10-سبتمبر-2024
عائشة نور إيزغي

(Getty)

أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الثلاثاء، أنه من "المرجح جدًا" أن تكون المتضامنة الأميركية التركية، عائشة نور إيزغي، قد "قُتلت بنيران جنوده"، مدعيًا أن الرصاصة أصابتها "بطريقة غير مباشرة وغير مقصودة" خلال احتجاج في الضفة الغربية الأسبوع الماضي. بينما رفضت عائلة إيزغي البيان الإسرائيلي عن التحقيقات، وأكدت على أن تحقيقات إسرائيل "غير كافية" وترفض نتائجه.

وأشار الجيش في بيانه إلى أن التحقيقات أظهرت أن إطلاق النار كان موجهًا نحو "المحرّض الرئيسي" في المظاهرة، وليس نحو الناشطة التي أصيبت قرب نابلس في الضفة الغربية المحتلة.

الطب الشرعي الفلسطيني قد أفاد بأن إيغي استشهدت برصاصة قناص إسرائيلي استهدفت رأسها خلال احتجاج سلمي ضد الاستيطان.

بالتزامن مع اعتراف جيش الاحتلال الإسرائيلي، وجه وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، انتقادات حادة لإسرائيل، محملاً إياها مسؤولية استشهاد الناشطة. وأكد بلينكن على ضرورة أن يُجري الجيش "تغييرًا أساسيًا" في طريقة تنفيذ عملياته العسكرية، مشيرًا إلى أن بلاده ستثير هذه القضية في أعلى مستويات الحوار مع إسرائيل.

وأشار بلينكن، خلال تصريحاته في لندن، إلى أن التحقيقات وشهادات الشهود تؤكد أن "مقتل الناشطة لم يكن مبررًا"، موضحًا أن "لا أحد يجب أن يتعرض لإطلاق النار ويُقتل لمجرد مشاركته في احتجاج سلمي". وأكد أن من واجب المجتمع الدولي حماية حق الأفراد في التعبير عن رأيهم بحرية دون التعرض للخطر.

ووصفت صحيفة "الواشنطن بوست" تعليق بلينكن بأنها "أقوى تعليقات حتى الآن من مسؤول أميركي بعد أن اعترف الجيش الإسرائيلي بأنه ’من المرجح للغاية’ أن يكون قد قتل بالرصاص ’عن غير قصد’ مواطنًا أميركيًا تركيًا في مظاهرة الأسبوع الماضي.

وقال جيش الاحتلال الإسرائيلي، في بيان، إن تحقيقًا أوليًا أجرته الشرطة العسكرية خلص إلى أن عائشة نور إيزغي (26 عامًا) التي وصلت إلى الضفة الغربية قبل أيام قليلة كمتطوعة أصيبت بنيران "لم تكن موجهة إليها بل كانت موجهة إلى المحرض الرئيسي لأعمال الشغب"، وفق زعم الاحتلال. وأضاف أن إطلاق النار وقع خلال "أعمال شغب عنيفة حيث ألقى فلسطينيون الحجارة على قوات الأمن الإسرائيلية"، بحسب المزاعم.

والتحقيق الإسرائيلي يتناقض مع كافة الشهادات القادمة من بلدة بيتا، والنشطاء الذين رافقوا عائشة نور إيزغي.

من جانبه، قال بلينكين إن إطلاق النار كان "غير مقبول". متابعًا القول: "لا ينبغي إطلاق النار على أي شخص وقتله لمجرد مشاركته في احتجاج. ولا ينبغي لأحد أن يخاطر بحياته لمجرد التعبير عن آرائه. ويتعين على قوات الأمن الإسرائيلية إجراء بعض التغييرات الأساسية في طريقة عملها في الضفة الغربية، بما في ذلك التغييرات في قواعد الاشتباك". وأضاف "يجب أن يتغير هذا الأمر، وسنوضح ذلك لكبار أعضاء الحكومة الإسرائيلية".

وأوضحت "الواشنطن بوست": "كانت تعليقات بلينكن - التي أدلى بها بلهجة حازمة بجانب نظيره البريطاني في لندن - واحدة من أقوى الإدانات التي وجهتها إدارة بايدن للسلوك الإسرائيلي منذ بدء الحرب في تشرين الأول/أكتوبر. لكنها لم تكن مصحوبة بأي خطة لتغيير الدعم الأمريكي للأسلحة إلى إسرائيل".

وقال العديد من النشطاء إن إيزغي أصيبت برصاصة في رأسها أثناء وقوفها في بستان زيتون بعد أن هدأت المواجهات.

وفي بيان صادر عن عائلة إيزغي، يوم الثلاثاء، وصفت التحقيقات الأولية التي أجرتها إسرائيل بأنها "غير كافية على الإطلاق"، وقالت إنها "شعرت بإهانة بالغة" من النتيجة التي توصلت إليها بأن قتلها لم يكن متعمدًا. وجاء في البيان: "إن الاستخفاف بالحياة البشرية أمر مروع".

وقال بلينكن إن التحقيق الإسرائيلي "يبدو أنه يظهر ما قاله شهود العيان وأوضح أن قتلها كان بدون سبب وغير مبرر".

بدوره، قال السيناتور الأميركي كريس فان هولن (ديمقراطي من ماريلاند)، الذي دعا منذ فترة طويلة إدارة بايدن إلى ممارسة المزيد من الضغط على إسرائيل، في بيان إن تصريحات بلينكين يوم الثلاثاء كانت موضع ترحيب، لكن "الحاجة إلى تغيير جذري في استخدام جيش الدفاع الإسرائيلي للقوة في الضفة الغربية كانت واضحة منذ سنوات".

