30-يوليو-2024
جيش الاحتلال الإسرائيلي سديه تيمان والاعتداء الجنسي على الأسرى

شهادات مروعة عن الاعتداءات الجنسية على أسرى غزة

داهمت قوات من الشرطة العسكرية الإسرائيلية معسكر الاعتقال في سديه تيمان، يوم الإثنين، واعتقلت تسعة جنود احتياطيين "للاشتباه" في قيامهم بتعذيب معتقل فلسطيني "بشكل خطير"، إذ تشير المصادر إلى اعتداء جنسي على أسير فلسطيني من قطاع غزة، أدى إلى إصابته بجروح خطيرة.

وأفاد مصدر أمني إسرائيلي أن الأسير الفلسطيني نقل إلى المستشفى مصابًا بجروح خطيرة، جعلته غير قادر على المشي، نتيجة الاعتداء الجنسي. وتشير المصادر الإسرائيلية إلى أن الأسير الغزي من جباليا شمال القطاع.

يمارس جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي، اعتداءات جنسية على أسرى غزة في سديه تيمان، أدت إلى استشهاد بعض الأسرى

في 19 حزيران/يونيو الماضي، كشف المحامي خالد محاجنة لـ"التلفزيون العربي"، عن مشاهد مروعة تتعلق بتعذيب إسرائيلي ممنهج في معتقل سديه تيمان، خلال زيارته للصحفي المتعاون مع التلفزيون العربي محمد عرب.

وبحسب محاجنة، فإن الاحتلال الإسرائيلي ينكل بأسرى غزة، ليست فقط من أجل الحصول على اعتراف أو انتزاع معلومات منهم، بل فقط لأنهم من القطاع، بل بهدف الانتقام منهم وتحميلهم المسؤولية عما حصل في 7 تشرين الأول/أكتوبر.

وروى الصحفي محمد عرب للمحامي محاجنة تفاصيل تتعلق بالاعتداءات الجنسية على الأسرى، حيث قال إن هناك حالات اغتصاب وحالات تنكيل بالأسرى الفلسطينيين. مشيرًا إلى أن ستة أسرى تعرضوا لاعتداءات جنسية من الجنود الإسرائيليين بشكل مباشر أمام أعين باقي الأسرى، كما أن 6 آخرين استشهدوا أثناء التعذيب.

وأكد محاجنة على أن الاعتداءات الجنسية، ينفذها جنود جيش الاحتلال أمام الأسرى جميعهم وفي ساحة معسكر الاعتقال "سديه تيمان".

وفي زيارة أخرى للصحفي عرب، بعد حوالي شهر من الزيارة الأولى، في أعقاب نقل عرب إلى سجن عوفر، أشار محاجنة إلى أن الاحتلال الإسرائيلي ينتهج سياسة الاغتصاب بحق الأسرى الفلسطينيين للانتقام منهم، موضحًا أن الاغتصاب يكون بوسائل جدًا صعبة ولا يمكن للعقل أن يتخيلها أو يتوقعها.

وحسب رواية الصحفي عرب، فقد تم اغتصاب شاب من قطاع غزة يبلغ من العمر 27 عامًا بإجباره بالنوم على بطنه وجعل الكلاب البوليسية تهجم عليه، ومن ثم اغتصابه بواسطة مطفأة الحرائق.

وأضاف أن "معتقل آخر تم تعريته بشكل كامل، وضرب مؤخرته وأعضائه التناسلية بصعقات كهربائية، إلى جانب أساليب أخرى استخدمت للاعتداء على الأسرى جنسيًا، من الصعب شرحها".

وتفاصيل أخرى رواها عرب حول أساليب التعذيب، بحسب محاجنة، حيث "يتم وضع المعتقلين على الأرض وأيديهم مكبلة وراء رؤوسهم، وتقوم الكلاب بنهش أجسادهم، إلى جانب عمليات الشبح الذي يرافقه الاعتداء عليهم بالضرب من خلال الكلاب البوليسية".

ووفق شهادة وردت في صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، قال أحد الأسرى إن ضابطة أمرت جنديين برفعه والضغط على شرجه في عصا معدنية مثبتة على الأرض. وأضاف الحملاوي أن العصا اخترقت شرجه لمدة خمس ثوان تقريبًا، مما تسبب في نزيف وتركه في "ألم لا يطاق".

وتفصل مسودة مسربة من تقرير الأونروا حول التعذيب في سديه تيمان رواية مماثلة. واستشهدت بأسير يبلغ من العمر 41 عامًا قال إن المحققين "أجبروني على الجلوس على شيء مثل عصا معدنية ساخنة وشعرت بالنار"، وقال أيضًا إن أسيرًا آخر "مات بعد أن وضعوا العصا الكهربائية" في شرجه.

ويشير أحد الأسرى إلى أنه أُجبر على الجلوس على كرسي موصل بالكهرباء. وقال إنه تعرض للصدمة في كثير من الأحيان، لدرجة أنه بدأ التبول بشكل لا يمكن السيطرة عليه في البداية، وتوقف بعد ذلك عن التبول لعدة أيام. وأكد أنه أيضًا أُجبر على ارتداء حفاضات، لمنعه من تلويث الأرض.

