق مبدئي على ضرورة ملاحقة قيادة حماس بالكامل كجزء من استراتيجية القضاء على المنظمة. ولكن كان من المفترض أن تكون هذه خطة طويلة الأجل".

وقال إن المسألة الثانية تتعلق بمكان الاغتيال. وأضاف: "إن هذه مسألة دبلوماسية بالغة الخطورة. فلو كانت إسرائيل مسؤولة بالفعل عن الاغتيال، لكان من المستحيل تنفيذ عملية اغتيال في دولة تربطها علاقات دبلوماسية بإسرائيل، حتى تركيا، على الرغم من الخلاف الحالي بين البلدين. ومن المؤكد أنه لا يمكن تنفيذ عملية اغتيال في مصر أو قطر، التي لا تلعب دورًا رئيسيًا في المفاوضات مع حماس فحسب، بل إنها أيضاً حليف وثيق للولايات المتحدة".

وقال مصدر: "كان أحد الافتراضات الأولى هو أننا نستطيع الضغط على السنوار للتوصل إلى اتفاق من خلال تهديد قيادة حماس في الشتات، والتي يعيش معظمها في قطر".

وأضافت "هآرتس": "إن أحد الافتراضات المحتملة هو أن السنوار سوف يستمر في المفاوضات، لأنها السبيل الوحيد الذي يمكنه من تحقيق الانسحاب الإسرائيلي من غزة والإفراج عن مئات السجناء الفلسطينيين. وكما لم يقم السنوار بتجميد المفاوضات بشكل كامل بعد اغتيال محمد ضيف المفترض (الذي لم يتم تأكيده بعد)، فإن اغتيال هنية قد لا يكون لها تأثير عميق. ولا يسعنا إلا أن نأمل أن يحدث هذا بالفعل".

وأوضح بارئيل: "إن هناك افتراضًا متفائلًا آخر ــ وربما غير واقعي ــ وهو أن إسرائيل تسعى إلى إيجاد التوازن بين استعدادها للانسحاب من غزة من أجل تحقيق إطلاق سراح الأسرى، وهي الخطوة التي قد تعتبر هزيمة سياسية، والقضاء على أحد كبار زعماء حماس. ولكن إلى جانب هذا الافتراض، يثور السؤال حول ما إذا كانت إسرائيل قد قررت أنه لم يعد هناك أي جدوى من استمرار المفاوضات، وأنها يجب أن تنتقل إلى المرحلة التالية من الحرب ضد حماس ــ وأن تسجل على الأقل إنجازاً ملموساً، حتى لو جاء هذا على حساب حياة الأسرى".

بدوره، قال المعلق العسكري في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية عاموس هارئيل: "الآن تستعد إسرائيل لمنع (وامتصاص بعض الشيء) الهجمات الانتقامية للاغتيالات من جانب إيران وحزب الله وحماس والحوثيين في اليمن. والآن أصبحت فرص إتمام صفقة الأسرى، على الرغم من دعم المؤسسة الدفاعية المعلن لها، قريبة من الصفر في ضوء التغييرات التي طرأت على النظام الإقليمي".

وأضاف: "فيما يتعلق بصفقة التبادل، من الواضح أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لديه أجندته الخاصة، وإعادة الأسرى إلى ديارهم ليست على رأس هذه الأجندة. رئيس الوزراء الإسرائيلي مهتم بمواصلة الحرب في غزة دون أي تغيير في تخصيص القوات العاملة هناك ضد حماس ودون سحب القوات من نتساريم أو فيلادلفيا، الممرين في القطاع الذي يحتلهما الجيش الإسرائيلي الآن".

وأوضح هارئيل: "الصراع مع حزب الله في الشمال يشكل الآن أولوية ثانوية بالنسبة لنتنياهو. فهو لا يريد أن تتورط إسرائيل في حرب إقليمية، وبالتالي فهو لا يريد أن يتصاعد الصراع مع حزب الله. ومن وجهة نظره، فإن الوضع على الحدود الشمالية لإسرائيل يمكن أن يظل ثابتًا لفترة طويلة على الرغم من الخسائر المتراكمة وعشرات الآلاف من المدنيين النازحين. ولكن المشكلة هنا هي أن نتنياهو لا ينقل إلى الشعب الإسرائيلي سوى جزء من هذه الحقيقة. فهو يتجنب الظهور في العلن، ولا يفعل ذلك إلا في أعقاب تحقيق نجاح عسكري. والواقع أن الإخفاقات والعثرات من الأمور التي يتعين على الجيش الإسرائيلي أن يشرحها. ولم يعد أتباعه يكلفون أنفسهم عناء الدفاع عنه ضد أولئك الذين ينتقدونه بسبب هذه الإخفاقات والعثرات". 

وأوضح: "في تصريحاته، يتحدث رئيس الوزراء من الجانبين. ففي الأسبوع الماضي في واشنطن، ألمح إلى أسر الرهائن إلى أن هناك تقدمًا في المحادثات بشأن صفقة لإطلاق سراح الأسرى. وفي الوقت نفسه، وبدون تردد، شدد مطالبه في المفاوضات على نحو يضمن وصولها إلى طريق مسدود. ويلقى الجيش نفس المعاملة: إذ يشعر كبار الضباط على نحو متزايد بأنهم مجرد صبية مهمات لا يشكل رأيهم أهمية بالنسبة له".

وحول اغتيال هنية، قال هارئيل: "بعد اغتيال إسماعيل هنية، كان من المعتقد على نطاق واسع أن زعيم حماس في غزة، يحيى السنوار، سوف يؤجل المزيد من المفاوضات احتجاجًا على الاغتيال وعلى أمل أن تثمر خطته الأصلية لإشعال فتيل الأزمة الإقليمية في النهاية. وإذا كان الأمر كذلك، فإن السنوار ليس لديه مصلحة في إنقاذ إسرائيل من المتاعب. ولكن كبار القادة يتبنون وجهة نظر معاكسة ويزعمون أن حماس وصلت إلى نقطة منخفضة في أعقاب الاغتيالات. والآن بعد أن تم اغتيال معظم رفاقه، أصبح السنوار الرجل الأخير المتبقي تقريبًا. وبالنسبة لإسرائيل، فإن التوصل إلى اتفاق قد يؤدي إلى استقرار الوضع إلى حد ما من خلال إعادة الأسرى والجثث، والسماح لإسرائيل والجيش بإعادة التأهيل. وقد يكون من الممكن أيضًا التوصل إلى ترتيب مؤقت على الأقل على الحدود اللبنانية".

ويشير هارئيل، إلى أن وزير الأمن يوآف غالانت، يقول "هذه الأشياء علنًا، كل يوم تقريبًا. كل رؤساء الأجهزة الأمنية يقولون نفس الأشياء في السر. نتنياهو يخطط لإقالة غالانت واستبداله بجدعون ساعر. لقد حسنت الأحداث الأخيرة موقف رئيس الوزراء إلى حد ما في استطلاعات الرأي، لذلك قد يخوض الرهان قريبًا".

واستمر في القول: "إن السؤال الذي ظل يتردد في الهواء لفترة طويلة هو متى ستحين اللحظة التي سيعبر فيها كبار القادة، الذين يقفون إلى جانب غالانت، عن آرائهم بشأن السياسة وعملية صنع القرار. إن هذا ليس مجرد انقسام حول الاستراتيجية. بل إنه نزاع حول القيم والتزامات الدولة تجاه المدنيين والجنود الذين تم أسرهم نتيجة لأخطر فشل عسكري وسياسي في تاريخ البلاد".