وقال فان هولين: "إن من مسؤوليتنا أن نسعى إلى تحقيق العدالة والمساءلة، ومن أجل تحقيق ذلك فإننا بحاجة إلى تحقيق مستقل بقيادة الولايات المتحدة".

وتابع بلينكن: "لقد رأينا منذ فترة طويلة تقارير عن تجاهل قوات الأمن للعنف الذي يمارسه المستوطنون المتطرفون ضد الفلسطينيين. كما رأينا تقارير عن استخدام قوات الأمن الإسرائيلية للقوة المفرطة ضد الفلسطينيين. والآن لدينا المواطن الأميركي الثاني الذي قُتل على أيدي قوات الأمن الإسرائيلية. وهذا أمر غير مقبول. ولابد أن يتغير. وسوف نوضح ذلك لكبار أعضاء الحكومة الإسرائيلية".

وقالت فيفي، وهي ناشطة أميركية شاركت في الاحتجاج إلى جانب إيزغي، في تصريحات صحفية، إن إطلاق النار وقع بعد أن فرق الجيش الإسرائيلي المتظاهرين المحليين والأجانب من موقع الاحتجاج الأول. وأضافت: "اعتقدنا أن المظاهرة انتهت إلى حد كبير لأن شيئًا لم يحدث. في البداية سمعنا رصاصة أصابت حاوية قمامة كان يجلس خلفها اثنان من المتطوعين، ثم جاءت رصاصة أصابت رأس إيزغي".

وقالت الناشطة إن إيزغي لم تكن تواجه القوات ولم تقذف الحجارة في أي وقت أثناء الاحتجاج، وأن الوضع كان هادئًا وقت إطلاق النار. وأضافت أنه حتى لو كان أحد المحتجين يقذف الحجارة، فإن الجنود كانوا بعيدين للغاية بحيث لم يكن من الممكن أن يصيبهم ذلك ولم يكن بوسعهم أن يزعموا أنهم كانوا يدافعون عن أنفسهم".

وأضافت فيفي: "كانت رصاصة مباشرة في الرأس، ولم تكن حادثًا. كانت في مأمن أكثر من أي شخص آخر من بين المتطوعين، وكانت هي وأصدقاؤها يقفون في أقصى مكان في الخلف، في المكان الأكثر أمانًا مما كنا نعتقد".

من جانبها، قالت ساريت ميخائيلي، المتحدثة باسم منظمة بتسيلم الإسرائيلية لحقوق الإنسان: "نحن لا نتوقع على الإطلاق أن تظهر المساءلة الحقيقية في هذه القضية. إن حوادث مماثلة تقع ضد الفلسطينيين طوال الوقت ولا تؤدي إلى أي عواقب حقيقية على الجناة".

وقال جوناثان بولاك، 42 عامًا، وهو ناشط إسرائيلي آخر، إنه كان على بعد حوالي 50 قدمًا من إيزغي أثناء الاحتجاج. وأضاف أن الجنود كانوا يقفون في مكان مرتفع على بعد 240 ياردة على الأقل منها، مما يقوض التأكيد على أن سلامتهم كانت مهددة.

وتابع بولاك "لم تكن متورطة في المواجهات في أي وقت، بل كانت تختبئ بجوار شجرة زيتون عندما أطلق جندي إسرائيلي النار عليها وأرداها قتيلة دون مبرر". مؤكدًا عدم وجود أي شخص يحمل أسلحة نارية في المنطقة، باستثناء جنود الجيش الإسرائيلي.

وبحسب تشريح الجثة الذي أجراه خبراء الطب الشرعي في جامعة النجاح الوطنية في نابلس، فإن الرصاصة اخترقت رأس الشهيدة إيزغي بالقرب من أذنها اليسرى، ما أدى إلى نزيف حاد في المنطقة. وذكر التقرير أنه تم انتشال شظايا الرصاصة. وقال تقرير التشريح إن سبب الوفاة هو "نزيف وتورم وتمزق في مادة المخ"، مضيفًا أن التصوير المقطعي لجسد السيدة إيزغي لم يظهر إصابات أخرى.

وفي نابلس، تم تشييع جثمان الناشطة إيغي، أمس الإثنين، حيث خرج موكب رسمي نظمته قوات الأمن الفلسطينية بعد صلاة الجنازة التي أقيمت في مستشفى رفيديا الحكومي. ومن المتوقع أن يتم نقل جثمانها إلى تركيا في وقت لاحق، بحسب وزارة الخارجية التركية.

وكان الطب الشرعي الفلسطيني قد أفاد بأن إيغي استشهدت برصاصة قناص إسرائيلي استهدفت رأسها خلال احتجاج سلمي ضد الاستيطان. من جانبها، طالبت عائلة الناشطة كلاً من الرئيس الأميركي جو بايدن ونائبته كامالا هاريس ووزير الخارجية بلينكن، بإجراء "تحقيق مستقل" في استشهاد ابنتهم، وضمان المساءلة الكاملة عن هذا "القتل غير القانوني".

من جهته، توعد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في خطاب ألقاه بالعاصمة أنقرة، بأن بلاده ستواصل ملاحقة إسرائيل قانونيًا في أعلى المستويات، بما في ذلك عبر محكمة العدل الدولية، لضمان تحقيق العدالة في مقتل إيغي.