وفي وقت سابق، نشر "المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان" شهادات جديدة لنساء أُفرج عنهن تكشف حجم المعاناة والانتهاكات التي تتعرض لها المعتقلات، إذ قالت سيدة تبلغ من العمر 44 عامًا، وجرى اعتقالها من داخل مدرسة تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، أواخر كانون الأول/ديسمبر الفائت، إنها تعرضت للضرب برفقة نساء أخريات على يد مجندات جيش الاحتلال وهن عاريات بالكامل. 

وإلى جانب التعرية والتفتيش الذي يتكرر عدة مرات وبوجود جنود ذكور، جرى أيضًا احتجازها داخل قفص شبيه بقفص الحيوانات في العراء ووسط البرد القارس، ودون طعام أو ماء كاف، وذلك عدا عن توثيق تعذيبها بالهواتف المحمولة.

وأكدت سيدة أخرى أن جنود الاحتلال هدّدوها بالاغتصاب إذا لم تُطع أوامرهم وتسجّل مقطعًا مصورًا تهاجم فيه "حركة حماس". بينما قالت فتاة تبلغ من العمر 20 عامًا، إنها تعرضت للتفتيش وهي عارية باستثناء ملابسها الداخلية، ثم وضعت إلى جانب أخريات في مكان يشبه القفص والجحيم: "بقينا في هذا القفص لمدة حوالي 8 أيام، دون تلبية احتياجاتنا الأساسية مثل قضاء الحاجة والطعام". 

وقال ناجي عباس، مدير دائرة الأسرى والمعتقلين في منظمة أطباء لحقوق الإنسان في إسرائيل، إن منظمته أجرت مقابلات مع معتقلين سابقين في سديه تيمان، الذين أبلغوا عن حالات اغتصاب واعتداء جنسي أخرى هناك، وكذلك في مرافق السجون الإسرائيلية.

وتشير الشهادات التي حصلت عليها صحيفة "هآرتس" إلى أن أفراد الوحدة الذين اعتقلوا أمس، شاركوا في عدة حوادث عنيفة في الأشهر الأخيرة. على سبيل المثال، قال جندي خدم في سديه تيمان إن الوحدة استخدمت العنف ضد المعتقلين، قائلًا: "في إحدى المرات أمروا الجميع بالاستلقاء على الأرض وألقوا على الفور قنبلة صوتية في وسط الزنزانة، ثم ركلوهم بعنف".

وجاء في الشهادة أيضا أن الجنود كانوا في بعض الأحيان يسحبون المعتقلين جانبا ويعتدون عليهم بعنف، وقالوا "لقد ضربوهم بالهراوات، ورأيت أسنانًا وضلوعًا مكسورة".

انتهاكات منذ البداية

وفي 19 شباط/فبراير الماضي، أعرب خبراء الأمم المتحدة، اليوم الإثنين، عن قلقهم إزاء الادعاءات الموثوقة بشأن الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان التي لا تزال النساء والفتيات الفلسطينيات يتعرضن لها في قطاع غزة والضفة الغربية.

وقال الخبراء: "إننا نشعر بالأسى بشكل خاص إزاء التقارير التي تفيد بأن النساء والفتيات الفلسطينيات المحتجزات تعرضن أيضًا لأشكال متعددة من الاعتداء الجنسي، مثل تجريدهن من ملابسهن وتفتيشهن من قبل ضباط الجيش الإسرائيلي الذكور". وأوضح بيان الخبراء، أن "ما لا يقل عن معتقلتين فلسطينيتين تعرضتا للاغتصاب، بينما ورد أن أخريات تعرضن للتهديد بالاغتصاب والعنف الجنسي". وأشاروا أيضًا إلى أن صور المعتقلات في ظروف مهينة قد التقطها الجيش الإسرائيلي ونشرها على الإنترنت.

بدورها، قالت منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان، في شهر آذار/مارس الماضي: "لقد لاحظنا منذ بداية الحرب تصاعدًا وتفاقمًا في العنف ضد الفلسطينيين، مع وجود دعم شعبي ورسمي يشرعن هذه الأفعال. وقد سبقت الحرب ثقافة واسعة النطاق من الافتقار إلى المساءلة، حيث لم تعالج السلطات والمحاكم الحكومية شكاوى العنف، بما في ذلك العنف الجنسي، بشكل كاف، مما كشف عن إخفاقات منهجية".

وفي بيان لها، قالت اللجنة العامة لمناهضة التعذيب، وهي منظمة حقوق إنسان إسرائيلية، إن الجنود في معسكر سديه تيمان "كانوا يتصرفون خارج أي قانون - أولًا في معاملتهم للمحتجزين، والآن تجاه وكلاء إنفاذ القانون العسكريين". وأضافت اللجنة أن دعم زعماء اليمين المتطرف للاحتياطيين المعتقلين "يرمز إلى الأسباب الجذرية التي تمكن مثل هذه الانتهاكات من الحدوث في المقام الأول".

وفي بيان لها الأسبوع الماضي، قالت جمعية الحقوق المدنية الإسرائيلية: "إن الظروف في سديه تيمان تنتهك القانون الإسرائيلي والدولي بشكل خطير. إن استمرار تشغيله ليس غير قانوني فحسب، بل إنه جريمة حرب محتملة... ومن غير القانوني احتجاز أي معتقلين هناك، سواء كانوا 10 أو 100، لمدة أسبوع أو ستة أشهر".